بيان من التيار الإسلامي الديمقراطي المستقل
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها الشعب السوري الأبي, أمّتنا الإسلامية المجيدة
أطلّ علينا شهر رمضان المبارك بروحانيته وريحانه , بعبقه وإيمانه , بجلاله وبهائه , فلا غرو أن اختصّه الله عزّ وجل لهذه الأمّة الّتي أكرمها ربّنا تبارك وتعالى به , فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر , تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كل أمر , يفرق فيها كل أمرٍ حكيم , شهر نزل فيه القرآن العظيم رحمة من ربّك , إنّه هو السميع العليم , شهر ينادى به : يا داعي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر.
أيّها الأخوة الأحبّة : لقد هبّت رياح الإيمان فاغتنموها , فإنّ لله في دهركم نفحات , فتعرّضوا لها , نبارك لكم بهذا الشهر الكريم فأقبلوا عليه طائعين عابدين مهللين مستغفرين ملحّين بالدعاء ، أن ينصر الله عزّ وجل هذه الأمّة وأن يهيئ لها من أمرها رشدا وفرجا ومددا يُعزّ الله به أولياءه ويُذلّ أعداءه .
أيّها الشعب الكريم
إنقضى عام كامل على ندائنا السابق في رمضان الماضي,وقد تجاوب معنا فيه الكثير من شعبنا,ولكننا الآن نشعر بالأسى والأسف الشديد,أنّ قضايا الحرّيات والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية والرأي الآخر قد انتكست بشكل مريع خلال الفترة الماضية , وكنا نسمع قبل عام من المسئولين عن ضرورة تأجيل هذه المطالب ريثما تخفّ الضغوط على سوريه وعلى الرغم من أن الضغوط قد انحسرت وقد ملكنا زمام أمورنا–حسب اعتراف المسئولين- إلاّ أنّ حقوق الشعب وحرياته وكرامته وأمنه وأمانه قد تراجعت أيضاً بشكل رهيب كما أنّ قضايا الفساد قد بلغت ذروة الحضيض, ولن تستطيع هيئة الرقابة والتفتيش أن تتابع كلّ قضايا الفساد والرشوة والمحسوبية أو تطال كلّ المسئولين الكبار ذوي الحصانة , والفقر قد بلغ معدّلاً لم يصله شعبنا في أي وقت مضى ،والكساد قد عمّ والمصانع تُقفل أبوابُها بالعشرات والتجّار ليس لهم قدرة على إيفاء الديون، بينما أصحاب المليارات تنعم وتحتكر وتستأثر خيرات الشعب.
أمّا في مجال حقوق الإنسان والحرّيات العامة فقد وصلنا إلى درك لا يتصوره عاقل؛ أن أقدمنا على اعتقال شيخ في الثمانين من عمره – الأستاذ هيثم المالح – تنأى كل الشرائع الأرضية والسماوية والقوانين والأنظمة المحلية والدولية أن تقذفه بوردةٍ فضلاً أن يناله حكم عسكري بالسجن لمدّة ثلاث سنوات مع النفاذ في قاعات السجناء المجرمين من جميع الصفات , بينما تُمنح جائزة نوبل للمناضلة شيرين عبادي زميلته في مجال حقوق الإنسان , وكذلك المحامي الأستاذ مهنّد الحسني والناشط في قضايا حقوق الإنسان وقد ناله من الحكم الجائر مثلما أصاب زميله الأستاذ المالح , كما أعيد اعتقال المفكّر علي العبد الله جوراً وزورا على الرغم من انقضاء مدّة محكوميته البالغة سنتان ونصف , كما سمعنا عن التغول في حجز حريّات المدونين واعتقالهم دون سند قانوني وخاصة بين صفوف الفتيات في عمر الزهور ؛ طل الملوحي وآيات عصام أحمد ولا زلنا نسمع عن اعتقالات تجري في صفوف الأكراد