الصراع على التركة
حسين العودات
لم يمت العرب بالتأكيد، لكن المظاهر العامة والظروف القائمة ورغبات غير الإقليميين والدوليين وأمنياتهم، توحي جميعها بأن الأمة العربية مريضة بل وكأنها على فراش الموت، ويتحفز الجميع هنا وهناك للانقضاض على تركتها، من دَور وأهمية وموقع استراتيجي وممتلكات وثروات. وامتد الصراع حتى على الدين الذي حمله العرب ونشروه في الشرق والغرب، وساهموا به ومعه في بناء الإمبراطورية العربية الإسلامية، التي غيرت التاريخ الإنساني وأغنت الثقافة العالمية، وساهمت بفعالية في بناء الحضارة الإنسانية.
وأظن أن الأمراض التي تنهش في جسم الأمة العربية لم تقض عليها بعد، فمن المستحيل أن تقضي على ثلاثمائة مليون نسمة، يحتلون أهم المراكز الاستراتيجية والجيوسياسية في العالم، معظمهم من الشباب، يتمتعون بعمق ثقافي كفيل بإحياء أمتهم في أي وقت، تمور داخل مجتمعاتهم أسباب التغيير والرغبة بالتطور والحلم ببناء مجتمعات أفضل ودول (إن لم يكن دولة واحدة) حديثة، جاهدين كي يستوعبوا الحداثة والديمقراطية والعقلانية.
وينهضوا من جديد ململمين إمكانياتهم مطورين ظروفهم محققين شرطهم الموضوعي، قادرين على امتلاك ناصية أمورهم، محتلين مقعدهم الإقليمي ودورهم الطبيعي كقوة إقليمية هامة لها دور مؤثر ليس فقط في مستقبل المنطقة بل وفي مستقبل العالم أيضاً.
تتنازع المنطقة الآن ثلاث قوى إقليمية هي إيران وتركيا وإسرائيل، وللأسف الشديد فإن العرب الذين يمتلكون أهم ما في المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وجغرافياً وغيره لا يحتلون أي مقعد منافس بين هذه القوى الإقليمية، وبغض النظر عن حنو بعض هذه القوى،مشكورة، على الحال العربي، وتأييدها للحق العربي.
كما شأن إيران وتركيا، فإنه ما حك جلدك مثل ظفرك من جهة وإنه من الطبيعي أن تكون مصالح كل من القوتين لها الأولوية الأولى من جهة أخرى، وهذا أمر طبيعي وبديهي ومشروع لكل منهما، أما غير الطبيعي في هذا المجال فهو أن يسند العرب إلى غيرهم رعاية مصالحهم والدفاع عنها والحفاظ عليها، وكأنهم معاقون أو مرضى أوكأن أمتهم على فراش الموت تعاني سكراته.
أما الأمر الأكثر إيذاء وضرراً والذي يؤذن بدمار مقبل إن تحقق، فهو أن القوة الإقليمية الثالثة أي (إسرائيل) تعمل بإصرار على أن تكون وريثة العرب اقتصادياً وسياسياً وسيادياً وجيوبوليتيكياً وغير ذلك، وهذه هي الطامة الكبرى.
يبدو أنه لم تعد لدى إسرائيل مخاوف وهموم تتعلق بالحفاظ على مااغتصبته من فلسطين عام 1948، ولاخوف على ترحيل المستوطنات من أراضي الضفة، أو (إعادة) تقسيم القدس، أو عودة اللاجئين، فهذا كله في متناول يديها إن شاءت ذلك وإلى حد بعيد.
لكن حكوماتها المتعاقبة من اليمين واليسار ترفضه لأنها تسير حسب استراتيجية أكبر وأشمل، تعمل بدأب لبناء (شرق أوسط جديد) يكون لها فيه نصيب الأسد، وتتولى من خلاله التحدث باسم العرب، بعد الهيمنة على سياساتهم واقتصادهم وشؤون حياتهم، بما يؤهلها لوراثتهم كلياً، وعندها تصبح قوة أقليمية يصعب مواجهتها فكيف بالتغلب عليها.
ويبدو أن جانباً ليس قليل الأهمية ولا ثانوياً من الصراع الإسرائيلي ـ الإيراني، والإسرائيلي ـ التركي المحتمل لا تبتعد أسبابه عن هذا الإطار، وأن السباق قائم على قدم وساق بين هذه القوى ليتبوأ كل منها مركزاً يؤهله لتحقيق مصالحه، والظفر بالقسم الأكبر من التركة ومن موازين القوى، وإن صح هذا الافتراض فمن المتوقع أن يزداد التنافس التركي ـ الإسرائيلي حاضراً وسيتحول إلى صراع مستقبلا.
وربما يفسر الهمجية التي مارستها القوات الإسرائيلية ضد قافلة الحرية باعتبار تركيا راعية لها، ويلقي ضوءاً على حدة الصراع الإسرائيلي ـ الإيراني الذي بلغ مرحلة كسر العظم، وعلى الموقف الإسرائيلي المتطرف من برنامج إيران النووي.
وتراقب الإدارة الأمريكية عن قرب مجريات التنافس والصراع، تمهيداً لاختيار الموقف الأفضل لمصالحها، وهاهي سياستها تلعب تحت الطاولة وفوق الطاولة، وتناور وتدلس، وتغير المواقف (ظاهراً أو باطناً) ريثما تتبين ملامح آفاق المستقبل.
الأمر الكارثي، هو أن معظم العرب، إما أنهم لا يدركون قدراتهم وحجم إمكانياتهم ومصالحهم القريبة والبعيدة، أو أنهم استطيبوا الاعتماد على قوى إقليمية أخرى، أوعلى قوى دولية، منتظرين أن تستعيد لهم حقوقهم وتحافظ على مصالحهم، وانقسموا على أنفسهم، فبعضهم يؤيد هذه القوة ويراهن عليها ويقيم علاقات استراتيجية معها، وبعضهم الآخر يؤيد قوة ثانية.
ولا يبالون بالصراع العنيف الذي يستهدف الهيمنة عليهم وعلى مصالحهم، بعد أن أهملوا إمكانياتهم الذاتية، وقدراتهم الكامنة، وقوتهم الاقتصادية، وموقعهم ودورهم التاريخي، وتجاهلوا أن النظام العربي الحالي أصبح نظاماً عتيقاً.
أودت به التطورات العالمية، سواء منها انتهاء الحرب الباردة، أم هيمنة العولمة، أم شيوع مفاهيم المصلحة (البراغماتية) في العلاقات الدولية، وأن من لا يستفيد من مفاهيم الحداثة، والثورة التقنية، ويبني الدولة الحديثة ويحترم مفاهيمها، لن يكون له مكان في عالم اليوم، ولا في أي عالم.
لقد أصبح الصراع الإقليمي الآن على أمور أشمل من فلسطين، ولم يعد صراعاً على الأرض والحدود والمياه واللاجئين والقدس فقط، بل تجاوز كل ذلك ليطاول الهيمنة على المنطقة، وتقاسم النفوذ فيها، والاستيلاء على القرار والاقتصاد والبشر والحجر.
وفي ضوء هذا ينبغي فهم الصراعات بين القوى الإقليمية وأهدافها، وتفسير كثير من المواقف التي يصعب تفسيرها بمعطيات التحليل المتداول، فلم تعد الرؤية قصيرة المدى كافية لإدراك ما يجري، ومن لا يرى أبعد من أنفه سيتعثر حاضراً ومستقبلاً.
البيان الإماراتية
للأسف الشديد ياأستاذ حسين العودات – أقول لك لقد تأخرت كثيرافي هذه الإدراك – فقد هيمنت بريطانيا وفرنسا علينا منذ اتفاقية سايكس بيكو وتقاسمونا وأصبحوا هم الذين يعينون لتا حكامنا فما من حاكم عربي يستلم الحكم إلا بموافقتهم وكل من يأتي بغفلة عنهم لايدوم طويلا بل يتخلصون من بسرعة وإليك الأ مثلة : محمدنجيب في مصر الملك طلال في الأردن عبد السلام وعبدالرحمن عارف في العراق أمين الحافظ ونورالدين الأتاسي في سوريا أحمد بن بللا في الجزائر حتى الملك فيصل في السعودية عندما تكلم عن فلسطين بجدية أرسلوا له إبن أخيه صباح العيد فقدمه قربانا للهيمنة — الهيمنة يااستاذ حسين انتقلت من بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية إلى المحترمة أمريكا – وأصبح الحاكم العربي لايتم إعتماده إلا منها إلا ماتتفضل به أمريكا على شركائها فقد تخلت أمريكا لفرنسا عن موريتانيا في انقلابها الأخير فنحن ياأستاذ حسين تحت الهيمنة من زمااااااااااااااان وليس من قريب كما تظن ولاتنسى هذه القاعدة ” كل حاكم يحاول التملص من هذه الهيمنة لايدوم طويلاً ” والعكس صحيح أيضاً كل حاكم يدوم طويلا فهو المرضي عنه من الأم الحنون أمريكا — وسلامتكم