صفحات سورية

عـوارض أوبـامـا

null

ساطع نور الدين

كما في أميركا خرافات وأساطير تحاك حول شخصية المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما، كذلك في العالم العربي والإسلامي تنسج أوهام وأحلام حول ما يمكن أن يفعله ذلك الرجل فور أن تطأ قدمه البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني المقبل.

وثمة خيط رفيع بين ما يقال في الأوساط الشعبية الأميركية وما يتردد في الأوساط العربية والإسلامية، وهي في معظمها تتكهن بأن كارثة كبرى ستحل بالأميركيين عندما يصبح أوباما أول رئيس أسود لأميركا، وعندما يشرع في تنفيذ جدول أعماله الخفي الذي لا يمت بصلة الى برنامجه الانتخابي المعلن، والمكرر كل يوم تقريبا.

وثمة رابط غريب بين ما يخشاه بعض الأميركيين وما يتمناه معظم العرب والمسلمين، أي أن تكون أميركا التي بلغت ذروة مجدها وتوسعها الامبراطوري، على وشك الدخول في حقبة الانحطاط التي سبق أن بلغتها جميع الامبراطوريات الكبرى في التاريخ بعد أن كانت الشمس لا تغيب عن مستعمراتها.

ومثلما يتعامل بعض الأميركيين ذوي الميول العنصرية مع صعود نجم المرشح الديموقراطي الأسود ذي الأصول الإسلامية باعتباره لعنة تصيب أميركا، وتنذر بانهيارها وتفككها، كذلك يتداول بعض العرب والمسلمين سيناريوهات خيالية تفترض أن الرئيس أوباما سيعمل بالفعل على تحقيق تلك النبوءة القديمة التي تقول ان دمار أميركا لن يتم إلا من الداخل، وبواسطة رجل لا ينتمي الى العصبية الأميركية التقليدية، بل يمثل نقيضا فعليا لها.

ومثلما يتوقع المتعصبون الأميركيون دينيا أو عرقيا أو حتى سياسيا، أن يعمد الرئيس أوباما الى نزع القناع عن وجهه فور أدائه قسم اليمين الدستوري والجهر بعصبيته للسود الذين حافظ حتى الآن على مسافة واضحة عن مشكلة اندماج فئاتهم الدنيا في المجتمع الأميركي، والكشف عن ميوله الإسلامية التي حجبها بإعلانه الدائم أنه مسيحي ينتمي الى كنيسة إنجيلية. كذلك يترقب الحالمون من العرب والمسلمين أن يعلن الرئيس أوباما، باسم السود الأميركيين، الحرب على مضطهديهم البيض ويطالبهم بتعويضات عن فترة الاستعباد والرق، ويعمد الى إدخال تعديلات دستورية تؤدي الى تعزيز دور الأقلية السوداء ونفوذها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على أن ينتقل بعد ذلك الى الانفتاح على جذوره الإسلامية مع ما يعنيه ذلك من حملة على خصومه المعلنين، اليهود الأميركيين، وما يتطلبه ذلك من استعانة بالأقلية الأميركية المسلمة من أجل تغيير وجه الولايات المتحدة وثقافتها وقيمها، وتاليا سياستها.

وهنا ايضا، يتوافق العنصريون الأميركيون مع الواهمين العرب والمسلمين على اليقين بأن القرار الأول الذي سيتخذه الرئيس أوباما في السياسة الخارجية سيقضي بإنهاء ذلك التحالف الاستراتيجي مع دولة اسرائيل وتصويب العلاقات الأميركية العربية على قاعدة إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وعلى أساس الانسحاب من العراق وأفغانستان، وتطوير العلاقات الأميركية الإسلامية، لا سيما مع أندونيسيا التي أمضى سنوات من طفولته في إحدى مدارسها الابتدائية، ومع ايران التي وعد أكثر من مرة بالحوار معها

ليس كل ما سبق مجرد هلوسة أو هذيان!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى