صفحات العالم

الطائفي العراقي في أبشع حالاته

null


داود البصري

تصلني كل يوم وعبر بريدي الإلكتروني عشرات الرسائل اليومية المتفاوتة الاتجاه والأغراض والأهداف ومعظمها للأسف رسائل شتم وتعرض وقذف وتهديد لاقيمة لها وتعبر عن أمراض نفسية و سلوكية لكتابها, وقد تعودت على هذه الحالة منذ سنوات وهي حالة يمكن فهمها في إطار فهم النفسية والسايكولوجية المتوترة والمريضة لإنساننا العربي المحبط والمثقل بالهزائم الثقيلة, إلا أن الرسالة التي أعرضها اليوم للقراء الكرام تمشيا مع أسلوبي في الشفافية و(الغلاسنوست) و(البيروسترويكا) تتجه اتجاها آخر وتأخذ منحى لم أكن أتصور في يوم ما أنه سيسود في ثقافتنا العربية و العراقية خصوصا بعد زحف طاعون الطائفية و المذهبية المرعب الذي اجتاح كل شيء في حيواتنا البائسة والمفلسة أصلا, ففي إطار تعليق على ما كتبته في مقال سابق لي حول(نوري المالكي.. وحليب سباع الولي الإيراني الفقيه) والذي أشرت فيه إلى أن الحكومة العراقية الحالية ستقبل في النهاية بتوقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة لأنها لا تملك من أمرها شيئا, وهي حقيقة يقرها حكام العراق انفسهم, فقد جاءني رد وتعليق من عادل عباس وهو على ما يبدو عراقي ومن أتباع حزب الدعوة أنقله لحضراتكم بكل عباراته الشاتمة والمفتقدة لمكارم الأخلاق التي يركز عليها ذلك الحزب في تثقيفه و أدبياته, وأعرض الرسالة لسبب بسيط جدا يتعلق بكون الشتائم التي وردت فيها لا تمسني شخصيا فقط بل تمس جمهور المسلمين جميعا لأنها تزيح قناع (التقية) المنافق وتكشف عن حقيقة العقليات الطائفية المريضة السائدة حاليا والتي ما كان لها أن تبرز لولا الحماية و المساندة الأميركية فالكاتب يتهمني بالطائفية و بكوني »سني أعوج« حسبما يقول, رغم أن المقال موضوع الخلاف لم يتضمن قط رؤية طائفية محددة بل رؤية وقناعات سياسية محضة و لكنني أبرز الرسالة لكونها تعبر عن اتجاه فكري متوحش بات متواجدا في الساحة الفكرية والسياسية ويشوه كل معالم الثقافة والسياسة.

From: adsubeidy@maktoob.com

To: dawoodalbasri@hotmail.com

Subject : الاستاذ داود البصري

Date: Sun, 15 Jun 2008 16:23:34 +0000

»هناك مقوله عندنا , وقد اثبت انت يا استاذ داود صحتها , وانها لم تقل اعتباطا المقولة تقول» السني اعوج« , وانت حضرتك تعلم ان الاعوج كذيل الكلب (مو محشوم). اثبت لك صحة المقولة . حضرتك بصفتك »سني اعوج« حاولت جهد امكانك ان تخفي اعوجاجك فلم تفلح. كنيت نفسك بالبصري حتى يتوهم المقابل بانك شيعي لعلمك بنصاعة الشيعي, بعدها حاولت ان تتعاطف مع الشيعه ايام زمان , ثم لبست لباس العلمانية والليبرالية فلن تفلح وبقيت انت انت ذلك السني الاعوج .

والله اني اطير فرحا عندما اقرأ خرابيطك اقصد مقالاتك , لاني احس بك وانت تكاد تنفجر حقدا وكراهية للشيعه اسيادك .قبحك الله ايها الاعور الاقرع الاعوججججججج.

وكما ترى عزيزي القارئ من طبيعة كلمات الرسالة السابقة فإن التخلف الطائفي قد فرض رؤاه المزعجة, رغم أنني حينما عارضت فاشية صدام حسين لم أنطلق من (تسنن) صدام و لا من خلفيته الطائفية والعشائرية بل من سياساته وتوجهاته, رغم أن آخر أتباع صدام من الذين بقوا في واجهة الأحداث كان القيادي البعثي الشيعي محمد سعيد الصحاف, ورغم أن جيش القدس بملايينه السبعة كان في غالبيته العظمى من الشيعة, ورغم أن الجهاز الأمني والقمعي العراقي السابق كان في معظمه من الشيعة كما أن الجيش العراقي الذي قاتل النظام الإيراني لثمانية أعوام وقدم مئات الآلاف من الضحايا كان في غالبيته من الشيعة! أنا لا تعنيني الطائفية ولا المذهبية وقد إنتقدت الجماعات السلفية المتطرفة أكثر من انتقادي للأحزاب الشيعية, ولا تعنيني في النهاية كل تلك الاتهامات المريضة العجفاء ولكن تعنيني تلك الروح الطائفية, العدوانية التي تشيع المفاهيم الغبية وتؤلب الأجواء وتخلق الفتن الطائفية إذا كان أعدائي من الصنف السابق من أصحاب الرسالة السالفة فيا أهلا بهم, و ما أسعدني بهم, لكونهم قد أكدوا بأن السعار الطائفي المسعور القائم في العراق المريض تقف خلفه تلك الأحزاب المتصدية للسلطة, والتي قطعت للعراق تذكرة ذهاب بلا عودة للجحيم.. فلا حول و لا قوة إلا بالله?

* كاتب عراقي

السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى