فرصة ثانية لأوباما
بلال خبيز
يقول المحللون والسياسيون القريبون من حزب الله، ان حملة حزب الله على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتت ثمارها محلياً وإقليمياً ودولياً. المحطة الأولى في الإنجاز كانت إقليمية، حين انعقدت القمة الثلاثية في بيروت على وقع الهياج اللبناني حيال القرار الظني المتوقع صدوره. والمحطة الثانية كانت دولية حين اضطر دانيال بلمار للخروج عن صمته معلناً، ودائماً بحسب التحليلات القريبة من حزب الله، تأجيل القرار الظني. والمحطة الثالثة كانت محلية حين اتفق الجميع، ناقص الجنرال ميشال عون على التهدئة. وليس خافياً ان ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في حديثه إلى صحيفة الشرق الأوسط حيال خطأ الاتهام السياسي لسوريا وحيال شهود الزور كان الدرجة الأخيرة التي صعدها اللبنانيون على سلم التهدئة. ثمة وجاهة محلية في هذا الكلام
في مجال آخر يجمع اللبنانيون، بكافة تلاوينهم ان التهدئة مرحلية لأنها لم تقم على أسس واضحة ولم ترسخ على ركائز متينة. وان الأمر لن يتعدى الأسابيع قبل ان تنفجر مجدداً وعلى نحو يفاجئ الجميع. أيضاً ثمة في هذا الكلام ما يستحق أخذه في الاعتبار.
إنما ربما ينبغي علينا ان ننظر جيداً في الأسباب الأعمق للتهدئة اللبنانية المحلية. والأرجح ان هذه الأسباب تتجاوز الحدود اللبنانية والعربية والإقليمية لتصل إلى واشنطن. ذلك ان من يتابع ما يقال ويعلن في واشنطن حيال موضوع المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة يدرك ان المحاولة الاميركية في هذا السياق هي المحاولة الأخيرة قبل الانفجار. في إسرائيل ثمة غليان سياسي قد يفضي إلى انفجار حكومي قريب، سواء كان ذلك نتيجة تحقيق تقدم في المفاوضات او بسبب فشلها. والأرجح ان تسريع التسلم التسليم بين رئيسي الأركان الإسرائيليين كان بسبب من شعور ايهود باراك ان أيام الحكومة معدودة وانه يريد ان يضمن رئيساً للأركان يقف في صفه في أي حكومة مقبلة قبل انهيار الحكومة الحالية. وفي فلسطين ثمة إعلان صريح ان فشل المفاوضات يعني نهاية السلطة الفلسطينية وذهاب اقطابها إلى بيوتهم. وفي سوريا ثمة انتظار واضح لفصول المفاوضات التالية، هل ستشمل سوريا ولبنان في محطة لاحقة مثلما يعلن إيهودا باراك، ام أنها ستبقى مفاوضات ذر للرماد؟
يبقى ان ثمة من يرون في المفاوضات، نجاجها على سبيل الدقة، خسارة صافية لهم. ابرز الخاسرين في هذا المجال هو حركة “حماس” التي تحكم قطاع غزة الفلسطيني. وليس خافياً ان الطرف الآخر المتضرر من نجاح هذه المفاوضات هو إيران نفسها. الطرفان لهما حساباتهما الدقيقة في هذا المجال. إذ تعرف إيران جيداً ان انهيار المفاوضات سيفتح الباب واسعاً على احتمال الحرب. الحرب هذه المرة ستطاول إيران مباشرة. وهذا ما يحذر من الوصول إليه بعض المتنفذين الإيرانيين علناً وبوضوح، بالقول ينبغي ان لا نقدم الفرصة لإسرائيل لشن حرب غير مقدسة على إيران. وهذا يفترض ان انهياراً سريعاً للمفاوضات سيجعل برميل البارود ساخناً ولن يترك الفرصة لأحد لالتقاط أنفاسه وتحضير البديل عن حرب شاملة. من جهة ثانية تعرف إيران ان زمن المفاوضات هو زمن ميت، وانها في الأثناء تستطيع ان تعد عدتها لمواجهة مترتبات انهيارها. خصوصاً ان بعض التقارير تفيد ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية باتت على قاب قوس من انتاج ما يكفي لصنع اربع قنابل نووية.
حركة “حماس” من جهتها اعلنت ما تريد إعلانه. نفذت عمليتان في الضفة الغربية، وذهبت إلى الانتظار. فإما يقدم لها نتانياهو الضفة الغربية على طبق من فضة من خلال تعنته وهو يحتكم للمتطرفين من اعضاء حكومته، وإما تتوسع دائرة المفاوضات ويصبح اسمها مطروحاً على الطاولة بحسب ما أعلن الرئيس السوري خلال لقائه الملك عبدالله الثاني. وتالياً لا بد من الانتظار.
الخلاصة ان التهدئة دولية. ثمة فرصة ثانية تعطى لأوباما عله يغير في وقائع الامور الشرق اوسطية شيئاً، وثمة اتفاق على منحه الوقت للإنجاز. والخلاصة ان هذه التهدئة الدولية ستحكم المشهد اللبناني إلى حين. أما شذوذ الجنرال ميشال عون عن هذه القاعدة فذلك لأنه ما زال يبحث في برميل المحليات اللبنانية، ذلك البرميل الذي يبحر منذ بعض الوقت في بحور هائجة.
ايلاف