الداعية الحداثوي تحت راية «الإصلاح الراديكالي»
ريتا فرج
داعية، مجدد، مجتهد، أصولي، عربي، أوروبي، كل هذا وغيره قد ينطبق على طارق رمضان الوافد من سلالة حسن البنّا. ولادته قبل خمسة أعوام من النكسة، كانت حدثاً عادياً. غير أنه صار الحدث، بعدما أضحت أفكاره في متناول الجميع، من المتسائلين عن الإسلام المعاصر، إلى المتشككين بهويته الثقافية التي تطرح أسئلة متشابكة، بقدر تعدد طارق رمضان، صاحب معادلة الإسلام الأوروبي.
في سويسرا عام 1962، ولد حفيد مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر. من مدارس جنيف، اكتسب علوم الغرب وثقافته، من دون أن ينسى أنه ابن الإصلاحية الإسلامية، وربيبها بنكهة التعدد الذي آمن به جده الإمام الشهيد. يقول طارق رمضان: «فكر حسن البنّا النقدي في القانون والسياسة والتعددية يظل مرجعيتي». حصوله على الدكتوراه في الفلسفة الغربية ترافق مع تعميق قراءاته في الإسلام، كأنه أراد أن يثبت انتماءه لغير مكان. صدمة الهوية مارست دورها، فأعادته عام 1992 إلى الأرض الطيبة، موطن البنّا ومقتله حيث عمّق دراساته الإسلامية في الأزهر، قبل أن يعود ليستقرّ في أوروبا ويدرّس في جامعاتها.
نشاطه لم يتخذ طابعاً أكاديمياً فقط. شارك في نشاطات إنسانية عالمية، أوصلته إلى مناهضة العولمة، بنكهة عالمثالثية. وأعرب عن فكرته في كتابه «مسلمو الغرب ومستقبل الإسلام» (2005)، واتجه صوب منظمة «أطباء بلا حدود»، و«جمعية أرض البشر» السويسرية، وتعرّف إلى الدلاي لاما، والأم تيريزا، كأنه يبحث عن إسلامه عند شركائه في التوحيد. أستاذ علم الإسلاميات الذي عدّته مجلة «تايم» بين مئة شخصية مؤثرة في العالم، أحدثت أفكاره شرخاً في الرأي العام الغربي: أن يكون مجدداً وأصولياً، متنوراً وسلفياً، متأثراً بجده لأمه، وقارئاً للفلسفة الغربية… ازدواجيات جمعها في شخصه، فاستحقّ من الصحافة البريطانية لقب «الإرهابي المقبول». «المسلمون في فرنسا»، و«الإسلام في أسئلة»، و«الإسلام والغرب وتحديات الحداثة»، و«أن تكون مسلماً أوروبياً»… مؤلفاته الكثيرة تبرهن عن فرضيتين: أولاها، فقه الأقليات المسلمة في أوروبا وسبل الاندماج، ومقاربة الإسلام الأوروبي برؤية جديدة قوامها شمولية الإسلام وتعدده في آن، خلافاً لفهم الأصوليين التقليديين. وثانيها، التشديد على الإصلاح الفقهي الجذري.
لكن الأهم اجتراحه لما يسمى «الإسلام الأوروبي». أسس لفقه التحرر من عقدة العزلة عند المسلمين في أوروبا. الإسلام عنده إسلام الحوار والتثاقف، والاندماج مع المجالات الحاضنة للتعدد الديني والثقافي والإثني. في المقابل، نادى بانتقائية إزاء المفاهيم الغربية، لا التلقي العشوائي القاتل للهوية الإسلامية. وبناءً على ذلك، يمكن فهم خلاصاته لإسلام المحبة، والمساواة، والحرية الفردية، كما جاء في كتابه «المسلمون داخل العلمانية». الدين عنده يُعاش كتجربة، حتى الحجاب يصفه «بشهادة إيمان»، وإن كان يعدّه «واجباً على المؤمنين». ما يقرّبه من صوفية الشاعر الباكستاني محمد إقبال حين قال: «أضحى الإسلام لنا ديناً وجميع الكون لنا وطناً».
