أسرار منزل المتنبي بعد 1100 عام من وفاته في سورية
منزلَ الشاعر العربي الشهير أبي الطيب المتنبي الذي تم اكتشافه مؤخرا في مدينة حلب السورية بعد أكثر من 1100 عام من رحيله وقال محمد قجة -الباحث التاريخي– لبرنامج “MBC في أسبوع” الجمعة 11 حزيران الجاري: “إن MBC هي أول قناة تزور هذا المنزل منذ اكتشافي له قبل عدة سنوات”، مشيرا إلى أن المنزل هو الآن عبارة عن مدرسة صغيرة تقع في حي “سويقة علي” وراء “خان الوزير” في قلب المدينة القديمة.
كان المنزل يضم غرفا للخدم، واسطبلات للخيول، وهو قريب من قصر الأمير سيف الدولة الحمداني الذي نظم فيه المتنبي قصائد الحب والوفاء قبل أن يفترقا، ويغادر المتنبي حلب قاصدا مصر.
ولفت أستاذ التاريخ السوري إلى تأثير الحروب والزلازل التي تعرضت حلب لها عبر التاريخ على معالم المدينة، فدار المتنبي تحولت بعد رحيله إلى مصر إلى ما أسماه “خان قاه” أي “دار ضيافة”، ثم أصبحت مدرسة للفقه والدين تسمى “المدرسة الصلاحية”، وفي العهد العثماني تحولت إلى محكمة، ثم أعيدت مرة أخرى إلى مدرسة أمر ببنائها الأمير بهاء الدين القدسي، ومنها أخذت اسمها “المدرسة البهائية”.
وقال قجة -وهو يقف في فناء المدرسة- إنه اعتمد في استناده بأن هذه المدرسة هي المنزل الذي كان يسكنه المتنبي، على نصوص وردت في كتابي “ابن العديم” الأول بعنوان “بغية الطلب في تاريخ حلب”، والثاني بعنوان “زبدة الحلب من تاريخ حلب”.
ويقول ابن العديم فيهما “إن المتنبي نزل في حلب عام 1337 من الهجرة، وكانت إقامته بجوار بيتنا في دور بني كسرى”.
واستطرد “وفي السطر التالي من هذه العبارة يقول أخبرني والدي بأن دار المتنبي هي الآن خان قاه (أي دار ضيافة) تسمى سعد الدين، وذلك في مطلع تأسيس عهد الدولة الأيوبية في عهد عماد الدين بن زنكي”.
وأوضح محمد قجة أنه بدأ يستقصي النص الصغير، ويحققه من خلال كتب التاريخ، حتى تأكد أن المدرسة البهائية هي بالفعل بيت الشاعر المتنبي، مؤكدا أنه يمتلك الوثائق التاريخية التي تؤكد صحة هذا السند.
وردا على بعض الانتقادات التي وجهت إلى هذا الاكتشاف، قال قجة: “كثير من الناس يتصورون أنهم إذا طرقوا الباب الآن سيخرج لهم حفيد المتنبي”.
واستطرد مضيفا “نحن لا نقول بذلك، ولكننا نقول في دراستنا التاريخية هنا كان يوجد بيت المتنبي”، مشيرا إلى أنه بعد التأكد من اكتشافه ستقوم السلطات السورية بتحويل هذه المدرسة إلى متحف خاص بالمتنبي.
وتقول مي مظلوم مراسلة MBC في سوريا إنه في هذه الدار كتب المتنبي عيون شعره؛ حيث تعرف على سيف الدولة الحمداني، وأعجب بشخصه ومدحه، وكان كل منهما في الثامنة عشرة من عمره، وحين دخل سيف الدولة حلب أميرا صحب شاعره المتنبي إلى المدينة لتفتح له الدنيا أبوابها بعد عسر وسجن وتشرد في بوادي العراق والشام.
السنوات التسع التي قضاها المتنبي في هذا المنزل بحلب حملت ذروة إنتاجه الشعري خلال تاريخه.
ويرى المشرفون على المشروع أن إعادة الحياة إلى منزل شغل الناس في عصره وتحويله إلى متحف ربما تكون خطوة على طريق إعادة الاعتبار للمتنبي بعد أكثر من ألف عام من رحيله، وتوقعوا أن يكون المتحف في المستقبل قبلة لكل عشاق هذا الشاعر.
دي برس