الحب = العهر = الموت!
فلورنس غزلان
كتبت سيدة فرنسا الأولى ” كارلا براوني ـ ساركوزي” رسالة تعاطف وتضامن إنساني مع امرأة وأم مثلها تتعرض للموت ” رجماً” …لمجرد أنها مارست الحب وأرادت أن تعيشه بمشاعرها وجسدها كبقية البشر، لأنها تحس أنها ملك نفسها، ولاسلطة لأحد عليها جسداً وكياناً ولها الحق بالتصرف فيما تملك..
سكينة محمدي أم لطفلين عمرها 43 عاماً..اتُهمت بالزنا والمشاركة بالقتل!، حكمت عليها ” محاكم الإسلام” بالموت رجماً هكذا ..هو قانون العفة ، قانون منع الحب واحتكار جسد الأنثى، كمُلك للدولة ، ملك تصاب من ورائه الدولة بالعار وتصبح سمعتها بالوحل إن لم تقتل هذه المستبيحة لشرفها الرفيع!.
أما أن تتطاول سيدة من قارة أخرى، سيدة لايربطها بسكينة أي رابط سوى أنها امرأة وأم مثلها…قبل أن تكون سيدة فرنسا الأولى بحكم أنها زوجة رئيسها، تشاركها في الموقف ممثلة فرنسية وصلت للعالمية ولها أصول عربية مسلمة ” كونها ولدت لأب جزائري وأم ألمانية” وأعني ” ايزابيل أدجاني”، فاقتضى هذا التطاول على الشرف الايراني تشويه للشرف الفرنسي كرد اعتبار!، وكان الرد ” أنهن عاهرات..وتستحق كارلا بالذات الموت”، ويُشَّهر بها وبماضيها على أنها كانت وراء تدمير أسرة ساركوزي !، هذا ماورد على لسان صحيفة” كيهان “..حين كان متزوجاً من سيسيليا…علماً أنها لم تعرفه هذه الكارلا إلا بعد أن تركته سيسيليا وفقد الأمل من عودتها…لأنه أحب سيسيليا كما لم يحب أحداً…ويعرف علاقاتها قبل زواجه منها..لأن هذا العالم لايحاسب الإنسان على ماكان..يحاسبه فقط على ماهو عليه..وحتى هذا يحمل دوماً في طياته معنى الغفران…ومعنى التسامح..كيهان المقربة من النظام والتي يرأس تحريرها مستشار المرشد الأعلى آية الله خامنئي الصحفي شريعة مداري!.
ماورد في رسالة كارلا كان موقفاً إنسانياً في بلدٍ حَرَّم الموت والقتل والاعدام، بلد من بلاد حقوق الإنسان، ناضلت فيه نساؤها ليخرجن من عسف الظلام وبطش الذكورية المجتمعية إلى نور المساواة وإحقاق الحق، لهذا قالت في رسالتها” أني وزوجي لن نتخلى عن قضيتك وستكون موضع اهتمامه دون كلل” نشرت رسالتها صحيفة( ليبراسيون ومجلة نوفيل أوبزرفاتور)، مطالبة الحكومة الإيرانية إطلاق سراح سكينة..وعودتها لطفليها كي ترعاهم وتراهم يكبرون في حضنها وأمام عينيها..لكن عقول المسخ والتخلف، عقول النصوص وتقديس الكلمة قبل شهود العيان ، لمجرد أن الضرب المبرح والتعذيب قادران على انتزاع أي اعتراف تحت لغة السوط والتهديد..
فأي حق يبيح لنظام أو قوة أن تأخذ روح إنسان؟.. حتى لو كان مجرماً وقاتلاً…فمابالك بالإعدام …رجماً..!! بحجارة الأيدي العفيفة النظيفة ، التي لاترتكب موبقات ولا تغش ولا تسرق ولا تعيث في الأرض فساداً
هل الأيدي ، التي سترمي سكينة بحجر …نزيهة؟ …طوبى لك يامسيحاً عرفت الإنسان منذ واحد وعشرين قرناً وأدركت أنه يمكن أن يخطيء ، وأن الغفران لايملكه ولا يحسنه إلا من مَلَكَ قلباً وضميراً وعقلاً..وأن الإنسان بطبعه خطاء وليس بيننا من لايرتكب هفوة…فقلت حينها ” من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر” …لكن عالم الأئمة المعصومين والأئمة المباركين من ابن تيمية حتى ابن باز …وغيرهم كثر.. يعمون العيون ويملأون القلوب حقداً وكراهية على الجنس الآخر…على من وَلَدتهم وأرضعتهم ومنحتهم الحياة وتهبهم ذرية تحمل أسماءهم وتخلد إقامة الإنسان على الأرض … المرأة هي عارهم وعورتهم وسر انحرافهم وخيبتهم في الحياة ومعاركها، خيبتهم الوطنية والاقتصادية والاجتماعية…فشلهم يسقطونه عليها وشرفهم معلق بين فخذيها…وعقولهم صغيرة ،طائشة …مسلوبة الإرادة عندما تقف أمام امرأة…لأنها مخلوق مختلف، مجبول على الغواية منذ أسطورة حواء !