رمضان الذي مُنع من دخول الولايات في حقبة جورج دبليو بوش، اتهم بأصوليته الإسلامية. «الإرهابي المقبول» الذي يعدّه البعض الآخر من مروجي «الإسلام الحداثوي»، مارس لعبة التشعب الثقافي، جامعاً بين إرثين: الإسلام الكلاسيكي، وثقافته الأوروبية. وظف العدة الثقافية الغربية، لإنجاز المصالحة التاريخية بين الإسلام والحداثة. لهذا بدا ملتبساً لكثيرين.
وعلى طريقة السيد محمد حسين فضل الله، القائل بعدم حصرية التأصيل وتطوير الاجتهاد برجال الدين فقط، صاغ رمضان تخريجاته. ولعل الأهم عمله على إدماج الجالية الإسلامية في مواطن الهجرة، لكن بشروط: «أنا مع الاندماج، لكن نحن المسلمين مَنْ نقرِّر ما يعنيه الاندماج». لكن بعض الأوروبيين ما زالوا يعربون عن رهابهم من الدين الممتد في دولهم، كما حدث في واقعة حظر المآذن في سويسرا. وقد قاربها رمضان بالوجود المرئي الجديد للإسلام الذي يخيف أوروبا.
صراع طارق رمضان تخطى مسائل الاندماج. اليمين الغربي لم يتقبّل آراءه، لذا اتجه إلى تعميق دراساته في الإسلام، تحديداً بعد أحداث 11 أيلول، وبات المطلوب الإصلاح «في مجال العقل الفقهي وأصول الفقه». وعلى هذا الأساس، وضع كتابه عن «الإصلاح الراديكالي» (2009). وإذا أردنا أن نرسم خريطة طريق فكرية لمشاريع هذا المفكّر الإسلامي الإشكالي، نبدأ بأنّه صاغ أفكاره عن «الإسلام الأوروبي»، وانتقل لاحقاً لصدّ عداء بعض الغربيين تجاه المسلمين. ثم أسس لمقولة الإصلاح الجذري في النصوص التأسيسية، أي الإسلام المصدري، من دون أن يتراجع عن صلة الرحم التي تجمعه بالإمام الشهيد حسن البنّا.
«ذئب أصولي» ببذلة «دولتشي إند غابانا»؟
باريس ــ عثمان تزغارت
في كتابه «فرار المثقفين» («ميلفيل هاوس»، نيويورك، 2010)، يتهم المفكر اليساري الأميركي بول بيرمان، الداعية الإصلاحي الإسلامي طارق رمضان بأداء دور حصان طروادة لحساب الأصولية الإسلامية المتطرفة في أوروبا. ويضيف بيرمان أنّ طارق رمضان يخفي وراء لبوس الإصلاحي المتنوّر وجهه الحقيقي: ذئب أصولي ببذلة «دولتشي أند غابانا»!
ليس بيرمان الوحيد الذي يتهم طارق رمضان بممارسة «التقية» أو ازدواجية الخطاب. حفيد حسن البنا، الذي وُلد وتربى في سويسرا، يواجه في السنوات الأخيرة حملات إعلامية شرسة في الغرب، وخصوصاً في فرنسا. يثير هذا المفكر الفرنكفوني جدلاً متزايداً. رغم خطابه العصري والمتنور، فإنّ وسائل الإعلام وأجهزة مكافحة الإرهاب في بلد ديكارت تتخوف من تزايد شعبيته في أوساط الشبان المسلمين في أحياء الضواحي. إذ يُوزَّع سنوياً 50 ألف شريط مسجّل من خطبه ومحاضراته. ومن أسباب تزايد هذه المخاوف أنّ العديد من الشبان الذين أعادوا اكتشاف الإسلام على يد طارق رمضان، انضموا لاحقاً إلى جماعية جهادية متطرفة. نذكر مثلاً الفرنسي جمال بيغال الذي اعتُقل على رأس خلية لـ«القاعدة» كانت تُعدّ لتفجير السفارة الأميركية في باريس، وأحمد إبراهيم، أحد العقول المدبرة لتفجيرات «قطارات الموت» في إسبانيا. هذا الأخير كان يموّل طباعة أشرطة طارق رمضان وتوزيعها، عبر منشورات «التوحيد» التي تتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقرها الرئيسي. لكن هل تلك قرينة كافية لإدانة المفكر الإشكالي؟
لا شك في أنّ الهجمة الإعلامية الغربية على طارق رمضان تتضمن الكثير من المغالاة. وهي تنطلق من خلفيات استشراقية تجد صعوبة في التصديق أن حفيد مؤسس الإخوان المسلمين، تخلّى فعلاً عن إرثه العائلي الإخواني، ليختار فكر التنوير الأوروبي منهجاً لإصلاح الإسلام وعصرنته. ولا شك في أن ما يزيد من انتقاد بعض الأوساط اليمينية الأوروبية لرمضان والتشكيك في «اعتداله»، ارتباطه منذ التسعينيات بصلات وثيقة مع الحركات اليسارية المناهضة للعولمة. إذ أصدر كتاباً مشتركاً مع ألان غريش، ويحلّ بانتظام على المؤتمرات التي يعقدها الناشط اليساري جوزيه بوفيه، كما على «المنتدى الاجتماعي الأوروبي»، و«المنتدى العالمي لمناهضي العولمة» في بورتو ألّيغري.
