الطغاة الصغار!!
مجدي جرجس
ظهر البابا شنودة في التلفزيون المصري، يشجب أعمال السلب والنهب والبلطجة، وشكر الله على عدم تورط أي من أبنائه في التظاهرات!! وهو نفس موقف رموز النظام البائد: نفس حوار أمين تنظيم الحزب الوطني الجديد، ورؤساء تحرير الصحف القومية، وكل الملتحفين والمستفيدين من نظام مبارك. لا يخلو الأمر من إشارة خطيرة رددها عملاء النظام لتفريغ التظاهرات من مضمونها وإلصاقها بالإخوان المسلمين، وهم آخر من اشترك في هذه التظاهرات بعد دراسة الموقف، وتبين نجاحها ومن ثم محاولة قطف ثمارها. فمن هم أبناء البابا شنودة الذين أحجموا عن هذه التظاهرات؟ إن أبناء البابا شنودة الذين يتحدث عنهم هم أبناء مبارك، هم الجحافل المزعومة، التي أعلت مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن. ربما يقصد البابا شنودة بأبنائه: الكهنة والرهبان، وهم الذين أحكم قبضته الحديدية عليهم في سابقة تاريخية فريدة، وأنا على يقين أنه لولا قبضة البابا شنودة وترهيبه لشاهدنا عشرات الآباء الكهنة المشحونين بالعواطف الوطنية الجياشة يشاركون ويزأرون وسط إخوتهم وأبنائهم المصريين، مثلما كان الزي الأزهري المحبب لقلوب المصريين حاضراً، بالرغم من تخاذل بيانات شيخ الأزهر والمؤسسة الدينية الرسمية. والواقع ان آلاف الأقباط مشاركون في التظاهرات، فليرسل البابا شنودة عيونه لترصد هذا المنظر البديع لتلاحم المصريين في ميادين القاهرة وباقي المدن المصرية. وليس غريباً أن البابا شنودة لم ينزعج، ولم يعلق حتى، على دماء أبناء الوطن التي سفكها نظام مبارك، كيف وهو أحد رموز النظام والمدافعين عنه باستماتة. والواقع أن وجود مبارك أفاد كل هؤلاء ومكن ووطد مكاسبهم، فقد أتاح نظام مبارك للبابا شنودة ما لم يُتح لبطريرك من قبله. فهو الآن نصف إله، يمارس سلطة تعلو عن المساءلة، ويرهب ويرغب، ويختار للناس الأساقفة الموالين له وليس لرعيتهم. جعل من الكنيسة نموذجاً مصغراً لنظام مبارك. بالطبع عصر الحرية القادم يخيف كل الطغاة الذين صنعهم النظام، ورعاهم، واستمد قوته من وجودهم. أكتب تحت انفعال مما يبثه التلفزيون المصري بوق النظام، الذي بدأ يستحث رموز النظام للظهور ثانية لسرقة الحلم من المصريين، واستعادة أماكنهم: بدأت الشرطة في الظهور، بدأ بعض رموز النظام يتحدثون، بدأ رؤساء المؤسسات الدينية يطلون برؤوسهم. ولكن جميعهم، مثلهم مثل قائدهم وملهمهم، لم يفهموا يوماً، ولم يستوعبوا الدرس، لا يعرفون سوى الظلام وتكميم الأفواه مناخاً لهم، ولا يتصورون لأنفسهم وجوداً وصلاحية بين المصريين الأحرار الذين انتفضوا ولن يتنازلوا أبداً عن حريتهم وكرامتهم المسلوبة. فليفكروا من الآن في تكتيكات جديدة لتبرير وجودهم. ولكن، للأسف، المؤسسة الدينية لديها أدوات وحلول جاهزة معلبة. يتحايلون ويحتالون بها على المصريين.
السفير