صفحات العالم

مـا زال فـي الهـلال

ساطع نور الدين
بانتظار ان يقول الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما كلمته الاولى حول لبنان وسوريا طبعا، والتي قد تتأخر بعض الشيء، سيظل الترقب سيد الموقف، وسيظل التنجيم هواية الجميع… وسيواصل اللبنانيون مزاولة رياضة الحوار الوطني اللبناني، من دون طائل.
لا احد يعرف حتى الآن كيف يمكن ان تأتي تلك الكلمة، او بالاحرى في اي سياق يمكن ان يأتي اوباما على ذكر لبنان، علما بأن الاشارات الاولى لا توحي بأنه سيندرج في مهمة المبعوث الاميركي الخاص اللبناني الاصل، جورج ميتشل، ولا تنبئ حتى بأنه سيكون احد هوامش الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، كما شاع في الآونة الاخيرة عندما كان قطاع غزة يحترق، وكانت الجبهة اللبنانية الداخلية والحدودية، هي الاشد اضطرابا بالمقارنة مع بقية الجبهات العربية والاسلامية.
ليس هناك دليل او مبرر للاعتقاد ان لبنان يمكن ان يكون بندا مستقلا قائما بذاته على جدول اعمال الرئيس الاميركي الجديد، او موفده جورج ميتشل. ثمة اكثر من برهان على انه سيظل جزءا من المسار السوري، الذي بات هو الآخر جزءا من الملف الايراني، اكثر مما هو طرف او شريك في الملف الفلسطيني، ولا سيما بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة، التي فككت او زعزعت الى حد ما ذلك المحور الذي كان يمتد من طهران الى دمشق الى بيروت، وصولا الى مدينة رفح الحدودية مع مصر.
ما زال لبنان يندمج في ذلك المحور الذي استهدفته الحرب الاخيرة، والذي لا تزال طهران تتولى قيادته. وعندما يكشف الرئيس الاميركي الجديد عن اوراقه تجاه ايران، سيتضح بلا شك الكثير من علامات الشك والغموض اللبنانية، والسورية ايضا. وهو حتى الآن يتريث في اعلان نياته الايرانية، ويحجم عن الافصاح عن اسم مبعوثه الخاص للملف الايراني، اي دنيس روس الذي تعهد ان يقدم خدمة اخيرة لاسرائيل من خلال العمل على وقف البرنامج النووي الايراني، بالدبلوماسية او بالقوة.
ثمة ثغرة اخرى في محاولة تحديد ملامح سياسة اوباما، هي العراق، الذي وعد في خطاب القسم بأن يخرج منه بطريقة مسؤولة ويتركه لشعبه، وهو ما يعني اساسا انه لا يريد لايران ان تسد الفراغ الذي يمكن ان يخلفه الانسحاب الاميركي من الاراضي العراقية… وان تتمكن من رسم »الهلال الشيعي« الذي لاح يوما في سماء المشرق العربي، وما زال يظهر بين الحين والآخر في سماء لبنان، اكثر من اي بلد آخر!
من هذه الزاوية، سيطل اوباما على لبنان عاجلا ام آجلا، وسيكتشف على الفور ان اللبنانيين جاهزون للحوار مثلما هم مستعدون للفتنة… لكنهم لا يحتملون الانتظار طويلا، حتى يفصح عما اذا كان يريد المضي قدما في جدول الاعمال الاخرق لسلفه جورج بوش، ام انه يود احياء وحدة المسارين اللبناني والسوري، من اجل ان يساهم في تشديد الحصار على ايران، وفي تبديد رؤية الهلال الآنف الذكر.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى