المفاوضات غير المباشرة.. والأزمة المباشرة
افتتاحية موقع النداء الناطق باسم إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
لن نستعجل اتّخاذ موقف من المفاوضات السورية الإسرائيلية التي أقلعت وسارت شوطاً في اسطنبول. لكننا لا نستطيع السكوت ومصائرنا الوطنية قيد البحث في ظروف غامضة.
نحن نطمح إلى استرجاع أرضنا المحتلة في الجولان من أيدي الإسرائيليين، وعودة أبنائه النازحين الصابرين الصامتين قسراً إليه. كما نتطلّع إلى الساعة التي يسود فيها سلام افتقدناه طويلاً، لنتفرّغ إلى شؤون التنمية والحرية والتقدّم ونلحق بما فاتنا من ركب الحضارة والازدهار. ونعرف أن ذلك كلّه حقنا، الذي ضمنته الشرائع والقرارات والقوانين الدولية.
لكنّ قلقا عميقا ينتاب موقفنا، وهو نابع من مصدرين متعارضين:
فقد كانت طبول الحرب تُقرع في الأشهر الأخيرة، وتزايد احتمال عدوان جديد تحتاج إليه الحكومة الإسرائيلية الحالية، في حين تواجهها عقليّة مغامرة محاصرة على الطرف المواجه.
وها نحن نسمع عن نوافذ أولية تنفتح على تسوية ثنائية، فيخالجنا شعوران: أحدهما يلهث للخلاص من حالة حرب اتّخذها حكامنا “ذريعةً ” للاستبداد وحالة الطوارئ المستمرة والطموح إلى استقرار مع العالم يحتاج إليه ترميم الدولة والمجتمع والاقتصاد؛ وثانيهما يخشى أن يعمد المتفاوضون باسمنا – وهم الضعفاء لنقص تفويضهم على الأصول المعروفة عالمياً- إلى وضع مطالبهم الخاصة بنوداً في التفاوض ندفع مقابلها من حقوقنا التاريخية.
في حين يخشى أبناء شعبنا الذين عاشوا القضية الفلسطينية طوال حياتهم، وقدّموها أمام برامجهم الخاصة بهم، وقدّموا لها من رجالهم ومن حرياتهم كثيراً، أن تتعارض المصالح الفلسطينية مع مسار التفاوض السوري. لأننا، في غياب التنسيق والتناغم، قد نخسر جميعاً، حالياً وفي المستقبل.
وفي كلّ حال، عسى خيراً! فما ابتدأ قد ابتدأ، ولا نستطيع إلاّ أن نُطالب بأن ” يُبنى على الشيء مقتضاه” كما يقول قادة حزب الله في لبنان. إذ يحقّ لشعبنا أن يناله شيء من “استرخاء” النظام وتمالكه لأعصابه بعد اتفاق الدوحة وبدء المفاوضات، فيلجأ من دون تلكّؤ إلى تقديم ما صادره من الحريات العامة، ويبادر إلى إطلاق السجناء السياسيين وعلى رأسهم قيادات إعلان دمشق.. وذلك أَضعف الإيمان.
فالأخطار الوطنية الكبرى، والمنعطفات الأساسية في حياة البلاد، تقتضي إنهاء حالة التوتّر والبحث في طريقة الانتقال بالبلاد إلى ضفاف الحرية والتقدم.