إسلام في خدمة العنصرية والفاشية
وهيب أيوب
ماذا سيحصد مسلمو أوروبا جرّاء سلوكهم الأرعن في البلدان التي يعيشون فيها، أو التي فرّوا من بلدانهم الأصلية للجوء إليها، إما طلباً للحرية أو الرزق والعيش الكريم أو تلقّي التعليم بأفضل جامعات العالم، هروباً من الفقر وأنظمة الاستبداد والمجتمعات التقليدية التي تعدّ على الفرد أنفاسه وتفاصيل تحرّكاته وحياته الشخصية؟ وإلا فلما لم يهاجروا مثلاً إلى البلدان العربية والإسلامية التي تُلائم طرائق حياتهم ومعتقداتهم، كأفغانستان أو باكستان أو أندونيسيا أو الجزائر والسودان وسواها، ما دام هؤلاء مثلهم من جماعة “خيرُ أمّة أُخرِجت للناس..!” وهم أصحاب دين الحق والعدل والرحمة والمساواة؟!
ولماذا حتى اللحظة، يُخاطر المسلمون بحياتهم جرّاء حشرهم بقوارب ومراكب ليموت الآلاف منهم سنوياً بغية عبورهم البحر إلى أوروبا فراراً من “خير أمّة؟!”
فتّشت عن حركات أكثر جهلا وغباءً وعنجهية وغطرسة وتعصّباً من أولئك الذين يُسمّون بالحركات الإسلامية، فلم أجِد.
وقد وصلتْ الصلافة والوقاحة ببعض شيوخ الجالية الإسلامية أن يطلبوا من أتباعهم في سويسرا الامتناع عن دفع الضرائب للحكومة بحجّة أنها حكومة كافرة!
هنا لا يصحّ وصفَ هؤلاء إلا بقول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم مَلَكتهُ وإن أنت أكرمتَ اللئيم تمرّدا
العرب والمسلمون، لا يُتقنون إلا البكاء والعويل والشكوى الدائمة، إنّهم “ظاهرة صوتية” على حد تعبير عبدالله القصيمي.
ففي الحرب الأخيرة على العراق عام 2005 واحتلاله، خرجت الشعوب الأوروبية، بالملايين، للتظاهر ضد الحرب، وقد فاقت أعدادهم ما خرج من عرب ومسلمين لذات السبب.
وربما تكون هذه المرّة الأولى في تاريخ الحروب أن يحصل حدث كهذا، بحيث تخرج الشعوب إلى الشوارع بالملايين لتندّد بحكوماتها ورؤسائها لمشاركتهم بالحرب، كونها حرباً عدوانية لا مبرّر لها.
على عكس ما كان سائداً، تاريخياً، حيث ينضم للحرب ويؤيدها كل الناس، ما دامت تُشن على دولة وشعب آخر.
وللمرّة الأولى أيضاً، تقوم بعض المحاكم والقضاء في بعض الدول الأوروبية بملاحقة ضبّاط وقادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، التي يدّعي العرب والمسلمون أنها قضيتهم الأولى المُقدّسة!
وبدل أن يستثمر العرب والمسلمون، وخاصة الجاليات في أوروبا، هذه التطورات الهامة والتاريخية لمصلحتهم ومن أجل قضاياهم، راحوا يبحثون عما يثير الضغائن ومشاعر الحقد والكراهية ضدّهم عبر المبالغة بإظهار تديّنهم، في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم كلّها إلى المسلمين وتنعتهم بالتطرف والتعصّب والإرهاب بعد 11 سبتمبر وما تلاها من أحداث في دول أوروبية أُخرى.
الحجاب ثم النقاب؟!
مِمَن يتحجبون ويتنقبون، هل من أعين الأوروبيين، أم من أقرانهم العرب والمسلمين؟
إن ظاهرة البصبصة والتحرّش والاعتداء على المحارم وجرائم ما يسمونه الشرف، مُنتشرة في الدول العربية والإسلامية بما لا يُقاس لدى الأوروبيين، ففي مصر واليمن وسائر تلك الدول يتم التحرّش بأكثر من 90% من النساء والفتيات، وأكثر من 60% منهم من المحجبات والمنقبات، والأنكى من ذلك التحرّش الجماعي، حيث يقوم أحياناً أكثر من مئة رجل وشاب بالتحرش بفتاة أو اثنتين ويلاحقونهن، وقد ظهر ذلك على الـ you tube بشكلٍ واضح في مصر، فهل هذه الأخلاق والقيم التي تدافعون عنها من الغرب المُنحل على حدّ تعبيركم؟؟!!
كفاكم مهازل وتعصّب، فهل سيقتنع أحد معكم بأن شدّة الإيمان والتديّن قد هبطت عليكم فجأة وظهرت كما يظهر الفطر أثناء البرق والرعد؟!
أنتم لا تصنعون ولا تُنتجون في هذه الحضارة شيئاً، أللهُمّ سوى الفكر التكفيري والإرهاب الذي يلقنه لكم مشايخ التعصّب والجهل في المساجد، بعد أن حظيتم ببناء آلاف مؤلّفة من المساجد في بلاد الغرب وأمريكا، والآن تريدون بناء أعلى مئذنة في العالم في سويسرا، ولماذا لا تبنونها في أفغانستان مكان تمثال بوذا الذي قُصِف بالصواريخ من قِبل أحبابكم طالبان، ولو حصل ذلك للمسلمين لكانوا ملأوا الأرض صراخاً وعويلاً ودمّروا وحرقوا كل ما يخصّ البوذيين في بلدانهم، كما فعلتم بالكنائس وبمسيحيي بلدانكم أثناء الرسوم الكاريكاتورية المعروفة، ولم نسمع منكم أصواتاً مُستنكرة لِما فعله أوغاد الطالبان في تمثال بوذا…؟! إنّها العنصرية بعينها.
ولماذا لا نسمع أو نرى مظاهرات واحتجاجات منكم ومن أئمتكم حول ما يجري لمسيحيي العراق من تخريبٍ لكنائسهم وقتلٍ وتهجير من وطنهم الذي سكنوه قبلكم وقبل دعوتكم الإسلامية الميمونة؟!
تتحدثون وتتشدقون دائماً عن ازدواج المعايير، أين هي معاييركم؟ أنتم بألف وجه وحجاب وبُرقع، اخرجوا من خيمكم تلك حتى تروا العالم من حولكم.
مشايخكم على الفضائيات العربية الغوغائية الجاهلة، لا ينفكون يصفون الغرب بالعنصرية والانحلال!
إذاً لماذا تلهثون للذهاب إليهم والتعلّم في جامعاتهم، ولماذا تذوبون عِشقاً ولهفة للحصول على واحدة من جنسياتهم، فماذا تُسمون فعلكم هذا، طالما أن حضارتهم وثقافتهم منحلّة وكافرة؟!
النتيجة التي ستصلون إليها واضحة ولا ينتطح فيها عنزان…
ستوقظون التعصب الديني والطائفي في أوروبا، وستؤلّف أحزاب جديدة تدعو لطردكم وإعادتكم من حيثُ أتيتم، وبهذا تجنون على أنفسِكم كما جنت براقش وبئس المصير.
وأنتم بهذا أيضاً تُقدّمون خير خدمة للعنصرية والفاشية والصهيونية في أوروبا والعالم دون أن يلوّثوا هم أيديهم، أردتم ذلك أم لم تريدوا.
الجولان المحتل/مجدل شمس
خاص – صفحات سورية –