كلّ ذلك لا يمنع وجود العديد من «مناطق الظل» التي تشوب فعلاً فكر طارق رمضان ومساره. هذا الإصلاحي الذي يقول إنّه وريث فكر التنوير الأوروبي لا يجد الشجاعة للقول بأنّ عقوبة «رجم الزانية» و«قطع يد السارق» هي ممارسات موروثة عن عصور الظلام، ولا يمكن قبولها في مطلع الألفية الثالثة. بدلاً من ذلك، يكتفي بالدعوة إلى لمّ علماء الدين في الدول الإسلامية، لإصدار قرار بتجميد العمل بهذه الممارسات موقتاً، ريثما تُصدر فتاوى نهائية بشأنها!
من القضايا الغامضة في مسار رمضان أيضاً علاقته الملتبسة بـ«مؤسسة رمضان» التي أسّسها والده الشيخ سعيد رمضان، بعد فراره من مصر عام 1954. هذه المؤسسة تدير «المركز الثقافي الإسلامي» في جنيف. والمعروف أنّها أنشئت بتمويل من الملك فيصل بن عبد العزيز لدعم الإخوان المسلمين في مواجهة «القمع الناصري». وسرعان ما تحولت إلى واجهة دولية للإخوان، تأسس ضمنها «التنظيم العالمي» الذي يعدّ بمثابة الذراع السرية الضاربة للإخوان على الصعيد الدولي. يدير هذه «المؤسسة» حالياً هاني رمضان، شقيق طارق.
أما هذا الأخير فيزعم أنه قطع صلاته مبكراً بـ«الإخوان» وبـ«مؤسسة رمضان»، ليؤسس جمعية خاصة سماها «المأوى الثقافي الإسلامي في جنيف». لكن التحقيقات التي تلت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، بيّنت أن هذا «المأوى» لم يتأسس سوى عام 1994، وأن طارق رمضان ظل حتى عام 2005 عضواً في مجلس إدارة «مؤسسة رمضان»، و«المركز الثقافي الإسلامي في جنيف». ما جعل عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر تدرج اسم طارق وشقيقه هاني ضمن الشخصيات المتهمة بالتورط في «المؤامرة الإرهابية» التي أفضت إلى تفجير برجي مركز التجارة العالمي. وتستند عائلات الضحايا في الدعاوى التي رفعتها أمام القضاء الأميركي إلى وثائق تُثبت أنّ «المركز الثقافي الإسلامي في جنيف» تورط سنة 1991 في تنظيم لقاء سري في مدينة بال، بين أيمن الظواهري، زعيم تنظيم «الجهاد»، والشيخ عمر عبد الرحمن زعيم «الجماعة الإسلامية» آنذاك.
