صفحات العالم

المثلث الاستراتيجي: نصف عودة للروح

سعد محيو
هل بُثّت الروح مجدداً في المثلث الاستراتيجي السعودي  المصري  السوري، الذي حكم المنطقة العربية طيلة نيف و30 سنة؟ وإذا ما كان الأمر كذلك، فعلى أي أساس؟
البيان الختامي للقمة العربية الرباعية في الرياض رد بالإيجاب، وإن نسبياً وبحذر، على الشطر الأول من السؤال، حين قال إن القادة الأربعة “يعتبرون أن اجتماعهم بداية لمرحلة جديدة في العلاقات، تسعى فيها الدول الأربع إلى خدمة القضايا العربية بالتعاون في ما بينها، والعمل الجاد والمتواصل لما فيه خير الدول العربية، والاتفاق على منهج موحد للسياسات العربية في مواجهة القضايا الأساسية التي تواجه الأمة العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية”.
فالتعاون والتنسيق بين الدول الثلاث ل “خدمة القضايا العربية” كان هو حجر الأساس الذي أقيم فوقه صرح المثلث الاستراتيجي منذ العام 1970 إلى حين تفككه وتضعضعه العام 2005 مع اغتيال رفيق الحريري. والاتفاق على “منهج واحد” لمواجهة الأزمات، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، يصب في هذا الاتجاه نفسه.
بيد أن بيان الرياض لم يجب عن الشطر الثاني من السؤال، أي أسس إحياء المثلث، إما لأنه لم يُحسم نهائياً في المحادثات الثنائية والثلاثية التي جرت في مطار قاعدة الرياض الجوية (الرئيس الأسد تحدث عن وضع آلية لحل الخلافات)، أو لأنه تقرر إبقاؤه سرياً إلى أن يتم اختبار ما تم الاتفاق عليه.
بيد أنه لن يكون من الصعب التكهن بطبيعة هذه الأسس، لأنها تتمحور في معظمها تقريباً حول الدور الإقليمي السوري، خاصة في مجال العلاقة مع إيران. وهنا الأرجح أنه تم الاتفاق على الصيغة التالية: تتوقف الدول العربية “المعتدلة” عن مطالبة دمشق بقطع علاقاتها الاستراتيجية مع إيران، في مقابل قيام الأولى بتغيير طبيعة علاقاتها مع هذه الأخيرة من مبدأ التحالف إلى صيغة الوساطة بينها وبين الدول العربية.
وهذا يعني عودة سوريا إلى لعب دور مارسته منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية العام 1979وحتى العام ،2003 وهو أن تكون سفيرة المثلث الاستراتيجي إلى طهران، لا أن تكون جزءاً من الاصطفافات والاستقطابات الاستراتيجية الحادة في الشرق الأوسط.
هذا التوجه يحظى على ما يبدو بتصفيق واشنطن، التي ربما تحتاج هي الأخرى إلى دور سوري “مغاير” في خضم محادثاتها الوشيكة مع إيران.
لكن، هل ستتمكن هذه الصيغة من الإقلاع؟
ثمة ممران إجباريان لها: فلسطين ولبنان، اللتان حصلت فيهما طهران على نفوذ كبير خلال السنوات الأخيرة عبر البوابة السورية. فإذا ما تم اجتياز هذين الممرين بنجاح، ستكون طائرة المثلث الاستراتيجي قد أقلعت بنجاح. أما إذا مافشلت، فستكون ثمة حاجة إلى جولة أخرى من جولات الأخذ والعطاء في قاعدة الرياض الجوية.
وهذا ما عبّر عنه دبلوماسي عربي بارز في الرياض نقلت عنه “فاينانشال تايمز” قوله: “قمة الرياض كانت بداية إيجابية، لكننا لم نصل إلى خط النهاية بعد. فهذا يجب أن ينتظر بعض الإجابات السورية”.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى