على العبد الله الحر بين قضبان السجّان
علي العبد الله بدأ البارحة عامه الرابع في السجن*، بعد أن أنهى حكما بالسجن لسنتين ونصف، وخرج مع باقي زملائه، الأحد عشر كوكبا من قيادات إعلان دمشق، لكنه أعيد فورا ليكمل جريرة ما رآه السجّان الوطني في كتاباته من إساءة للعلاقات مع دولة صديقة ، جراء انتقاده نظام ولاية الفقيه المستحدث على الفقه الإسلامي، كما هو معروف .
علي العبد الله، أبو محمد أو أبو حسين كما اعتاد أصدقاؤه مناداته، المجاز في الفلسفة والدراسات الاجتماعية من جامعة دمشق، الكاتب والمحلل السياسي، والمناضل الوحدوي الذي رأى مع الكثيرين من أبناء جيله في القضية الفلسطينة قضية العرب المركزية، فناضل ميدانيا وطويلا في صفوف المقاومة الفلسطينية، وخرج معها عندما خرجت من بيروت، ملتحقا بمكاتب الدراسات والإعلام في منظمة التحرير خلال اغترابها في تونس، ثم مفضلا العودة إلى بلده حين اختارت فصائل المنظمة العودة إلى الضفة وغزة بعد أوسلو، ليجد نفسه محسوبا على المنظمة، وممنوعا من السفر منذ ذلك الحين!.
علي العبد الله القادم من شرقي سوريا، من قلب الفقر والقحط والقبليه والتعدد القومي والديني، وجد نفسه مطلع القرن الجديد أمام خيار ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة مرتكزا للحوار حول إصلاح بلده وتنقية فكرة العروبة من الاستبداد الذي لابسها. وعندما تداعت نخبة من مثقفي سوريا إلى اللقاء حول حراك المجتمع المدني، كان بين ناشطيه البارزين، وبين الحريصين على رعاية التعددية القومية والدينية في إطاره.
من هنا، كانت خلفية اهتمامه بالدفاع الحقوقي عن معتقلي الطيف السوري الكردي، والذي تسبب له بسجنه الأول، ثم قراءته الشهيرة لرسالة ممثل الإخوان المسلمين في الندوة الأخيرة لمنتدى الأتاسي، والتي تسببت له بسجنه الثاني.
علي العبد الله الرجل الطويل الهادىء المؤمن، الذي بدا يمينيا وسط اليساريين، و يساريا وسط اليمينيين. صاحب الابتسامة العريضة، والوجه الطفولي الوديع، ما زال في السجن وينتقل باستمرار بين زنزانة فردية وزنزانة جماعية، بين معزبة**، وبين سرير علوي أوسفلي، في غرف ضيقة ينحشر فيها عشرات سجناء الحق العام من مختلف أنواع الجرائم.
علي العبد الله الذي كبر داخل السجن وتجاوز الستين ، لم يرفع طوال عمره سلاحا إلا ضد أعداء بلده وأمته من الاسرائيليين، ووجد مع زملائه من أعضاء المجلس الوطني، في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي حلما وطريقا للإصلاح، فرفع راية التغيير المتدرج والآمن والسلمي والعلني، ونادى بها، ومن أجلها دخل السجن .
علي العبد الله رجل حر بأفكاره وهو داخل السجن، بينما يقبع سجّانوه أسرى داخل قيود سلطتهم، هو يدعو لإصلاح شؤون سوريا بالحوار والأفكار، وهم يستمرون في تأزيم شؤون سوريا بالفساد وقانون الطوارئ، ولايجدون سوى السجن وتدابير الأمن سبيلا ضد الرأي الآخر.
فمن سيذكره التاريخ بين الطرفين، ومن هو الحرحقا بينهما؟
………………………………………
*اعتقل الأستاذ علي العبد الله يوم 17 /12/2007 ، وأنهى محكوميته يوم 17/6/2010 لكنه أحيل إلى المحكمة العسكرية بسبب تصريح أدلى به من داخل زنزانته لوكالة أنباء ينتفد فيه انتهاكات حقوق الإنسان خلال انتخابات 2009 الرئاسية في إيران ، وفي 19 أيلول الماضي، وجه قاضي التحقيق العسكري له تهمة “تعكير صلات سوريا بدولة أجنبية”. وقد صادقت محكمة النقض على الإتهام في 1 كانون الأول الجاري رداً على طعن تقدم به محاموه. ولم يتم تحديد موعد للمحاكمة بعد.
** المعزبة : فراغ أو ممر بين سريرين في كل مهجع من مهاجع سجن عدرا، قد يعطى للسجين الجديد كي ينام فيه على الأرض بعد انتقاله من فسحة الباب، ويحدد اسم صاحبه، وكذلك اسم من ينام على السرير العلوي ثم السفلي بالدور والتراتب، وذلك ضمن جدول وخارطة محفوظة في مكتب وزير الداخلية .
هيئة التحرير 18/12/2010
موقع اعلان دمشق