الضالّون الذين يحبون بنات حواء والفارس الاكثر خدشا للحياء بنكاته!
أحمد عمر
تان تان بيتكلم عربي
تعرض قناة دنيا مسلسل تان تان الكارتوني للصغار – أمثالي ـ وهو من تأليف ورسوم الفرنسي هيرجيه، سبع عشرة مغامرة مصورة، استمتعت بها وأنا طري العود والكمان، ثم صار تان تان اسما لمجلة أمريكية مصورة تعرض قصصا لأبطال كارتون، مثل تونجا وكلفتون وبادي لونجواي
وبادي المستقبل.. كانت ‘أم الدنيا ‘ تترجم المغامرات، ومع ميكي ولد سمير البطل المصري الكرتوني، وكانت المجلة الدورية التي أخذت اسم تان تان توزع على الأقطار العربية ويكتب على أعلى غلاف الصفحة الأولى أعمار القراء: من سبعة إلى سبعة وسبعين.
مغامرة تان تان الأفضل في ملتي واعتقادي هي ‘تان تان في التيبت’، وفيها يستجيب الصحافي المغامر لخاطر، نداهة، فيلبيه لينقذ صديقا من العرق الأصفر، اسمه (تشانج) يشبه صوت العطسة، سقطت طائرته في الجبال وظن الجميع انه ميت،، لقد سحرني وفاء تان تان ووفاء قرد الثلج لتشانج، وعوالم كهنة التيبت السحرية الدينية، وأجواء الثلج ..الطريف أن دراسة نقدية لافتة صدرت بالفرنسية تصل بالتحليل والتفكيك والتعريض للأشعة السينية، إلى أن تان تان ‘مثليّ’ – ليس ‘مثل’ أحمد عمر – ولكن مثل مؤلفها هيرجيه، الذي خلت قصصه من الجنس الآخر الذي هبط من كوكب الضلع السابع لأبينا آدم، ليرينا الويل والثبور وعظائم الأمور. والمعروف أن شرط نجاح قصص المغامر أن تصحبه غادة حسناء عيطبول، وهو واضح بدءا من جيمس بوند إلى طرزان واينديانا جونز
وكينغ كونغ الذي وقع في حب الحسناء ‘آرو’.. لكن هيرجيه كان يصطحب في رحلات تان تان ‘عشيقه’ الكابتن هادوك!
و’مثليّ’ اصطلاح معاصر ملطف لصفة المجدين والمجتهدين العاملين عمل قوم لوط عليه السلام، ولها صفة وسطى اقل لطفا هي الشاذ جنسيا، وهناك لجان حقوق إنسان تناضل لإثبات أن الطبيعيين، الذين يحبون بنات حواء مثلي حبا جما هم الضالون! ويبررون ذلك بتعبيرات شتى ليس هذا محلها. مربط البغل: أن دبلجة المسلسل الكارتوني اللبنانية رصينة جدا، لا طفولة أو مرح فيها، وانتهز هذه الفرصة ـ أرجو عدم اتهامي بالانتهازية – لأبدي إعجابي بالدبلجات المصرية لأفلام الانيمشن، وعلى سبيل المثال دبلجة فلم ‘حياة حشرة’ الرائعة، إذ يعتقد كاتب هذه السطور أنه لا يمكن للفصحى العربية أو أي عامية عربية أن تنجح في نقل روح فيلم ‘the bug’ كما فعلت اللهجة المصرية بحيويتها وعراقتها، فمن الصعب أن يجد المرء أسماء شخصيات عربية مثل ‘قرني’ و’بتافللي’ و’الفتك’ تعبر عن الشخصيات ومكنوناتها النفسية. فالمدينة الوحيد التي مدّ السيرك فيها بعض الجذور هي القاهرة: استعيدوا معي عبارات مثل: ابقى اعمل لي مساج بعدين يا قرني.. وقرني شخصية مخنثة ‘مثلية’ شائعة في الأفلام المصرية.. أو عبارة الجراد الفتوة هبّار وهو يأمر عصابته بالهجوم على النمل: دوسو بنزين..
ملاحظة: الغريب أن لبنان الفرانكفونية كانت تدبلج بالفصحى فيما العواصم العروبة تدبلج بلهجتها!
ستوديو العربية وصندوق الدنيا
أستوديو الأخبار في قناة العربية فانتازي، يشبه غرفة فضائية في أفلام الخيال العلمي. والكاميرا تصيبني بالدوخة وهي تدوس بنزين وتنتقل بين الألوان وتبهرني بانعكاس المرايا على الألواح البلورية العجيبة الملونة التي تعرض قوس قزح من غير مطر. وقد خشيت على المحللة الاقتصادية أن تسقط من فوق حافة طرف ناطحة السحاب الوهمية، لكن الأمر لم يكن كذلك حقا، فالخدعة هي أن مصمم الديكور جعل من تحتها مرايا (حتى حسبته لجة).. شخصيا قلما أتابع قناة العربية. أفضل الجزيرة والبي بي سي.. وقناة ‘الواي واي واخ’ ولا يهمني سحر استوديو ولا شعوذة إخراج، ولا اقتحامات ‘الزوم إن والزوم اوت’ الجبارة على وجه نجوى أو ديانا أو جيزيل خوري ..
شعاري: لا تسرع يا كاكا .. الخبر أسرع.
برنامج لول على قناة otv
‘لول’ اسم لاتيني، واللبنانيون قوم مفتونون بالفرانك فونية، البرنامج إذاعي مغدور بصريا، وهو متخصص في رواية النكات والطرائف شائعة ومائعة. البرنامج محكوم بالإعدام وقصر العمر.. يخصص معد البرنامج كل حلقة لموضوع معين: المدير والسكرتيرة، أو الخيانة الزوجية .. ويدعو ضيوفا من الاعلام فيتبارون بالنكات ويتبارزون بالطرائف، نكتة لنكتة نكتتين لنكتة .. والفارس هو الأكثر جرحا وخدشا للحياء بنكاته! كاتب هذه السطور، لا يحب هذا النوع من الإضحاك المتواصل بنكات تشبه (برغل المتسولين) المغنوم من كل بيت، ولا يحب السكر الصافي وإنما مذابا في الشاي، ومعه قطعة من اللوزينج.. السؤال هو: ما الذي يجعل هذا البرنامج مرغوبا من طائفة من الشباب؟ الجواب: الايروتيكة السمعية والخلاعية فيه، خاصة عندما تروي شخصية من الجنس الآخر، الذي أرانا الويل والثبور، نكتة ماجنة. كاتب هذه السطور يقول: نكتة عفوية في حصة جادة أفضل ألف مرة من أن نلعن الظلام. على ‘دنيا’ برامج تمثيلية سورية تعرض النكات ممثلة، وليس مروية، بسرعة، يؤديها نجوم سوريون، في برامج مسلوقة مثل ‘كل شيء ماشي’ و ‘شاميات’.. يقولون ان الضحك يعالج كثيرا من الأسقام، وفي الهند تخرج الشرطة صباحا لتضحك صباحا ضحكا مقهقها مجلجلا بإيعاز من البيه المأمور أو الهانم الحكومة، من غير نكتة! إنها يوغا مضادة.. الإضحاك من غير سبب قلة أدب وعلم وفن أيضا. لنسميه: ما بعد الطرفة.
أبو العلاء المعري يقول:
إن حزناً في ساعة الموت أضعاف سرورٍ في ساعة الميلاد
الحزن أصل والسرور استثناء. أميل إلى السرور المولود من الحزن.
من كان منكم مسرورا، حق السرور، فليرجمني بنكتة، وليحرر فمي من لجامه الحديدي الحزين.
احمد الشقيري فارس من هذا الزمان
يلبس الإعلامي أحمد الشقيري عدة الحرب والقتال، يتدرع بعدة فرسان القرون الوسطى في قناة الرسالة، في الغلاف الأخير لبرنامج خواطر، حرب الشقيري هي على التخلف والعجز والاستسلام والتواكل.. عنوان برنامجه ‘خواطر’؛ عنوان رومانسي وشعري لبرنامج نهضوي تنويري ورثائي وحربي ايضا. سلاح الشقيري السخرية والرثاء والوجد والاستنهاض.
هل يحارب الشقيري طواحين الهواء؟ أم أن طواحيننا ليس لها حتى الأجنحة وان كان فليس لها رحى، وهواءنا محبوس وموثق اليدين في التخشيبة؟
خواطر’ جواب آفاق ورحال بين المدن الأوروبية واليابانية الحديثة والمدن العربية المتخلفة التي يكثر فيها الوسخ والكذب والتلوث السمعي والبصري والخلقي.. ذاك ابيض وهذا اسود. الموسيقى التصويرية تتراوح بين الحزن والتفكه حسب الحال والمآل، والمخرج مجدي عمر، يلعب بالألوان لعبا ماهرا.. يقترب احمد الشقيري في احد مساجد سنغافورة من ألماني يزور المسجد، وقد دلّ ابنه قبل قليل إلى ‘كراج’ الأحذية فوق الرف المخصص. ويشكره.. يقول له الشقيري: لقد قضيت ست سنوات من عمري وأنا حاول تعليم أهلي وشعبي ما فعلته أنت فلم افلح.. ‘دولسنيا’ احمد الشقيري هي الكاميرا والكلمة الصادقة والعفوية. كما يرحل الشقيري من دولة إلى دولة فانه يتنقل بين الحاضر المنكوب والماضي المجيد. يزور الأندلس وقرطبة وقاهرة المعز ويرينا معجزات المسلمين القديمة في العمارة والطب والصحة والموسيقى والميكانيك وحقوق الإنسان… يقرأ لنا صفحة من كتاب:(نهاية الرتبة الظريفة في طلب السحبة الشريفة) والحسبة تعادل شرطة التموين والصحة في هذه الأيام النحسات – الكتاب لعبد الرحمن بن نصر بن عبد الله العدوي الشيزري الطبري (000 – 774ه) (000 – 1372 م).
الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْخَبَّازِينَ يَنْبَغِي أَنْ تُرْفَعَ سَقَائِفُ حَوَانِيتِهِمْ، وَتُفْتَحَ أَبْوَابُهَا، وَيُجْعَلُ فِي سُقُوفِ الافْرَانِ مَنَافِسُ وَاسِعَةٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الدُّخَانُ، لِئَلا يَتَضَرَّرَ (بِذَلِكَ النَّاسُ)، وَإِذَا فَرَغَ (الْخَبَّازُ) مِنْ إحْمَائِهِ، مَسَحَ دَاخِلَ التَّنُّورِ بِخِرْقَةٍ (نَظِيفَةٍ)، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُبْزِ، وَيَكْتُبُ الْمُحْتَسِبُ فِي دَفْتَرِهِ أَسْمَاءَ الْخَبَّازِينَ وَمَوَاضِعَ حَوَانِيتِهِمْ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُوهُ إلَى مَعْرِفَتِهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِنَظَافَةِ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَتَغْطِيَتِهَا، وَغَسِيلِ الْمَعَاجِنِ وَنَظَافَتِهَا، وَمَا يُغَطَّى بِهِ الْخُبْرُ، وَمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلا يَعْجِنُ الْعَجَّانُ بِقَدَمَيْهِ، وَلا بِرُكْبَتَيْهِ، وَلا بِمِرْفَقَيْهِ ؛ لانَّ فِي ذَلِكَ مَهَانَةً لِلطَّعَامِ، وَرُبَّمَا قَطَرَ فِي الْعَجِينِ شَيْءٌ مِنْ عَرَقِ إبْطَيْهِ، وَبَدَنِهِ، فَلا يَعْجِنُ إلا، وَعَلَيْهِ مِلْعَبَةٌ أَوْ بِشَتٍّ مَقْطُوعِ الاكْمَامِ، وَيَكُونُ مُلَثَّمًا أَيْضًا؛ لانَّهُ رُبَّمَا عَطَسَ أَوْ تَكَلَّمَ، فَقَطَرَ شَيْءٌ مِنْ بُصَاقِهِ أَوْ مُخَاطِهِ فِي الْعَجِينِ، وَيَشُدُّ عَلَى جَبِينِهِ عِصَابَةً بَيْضَاءَ، لِئَلا يَعْرَقَ فَيَقْطُرُ مِنْهُ شَيْءٌ (فِي الْعَجِينِ)، وَيَحْلِقُ شَعْرَ ذِرَاعَيْهِ لِئلا يَسْقُطَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْعَجِينِ …
صديقي محمد خير الذي يعد كتابا في الأمن الصحي والغذائي والصناعي فوجئ بالكتاب مفاجأة سعيدة وسيقوض في كتابه ادعاء الامريكيين بأنهم أول من وضع شروطا للصحة في المهن! هذا برهاننا فأتوا ببرهانكم ان كنتم صادقين.
والسؤال هل يجرؤ الماضي المجيد على التفكير في الإياب الى هذه البلاد، أم انه يخاف من تهمة الإرهاب، أم يحتاج إلى جواز سفر، أم إلى عفو أميري بعد أن قضى عشرة أضعاف المدة في زنزانة الحاضر المؤبد؟
كاتب من كوكب الارض
القدس العربي