والإسلاميين بكثرة ومنهم من تمّ بحجة مطالعة كتب تفسير للقرآن الكريم من أمثال “في ظلال القرآن” أو تفسير الشيخ الصابوني وغيره وهذا أمر مستغرب جداً حيث إنّ معظم هذه الكتب موجودة في المكتبات والمعارض والبيوت وغيرها وقد أصبحت هذه ثقافة عامّة للجميع حيث أُُلبِسَ البعض من المعتقلين من أجلها لَبوس تنظيم أو فكر الإخوان المسلمين علماً بأنّ الفكر والثقافة والعلم والدين هو مشاع للجميع وليس حكراً على أحد , ولا يزالّ هناك مجموعات كبيرة من الإسلاميين سلفيين أو وسطيين لا يزالون معتقلين منذ سنوات دون محاكمة أو صدرت أحكامٌ قاسيةٌٌ جداً بحقّهم – عشر سنوات أو يزيد –كما ورد ذلك بحقّ الدكتور مصطفى الشيخ أخصائي العظمية طبقاً لما ورد من أنباء غير مؤكدة لدينا, أمّا عن منع سفر المواطنين إلى خارج القطر فحدّث عنه ولا حرج وقد بلغ ذلك آلافاً من المواطنين الممنوعين من السفر حتّى إلى الديار المقدّسة لأداء فريضة الحج أو العمرة،لا زالت كل هذه الإرهاصات والضغوطات تزيد المجتمع احتقانا وتتجه به نحو التطرف وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك تلك القرارات العشوائية من الحجر على حرّية النساء من اللباس وتحويل ما يزيد عن ألف مدرّسة اختصاصية إلى وظائف إدارية ,أو منع المحجبات من تسجيل المفاضلة الجامعية ,وهي أمور شاذّة تدخل في قضية مصادمة للدين وجهاً لوجه ومن الممارسات القمعية الشاذّة حتّى لحرّية العبادة أن مُنع أصحاب المولات من تخصيص غرفة مسجد لأداء الصلاة أثناء تسوّق المواطنين الّتي تستغرق أحيانا الساعات ,وكذلك التدخل بأعمال الجمعيّات الخيرية وحل مجالس إداراتها وتعيين بعضها , كل هذه الأمور القمعية لا تبشّر بمستقبل واعد للنظام السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في وطننا الحبيب وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك مشاكل قطع الكهرباء والمياه والّتي تستمر ساعات عن البيوت والمؤسسات والمصانع في هذا الصيف القائظ فقد زادت الطين بِلّة كما يقال وقد بلغ تذمر المواطنين ذروته ولا من سامع أو مجيب .
أمّا الحديث عن المعارضة السياسية في سوريه فهو أمر يدعو إلى المراجعة والحوار البنّاء بين كافة الفصائل والفرقاء كي يتبلور الفكر الديمقراطي بشكل صحيح وبنّاء ,كما هو الحال مع تكتل أحزاب المعارضة في مصر واللقاء المشترك في اليمن ونحن في التيار الإسلامي نرى توجيه خطاب وسطي معتدل للنظام من قبل المعارضة يكون متوازنا , يقتنع المسئولون بموجبه أننا معارضة إيجابية ليس هدفها اقتناص السلطة والحكم وإنّما هدفنا الإصلاح ومسايرة تطور الأمم وفي كافة جوانب الحياة بما يتناسب مع القرن الحادي والعشرين والّذي وصلت فيه بعض الدول من قارّة أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى نضوج سياسي وديمقراطي لا بأس به نطمح نحن في سوريا-والّتي كانت رائدة في الديمقراطية في الخمسينات- أن نواكبه , ففي إحصائيات مراكز الشفافية والتقييم في العالم تعتبر سوريه في آخر درجات الدول من حيث الشفافية وحريّة الصحافة وأوائل دول العالم من حيث الفساد والرشوة وسوء الإدارة .
