جورج كتن

-2006 ربيع دمشق-

جورج كتن

خاص – صفحات سورية –

2006 / 3 / 13

سقط بعد أن رأى بداية حلمه يتحقق وثقافته وكلماته تثمر, بانحسار الوصاية ولو غير الكامل عن الشعب اللبناني الذي حشد مئات ألوفه من أجل الديمقراطية والسيادة. شهد تساقط أحجار الدومينو في العراق ولبنان وفاته السقوط القادم للبقية, لم ير اكتمال حلمه لكنه كتب واثقاً من المستقبل على لوح الجامعة حيث يثقف الجيل الجديد, آخر كلماته : “2006 ربيع دمشق“.

لن نحتاج للبحث عن مثقف مجرد بلا اسم لنحدد ما يترتب على المثقفين في أي وقت، إذ يمكن أن نتمثل بالمدافع عن الحرية والديمقراطية حتى الموت، المثقف المؤرخ، الطاقة الإبداعية, الباحث والكاتب والصحفي والمدرس الجامعي، المناضل السياسي ضد أخطبوط الأجهزة الأمنية, اللبناني الهوية, الفلسطيني الأصل, السوري الهوى، حامل الجنسية الفرنسية, الإنساني باختصار:

سمير قصير

الناقد الصحفي الذي لا يكل، القلم الجسور الذي تحول بعد تسطير كلماته على الورق إلى “سلاح دمار شامل!” يؤرق أجهزة الاستبداد. الذي لم يهادن “الوحش الأمني” ولم يخشاه، وعندما اغتيل سطر بدمه آخر مقالاته لحرية لبنان والمنطقة.

قال أن كسب الحرية والديمقراطية يبدأ بكسر حاجز الخوف كما فعل، وأن الديمقراطية السبيل الوحيد لشعوب المنطقة للخروج من تخلفها وارتهانها للنظم الديكتاتورية. كانت أهم قناعاته أن الديمقراطية في لبنان لا يمكن أن تزدهر دون الانتقال للديمقراطية في سوريا.

فشل اغتياله في إسكات صرح الحرية والديمقراطية اللبناني, فاحتاج الأمر لجريمة همجية أخرى باغتيال “جبران تويني”، لعل الوحش يرتوي, ولعل “ديك النهار” يتوقف عن إيقاظ النائمين. لكن الوحش “الأمني” يطلق حشرجاته الدموية الأخيرة بلا طائل.

ذهب سمير لكن كلماته ستبقى للتاريخ وللأجيال القادمة رسالة لكل حامل قلم وكلمة. ماذا سيبقى من قاتليه بعد أن يؤخذوا للوقوف وراء القضبان التي سبقهم إليها القادة النازيون وميلوسوفيتش وصدام…؟

حتى ذلك الوقت المثقفون سيقدمون ضحايا جدد لتظل شعلة الحرية مضيئة.

سمير قصير شهيد الكلمة الحالم بزمن آخر لشرقنا الحزين، المناضل المثقف الملتزم، الذي أثبت أن قيمة الإنسان المثقف بقدر ما يوظف ثقافته لصالح مجتمعه، هو المثال لما يترتب على المثقف كصانع مفاهيم معاصرة تنسف المفاهيم القديمة المسماة ثوابت.

ثأر المثقفين لسمير هو محاولة التمثل بجرأته في الدفاع عن الحقوق والحريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى