ما يحدث في لبنان

طريق الشام… وكيف تسير سالكة في اتجاهين

غسان تويني
لأن الرئيس السنيورة قد وضع نمطاً، بل نهجاً في التحرّك السريع إثر عودته من الاسكندرية، ربما لاستعادة الوقت الذي ضاع منذ تأليف الحكومة في صياغة بيان يدفن فيه تمايزات الوزراء في كلام وحدوي يوحي أن وراءه تصميماً فعلياً على ممارسة الحكم بارادة وطنية واحدة لا ثلث يعطلها ولا نصف يلغيها.
وتمشياً مع “الوتيرة السنيورية الاسكندرانية”، وكي لا تظل العلاقات اللبنانية – السورية أسيرة التصريحات المتبادلة على طريق بيروت – الشام. ولئلا تذوب المكتسبات التي نالها رئيس الجمهورية من زيارته تحت ما تبقى من شمس آب المحرقة ثم تحت شمس ايلول والمطر الذي “طرفه به مبلول” (كما يقول المثل الدارج) نقترح ان يخصص مجلس الوزراء جلسته المقبلة كلياً لتقويم نتيجة الزيارة الاولى، وجردة الملفات العالقة بين البلدين، ثم درس امر الزيارة التي وجهت بها الدعوة الى الرئيس الاسد، وخصوصاً ملاءمة توقيتها في اطار الجو الحالي والتطورات الاقليمية، ومنها المفاوضات السورية – الاسرائيلية والملف النووي الايراني وتسارع الاحداث العنفية على الجبهة بل الجبهات الفلسطينية… وإمكان تصاعد الحوادث الارهابية من أكثر من جانب…
واذا أراد مجلس الوزراء ان يكون علمياً ودقيقاً في السير بالعلاقات وفق نهج جديد، فعليه ان يدرس الاتفاقات الثنائية دراسة جدية موضوعية شاملة وتطورات تطبيقها منذ ان عقدت، وظروف عقدها، وهل ارتبط ذلك بحدث خاص او حاجة كانت ملحّة، وقد تكون زالت الآن…
وكي لا يستمر الصوت اللبناني الوحيد المسموع صوت الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري الملتزم عقائدياً موقفاً سورياً، مما يجعل التوازن بين العاصمتين مفقوداً كلياً… يمكن مجلس الوزراء اللبناني ان يوكل الى واحد او اكثر من وزراء الدولة – اللاملفات ولا حقائب مكلفين الاضطلاع بها – بتولي العلاقات اللبنانية – السورية.
وهو أمر “يميّز” هذه العلاقات اذذاك عن السياسة الخارجية الصرف وروتين وزاراتها ودوائرها.
ولا بأس اذا استتبع هذا الأمر تكليف وزير دولة آخر العلاقات الفلسطينية، مثلاً، لِم لا؟
وفي انتظار ذلك، نرى الا يضع لبنان نفسه مرة أخرى في الحالة السلبية: موضع المترقب تلقي دعوة الى “المجلس الأعلى” وهو الأمر الذي “يبشّر  به” الحاح دمشق على انه لا يزال قائماً وضرورياً، بل ان يأخذ مجلس الوزراء هو المبادرة ويرسل مذكرة الى دمشق يقترح فيها عقد المجلس الرئاسي بسرعة، وفي بيروت، لا في دمشق مشفوعاً بمشروع جدول اعمال مقترح. ويكون انعقاده المناسبة المناسبة لرد الرئيس الاسد الزيارة للرئيس سليمان. وربما كان من الممكن كذلك توقيت اعلان خبر سوري سار في هذه المناسبة لتعويض المزامير “المعلمية” التعيسة وفرمانات نائب الرئيس الشرع الذي يبدو في الصور ممتعضاً باستمرار كلما كان في الجو مطالبة بتقارب أو مشروع تقارب أو… “خطر” تقاربٍ ما!!!
في موازاة ذلك، يجب على مجلس الوزراء القيام بخطوات عملية تؤكد استمرارنا في متابعة قضية المعتقلين والمفقودين. ذلك على الاقل للحؤول دون تصاعد المواقف السلبية من الرأي العام المهتم بالموضوع، مما قد يرتب عليه قيام مناظرات تؤدي الى “تسميم” الجو السوري – اللبناني وتعطيل مفعول المكتسب العملي الوحيد الذي عاد به الرئيس سليمان من دمشق، أي التبادل الديبلوماسي الذي يجب ان يكتمل في جو ودي وايجابي، وليس في ظل تصريحات متبادلة تزرع الشكوك المتصاعدة على طريق الشام فتصير غير سالكة من جديد!
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى