مواجهة بين التنوير والظلامية في البحرين
خاص – صفحات سورية –
2006 / 5 / 7
تتماثل في بلدان المنطقة سياسات منظمات الإسلام السياسي, فقد تخلت معظمها عن سعيها “للدولة الدينية” وعن عدائها المعلن للديمقراطية التي كانت تعتبرها “مستوردة” و”غربية كافرة”, وقبلت من الديمقراطية آلية الانتخابات فقط, التي تمكنها من السلطة بالطرق السلمية, مستغلة التمسك العفوي بالدين للغالبية في هذه البلدان, لتقنعها بأن “الإسلام هو الحل” لجميع مشاكلها!! وأن هذه المنظمات وكيلة الله على الأرض, حتى أن بعضها سمى نفسه حزب الله في مواجهة أحزاب الشيطان!!.
تبدأ المرحلة الثانية بعد انفراد هذه المنظمات بالسلطة أو مشاركتها فيها ببرنامج آخر لا علاقة له بالديمقراطية, يعتمد رفض الآخر المختلف ومحاولة تهميشه وإلغاء الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعمل لتطويع المجتمع لمفاهيم ظلامية باسم الدين.
الإسلام السياسي السلفي في البحرين الممثل ب”المنبر الوطني الإسلامي” الإخواني, مشارك في مجلس النواب وله نفوذه في وزارات العدل والأوقاف والإعلام ويملك إمكانيات مالية كبيرة من جمع الزكاة, ويهيمن على مصارف إسلامية, ويوظف نفوذه لإنجاح مشاريع ظلامية يدعي أنه يسعى من خلالها “لأسلمة المجتمع“:
الفصل بين الجنسين في الجامعات والأسواق ووسائل النقل, الشرطة الدينية( المطوعون) وإلغاء الحفلات الغنائية ومرافق الفنادق الترفيهية وإغلاق الأسواق أثناء أداء الصلوات, والتصدي لقانون حديث للأحوال الشخصية…
وبعد الجولة الأولى لإلغاء الحداثة الاجتماعية يعد التيار السلفي الآن لجولة مع الصحافة الحرة، فقد حرض لإغلاق موقع “الحوار المتمدن” و”شفاف” ويشن حملة لإغلاق “صحيفة الأيام” التي تروج للحريات الديمقراطية, مما أثار ظلاميي– المنبر – فاعتبروا أن الصحيفة تسيء للإسلام والمسلمين وتكسر هيبة الدين عندما تنتقد سياساتهم, فالدين السياسات برأيهم شيء واحد. وحرضوا الناس “ليهبوا لنصرة دينهم”, أي لنصرة المنظمة الأصولية ضد الصحيفة التنويرية المتهمة في دينها وليس سياساتها المخالفة لسياساتهم.
نتوقع ألا يتوقف العمل لإلغاء الحريات فما زالت هناك بقية في البرنامج الطالباني: إلغاء التعليم والعمل للمرأة ووشم كفها بختم زوجها لإثبات ملكيته لها, وسجنها في بيتها لخدمة الرجل وإنجاب الأطفال بحيث لا تخرج منه إلا لقبرها, وتطبيق الحدود والبدء في قطع الأعناق والأرجل والأيدي والجلد والرجم, ونسف التماثيل وإلغاء الإبداع العلمي والنشاطات الفنية من رسم وموسيقى وغناء ورقص, وحرق الأفلام وإلغاء الكراسي والجلوس على الأرض, وإغلاق الفضائيات والانترنت, وإعلان الجهاد ضد الأقليات وإعادتها لنظام الذمة والجزية….
وربما تكون المرحلة الثالثة إقامة الدولة الدينية وتنصيب خليفة للمؤمنين, وممارسة حكم استبدادي باسم المقدس.
الحملة لدعم “صحيفة الأيام” البحرينية ليست معزولة عن مواجهة واسعة مع الظلاميين في جميع دول المنطقة, وإذا كانوا يتقدمون الآن معتمدين على التخلف والجهل، فالمستقبل ليس لهم، فهم يخوضون معركتهم الأخيرة مع الحداثة.
القوى التنويرية البحرينية من جمعيات سياسية تقدمية وصحف ديمقراطية وتيارات ليبرالية على رأسها “تيار لنا الحق” هي جزء من جبهة عالمية الأبعاد لا يمكن حصرها في بلد واحد, تتصدى للجهل والتخلف والاستبداد والتطرف والإرهاب العالمي, الذي لا يقتصر على المنظمات لمسلحة, بل يشمل الإرهاب الفكري الأشد فتكاً, والذي يخدم المنظمات الجهادية الإرهابية.