…مخلوق وجد لإمتاعهم ولتحمل كل عيوبهم ونقاصهم…فكيف يصمتون على سكينة؟ وكيف يصمتون حين تنتفض عائشة وتسعى لاحترامها كبشر، كسيدة في بيتها، يحق لها الاستقلال…وكيف لاتعمل خناجرهم ذبحاً وتقطيعاً في جسد هدى ونجوى….وسعاد ونهاد وحسناء وعلياء…أسماء لاتحصى ولا تعد، معظمها يموت طي الكتمان والتكتم على المجرم الفعلي…لأنه ذكر…يحق له اغتصابها كل يوم باسم الشرع، يحق له تعذيبها وإخضاعها بالعنف باسم الشرع…” واضربوهن ضرباً غير مبرح”..وأدبوهن…واهجروهن في المضاجع..وأنتم القوامون عليهن..أنتم من يحمل راية السيادة وماهن إلا عبيد خلقت للطاعة والاستكانة والرضوخ ، بل إعلان الرضا
هذه المرأة الإنسان، التي مازال يُنظر إليها كقاصرــ حتى لو بلغت من الزمن عتيا ــ وتحتاج لوصاية من الأب ، فالزوج، وأحياناً الأخ والإبن!، تحتاج لإذن …لتصريح ممهور وموقع من ولي أمرها حين تنوي التحرك ، أو لمحرم ..كما هي الحال في دولة الإيمان السعودية .. تحتاج للاستئذان قبل أن تنطق برأي حتى في شأن زواجها ومستقبلها..وعليها الإذعان والخضوع حين يرفض هذا الولي رأيها..وعليها الاستجابة …لأنه يعرف مصلحتها أكثر منها ويعرف مايليق بها أكثر مما تعرف…ومشاعرها!! أية مشاعر؟!…هذه مشاعر امرأة تتسم بالضعف والعاطفة تتفوق فيها …على العقل، ألم يقولوا أنها ناقصة عقل ودين!..لن تُرفع الوصاية ولن يتوقف قتل سكينة أو جدع أنف عائشة وتشويهها هي ومثيلاتها..ويحرقهن بالنار ، أو تشوه معالمهن الجسدية..إلا عندما تصبح حرة..وحريتها…معلقة مربوطة بحبال لاعلاقة لها بكينونتها ولا بجدارتها، ولا بعلمها وثقافتها..ولا بما تحرزه من تفوق…ستظل مربوطة لأنها لم تصل لمستوى المرأة الحرة قانونياً واجتماعياً…وستظل القوانين الإلهية تهبط عليها من يد ذكورية تقتادها للموت…لأنها تطاولت على خطوط رسموها لها…وعلى خريطة ” أخلاق” وُضِعت من أجلها..ولا يُصان مجتمع الشرق إن لم تتبعها هذه المرأة…ولو شكلياً …وهذا هو حقيقة مايحدث…الاتباع شكلي والانصياع والإذعان شكلي …كاذب ومزيف..يعرفون هذا جيداً ، لكنهم يفضلون أن يكذبوا على أنفسهم ، يفضلون أن يعيشوا حياتهم بوهم وكذب…على أن يواجهوا حقيقتهم..حقيقة قوانينهم ، التي لاعلاقة للرب فيها…وإلا هل يعقل أن يكون نبياً جاء قبل عشرات القرون أكثر وعياً من تشريع دين حل بعده؟!..أليس من المنطق أن يكون الأخير …الخاتم لكل الأديان.. أكثر تطوراً وتقدماً مما سبقه؟
أم أن علماءه القائمين عليه عجزوا عن التطور العقلي وإصلاح الدين ..رغم كل فتاويهم ، التي لاتخدم سوى تكريس سلطتهم وتثبيت سلطة الاستبداد والطاغوت..وإلا كيف نفسر تشريع القرضاوي في برنامجه التلفزيوني لزواج ” المسيار”؟ ومثله الشيخ خالد الجندي، الذي أبقى على سرية زواجه من فتاة لثلاث سنوات متتالية لو لم تفضحه صحيفة روز اليوسف!..الزواج السري مسموح…مسيار ، مسفار..يعرف الليل ولا يعرف النهار…لأنه سَتّار وساتر لمن لايعرفون الوضوح ولا نور النهار والحقيقة..فعندما يتزوج القرضاوي من ” أسماء” ، التي تصغره فقط…بستين عاماً..وتصغر ابنته إلهام…فلماذا يهتم بإصلاح الدين؟..وكيف لايشرع الزواج السري وزواج الصغيرات؟…المهم أن تبدو للعين أنها ناضجة جسدياً أما عمرها العقلي…فكافٍ برأي السيد أو الأسياد والعلماء…لتربية الأبناء والقيام بأعباء أسرة!!