كما أن التحقيقات المالية أثبتت تورط «بنك التقوى» السويسري في تمويل «نشاطات إرهابية». علماً بأن هذا المصرف يعدّ الواجهة المالية لـ«مؤسسة رمضان»، وبالتالي لـ«التنظيم العالمي» السري للإخوان المسلمين. وينفي طارق أي صلة بهذا البنك، مؤكداً أنه وجمعيته (المأوى الثقافي الإسلامي) لم يتلقيا منه «فرنكاً» واحداً. لكن أحمد هوبير، الإسلامي السويسري الذي اعتنق الإسلام على يد هاني شقيق طارق، والعضو في مجلس إدارة «بنك التقوى»، يؤكد العكس. يقول إنّ البنك اعتاد التبرع للمأوى الثقافي الإسلامي بمبالغ مالية لتمويل نشاطاته، وبالأخص في شهر رمضان!
لنطرح عليه في بيروت أسئلتنا المقلقة!
سماح إدريس*
هو حفيدُ الإمام حسن البنّا، مؤسّسِ حركة الإخوان المسلمين الذي قضى اغتيالاً في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي. والدُه سعيد رمضان، أحدُ تلامذة البنّا النجباء، وقد صدر قرارٌ بنفيه خارج مصر عام 1954، فسافر إلى جنيف، وهناك أنشأ «المركز الثقافي الإسلاميّ». هذه المعلومات البيوغرافيّة الأوليّة لا غنى عنها لمعرفة شخصيّة طارق رمضان، المثقف والأكاديميّ الإسلاميّ الذي يحلّ ضيفاً اليوم على بيروت. وهذا ما يُقرّ به رمضان نفسُه حين يقول: «عشتُ كلّ طفولتي تُلازمني صورةُ جدّي المقتول… وكان والدي، وهو زوجُ ابنتِه، يتحدّث عنه باعتباره المصلحَ الإسلاميَّ الأهمَّ في عصرنا… وكان فكرُه حاضراً يومياً في المنزل. كذلك فإنّ والدتي قد حملتْ بشكلٍ بالغِ العمق هذا التراثَ؛ فلقد كانت أكبرَ أولاد حسن البنّا».
تلقّى طارق رمضان تعليمَه الأوّلَ في مدارس جنيف الفرنسيّة. حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة والأدب الفرنسيّ من جامعة جنيف. درّس الأدبَ الفرنسيّ في مدارس جنيف. وفي مسعى إلى تأصيل منحاه الفكريّ الإسلاميّ، كما يبدو، سافر إلى مصر عام 1992 لمتابعة دراساته الإسلاميّة. في سويسرا، وأوروبا عامّةً، عمل في منظماتٍ أوروبيّة ــــ عربيّة، ومستشاراً في بعثات تتّصل ببرلمان بروكسل، وانخرط في مجال الدعوة الإسلاميّة حتى عُدّ «بطلَ الضواحي الفرنسيّة». ويقال إنّ أشرطة التسجيل التي تحوي خطبَه يبيع كلٌّ منها أكثرَ من خمسين ألف نسخة! هذا وقد علّم في أكسفورد (بريطانيا) وفرايبورغ (سويسرا) ودوشيشا (اليابان) وغيرها. لذلك لا عجبَ أن يَعُدّ نفسَه (في ردّه على سؤالٍ لعزيز زيموري) «أوروبياً من أصلٍ مصريّ… لكنّ تكويني وتفكيري ينتميان إلى الثقافة الفرنسيّة… أنا غربيٌّ مسلم. لكنّ كثيراً من الأوروبيين يروْن الإسلام ديناً غريباً عن أوروبا، وهذا خطأ من وجهة نظر تاريخيّة».
وقد كتب رمضان أكثر من 15 كتاباً، من بينها (بالفرنسيّة): «الإسلام الجذريّ»، و«الآخر ونحن: من أجل فلسفةٍ تعدديّة»، و«إيماني الحميم»، و«المسلمون داخل العلمانيّة»، و«أن تكون مسلماً أوروبياً»، و«الإسلام في أسئلة» (مع ألان غريش، يردّان على أسئلة فرانسواز جرمان ـــ روبان)، و«مسلمو الغرب ومستقبل الإسلام»، «أينبغي إسكاتُ طارق رمضان؟» (حوار مع عزيز زيموري)، وأخيراً «البحث عن معنى تطوير فلسفة التعددية». وقد عدّتْه مجلةُ «تايم» من المئة الأكثر تأثيراً في كوكبنا. ولا بد هنا من مجموعة ملاحظات:
¶ لا يهدف رمضان إلى «دمج» المسلمين في المجتمع الغربيّ، بل إلى إشراكهم في صنع هذا المجتمع وفي إصلاحِه بـ«الروح الإسلاميّة»، لكنْ على أساس «دولة القانون والديموقراطيّة».
