صفحات سورية

نحو الانتخابات التشريعية

null
منصور الأتاسي
قد يبدوا وفي ظروف وشكل عمل القوى السياسية السورية. أن الاهتمام موضوع انتخابات مجلس الشعب لا زال بعيدا. ولكني أعتقد أن الاستعداد الوطني لهذه الانتخابات كان يجب أن يبدأ قبل فترة. كي تحاول القوى مجتمعة أن تحضر لانتخابات مقبولة وبأسس تدفع كافة تلاوين الحركة السياسية للمشاركة فيها..
فالانتخابات المتكررة الماضية لم يشارك فيها الشعب ولم تشارك فيها الحركة السياسية بمعنى المشاركة الجماهيرية والتعبئة الجماهيرية حول برامج واضحة… ما عدا استثناءات بسيطة هنا وهناك في هذا الدور التشريعي أو ذاك, لذلك اقتصرت المنافسات على مستقلين. وهم في غالبيتهم مشايخ قبائل أو أعيان بعض القرى… الخ من رموز المجتمع الما قبل سياسي.. وانحصرت حملتهم الانتخابية في توزيع صورهم وزيارة أعيان القرى أو الأحياء لكسب أصواتهم… وأحيانا” يقيموا مراكزا” في وسط المدن يدعون إليها بعض الفنانين والفنانات للدعاية لهم.
وهكذا تنتهي كل دورة انتخابية بإعلان نتائج الانتخابات التي هي في قسمها الرئيسي معروفة مسبقا” فلم يجر أن نافس أحد من خارج الجبهة هذه القوائم. ويبقى المتصارعون من المستقلين ينتظروا النتائج … ولم يجِر في كافة الدورات أن وصل مرشح لديه رؤى إنتقادية إلى المجلس. حيث توجد صرامة قاسية تمنع المخالفين في الرأي من الوصول للمجلس. وحتى المتعاونين مع السلطة من بعض التنظيمات غير الجبهوية لم يكن لهم الحظ في وصول أحدهم للمجلس… والطريف أن جميع المرشحين إلى هذا الموقع من غير المرغوب فيهم يحصلوا في كافة المحافظات على أصوات متقاربة لا تتجاوز / 6000 / ستة آلاف صوت بينما مهرب مخدرات يحصل على / 100 / آلف صوت، وأحيانا” أكثر بكثير وينجح .
بالإضافة لذلك لم يحصل أن أستطاع المجلس تعديل كلمة في مشروع أرسل إليه من مجلس الوزراء, والمرحوم الدكتور أحمد الغفري , سمى الدورة التي شارك فيها بالمجلس بدورة ” الواو ” لأن المجلس استطاع أن يضيف حرف الواو قبل إحدى الكلمات في أحد مشاريع القوانين.. وتساءل عن كلفة هذا التعديل من أموال هي نفقات الانتخابات ورواتب موظفي المجلس وتعويضات أعضائه.. والسيارات.. و.. الخ وتقدر كما نعتقد نحن بأكثر من 15 مليار ليرة سورية.
هذا الواقع الذي يجب ألاّ يستمر وخصوصا” وأن يوجد في غالبية البرلمانات العربية معارضون.. من المغرب وتونس والجزائر وحتى مصر والسودان وصولا” إلى الكويت والبحرين والأردن، الخ .. لذلك أصبح من الشاذ أن يبقى مجلس الشعب السوري بلون واحد, يعكس حالة الخواء السياسي الموجودة.. وخصوصا” في هذه المرحلة التي يقدم فيها للمجلس مشاريع قوانين تجهز على كافة المكتسبات التي حصل عليها العمال والفلاحون والحرفيون والطلبة في فترة النهوض الوطني التقدمي بفضل نضالاتهم وتبني غالبية الأحزاب الوطنية التوجه التقدمي.
كما أننا نرى أن أي تطوير لا يمكن أن يبدأ إلا من خلال الإصلاح السياسي. وإن الموقف من انتخابات مجلس الشعب القادمة يشكل أحد الخطوات الأولى في مجال الإصلاح السياسي التي تعتبر الأساس في التطوير والتحديث.. بعد أن أكدت السنوات العشر الماضية أنه بدون الإصلاح السياسي لا يمكن دفع سورية نحو الأمام .. ويتطلب الانتقال إلى انتخابات شفافة تنفيذ عدد من الإجراءات أهمها:
1″- تعديا لقانون الانتخابات: عن طريق الانتقال التدرجي. وتقسيم طريقة الانتخاب إلى شكلين :
أ- الانتخابات النسبية وتخصيص نسبة 50% من المقاعد للانتخابات النسبية. وهي الشكل الأرقى للانتخابات. وتحديد مبدأ نسبة الـ 3% لدخول المجلس. إن هذا الشكل يطور الأداء الانتخابي. ويسمح للقوى القادرة عن جمع 3% من أصوات المشاركين في سورية بدخول المجلس ويؤمن داخل المجلس حضور للقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة. ويدفع المجلس ليكون ندوة وطنية للحوار.
