الاسد يستهدف المعارضة مع تحول الانتباه العالمي في الوقت الحالي عن سوريا

تصعد سوريا حملة ضد المعارضين في علامة على تزايد ثقة الرئيس بشار الأسد في أن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزل بلاده قد وهنت.

وخلال الاسابيع القليلة الماضية اعتقل 12 معارضا بارزا في احدى أكبر حملات القمع منذ تولى بشار السلطة خلفا لوالده الراحل حافظ الأسد في عام 2000.

ويواجه هؤلاء احكاما بالسجن لفترات طويلة بعدما تزعموا قبل نحو شهرين اجتماعا لما يعرف باسم إعلان دمشق وهو جماعة تضم نشطاء يطالبون بالديمقراطية لتحفيز المعارضة ضد الأسد وضد احتكار حزب البعث للسلطة على مدى أربعة عقود من الزمان.

وانتخب الاجتماع الذي ضم إسلاميين وليبراليين فداء الحوراني رئيسة للمجلس الوطني لإعلان دمشق.

وتقبع فداء وهي ابنة القيادي الراحل بحزب البعث أكرم الحوراني في السجن حاليا.

كما اعتقل عضو البرلمان السابق رياض سيف الذي استضاف الاجتماع. وسيف مصاب بالسرطان وقضى نحو خمس سنوات في السجن بعدما تزعم ما عرف باسم فترة “ربيع دمشق” وهي فترة قصيرة شهدت حرية في التعبير قمعتها السلطات في عام 2001.

وتحاول إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش منذ فترة طويلة عزل سوريا دبلوماسيا بسبب دورها المزعوم في لبنان ودعمها لمقاتلي حزب الله وجماعات نشطاء فلسطينية.

وزادت العزلة الغربية بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في عام 2005. كما أعلنت فرنسا أواخر العام الماضي تعليق الاتصالات الدبلوماسية مع دمشق إلى أن تبذل المزيد للمساعدة في حل مأزق انتخابات الرئاسة المتعثرة في لبنان.

غير أنه بعد ذلك بثلاثة أسابيع اجتمع وزير الخارجية الالماني مع نظيره السوري في برلين قائلا ان سياسة الاحتواء والعزل لن تجدي. كما زار وزير خارجية هولندا سوريا الاسبوع الماضي ومن المقرر أن يصل نظيره النمساوي إلى دمشق يوم الاربعاء.

ويتوقع دبلوماسيون في دمشق أن تواصل أغلب البلدان الغربية التعامل مع سوريا كحكومة علمانية لها دور اقليمي هام وتشاركها في برنامج عمل لكبح الإسلاميين.

ووصفت ألمانيا الاعتقالات الاخيرة بحق المعارضين في سوريا بأنها لا تحتمل كما انتقد كيم هاولز وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية الشهر الماضي ” تدهور وضع حقوق الإنسان في سوريا“.

غير أن تصريحاتهما لم يكن لها تأثير يذكر.

واعتقلت السلطات السورية قبل بضعة أيام رساما مقربا من الزعيم المعارض البارز رياض الترك مما أثار مخاوف من أن الدور قد يكون على الترك الذي قضى 17 عاما في زنزانة انفرادية.

وقال دبلوماسي في العاصمة السورية “أظهر النظام مجددا أن سيطرته الداخلية قوية للغاية وأنه قادر جدا على البقاء. انه يشعر بثقة شديدة الان.”

وأضاف أن القمع “ليس حلا طويل الأجل” لكنه أضاف أن الانتباه العالمي تحول في الوقت الحالي عن سوريا.

وتابع الدبلوماسي “الولايات المتحدة في عام انتخابات كما تراجعت الادعاءات بأن سوريا تساعد المتمردين في العراق. هناك كلل عالمي بخصوص لبنان كما أن أي ادانات محتملة من جانب المحكمة الخاصة بقضية رفيق الحريري أمامها سنوات.”

والاستعدادات جارية لانشاء محكمة دولية لمحاكمة المشتبه في تورطهم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق.

وأشارت نتائج أولية لتحقيق تجريه الأمم المتحدة إلى تورط مسؤولين أمنيين لبنانيين وسوريين على مستوى رفيع في اغتياله. ونفت دمشق أي صلة لها بالحادث وقالت ان أي مشتبه بهم سوريين لن يحاكموا إلا أمام محاكم سورية.

وتنتشر على الطريق السريع الواصل من دمشق إلى بيروت لوحات تحمل شعارات تؤكد على السيادة السورية فيما يشير ضمنا إلى رفض أي دور خارجي في التحقيقات.

وتخشى سوريا من إمكانية استخدام المحكمة من جانب أعداء في الخارج للضغط عليها ويقول مسؤولون إن الاصلاح السياسي لا يمثل أولوية في الوقت الذي تستعد فيه دمشق لمواجهة محتملة مع الأمم المتحدة بشأن دور المحكمة.

غير أن معارضين يقولون ان الحريات العامة هي الدفاع الأمثل لسوريا ضد المخاطر الخارجية بما في ذلك أي تسييس لمحكمة الحريري.

وقال المحامي النشط في الدفاع عن حقوق الإنسان هيثم المالح الذي قضى سبع سنوات في السجن في رسالة إلى الأسد الاسبوع الماضي ” الوضع الدولي لا يمكن فصله عن الوضع الداخلي وبالتالي فان الضغوط الخارجية التي نراها ونحسها الان اتية ومتربصة بنا تدعونا لاعادة النظر فيما تم حتى الان.

“انني … أتوجه بمناشدتي هذه إلى السيد الرئيس كي يأمر بالافراج عن سائر معتقلي الرأي وبخاصة معتقلي اعلان دمشق وأؤكد من جديد أن الحوار هو سبيلنا للخروج من مأزقنا وليس ممارسة القمع والاعتقال.”

وقال الصحفي السوري ثابت سالم ان عمل عدد من المعارضين من المنفى في لبنان ساهم في تشديد نهج سوريا ضد جميع المعارضين. لكنه أضاف أن دمشق واثقة أيضا من أن الانتقادات الغربية ستكون محدودة.

وقال سالم “ان وجود بعض المعارضة السورية في لبنان يؤثر على نظرة الدولة للمعارضة ككل مع أن المعارضة لا تطلب أي تغيير بالقوة وليس لها وجود في الشارع.

“تعرف سوريا أن الدول لا تحركها غير مصالحها وأن حقوق الإنسان لم تكن ركيزة لعلاقات الولايات المتحدة في المنطقة.”

المصدر :رويترز

07/02/2008