أما عندما تحب المرأة وتعشق…فهذا يسمى ” زنا”..مع أنهم يزنون أخلاقياً واقتصادياً كل يوم …يزنون بقضايا الشعب وقضايا الفقراء والمساكين…يتملقون الحكام الفاسدين خلقاً وسلوكاً وحكماً وانعدام شرعية، الحب عند (سكينة)، التي لم تقل صحف إيران كيف عانت وماهي طبيعة ارتباطها بزوجها، ولا لماذا وصلت ــ حسب إدعائهم طبعاً ــ لحد إقامة علاقة خارج الزواج؟!، لايسمح لها بأن تعيش محبوبة أو أن تسمع كلمة عشق، لاتَسامح في مجتمع لايسامح إلا الذكور…ففي كل يوم نسمع ونرى رجلاً خان امرأته، أو أقام علاقة جنسية مع أخرى خارج الزواج، بل يُطلب من المرأة أن تغفر وتسامح من أجل أسرتها وأن تضحي من أجل أولادها وأنه سيؤول إلى رشده ويعود إلى صوابه…هي من يجب أن يضحي ومن يجب أن يغفر وألا تسعى لفصم عرى الزواج من أجل سبب تافه كهذا!…تافه عندما تلتصق الخيانة بالذكورة وجريمة عندما تقوم بها امرأة ..وتسمى اقترافاً لخطأ وزناً …
ماذا يسمي علماء االإسلام سنياً كان أم شيعيا، رئيس وزراء ايرلندا الشمالية السيد ” بيتر روبنسون” ، هذا الذي كانت له اليد البيضاء في وضع حد لقتال دام ثلاثين عاماً في بلاده بين طائفتي البروتستانت والكاثوليك، الرجل المحافظ…حين أعلن أنه يغفر لزوجته ويتوقف بعض الوقت عن عمله من أجل أن يبقى جانبها حتى تشفى ومن ثم يعود لخدمة وطنه إن اراد له الشعب ذلك، وقد نشرت فضائح خيانة زوجته ” عضوة البرلمان الايرلندي الشمالي السيدة ” إيريس” واعترفت بإقامة علاقة مع الشاب ابن التاسعة عشر ربيعاً ، ابن صديق العائلة ” ماك كامبلي” وحاولت بعدها الانتحار واعتزلت السياسة، كم أصبح كبيراً هذا الرجل، وهل الرجولة إلا موقف؟!…هل يعني غفرانه وسماحه من أجل إنقاذ أسرته وحرصه على متانة أواصرها وحبه لزوجته ضعفاً أم قوة؟
ماالذي يحدث لو حصل هذا الأمر ومثل هذه القصة مع رئيس لدولة عربية أو مسلمة؟…علماً أن خليلاتهم لاتعد ولا تحصى..فالسيد القذافي لايدعو في زيارته الأخيرة لايطاليا سوى النساء ” 500″ امرأة من الجميلات ودفع لها 80 يورو مقابل أن تستمع للواعظ الداعية السيد الرئيس ملك الملوك..والمبشر بأن أوربا ستكون ذات يوم..مسلمة بالكامل!، وأين يحدث هذا في عقر بلاد الفاتيكان؟!..
هل يجرؤ مبشر صغير أو خوري من بلد غربي على الدعوة للتنصير في بلاد العرب والمسلمين؟، يكفيكم أن تلقوا نظرة سريعة على موقع مصري يسمي نفسه ” المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير”!، ويوجه كل دعوات كرهه وحقده على أقباط مصر أبناء بلده الأصليين في انتمائهم لمصر أكثر من أي مسلم فيها.
وبعد كل ماسبق، نسأل ، مَن يملك الحق باغتيال حياة إنسان؟ ، من يملك الحق في اعتبار الحب عاراً يستحق صاحبه الموت؟ من قال أن شرف الرجل يكمن فوق جسد المرأة وليس في عقله ومسلكه؟
من قال أن نساء الغرب فاسقات فاسدات عاهرات؟، بينما نساءنا الملفعات أكثر نقاء وحفاظاً على الشرف والخلق، وأن قطعة من القماش يمكنها أن تحمي عفتها، أو تحرسها من العيون الجائعة؟…ثم إلى متى …ستظل المرأة رهن إشارتكم وتحت طائل عقوباتكم وقوانينكم سيفاً مسلطاً على رقبتها…يهددها مع كل حركة تقوم بها؟…إلى متى يبوء رجل الشرق إلى رشده ويعتبر أنه وحده بسلوكه وخلقه المسؤول عن الشرف؟،..إلى متى ستظل قوانيننا تسمح بقتل المرأة وتمنح القاتل حرية التصرف والحياة..وتضحي بها المحاكم والقضاء المُحتَكر من الذكورة؟ ..نعم إن لهذا كله علاقة مع الحرية ، حرية الإنسان ككل، لكن المرأة تضطهد أضعاف مضاعفة وتبدأ معاناتها منذ نعومة أظفارها.. منذ الطفولة..
ابدأوا ببيوتكم..كونوا أصدقاء أولادكم بناتاً وصبياناً…أنصفوا ابنتكم في بيتها…قبل أن تخرج لمجتمع سيحترمها عندما تكبر في بيت احترمها…وستتسع الدائرة حتى نصل لمجتمع أكثر حرية وتطورا وتحضراً
لهذا قفوا مع سكينة وأمثال سكينة..كي تثبتوا أنكم رجالاً.
ــ باريس 01/09/2010
حاص – صفحات سورية –