سورية ولبنان: رؤية مستقبلية
د. محمد عجلاني
بين دمشق وبيروت اكثر من نقطة حدودية، وبين دمشق وبيروت تداخل ديموغرافي وجغرافي نادرا ما نراه بين دولتين عربيتين. ومن ينظر الي خريطة البلدين يلاحظ هذا التلاقي عبر البر والبحر.
لكن المشكلة الحقيقية بين زعماء الدولتين انهم تناسوا هذا التداخل الكبير الجغرافي وتركوا الجغرافيا الاقتصادية ليركزوا علي قضايا الايديولوجيا والدين والانتماء والنزاع الاسرائيلي العربي، وهذا الأخير ملف مهم ولكن يجب ان لا ينسينا ان هناك اوجها للتعاون بعد عودة الهدوء وعودة العلاقات الي طبيعتها بين البلدين، ومن بين هذه الأوجه:
1ـ التجارة وتبادل السلع. فسورية تستطيع ان تستورد وتورد الي لبنان، وفيها سلع رخيصة مرغوبة بشدة لدي اللبنانيين، وبإمكان السوريين واللبنانيين انشاء مناطق حرة للتبادل التجاري من سلع ومواد.
2ـ انشاء طرق سير برية مشتركة وتنشيط حركة النقل سواء عبر الطرق البرية او عبر موانئ البلدين واستغلالها احسن استغلال، كذلك يجب ان لا ننسي ان هناك حقولا وميادين سياحية يجب تنشيطها وفتح المجال لأكبر عدد ممكن من السياح الأجانب لزيارة البلدين عبر خط سياحي مشترك.
3ـ انشاء آلية معرفية لضبط حركة الاموال بين البلدين، وتحسين آلية التــــــبادل المالي، من فتح حسابات واعتـــمادات وبطاقات ماليـــــة مصرفية، ومكافحة تبييض وغسل الأموال وكذلك تهريبها.
4ـ انشاء هيئات مشتركة لمكافحة التلوث علي السواحل اللبنانية ـ السورية ورصد الامكانيات اللازمة لتمكينها من القيام بعملها علي اكمل وجه، وانشاء آليات رصد ومراقبة عبر حدود الملاحة البحرية بين البلدين.
5ـ تشجيع التبادل الثقافي والفكري وارسال وفود جامعية خاصة الي المناطق المسيحية وذلك من اجل ارساء تقارب فكري ثقافي حضاري بين نخب البلدين.
6ـ يجب ارساء الثقة والمصداقية بين الطرفين وخاصة ان هناك توجسات ومخاوف لدي بعض اللبنانيين من ان سورية ترغب بالسيطرة علي بلادهم وجعلها ملحقاً من ملاحق دمشق. وهذا لا يأتي الا عبر الحوار والتعاون الفكري والثقافي القادرين علي تبديد مثل هذه الهواجس.
7ـ يجب ان تقيم دمشق بعثة ديبلوماسية معتبرة في بيروت تستطيع ان ترصد حركة الرأي العام ونبرة الصحافة، وصوت الاذاعة، وضجيج الاحزاب السياسية، وان يكون لهذه البعثة رؤية ونظرة استراتيجية لهذه العلاقة.
8ـ يجب ان تظهر سورية بمظهر الصديق لكل اللبنانيين، من فئات وطوائف، وان لا تكون هناك مراعاة لطرف او فئة علي حساب اطراف اخري، فلا يشعر اي طرف لبناني ان هناك محاباة سورية لأطراف اخري علي حسابه.
9ـ جعل التعاون الأمني بين البلدين، تعاونا مؤسساتيا ضمن احترام سيادة كل دولة، يتضمن تبادل المعلومات الخاصة بأمن البلدين ولمصلحة البلدين ضمن اطار مؤسساتي مرسخ ومتقدم تقنيا وعلميا.
10ـ دعوة الأحزاب اللبنانية لزيارة دمشق للحوار ولتبادل الأفكار بدون ان يكون هناك ضغوطات عليها وبدون ان تشعر بوجود علاقات دونية تمارس فيها دمشق دور المعلم والمرشد عليها.
11ـ فصل العلاقة السورية ـ اللبنانية عن العلاقة الفرنسية ـ السورية، او الفرنسية ـ اللبنانية، وايجاد آلية تدخل سورية ـ لبنانية لحل المشاكل بينهما بدون تدخل جهات اخري.
12ـ الاستفادة من تجارب الماضي وجعل الكلمة الأخيرة في هذه العلاقة للاقتصاد وللتجارة وللفكر وللثقافة وعدم النظر الي لبنان من منظار امني بحت.
رئيس مركز دراسات الحياة السياسية السورية في باريس
القدس العربي