¶ نزع عن العالم العربيّ ـــــ الإسلاميّ «احتكارَه» تمثيلَ الإسلام، مشيراً إلى أنّ من واجب مسلمي أوروبا الإدلاءَ بدلْوهم. فالغرب في رأيه، نقيضاً لكثير من الأصوليين، ليس دارَ حربٍ بل «دار شهادة»؛ بمعنى أنّ المسلمين ليسوا في صدد مواجهةٍ تقاطبيّةٍ حادّةٍ معه، بل دورُهم هو أن «يَشْهدوا» بالحقّ أمام البشريّة، معبِّرين عن قيمهم، ومسْهمين أصيلين في بناء الحضارة.
¶ حافظ على المواقف الوطنيّة والقوميّة العربيّة العامّة، كإدانته لجرائم الكيان الصهيونيّ في فلسطين، ونقدِه للعولمة الطامسة للخصوصيّات القوميّة والجهويّة.
يعالج رمضان في خطبه وكتبه ومحاضراته مرْوحةً واسعةً من الموضوعات من قبيل: الإيمان، المسؤوليّة، حوار الأديان، الهويّة الإسلاميّة اليوم، الاستشراق، أخلاقيّات الطعام في الإسلام، الزواج القسريّ، المحمول الروحيّ للجهاد، العائلة في الإسلام. وهو يتميّز ببعض التجديد في الأحكام، لكنْ أيضاً (كما هو متوقّعٌ من أيّ إصلاحيّ دينيّ) ببعض المحافظة.
لنأخذ مثلاً موقفَه الأشهر في مناظرته التلفزيونيّة مع نيكولا ساركوزي بخصوص حكْم «رجْم الزانيات»: فهو، على معارضته لهذا الحكم، لم يطالبْ بإلغائه، بل «بتوقيفه» فقط، في انتظار «نقاش» إسلاميّ داخليّ عريض. لكنْ، من ناحية ثانية، إنّ رأيه في «الجهاد» تجديديّ إلى حدّ ما. إذ يراه موجَّهاً في الأساس إلى الأسباب التي أدّت إلى وقوع الظلم، معتبراً إيّاه وسيلةً لإحقاق العدل السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ. أما في ما يخصّ الحجاب، فهو يقول إنّ موقفه منه هو موقف القرآن: «لا نستطيع رفضه ولا منعَ خلْعِه». أما عن المسلمة التي تتزوّج غير مسلم، فرمضان يصرّ على أنه لا يمكن إنكارُ إيمانها، ولا طردُها من الجماعة، بل تبقى مسلمة. في بداية هذا العام (2010)، رفعتْ وزارةُ الخارجيّة الأميركيّة الحظْرَ الذي كانت إدارةُ بوش قد فرضتْه على دخول رمضان إلى الولايات المتحدة منذ عام 2004 بعد دعوة جامعة «نوتردام» للتدريس فيها. وقد وجدتْ مجلة «ويكلي ستاندرد» الأميركيّة في هذا الرفع «انتصاراً لجماعة الإخوان المسلمين» (مع أنّ رمضان ليس عضواً فيها)!
ستكون فرصةً جميلةً للجمهور في لبنان أن يلتقي هذا المثقف الإشكاليّ، «بطلَ الضواحي الأوروبيّة»، المصريّ العربيّ الفرنكوفونيّ الأنغلوفونيّ، «الإرهابيّ» الذي رُفع الحظرُ عنه أميركياً أخيراً، لسماع شيءٍ من تجربته الغنيّة، والاستمتاعِ بحديثه الآسر، وطرحِ الأسئلة المقلقة عليه.
* رئيس تحرير مجلة «الآداب»
الأخبار