أية مصلحة وطنية بهذا التصرف للنظام السوري ؟
د. منير شحود
لم أكن لأكتب ما سأكتب لو كان الأمر يتعلق بي شخصياً فقط، على أهميته، فمعذرة منذ البداية لأنني أبدو وكأنني أكتب عن نفسي.
منذ أن سنحت لي الفرصة بالتعلم، لم أفكر إلا في العودة إلى وطني، والإسهام في دفعه إلى الأمام، واضعاً مصلحتي الشخصية جانباً في أحيان كثيرة. وارتبطت بسوريتي أكثر عندما كنت أسمع الهمس في قاعات المؤتمرات التي كنت أعرض فيها إنجازاتي العلمية، والتي يقال فيها بتعجب وأفواه مفتوحة بأنني من سوريا!
وتفرغت للعمل في الجامعات الحكومية في مجال التعليم، بعد أن لهثت سنوات لأتمكن من البدء بالبحث العلمي بلا جدوى، مصطدماً بكل المعوقات الممكن تخيلها، ومن أهمها تسلط قليلي الكفاءات، وعديمي الطموح. ومع ذلك وجدت نفسي جزئياً في عملية تحديث التعليم، وألَّفت كتباً عديدة مازالت تُدَّرس في الجامعات الحكومية، رغم انقضاء حوالي خمس سنوات على فصلي منها بسبب التعبير عن رأيي (فلماذا لم تعاقب مؤلفاتي العلمية وتُتْلف؟).
وقادني انتقاد تخلُّف عملية التعليم وفسادها إلى اكتشاف الفساد المعمم في بلدي خطوة فخطوة، فقلت رأيي بوضوح وشجاعة من داخل بلدي، الشيء الذي لن أندم عليه على الإطلاق، رغم ما جرَّه علي من ويلات، فهو واجبي تجاه وطني، لا أقل ولا أكثر.
انتقلت بعد صرفي من الخدمة في الجامعات الحكومية للعمل في الجامعات الخاصة، بعد أن توقفت عن كتابة المقالات، وقد تذكرت كلام الخليفة علي: “إنَّ الولد مَبْخلَةٌ مجبَنَةٌ محزَنَةٌ”! وبعد مضي أربع سنوات قدمت استقالتي من جامعة القلمون الخاصة التي عملت فيها، وذلك بعد أن تكررت كتب وزارة التعليم العالي وغيرها، والتي تطلب منعي من التعليم، تارة لأنني مفصول من الجامعات الحكومية، وتارة أخرى لأنني أعمل دون موافقة أمنية.
وباعتباري ممنوع من السفر، لأنني مصنَّف من جماعة ربيع دمشق، والذي صار خريفاً من زمان، على حد قول أحدهم، فقد افترضت أن ثمة خطأً ما، فلا يمكن أن يعاقب المرء إلى ما لانهاية، على افتراض أنه قد أخطأ، ولذلك طلبت الحصول على موافقة أمنية، لم يستلمها مني أحد، وقدمت طلباً إلى السيد رئيس مجلس الوزراء لم يستلمه أحد أيضاً، لا بصورة مباشرة، ولا عن طريق الوزارة المعنية!
وبعد أن سُدَّت كافة المنافذ في وجهي فإنني أتوجه إلى المسؤولين في هذا البلد، مفترضاً أن ثمة مسؤولين بالفعل، ليشرحوا لي ما هي المصلحة الوطنية السورية في حرمان الطلبة من خبرتي وكفاءتي (هل أجريتم استبياناً بهذه المناسبة؟)، وتجويعي مع عائلتي، أو دفعي للعمل كسائق تكسي على سبيل المثال لا الحصر، عوضاً عن بيئتي الأكاديمية الطبيعية! واستطراداً، هل لكم أن تدلونا على بلد حقق تقدماً وازدهاراً بفضل الموافقات الأمنية، لا بفعل كفاءات أبنائه أولاً وآخراً؟! وهل لنا أن نستغرب، بعد ذلك، كيف أصبحت سوريا تحتل تلك المرتبة المهينة التي تحتلها حالياً في مختلف معايير التقدم الحضاري… هي التي زرعت القمح منذ حوالي عشرة آلاف سنة!
كلنا شركاء
يادكتور منير شحود : لقد أسمعت لو ناديت حياً — ولكن لاحياة لمن تنادي — تأكد ياسيدي أن مقالتك اللطيفة المهذبة تلك لن تجد أي صدى لافي سوريا ولاخارجها إلا تعليقي اليتيم هذا – آاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااهه عليك ياسوريا ماذا فعلت بك عائلة الأسد