ب- الانتخابات في المحافظات ويخصص لها 50% من المقاعد، على أساس تقسيم المحافظة إلى مناطق وتقسيم المدينة الكبرى إلى مناطق أيضا وهذا يخفف من حالة الغربة بين عضو المجلس والناخبين. فلا يوجد ناخب قادر على تغطية كامل المحافظة قبل الانتخاب إلا إذا كان مليء ماليا.. فهو قادر على الزيارات وتخصيص الآليات وتوظيف المندوبين وتأمين الطعام، الخ.. بما يتناقض مع التوجهات التي تطلب الحد من نفقات الانتخابات للمرشح… لقد كنا نسمع عن صرفيات خيالية لبعض المرشحين,ونعتقد أن اعتبار المحافظة دائرة انتخابية كما هو معمول به اليوم يعتبر من أحد الأسباب التي تؤمن نجاح المال السياسي، أو المال غير الشرعي. وتبعد الآخرين عن المجلس حيث تحصل قطيعة حقيقية بين أعضاء المجلس والناخبين بمجرد إعلان النتائج مما يؤثر على:
أ- نسبة التصويت حيث تبقى نسبة التصويت متواضعة جدا لاتصل في أحسن الحالات إلى 8% من عدد الناخبين.
ب- بيع الأصوات فمن لا يستطيع أن يدفع للمجلس قوى وأشخاص تعبر عن رأيه ليرى في الاستفادة من صوته بما يؤمن له قوت يوما بشكل جيد أفضل من لاشيء وهكذا تنشأ بورصة أمام صناديق الانتخابات في القرى والأحياء الفقيرة، تنشط في اليوم الثاني وفي الساعات الأخيرة خصوصا حيث يصل الصوت إلى أعلى رقم له..
ج- الفساد:- ومن أجل زيادة الأصوات يتم الاتفاق عادة مع لجان الصناديق للقبول بالبطاقات الانتخابية بدلا من وجود الناخب نفسه كما تنص القوانين. وأحيانا ندخل إلى قاعة الانتخاب أكياس يصل عدد البطاقات 300 بطاقة أو أكثر في كل كيس وهكذا يضمن المرشح الصوت المشترى لصالحه..
إن هذه العناصر وغيرها تتطلب تعديل قانون الانتخابات على الأسس المذكورة 2″- حصر الانتخابات في المراكز المسجل فيها الناخب: عن طريق إعادة توزيع بطاقات انتخابية والطلب إلى الناخبين تسجيل أسماؤهم في مراكز سكنهم حصراً، ونشر جداول بأسماء الناخبين المسجلين قبل فترة محددة والسماح بتسليم هذه الجداول للمرشحين لتتم المراقبة ويتم على أساسها النشاط الانتخابي ..إن قلة نسبة الناخبين تجبر بعض الجهات أحيانا على السماح بالانتخاب الحر أي في مركز انتخابي . ويتم على هذا الأساس نقل الناخبين أو البطاقات الانتخابية من مركز إلى آخر حيث يصوت الناخب أو تصوت البطاقة الانتخابية عدة مرات في عدد من المراكز .
3″- تحديد كوتا للمرأة:- لا تقل عن 25% من عدد مقاعد مجلس الشعب على أن يعطى نصف هذا العدد للمرشحات المستقلات من خارج أحزاب الجبهة. فالنساء أثبتن حضورهن في مجال التعليم الجامعي والأدب والفن وهناك العديد من العاملات والنقابيات الطليعيات.. إن تحديد نسبة من المقاعد للنساء المستقلات وتوزيعها على المحافظات. تساهم في تطوير عمل المرأة وزيادة دورها وفي التخفيف من تأثير التيارات السلفية الظلامية على أوساط النساء.
4″-أن يتم التعهد من أعلى المستويات بنزاهة الانتخابات وعدم التدخل أو التزوير أو المنع من الترشيح أو الإعلان عن انسحاب مرشحين لا يزالوا مرشحين، الخ .. من الأمور. وأن تشكل لجنة وطنية تضم كافة القوى الوطنية من جبهة ومعارضة وبعض القضاة المشهود لهم بالنزاهة للإشراف على الانتخابات وتعطى صلاحيات التدخل واتخاذ القرار بالإضافة إلى السماح لمؤسسات المجتمع المدني بالعمل كمراقبين على الانتخابات. إن إعادة المصداقية والثقة باحترام صوت الناخب يتطلب اتخاذ كافة القرارات الضرورية التي تطوي صفحة الماضي.
5″- الالتزام بنص قانون الانتخابات الذي يطلب من المرشح إرسال نسخة من برنامجه الانتخابي للمحافظ. والسماح لكل المرشحين نشر برامجهم الانتخابية بكافة الأشكال المتاحة والقانونية. والدعوى لاجتماعات تشرح فيها البرامج. وإعطاء فرص متساوية للمرشحين في وسائل الإعلام الحكومية المرئية والمسموعة والمقروءة وبشكل متساوٍ ورفض أية موافقة مسبقة لنشر البرامج , أو طباعتها في المطابع.
6″- تشكيل لجان انتخابية ولجان فرز من غير الحزبيين للأشراف على الانتخابات، والتأكيد على الفرز الشفاف والعلني أمام الجميع إذا”إن تعديل قانون الانتخاب وضمان نزاهة الانتخابات من الترشيح وحتى الفرز وإعلان النتائج, وضمان حرية النشاط الانتخابي. هي عناوين أساسية للخروج من الحالة الموجودين بها والتي بدأت تصبح استثنائية في منطقتنا العربية..
إننا ندعو إلى تشكيل لجنة وطنية للإعداد للانتخابات بهدف الوصول إلى مجلس تمثل فيه جميع القوى السياسية من داخل الجبهة وخارجها ليكون وليؤسس لبداية حوار وطني ينقل البلاد إلى حالة أرقى.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى