صفحات مختارة

فؤاد عجمي مندداً بالنافخين في نار التطرّف: من نصبكم سفراء للإسلام؟

سمر عبد الملك
لقراءة المقال في صحيفة “وول ستريت جورنال” اضغط هنا
قد لا تكون العلاقة بين الغرب والإسلام في أبهى صورها، لكنَّ الأكيد أيضاً أنَّها لا تقوم فوق برميل بارود سوف ينفجر غداً، مثلما يتعمَّد بعض دعاة التطرّف تصوير هذه العلاقة كي يسوِّغوا تنصيب أنفسهم جسراً وحيداً للتواصل بين الغرب والمسلمين. ويستند الدكتور فؤاد عجمي في مقالة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال صباح أمس إلى نتائج استفتاءين أجرتهما إيلاف، ليدحض ادعاءات أولئك الذين يبالغون في تصوير الإسلام فزَّاعة، كي ينصِّبوا أنفسهم منقذين.
شكَّلت الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الأميركيَّة، وفي طليعتها الدعوة إلى بناء مسجد في منطقة غراوند زيرو، والتي قابلتها دعوة القسّ المتطرِّف تيري جونز إلى إحراق نسخ من القرآن، فرصة مؤاتية للمصطادين في الماء العكر كي يعمّقوا سوء الفهم المتبادل ويوسّعوا الهوَّة بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي، ويذرّوا الرماد في عيون الأميركيين والمسلمين على حد سواء. فقد واصل هؤلاء، بالدأب إيَّاه، تصوير المسلمين على أنَّهم فزَّاعة، وبطريقة لا تخدم سوى مصالحهم الشخصيَّة الضيِّقة.
مصوِّباً سهامه إلى فئة النافخين في النار هؤلاء، يعرِّي الدكتور فؤاد عجمي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جون هوبكنز للأبحاث الدوليَّة والباحث في معهد هوفر في جامعة ستارنفورد، مقولاتهم ويكشف التضليل المتعمَّد الذي تحفل به مزاعمهم. وهو يخلص في مقالته إلى أنَّ أوجه التشابه ما بين أميركا والعالم الإسلامي أكثر بكثير من عوامل الفرقة والتباعد، وأنَّ كلا الأميركيين والمسلمين إنَّما يسقطون ضحية عدو واحد هو التطرّف.
يدحض عجمي صحَّة المزاعم التي تقول إنَّ بناء مركز ثقافيّ إسلامي ومسجد في الموقع ذاته الذي شهد اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) هي “مسألة تتعلَّق بالأمن القوميّ الأميركيّ”، على ما ذهب في التأكيد عليه إمام مسجد نيويورك فيصل عبد الرؤوف، الذي زار دول الخليج العربيّ أخيراً في إطار جولة موَّلتها ورعتها وزارة الخارجيّة الأميركيّة، ليعود إلى بلاد العم سام محمَّلاً بالتهديد وبالوعيد، مصادقاً على المزاعم التي تقول إنَّ إلغاء بناء المسجد في تلك البقعة إنَّما يضع “حياة جنودنا وسفاراتنا ومواطنينا تحت مرمى النيران في العالم الإسلاميّ”. وينقضّ عجمي بسطوره اللاذعة على كلّ من نصبّوا أنفسهم جسراً زائفاً للتواصل ما بين أميركا والعالمين العربيّ والإسلاميّ، ولا يتردَّد في وصفهم بأنَّهم شاهد زور على صدق المشاعر التي تعتمل في صدور المسلمين في ديارهم.
للمصادقة على صحَّة استنتاجاته تلك، يستند عجمي إلى نتائج استفتاءين متتاليين أجرتهما إيلاف في الأسابيع القليلة الماضية. فالصحيفة الإلكترونيَّة “الأكثر مصداقيَّة واحتراماً في العالم العربيّ” على ما يصفها عجمي في مقالته، سألت قرّاءها في الأسبوع الأخير من شهر آب (أغسطس) عمَّا إذا كانوا يؤيِّدون قرار بناء مسجد في البقعة ذاتها التي شهدت اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001.
جاءت نتيجة الاستفتاء حافلة بالدلالات في نظر عجمي. فقد عبَّرت أغلبيَّة 58 بالمئة من القرَّاء عن رفضها الفكرة المجنونة التي تقضي بتشييد مجمع إسلامي ضخم يضم مسجدًا ومركزًا إسلاميّا على بعد شارعين فقط من موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين سوّتهما بالأرض هجمات قادها 19 متطرفاً مسلماً قبل تسعة أعوام، في اعتداء أسقط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل مدنيّ في صفوف الأميركيِّين، بينهم بضع مئات من المسلمين. ويستنتج عجمي من هذا الرفض الأكثري أنَّ الغالبيَّة من العرب والمسلمين تحرص على مراعاة مشاعر الأميركيين وتتفهّم مشاعرهم القوميَّة التي مسَّها إرهاب مجنون ومقيت حدث باسم المسلمين، لكنَّه لا يمثِّلهم البتَّة، مثلما لا يعبِّر بأيّ حال من الأحوال عمّا يعتمل في صدورهم تجاه الغربيّين عموماً، والأميركيِّين خصوصاً.
في قراءته هذه النتيجة، لا يفوت عجمي أن يندِّد بأولئك الذين يشوِّهون الحقائق ويقطعون جسور التواصل بين أميركا والعالمين الإسلامي والعربي. ويقوم هؤلاء بذلك إعلاء لمصالحهم الخاصَّة على مصلحة مئات ملايين المسلمين والأميركيِّين على حد سواء، وبالشكل الذي لا يخدم الصالح العام الذي يدعون إنَّهم يحاولون تحقيقه. إنَّ كلّ ما يشغل هؤلاء هو خدمة أغراضهم ومصالحهم الضيقة، والمتمثّلة حصراً بصون وحفظ مكانتهم “المرموقة”، والتي ستزول من تلقائها متى كانت كلّ جسور التفاهم قائمة بين المسلمين والغرب. وبغية تنصيب أنفسهم جسراً وحيداً للتواصل، يعمدون إلى تضخيم أيّ خلاف في وجهات النظر ما بين الشعوب العربية والمسلمة والمجتمع الأميركي، ويضعونه في إطار يجافي الواقع، عبر تصويره على أنَّه يمسّ “الأمن القومي الأميركي”، وهي عبارة ذات مفعول سحريّ يبرّر للأئمة استمراريتهم كسفراء للمبادرات الحسنة، في وقت تدغدغ مشاعر نظرائهم المتطرِّفين على المقلب الأميركيّ.
ويلاحظ عجمي أنَّ النتائج التي خلص إليها استفتاء إيلاف والتي تعبِّر عن الرأي العام العربيّ والمسلم تتناقض على نحو صارخ مع كلّ ما يحاول ترويجه أولئك الأئمة الذين يصفهم بأنَّهم “شهود زور على مشاعر المسلمين”. وبعد أن يذكِّر بجولة الإمام عبد الرؤوف التي حظيت بدعم وتمويل أميركيّ، لا يفوته أن يصرخ بصوت عال: “دعكم من محاولة الربط بين مشروع بناء المسجد والأمن القومي الأميركيّ، فمن عيَّن نفسه بنفسه جسراً بين أميركا والعالمين العربي والإسلامي ليس أكثر من شاهد زور على المشاعر التي تعتمل في صدر المسلمين”.
يعود عجمي في مقاله في وول ستريت جورنال مرَّة ثانية إلى “إيلاف”، وبالتحديد إلى نتائج استفتاء آخر أجرته الصحيفة الإلكترونيَّة في الأسبوع الماضي وسألت فيها قرّاءها، بعد تهديد القس تيري جونز بحرق نسخ من القرآن وما أعقبه من تنديد رسميّ وشعبيّ أميركيّ، عمَّا إذا كانوا يعتبرون المجتمع الأميركيّ “متسامحاً” أو “متعصباً”. وخلص الاستفتاء الذي نشرت نتائجه يوم أمس إلى أنّ غالبيّة معبِّرة من القراء، وبنسبة تصل إلى 62 بالمئة، تعتبر المجتمع الأميركي متسامحاً ويمتاز بتعدديَّة الرأي فيه، مقابل قلَّة لا تزيد عن 38 بالمئة ترى فيه مجتمعاً متعصبًا. ويرى عجمي أنَّ هذه النتيجة “مفاجئة” كما يصفها، خصوصًا أنّ الأرض لطالما بدت خلال العقود الثلاثة الماضية وكأنّها تشتعل تطرفاً وحقداً وغضباً على كلّ ما هو غربيّ وأميركي في العالمين العربيّ والاسلاميّ. وخلال الفترة المذكورة، كانت مجموعة الواعظين الماكرين وأتباعهم تواصل على حدّ تعبيره عسكرة الدين، وسحق كل ما حاول التحديثيون بناءه على الرغم من المصاعب الكبيرة التي كانت تواجههم.
لقد تفنَّن أولئك الذين “نصَّبوا أنفسهم أئمة” في تأجيج مشاعر الغضب على مرَّ السنوات الماضية، وتوسيع الهوَّة القائمة بين عالمين غربيّ وإسلاميّ، وخطّوا تاريخاً مدمَّراً جعل تواصل العرب والمسلمين مع العالم الحديث أمراً أكثر صعوبة، إن لم يكن متعذراً ومستحيلاً. وتكمن المشكلة في أنَّ هذا التاريخ المشوَّه بات المنبع الذي ترتوي منه أعداد لا تحصى أو تعدّ من المسلمين والعرب، ممن باتوا مجبرين على الارتواء من آبار فكريَّة سمَّمها ذوو القربى، لا الآخر.
يذكِّر عجمي بالعنصر الأساس الذي أشعل نار الجدل حول بناء المسجد. فهو يلفت إلى أنّ منبع إصرار الإمام عبد الرؤوف على بنائه في غراوند زيرو مردّه عدم الرغبة في ترك تلك البقعة من الأرض خالية، خصوصاً أنَّ ثمّة ناديًا للتعري ومكتبا للمراهنات قريبان منها. يقول: “قد يكون ذلك صحيحاً، لكنّه لا يمت إلى الحقيقة بصلة. إنَّ ما يتصل بشكل مباشر بالجدل المثار حول بناء المسجد هو أنّ حادثة رهيبة وقعت في تلك الرقعة قبل تسع سنوات، عندما حمل 19 عربياً مسلماً الموت والدمار إلى الأرض الأميركيَّة. والتعقل في التعامل مع تداعيات تلك الواقعة هو ما يجب أن يحظى بالاحترام، خصوصاً أنّ الاسلام لم يرتكب هذه الجرائم، بل ارتكبها عرب ومسلمون أفراد”. ولعلّ التعقّل بالذات هو ما دفع غالبيَّة من قرَّاء “إيلاف” إلى معارضة بناء المسجد في مكانه المقترح، ليس كرهاً بإضافة مسجد جديد إلى مساجد المسلمين، بل إعلاءً لصوت العقل حتى على صوت المئذنة، وهو أمر يستحقّ الانحناء له احتراماً.
لكنَّ مثل هذه الدعوة الى الاعتدال لا تحظى باهتمام ناشطين وخطباء مساجد مسلمين في أميركا كما في غيرها من بلدان العالم، ممن يتسقطون أصغر التجاوزات بأعين لا يغمض لها جفن، ويقومون بتضخيمها إلى حد جعلها تطغى على أيّ صورة أخرى للإسلام والمسلمين، خدمة لأغراضهم الخاصَّة.
ردود فعل المسلمين أكثر إساءة للإسلام
أحمد أبو مطر
لتدعيم الحجج التي يسوقها، يعود عجمي مرّة ثالثة إلى “إيلاف”، وبالتحديد إلى مقالة الكاتب أحمد أبو مطر، التي نشرها في الصحيفة يوم الثالث عشر من أيلول (سبتمبر) بعنوان “ردود فعل المسلمين أكثر إساءة للإسلام”. يعجب أبو مطر في المقالة المذكورة من أنّ “غالبيّة العرب والمسلمين يغضبون ويهيجون لتهديد بحرق القرآن ورسوم ضد الرسول، ويسكتون على كافة ما يجري في بلادهم وهو أشد ضرراً وإساءة لسمعة الرسول والإسلام”. ويضيف أبو مطر متسائلاً: “هل يرضى الرسول عن الفساد الذي يعيشه العرب والمسلمون؟ هل يرضى عن الاستبداد والمستبدين والديكتاتوريين الذين يحكموننا من المهد إلى اللحد؟ هل يرضى عن السجون والمعتقلات في بلادنا التي هي أكثر من الجامعات والمستشفيات؟ هل يرضى عن هذا التخلف الذي يجعلنا عالة على الأمم الأخرى؟”.