إنّ التضحيّات الغالية الّتي قدّمها إخواننا ورفاقنا روّاد إعلان دمشق من تنفيذ أحكامٍ جائرة بحقّهم تستدعي منّا أن لا تضيع هدرا ولا سدى , بل أن نبني عليها مستفيدين من تجربة ثرّةٍ غنيةٍ, وبناءً على ذلك فإنّ التيّار الإسلامي الديمقراطي يؤمن بالتعاون مع جميع فصائل المعارضة الوطنية للشعب السوري بعد تجاوز السلبيات السابقة الناتجة عن دخول زملائنا إلى السجن والتي وقعت من قبل أفراد محدودين,وأهمّا تجاوز(الأنا)والابتعاد عن (الشللية) والتشظي والإقصاء والإيمان بالقاعدة الشرعية الهامّة “نعمل فيما اتّفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”وإنّ التيار الإسلامي سيتحمل مسئولية كاملة في هذا الخصوص إذا خلصت النوايا وابتعد البعض عن الاستقطاب والتهميش .
إنّ التيّار الإسلامي الديمقراطي المستقل في الداخل السوري يؤمن أنّ بوصلته الأساسية هو نبض الشارع وإننا نناشد المسئولين السوريين ومن بيدهم سلطة القرار السياسي أن ينظروا إلى المعارضة السورية نظرة إيجابية ؛ لا نحمل عليكم غلاًّ ولا تحملوا علينا , بل نحن وإيّاكم في الخندق الواحد كتلة متراصّة إنشاء الله تجاه كل أعداء الأمة المتربصين بأمتنا وأن نتطلّع إلى ما آلت إليه تركيا وماليزيا من كلّ أنواع التطور والحداثة سياسياً واقتصاديا , وبناءً على ذلك نتطلّع بأمل ٍ وتفاؤل نحن في التيّار الإسلامي والّذي يعبّر عن الشريحة العظمى للشعب المحافظ إلى أن يخطو النظام خطوة إلى الأمام وأهمّها ما يلي :
1- تنفيذ وعد الرئيس والمؤتمر القطري للحزب الحاكم بإصدار قانون الأحزاب الموعود بعد مناقشة واسعة من قبل كل شرائح المجتمع, وكذلك قانون شفّاف للمطبوعات والصحافة والمدوّنات.
2- عودة كافّة المهجرين الطوعيين والقسريين إلى الوطن للمساهمة في البناء مع إلغاء القانون49/1980 وطي صفحة الماضي .
3- العمل على تعديل الدستور بالأسلوب الديمقراطي وخاصة فيما يتعلّق بالمادة الثامنة منه.
هذه سبيلنا ندعو إلى الله عزّ وجل وإلى خدمة الأمّة على بصيرة نحن ومن سار معنا , لهم مالنا وعليهم ما علينا وما توفيقنا إلاّ بالله عليه توكلنا وإليه المصير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير
دمشق في التاسع والعشرين من شهر شعبان المبارك/1431للهجرة
العاشر من شهر تموز 2010 ميلادي
التيّار الإسلامي الديمقراطي المستقل في الداخل السوري
منذ أحداث سورية عام 1980 بادر الرئيس الخالد حافظ الأسد بمبادرة عظيمة لحل الخلاف مع جماعة الإخوان المسلمين في سورية وذلك عبر الوسيط البارز الأستاذ أمين يكن (المراقب العام السابق للإخوان المسلمين وكان معروفا عنه رصيده الضخم في أوساط الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم وبمواقفة الحازمة ضد تيار العنف والعمل المسلح الذي تقوم به الطليعة المقاتلة) ونجم عن ذلك إطلاق سراح عدد كبير جدا من المعتقلين وسارت المصالحة بطريقها الصحيح عبر لقاءات متعددة بين الرئيس الخالد وبين الأستاذ أمين يكن الذي التقى القيادات الإخوانية داخل وخارج سورية..إلا أن تدخل بعض المتطرفين والمغرضين واللاوطنيين حال دون استمرار المبادرة الكريمة للرئيس حافظ الأسد ولم يكتب لها النجاح..