لن يصافح ساركوزي من لا يعترف باسرائيل
ندى الخش
انه حق لا ينكره عليه أحد، وكذلك من حق الآخرين أن يكون لهم موقف الضد إذا كان يرى أن الحق والحقيقة تصب به… ومن حق الجرائد الدانماركية أن تعيد نشر ما تراه صالحاً لتطوير مجتمعها والعالم أجمع، و يبدو أنها الآن لا ترى أفضل من موضوع استثارة العالم الاسلامي واستفزازه وتحديه مقابل سيادة منطق الحوار الحضاري والانساني والذي يعترف بثقافة وحضارة كل من يقطن سطح الكرة الأرضية.
هل نعيش في زمن اللامعقول على مستوى العالم؟؟
فنظرة موضوعية الى الشريط الإخباري في قناة الجزيرة الفضائية دلالة كبيرة على اللامعقول في العالم، لكن هناك مستويات في هذا العالم الخارجي، فمجتمعات العالم الغربي تجاوزت مشكلات الوجود في أوطانها ..إنهم مواطنون ولهم الحق كل الحق في تقرير توجهات وسياسات حياتهم داخل اوطانهم وخارجها، قد يخفق فريق، وقد تختل مفاهيم الديمقراطية، إلا أنهم نجحوا في فرض وسائل وأدوات لإدارة الاختلافات بينهم. فهناك برلمانات وسلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، وهناك اختصاصات حين يحصل تجاوز أحدها على الآخر وتظل هناك إمكانية تبيان هذا التجاوز وحدوده، هناك حيوية في أدوات الديمقراطية لنصر مفهوم الحرية كي تكون الحرية أولاً و الحرية أخيراً .. في حين أن مجتمعات القسم الآخر من الكرة الارضية ومنها مجتمعنا العربي و أخص الساحة السورية التي أنتمي لها قد دخلنا نوم أهل الكهف بما يخص مفاهيم الحرية والديمقراطية، وكأن هذه المفاهيم تدخل بمضمون المشروع الأمريكي الصهيوني و نخاف الاقتراب منها بحجة الأولويات، ومن أهمها مقاومة هذا المشروع.
وفي مضمون وكيفية مقاومة المشاريع الخارجية وأهمها المشروع الأمريكي الصهيوني تحدث الاختلافات والخلافات، والتي تصل الى حد الافتراق بين أهل الرأي، ومما يزيد في حدة هذه الاختلافات غياب المناخ الصحي الحر لمناقشة كل هذه الآراء دون أن يكون الجهد الأعظم المبذول هو كيفية الحوار دون المساءلة الأمنية، والتي قد تصل حد التوقيف بحجة الاعداد لتنظيم سري يليها سلسلة من الادعاءات باستغلال ظروف خارجية ضاغطة على سوريا و بالتالي دائماً “توقيت غير مناسب” و”نيل من هيبة الدولة” و”إضعاف الشعور القومي” و “إثارة النعرات الطائفية” وغيرها الكثير من الإتهامات الجاهزة لعرقلة تطور أي حوار أو حراك يتعلق بمضمون حق المواطن السوري في تبيان رأيه بما يحصل في وطنه، وصولاً الى وضع يسمح له بالمشاركة في القرارات التي ترسم سياسة البلد خارجياً وداخلياً.
إن تفاقم الأزمات في المجتمع العربي وغياب مفهوم الأمن القومي وسيادة التنسيق الأمني ما بين النظم العربية حول تطوير تدجين الشعب العربي تستدعي ضرورة إستيعاب المعارضة العربية الآن، والتي لا تعدو كونها قوى مقاومة في مواقع متعددة هدفها الحد من الاجتياح الكامل من قبل نخب السلطة الفاسدة للمجتمع بعد السيطرة على موارده المادية والمعنوية بشكل كامل، في سبيل الوصول الى مفهوم المعارضة التي لها وظيفة سياسية تستجيب بها لحاجة جوهرية وبنيوية في النظام كما حلل و بحث في هذا الموضوع أستاذنا برهان غليون…
هذا زمن اللامعقول، من تصريحات ساركوزي إلى الجرائد الدانمراكية التي لم يعد لها هم حضاري تنشغل به بعيداً عن الحقد والكراهية وأفكار العداء التي إن دلت على شيء فهو دلالة سيطرة العقل المتوحش لدى البشر.
ومن التناقضات الحادة ما بين التصريحات النارية لفريق 14 آذار في لبنان ومظهر تشييع الشهيد (عماد مغنية) …فكلا المشهدين يشير إلى غياب المشروع النهضوي العربي وإلى خطر المشاريع الخارجية التي تهدد وطننا وتبدو واضحة المعالم في لبنان والعراق، إن من حيث الأدوات والوسائل أو من حيث التوجهات والرؤيا البعيدة، وفي متابعة هذه المشاهد وقراءة خلفياتها نكتشف خطورة تهميش المجتمع العربي، إذ أنه رغم الزلزال الذي حدث باحتلال أمريكا للعراق والمجازرالوحشية اليومية التي تمارس على الشعب العربي الفلسطيني فإن ردة فعل هذا المجتمع لا تتعدى الدموع السخية التي يذرفها أثناء متابعة هذه المشاهد على التلفاز، ولبنان وحده من يعبر أو لا يزال قادراً على التعبير وهذا بحد ذاته كاف للتأكيد على ضرورة مناخ الحرية الذي أتاح وحده إنتاج ظاهرة المقاومة الوطنية اللبنانية والتي تحولت ولظروف إقليمية وداخلية إلى المقاومة الاسلامية متمثلة بحزب الله، لذلك فقد آن الأوآن لدراسة مناخ وظروف ولادة هذه المقاومة بدل ان نغرق في المعارك الدائرة حول الدفاع عن مشروع المقاومة أو مشروع الدولة فيصبح الحوار أشبه بحوار الطرشان، لا طعم له و لا لون.
إذاً و كنتيجة فمن الضروري والمفيد دراسة لماذا أنتج لبنان دون غيره هذه الظاهرة المميزة!!!! وبعدئذ نحاول بالحوار ترتيب أولويات عمل المعارضة العربية كي تضمن لنفسها دوراً وموقعاً ومكاناً ووظيفةً واضحةً تجعلها جزءاً مكملاً للنظام ومتفاعلاً معه و ليس مضاداً للنظام ومتصادماً معه.
خاص – صفحات سورية –