في المقابل، لا يؤمن عجمي بأنَّ بوسع أسلحة بطل مفعولها أن تكسب الإسلام أو المسلمين نصراً في معركة انتزاع موقع متقدِّم على خارطة الحداثة. وبالحدَّة نفسها التي ينقضُّ بها على مزاعم المتطرِّفين، ينقضُّ أيضاً على مقولات ثبت أنَّها عقيمة وغير ذات جدوى أو صلة بالنقاش. فهو مثلاً لا يرى نفعاً يرتجى من ترداد المعزوفة القائلة إنّ الاسلام دين سلام. وبرأيه، تلك معزوفة كاذبة، لأنَّ الإسلام ببساطة، مثله مثل سائر الأديان، لاهوتي الجذور. إنَّه دين حرب ودين سلام في آن. وهو في زمننا دين مأزوم، يتقاتل على استلابه كلّ من حوله، وتختطفه أحيانًا فرق لتحارب من خلاله وبه العالم الحديث.
تزخر مكتبة عجمي بمؤلفات من بينها “قصر الأحلام لدى العرب” الصادر في العام 1998، و”بيروت: مدينة الندم” (1988) و”المأزق العربي” و”الإمام المغيّب: موسى الصدر وشيعة لبنان” (1986)، الذي حاز عنه تنويه “نيويورك تايمز”، بعدما وصفته الصحيفة بأنَّه من أبرز الكتب الصادرة في القرن العشرين.
ينطلق عجمي من ذلك ليروي حكاية الإسلام في أميركا، وليستمدّ منها عبرة. فالإسلام في هذه الأرض حديث العهد. ولسبب مماثل، وبالنظر إلى خصوصيَّة الأمَّة الأميركيَّة، يستحيل أن يصبح هذا البلد إسلامياً. لقد تنبَّهت إلى هذا الواقع أوائل الجماعات المهاجرة إلى أميركا، والتي سرعان ما أدركت ضرورة التسلّح بالتعقل والصبر إذا كانت ترغب في نسج علاقة وثيقة مع نسيج اجتماعي غالب الفرادة والتعقيد. يقول عجمي: “لم يأتِ اندماج الكاثوليك واليهود في المجتمع الأميركي نتيجة للعداء، إنَّما كمحصلة لصخب الحياة اليوميّة التي لعبت دوراً أساسياً في صهر الجماعات الأميركية المتنوعة في بوتقة واحدة”. وفي النهاية، اكتسحت هموم العيش اليوميّ الحواجز الدينية والعرقية التي حملتها كل من تلك الجماعات المتنوعة إلى الأرض الأميركيَّة. لماذا قد ينجح الإسلام إذاً، وهو آخر الوافدين إلى بلاد العمّ سام، حيث أخفق الآخرون؟
تعود أولى طلائع الهجرة العربيَّة إلى أميركا إلى المرحلة الممتدَّة بين عامي 1880 و1920. لكنَّ خليط الوافدين في تلك السنوات كان يطغى عليه المسيحيون من لبنان خصوصاً، ممن لجأوا إلى بلاد العم سام هرباً من الفقر وجور العثمانيِّين. وانقطع سيل الوافدين إبَّان أزمة الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن العشرين، والتي أعقبتها الحرب العالمية الثانية. إلا أنَّ الوضع عاد ليتغيَّر بشكل جذري في الخمسينات والستينات من القرن المذكور. يقول عجمي: “لقد دقت حينها ساعة الإسلام في أميركا”. ويضيف: “يروي الإمام فيصل عبد الرؤوف أنّه توجّه الى أميركا شابًا في العام 1965، ضمن دفعة واسعة من المهاجرين الذين أحدثوا تغييرا جذرياً في الهوية الأميركيّة وصولا الى التسعينات، وهي الحقبة التي تتسم بالتعددية الثقافية. إنَّها فترة أسماها أرثر شليسنغر مرحلة تفكيك وحدة أميركا”.
بات يمكن انطلاقاً من تلك الفترة برأي عجمي أن نقول وداعًا لأولى العائلات العربية المهاجرة إلى اميركا، وأهلا بالمجموعات الجديدة التي أصرت على ضرورة إجراء مراجعة شاملة للمبادئ الأميركيّة. ففي تلك المرحلة بالذات، انفصلت الليبراليَّة عن الوطنيّة، وتبنى من يسمون أنفسهم ناشطين نزعة متطرفة فاجأت الجميع، وشكلت صدمة لمن هاجروا قبلهم إلى الولايات المتحدة.
لقد ولد مشروع مسجد غراوند زيرو من رحم تاريخ مماثل. وإذا كان المسلمون على مفترق طرق الآن، لا يبخل عجمي في أن يتخذ من واقعة ذات دلالة في التاريخ الإسلامي مدخلاً كي يدلّهم على الطريق الذي يجدر بهم أن يسيروا فوقه. ففي العام 638 ميلاديَّة، قيِّض للخليفة عمر، ثاني الخلفاء الراشدين وأقربهم إلى قلوب المسلمين بسبب الفتوحات الكبيرة والواسعة التي شهدها عصره، أن يدخل بيت المقدس فاتحاً. وخلال مراسم تسلّم مفاتيح المدينة ومقاليدها، حان وقت الصلاة، فرفض عمر أن ينزل عند عرض البطريرك صوفرونيوس بأن يصلي في داخل الكنيسة، خشية أن تتحوَّل صلاته في المكان سابقة، ويطالب المسلمون من بعده بتحويل الكنيسة إلى مسجد، واختار مكاناً قريباً لأداء صلاته.
بعد 1400 عام، بات ينبغي على المسلمين، ومنهم إمام مسجد نيويورك، أن يصبحوا أكثر تديناً، وأن يقتدوا بعمر!
ايلاف

Islam’s Encounters With America
By FOUAD AJAMI
* The Wall Street Journal
* SEPTEMBER 20, 2010
From his recent travels to the Persian Gulf—sponsored and paid for by the State Department—Imam Faisal Abdul Rauf returned with a none-too-subtle threat. His project, the Ground Zero Mosque, would have to go on. Its cancellation would risk putting “our soldiers, our troops, our embassies and citizens under attack in the Muslim world.”
The truth is that the trajectory of Islam in America (and Europe for that matter) is at variance with the play of things in Islam’s main habitat. A survey by Elaph, the most respected electronic daily in the Arab world, gave a decided edge to those who objected to the building of this mosque—58% saw it as a project of folly.
Elaph was at it again in the aftermath of Pastor Terry Jones’s threat to burn copies of the Quran: It queried its readers as to whether America was a “tolerant” or a “bigoted” society. The split was 63% to 37% in favor of those who accepted the good faith and pluralism of this country.
This is remarkable. The ground burned in the Arab-Islamic world over the last three decades. Sly preachers and their foot soldiers “weaponized” the faith and all but devoured what modernists had tried to build in the face of difficult odds. The fury has not burned out. Self-styled imams continue to issue fatwas that have made it all but impossible for Arabs and Muslims to partake of the modern world. But from this ruinous history, there has settled upon countless Muslims and Arabs the recognition that the wells are poisoned in their midst, that the faith has to be reined in or that the faith will kill, and that the economic and cultural prospects of modern Islam hang in the balance.
To this kind of sobriety, Muslim activists and preachers in the diaspora—in Patterson, N.J., and Minneapolis, in Copenhagen and Amsterdam—appear to be largely indifferent. They are forever on the look-out for the smallest slight.
Islam in America is of recent vintage. This country can’t be “Islamic.” Its foundations are deep in the Puritan religious tradition. The waves of immigrants who came to these shores understood the need for discretion, and for patience.
It wasn’t belligerence that carried the Catholics and the Jews into the great American mainstream. It was the swarm of daily life—the grocery store, the assembly line, the garment industry, the public schools, and the big wars that knit the American communities together—and tore down the religious and ethnic barriers.
There is no gain to be had, no hearts and minds to be won, in Imam Rauf insisting that Ground Zero can’t be hallowed ground because there is a strip joint and an off-track betting office nearby. This may be true, but it is irrelevant.
A terrible deed took place on that ground nine years ago. Nineteen young Arabs brought death and ruin onto American soil, and discretion has a place of pride in the way the aftermath is handled. “Islam” didn’t commit these crimes, but young Arabs and Muslims did.
There is no use for the incantation that Islam is a religion of peace. The incantation is false; Islam, like other religions, is theologically a religion of war and a religion of peace. In our time, it is a religion in distress, fought over, hijacked at times, by a militant breed at war with the modern world.
Again, from Elaph, here are the thoughts of an Arab writer, Ahmed Abu Mattar, who sees through the militancy of the religious radicals. He dismisses outright the anger over the “foolish and deranged” Pastor Terry Jones who threatened to burn copies of the Quran. “Where is the anger in the face of dictatorships which dominate the lives of Arabs from the cradle to the grave? Would the Prophet Muhammad look with favor on the prisons in our midst which outnumber the universities and hospitals? Would he take comfort in the rate of illiteracy among the Arabs which exceeds 60%? Would he be satisfied with the backwardness that renders us a burden on other nations?”
The first Arabs who came to America arrived during the time of the Great Migration (1880-1920). Their story is told by Gregory Orfalea in his book, “The Arab Americans: A History” (2006). The pioneers were mostly Christians on the run from the hunger and the privations of a dying Ottoman empire. One such pioneer who fled Lebanon for America said he wanted to leave his homeland and “go to the land of justice.” Ellis Island was fondly named bayt al-hurriya (the house of freedom). It was New York, in the larger neighborhood of Wall Street, that was the first home of the immigrants.
Restrictive quotas and the Great Depression reduced the migration to a trickle. This would change drastically in the 1950s and ’60s. The time of Islam in America had begun.
It was in 1965, Imam Faisal Abdul Rauf tells us, that he made his way to America as a young man. He and a vast migration would be here as American identity would undergo a drastic metamorphosis.
The prudence of days past was now a distant memory. These activists who came in the 1990s—the time of multiculturalism and of what the late Arthur Schlesinger Jr. called the “disuniting of America”—would insist on a full-scale revision of the American creed. American liberalism had broken with American patriotism, and the self-styled activists would give themselves over to a militancy that would have shocked their forerunners. It is out of that larger history that this project at Ground Zero is born.
There is a great Arab and Islamic tale. It happened in the early years of Islam, but it speaks to this controversy. It took place in A.D. 638, the time of Islam’s triumphs.
The second successor to the Prophet, the Caliph Omar—to orthodox Muslims the most revered of the four Guided Caliphs for the great conquests that took place during his reign—had come to Jerusalem to accept the city’s surrender. Patriarch Sophronius, the city’s chief magistrate, is by his side for the ceremony of surrender. Prayer time comes for Omar while the patriarch is showing him the Church of the Holy Sepulchre.
The conqueror asks where he could spread out his prayer rug. Sophronius tells him that he could stay where he was. Omar refuses, because his followers, he said, might then claim for Islam the holy shrine of the Christians. Omar stepped outside for his prayer.
We don’t always assert all the “rights” that we can get away with. The faith is honored when the faith bends to necessity and discretion.
Mr. Ajami is a professor at the Johns Hopkins School of Advanced International Studies and a senior fellow at the Hoover Institution.
Copyright 2009 Dow Jones & Company, Inc. All Rights Reserved
This copy is for your personal, non-commercial use only. Distribution and use of this material are governed by our Subscriber Agreement and by copyright law. For non-personal use or to order multiple copies, please contact Dow Jones Reprints at 1-800-843-0008 or visit

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى