الطائفية في سوريا : رؤية من الداخل
ثائر الناشف
بعد وقوفنا الطويل عند رصد ظاهرة الطائفية بشقيها السياسي والمذهبي، كان لابد لنا من تقديم الإجابات التفصيلية عن الأسئلة التي ورد ذكرها ضمن سلسلة الأبحاث التي قدمناها سابقاً ، أخذين في عين الاعتبار مناقشة وتحليل مختلف الأفكار التي جرى طرحها ، من خلال تقصي الوقائع التاريخية .
أولاً : العلاقة بين الطائفية والسلطة
لتفسير العلاقة بين الطائفية والسلطة ، لا بد من استعراض المراحل التاريخية التي نشأ من خلالها النظام .
في العام 1970 وبعد بعد حركة تشرين الثاني / نوفمبر بأقل من أسبوعين ، قام الفريق حافظ الأسد آنذاك بزيارة المحافظات السورية وقد جرى له استقبالات شعبية لم تشهد سورية لها مثيلاً ،و وتجاوزت بكثير الاستقبالات التي جرت للرئيس جمال عبد الناصر عند زيارته الأولى إلى سورية .
إثر تلك الاستقبالات جرى أول تبدل في شخصية حافظ الأسد ، فبعد أن رفض أن يكون رئيساً للدولة وأصر على اختيار غيره ، جرت تسمية أحمد الخطيب رئيساً للدولة ، بينما تولى الفريق حافظ الأسد رئاسة مجلس الوزراء ، وبعد تلك الزيارات المتكررة إلى المحافظات السورية ، اتجه الأسد إلى تعديل الدستور المؤقت وإصدار قانون لتحديد قواعد انتخاب رئيس الجمهورية وتم الاستفتاء في السابع من آذار / مارس عام 1971 ليصبح بذلك رئيساً للجمهورية .
ومما لا شك فيه ، فقد كانت لتلك الاستقبالات دور أساسي بالتبدل في شخصية الأسد، والسبب في ذلك يرجع إلى أنه كان يخشى من موقع الرئاسة ، بسبب انتمائه للطائفة العلوية .
أما التبدل العميق الذي ظهر في توجهات الأسد ، فهو عدم انسجام توجهاته مع توجهات “حركة تشرين” وتجلى ذلك بوضوح من خلال انفراده بالسلطة والقرار وبناء مؤسسات ديمقراطية المظهر ، لكنها كانت غطاءً لنظامه الجديد .
لقد كانت السلطة بالنسبة لحافظ الأسد حياته ، وأصبح أسيراً لها، وتشكلت لديه قناعة بوجوب حماية السلطة ، رغم إدراكه أن الشعب في حسه ، سيدرك أن طموحاته لن تتحقق ، وهو ما دفعه إلى سلوك نهجين :
النهج الأول : بناء نظام أمني يشمل القوات المسلحة وأجهزة الأمن يكون قادراً على حماية النظام .
النهج الثاني : الاعتماد في تشكيل ذلك النظام الأمني على أبناء طائفته ، لأنه كان يخشى من الأكثرية السياسية والطائفية .
ونتيجة لذلك ، فقد تكون النظام الأمني في معظمه من العلويين ، بالإضافة إلى مواقع أخرى ذات حساسية بأمن النظام ، والسؤال الذي يطرح نفسه كثيراً لدى الشارع السوري والعربي ، هل النظام وفقاً لتركيبته الأمنية طائفي ، أم أنه لا يعدو كونه مجرد نظام فردي – شخصي يوظف ولاء الأفراد في خدمته ؟ .
قد يبدو للبعض أن النظام طائفي ، وقد يبدو للبعض الآخر أنه نظام فردي ، لكن الوقائع التاريخية تجيب عن السؤال أعلاه برصد الآتي :
1 – عمد الأسد في بداية حياته الرئاسية إلى إنهاء جميع الزعامات السياسية والعشائرية في الطائفة العلوية ، كما فعل ذلك في بقية المحافظات .
2 – شكل مقتل اللواء محمد عمران في طرابلس ( لبنان ) الذي كان يتمتع حينها، بالقدرة على تكتيل مجموعات كبيرة من الضباط العلويين حوله ، نقطة فارقة في حياة الأسد الذي كان يخشاه ، إضافة إلى اعتقال اللواء صلاح جديد لأكثر من ربع قرن، والذي كان يتمتع هو الآخر بالقدرة على استقطاب ضباط من داخل الجيش وخارجه،
إضافة إلى كل ذلك ، فقد سرح الأسد أعداداً كبيرة من الضباط العلويين المواليين لكل من اللواء محمد عمران واللواء صلاح جديد .
3 – ليس للطائفة العلوية مرجعية دينية ، بل هناك لكل عشيرة مجموعة شيوخ يهتمون بالقضايا الدينية دون السياسية .
4 – عندما فكر الأسد بالتوريث لم يبحث عن شخص من الطائفة ، لقد فعل ذلك لأن النظام ملكه الشخصي ، وبالتالي لا يجوز أن يكون الوارث إلا من أولاده ، وعندما كانوا صغاراً ، كان يفكر بشقيقه رفعت ، لكنه أبعده بعد محاولة تمرده عليه أثناء مرضه .
5 – ليس في الطائفة العلوية شخص له نفوذ مطلق لا يسأل عنه ولا يحاسب عليه ، باستثناء أفراد أسرة الأسد ، ومن ظهر في الصورة أن له نفوذا ، فإن الأسد هو الذي منحه هذا النفوذ ليستخدمه في تنفيذ أوامره ، كما هو الحال بالنسبة لمسئولي الأجهزة الأمنية أو لمجموعة الضباط الممسكين بالقوات المسلحة .
بناء على ما سبق طرحه يمكن الاستنتاج ، أن الرئيس حافظ الأسد استخدم قسماً من أبناء الطائفة العلوية لحماية نظامه الذي كان يعتبره ملكاً شخصياً له ، وقد لا يكون سبب اعتماده على أبناء الطائفة عائداً لانتمائه إلى ذات الطائفة ، بل بسبب فقدانه الثقة بأبناء الطوائف الأخرى.
ثانياً : الاحتقان الطائفي
إذا كان النظام السوري في بنيته الداخلية ، نظاماً فردياً لا طائفياً ، فهل ثمة احتقان طائفي في سورية ؟ .
المؤشرات التي يمكن ملاحظتها في سلوك الأفراد والجماعات ، وطريقة تعاطيهم مع القضايا التي تخص المجتمع ، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ، أن الاحتقان سواء كان سياسياً أو طائفيا ، موجود لعدة أسباب منها :
1- انتهاج النظام لسياسة العزل والإقصاء والتمييز في سبيل حمايته ، أدى إلى إفراز مجموعة من المشاكل البنيوية ومنها نمو الشعور الطائفي والمشكلة الكردية .
2 – شروع النظام في مصادرة الحريات العامة والفردية وممارسته القمع على الغالبية العامة التي عزلها، ونظراً لأن الذين يقومون بأعمال القمع كان معظمهم من الطائفة العلوية بحكم موقعهم الأمني ، فقد أدى ذلك أيضاً إلى مزيد من الاحتقان الطائفي .
3 – عدم تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص إلى جانب الفساد والمحسوبية في المؤسسات ، لعب دوراً في تنمية الاحتقان الطائفي .
4 – الأحداث الدامية التي شهدتها سورية بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين ، وخصوصاً الأحداث التي وقعت في مدرسة المدفعية بحلب والتي راح ضحيتها مئات الشباب من الطائفة العلوية ، ومن جانب آخر فإن مجزرة سجن تدمر والأحداث التي وقعت في حماة والتي راح ضحيتها الآلاف من سكان المدينة قد زادت من حدة الاحتقان الطائفي .
5 – انتشار الفقر والحرمان جراء تسلط أفراد الأسرة الحاكمة وأدواتها على موارد الشعب ، أدى إلى حصر الثروة بيد شريحة جديدة مكونة من أفراد الأسرة الحاكمة وأعوانهم ( رامي مخلوف ) شكل عاملاً إضافياً في تنمية الاحتقان الطائفي .
ولا يخفى على أحد ، تأثير الأحداث الطائفية في العراق ولبنان وانعكاسها غير المباشر على سورية ، والسؤال هل الاحتقان الطائفي قابل للانفجار ؟.
إذا كان النظام السوري غير طائفي ، فإن فرديته المحضة التي أسهمت في تغذية الحس الطائفي نتيجة لعوامل الكبت والتهميش والإفقار ، لا تعفيه من تحمل مسؤولية أي انفجار طائفي .
الحوار المتمدن
النظام طائفي منذ بدايته، وهو من أحيا الطائفية وأجج ناها، مع أن مجموع السوريين لم يكونوا طائفيين بالمعنى الدقيق للكلمة ، بمعنى أنه هناك شبه قطيعة في الأحوال المدنية بين الطوائف ولكن بالمحصلة الكل كانوا متعايشين على قدم المساواة، مع مجيء الاسد الأب استثمر الطائفة من أجل حماية نظامه، وذلك من خلال تقديم امتيازات لهم، مع أن منافسيه كانوا من ضمن طائفته، أما بقية الشعب السوري فقد تقبله ورحب به.في عهد الاسد الابن تغير الحال وبات النظام في خدمة الطائفة، ولهذا الأمر أسبابه، فالأسد الاب حضر إلى السلطة بانجازه الشخصي ونشاطه السياسي وحركته الانقلابية، أما الابن فقد ورثها وسط نظام أسري، وهذه الاسرة فيها نقاط استقطاب ونفوذ متعددة، ولكي تحافظ الاسرة على سيطرتها كانت بحاجة غلى مرجعية للتوازن بين أقطابها، وطبعاً لن تجد سوى الطائفة .. خلاصة القول هذه سورية عبارة عن مزرعة لآل الأسد والنفوذ العلوي والهيمنة الطائفية واضحة منذ 16 تشرين الثاني 1970 وحتى اليوم،.
المشكلة ليست في طائفية النظام وحسب، ولكن في فساد الشخصية السورية التي باتت للأسف شخصية مرتشية ذليلة خانعة منافقة عاجزة مخصية، بينما سدنة البيت السوري يرهقونها بمزيد من الاستنزاف والحصر ، لا ارهاب يفوق ارهاب هذا النظام، وولا حصار يقارب حصار هذه الشرذمة للشعب السوري، سورية اليوم لا قيمة لها ولا شأن لها إلا عبر صفقات النظام الذي يقدم خدمات لا تعد ولا تحصى لاسرائيل والنظام العالمي لكي يستمر في الهيمنة والتسلط دون أن يتهدده خطر،
أرجو ألا يفهم كلامي على محمل طائفي، فاستثمار النظام للطائفة لا يدين الطائفة بحد ذاتها، ومعظم أصدقائي من العلويين ولادة وهم أبعد ما يكون عن الطائفية، والصوت العلوي في مواجهة ظلم النظام كان أعلى دائما من بقية الاصوات، وأحد الاساتذة الجامعيين غامر بحياته ومستقبله ومستقبل عائلته في سبيل قول الحق هو أشرف وأنبل من كل مشايخ دمشق وحلب الذين يسبحون بحمد النظام وينهبون الهبات والأعطيات .
بورك بالانسان الحر الذي يدافع عن الانسان المظلوم بغض النظر عن عرقه ودينه ولغته
رد على ماهر عزالدين
من الواضح بأنك علوي حتى النخاع ولاأدري لماذا التخفي والتمويه ولكنكم رضعتم الغدر والخيانة منذ نعومة أظفاركم فلا حرج عندكم من نكران ذاتكم في سبيل جلب مصلحة مما صغرت …واما الاوضاع الحالية في سورية فأهل مكة ادرى بشعابها ..ولا أحد يستطيع تقييم الوضع الداخلي بدقة أكثر ممن يعايشونه يوميا ..وان اردت حقيقة الواقع فيكفي أن تسأل أصغر طفل يجيد الكلام بسوريا ليجيبك بدون تردد بأن الامر سورية تحولت من طائفية الحكم الى بلطجة الحكم …فمن يحكم سوريا الان هم عصابة كبيرة العدد وما يجعلها تختلف عن قطاع الطرق والقتلة أنها قامت بشرعنة ما تقوم به من استبداد وتحقير للشعب ونهب الثروات من خلال اصدار القوانين التي تمكنها من تحقيق مآربها