صفحات العالمما يحدث في لبنان

فيلتمان والإهانة الأميركية

ساطع نور الدين
لم يكن أحد يتوقع أن يحط الرئيس الأميركي باراك أوباما فجأة في بيروت، في زيارة مدوية تهدف إلى تعديل موازين القوى اللبنانية والإقليمية المختلة لمصلحة خصوم أميركا، لكن قراره بتكليف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان بانتهاز فرصة جولته العربية ما بين مصر اليمن والسعودية والمغرب، لكي يعرج على لبنان لم يخدم أبدا الغرض الأميركي من تلك الزيارة، التي كانت بمثابة تقليل من شأن لبنان، وإهانة تلحق بحلفاء أميركا اللبنانيين، وتزيدهم خوفا على مستقبلهم السياسي.
لعل واشنطن هدفت من قرار إيفاد فيلتمان الى الإيحاء بأنها لا تعير أهمية استثنائية لزيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الاسبوع الماضي الى لبنان ولا ترى انها تشكل مصدر قلق أو إرباك، لكن تقديرها كما هي العادة، قد لا يكون في محله، حتى ولو كانت الزيارة الرئاسية الايرانية رمزية او حتى ذات أغراض داخلية في ايران. كان الامر يستدعي من ادارة اوباما ان توحي على الأقل بأنها تتعامل بجدية اكثر مع لبنان وحلفائها اللبنانيين، وأن توفد نائب الرئيس الاميركي جو بايدن او وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، او ربما رئيس الاركان الاميرال مايكل مولن.. لا أن تكتفي بإرسال دبلوماسي من الدرجة الثانية، ليس له رصيد باهر في ذاكرة اللبنانيين جميعا عندما رافقهم كسفير لبلاده في اسوأ مراحل أزمتهم الحالية.
والأغرب من ذلك ان فيلتمان نفسه اوحى بأن زيارته رتبت على عجل، بعدما جاءه الطلب من واشنطن بأن يقطع جولته العربية ويتوقف لبضع ساعات في لبنان، لم يسبقها اي ترتيبات خاصة، بل تولت السفارة الاميركية في بيروت طلب المواعيد له قبيل وصوله الى مطار بيروت، من دون ان توفق كثيرا.. ما جعل الوقت الذي خصصه للمؤتمر الصحافي في المطار يعادل الوقت الذي أمضاه في لقاءيه الوحيدين مع الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط، بحيث ترك الانطباع بأنه جاء ليتحدث الى الاعلام اللبناني أكثر مما جاء ينقل رسالة من الرئيس اوباما، كشف للاعلاميين فحواها الكامل قبل ان يكون الرئيس سليمان قد أكمل قراءتها في منزله في عمشيت.
والأدهى من ذلك أن يكرر فيلتمان في بيروت ما سبق وقاله علنا لدى وجود نجاد في لبنان، ودعاه من خلاله الى الاستفادة من التجربة اللبنانية في الحرية والديموقراطية والتعدد السياسي والاعلامي، وهو ما لا يمكن ان يكون وقعه حسنا على الرئيس الايراني الذي يعتبر عن حق ان لبنان هو احدى جبهات المواجهة الاميركية والاسرائيلية المفتوحة مع ايران.. برغم انه حرص على استبعاد تلك المواجهة خلال زيارته اللبنانية، لا في لقاءاته الرسمية ولا في خطاباته الشعبية امام الحلفاء اللبنانيين.
لم تكن مهمة فيلتمان موفقة بأي معيار. هي كانت تعبر عن ان لبنان هو احد الهوامش الضيقة بالنسبة الى واشنطن. ولعل اسوأ ما فيها ان القراءة السورية لها ستكون أبعد بكثير من القراءة الإيرانية!
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى