صفحات سورية

مراقب عام جديد لـ”الإخوان المسلمين” السوريين يرسّخ الإيجابية تجاه النظام

null
بعد أربعة عشر عاما قضاها في منصب المراقب العام للإخوان المسلمين السوريين، تنحى علي صدر الدين البيانوني بعد ان استنفد مدته المقررة له بحكم النظام الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وانتخب الإخوان المسلمون السوريون المهندس رياض الشقفة مراقبا عاما خلفا للبيانوني. بهذا يكون الشقفة المراقب العام العاشر للجماعة في سوريا منذ تأسيسها في أربعينات القرن العشرين على يد مراقبها العام الأول الشيخ مصطفى السباعي يرحمه الله تعالى.
و كان البيانوني قد اشترط عند التجديد له لفترة ثالثة كمراقب عام للإخوان السوريين، قبل أربع سنوات، أن يُنَص في النظام الأساسي (الذي يعتبر القانون الذي يضبط حركة الإخوان، ويرجعون إليه) على عدم التجديد للمراقب العام للإخوان المسلمين إلا لفترة ثانية. هذه الفقرة لم تكن موجودة في النظام الأساسي قبل أن يطلب الأستاذ البيانوني من مجلس شورى جماعة الإخوان إضافتها. وللأمانة فإن هذه الفقرة لو لم يكن مصرا عليها البيانوني لما أضيفت، لأنه كان قد انتخب مراقبا عاما بأكثرية الثلثين عند بداية فترته الأخيرة.
وخلافا لما ذكرته إحدى المؤسسات الإعلامية، لا يعتبر المراقب العام الجديد رياض الشقفة من “الحرس القديم” للإخوان المسلمين السوريين، إن صحت هذه التسمية. وللأمانة فإنه لم يكن في الإخوان السوريين صقور وحمائم بالمعنى الاصطلاحي لهذه التسمية. وإذا كانت هناك مدرستان في موقفهم من النظام السوري فقد كان المراقب العام الجديد الشقفة يقترب في نظرته الى النظام مع نظرة المراقب العام السابق الأستاذ البيانوني.
عندما أعيد توحيد جماعة الإخوان السوريين عام 1993 من القرن الماضي، تقاربت نظرة قيادات الإخوان في التعامل مع النظام السوري، خصوصا بعد أن تسلم الرئيس بشار الاسد مقاليد الأمور في سوريا في تموز من عام 2000. كانت السياسة التي ضمنتها جماعة الإخوان ورقة “ميثاق الشرف” التي وزعها “الإخوان” في أيار 2001 هي محل إجماع وصيغ على أساسها “المشروع الحضاري” للإخوان الذي اعتمدته قيادة الجماعة في مؤتمرها المنعقد في لندن في كانون الاول في أواخر عام 2004. وقد شارك الشقفة في جميع
قيادات الإخوان التي تعاقبت على الجماعة منذ ربع قرن.
قبل أن يغادر سوريا أواخر سبعينات القرن الماضي، ساهم الشقفة في تنفيذ أعمال إنشائية ضخمة في أعمال الري في حوض الفرات، ثم أصبح بعدها مديرا لمشروع جر مياه الشرب من نبع الهرمل على الحدود اللبنانية إلى مدينة حماة، وهي مدينته التي ينتمي إليها.
أكثر ما يميز المراقب العام الجديد رياض الشقفة أنه –وكمعظم المراقبين العامين السابقين- يحب العمل بصمت. كما يتميز بأنه يبتعد عن الأضواء. وبحكم انتمائه إلى بيت علمٍ شرعي حيث كان والده خالد الشقفة رئيس جمعية علماء حماة رحمه الله، وبحكم احتكاكه بالمراقبين العامين السابقين الذين كان لديهم ما يكفي من العلم الشرعي لقيادة جماعة إسلامية، استطاع رياض الشقفة أن يثقف نفسه شرعيا ويتمتع بذخيرة شرعية تساعده في حمل العبء الثقيل، الذي انتدب له، رغم أنه ينتمي إلى فئة “التكنوقراط” في جماعة الإخوان المسلمين.
وخلافا لما يزعمه خصومهم السياسيون، فإن جماعة الإخوان المسلمين السوريين كان يتم فيها تداول منصب المراقب العام كلما اقتضت المصلحة ذلك. حتى أنه يوجد الآن على قيد الحياة خمسة مراقبين عامين سابقين أطال الله في أعمارهم. كان قد توفي قبل أيام مراقب عام آخر هو الأستاذ عدنان سعد الدين يرحمه الله تعالى ويحسن إليه. هذه الخاصية – وجود رؤساء أحزاب سابقين – لا تكاد تجدها في أحزاب عربية أخرى، إلا نادرا.
الجدير بالذكر أن مجلس الشورى في دورته التي انتخب فيها رياض الشقفة مراقبا عاما جديدا، أبقى على السياسات التي كان الإخوان المسلمون اعتمدوها –ومنها تعليق نشاطهم المعارض- في عهد المراقب العام السابق البيانوني… على الرغم من وجود رأي آخر يدعو الى تعليق “التعليق”.
هذه ملاحظات أحببت أن يقرأها الآخرون من مطلع على شؤون جماعة الإخوان المسلمين السوريين. ولا أزعم أني وفيت الموضوع حقه، لكنه تقرير عن حدث محدد.

تقرير من لندن
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى