ساركوزي في دمشق صفقة اقتصادية أم صفقة على لبنان
مع بدء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم زيارة لدمشق، يبرز اكثر من تساؤل عن النتائج المحتملة لهذه الزيارة وللمحادثات التي سيجريها الرئيس الضيف مع الرئيس السوري بشار الاسد، وخصوصاً في ما يتعلق بالملف اللبناني، فهل تنتهي بصفقة على لبنان، ام ان للزيارة اهدافاً اقتصادية تحت غطاء من القضايا السياسية التي يعلن الجانبان انها ستكون محور البحث، مع ارتقاب القمة الرباعية غداً والتي ستجمع ساركوزي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي والأسد، والذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للقمة العربية وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي يرئس قمة مجلس التعاون الخليجي ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي تضطلع بلاده بدور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل
ابيب.
الاليزيه
واعلن قصر الاليزيه ان ساركوزي سيتوجه اليوم وغداً الى دمشق في زيارة وصفها بأنها “سياسية”. وقال انه سيشارك في القمة الرباعية بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الاوروبي، مع الشيخ حمد بصفته رئيس قمة مجلس التعاون الخليجي، والرئيس السوري بشار الاسد بصفته الرئيس الدوري لمجلس جامعة الدول العربية. واضاف ان اردوغان سيشارك في هذه القمة المخصصة للبحث في “القضايا الاقليمية المتعلقة بالسلام في الشرق الاوسط”. واوضح ان القمة التي “تعقد بمبادرة من سوريا” ستبدأ الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس وتستمر ساعة واحدة. واكد انه خلال اجتماعه اليوم مع الرئيس السوري، سيثير الرئيس الفرنسي موضوع الخلاف على مزارع شبعا عند المثلث الحدودي بين لبنان وسوريا واسرائيل، مشيراً الى ان المنطقة البالغة مساحتها 25 كيلومتراً مربعاً تعتبرها اسرائيل جزءاً من هضبة الجولان السورية، فيما يطالب لبنان بها بدعم من سوريا. لكنه لفت الى انه “لا ينبغي استخدام هذه المشكلة ذريعة للشلل” بين سوريا واسرائيل، مبدياً استعداد فرنسا “للمساعدة“.
وفي حديث أجرته معه صحيفة “الوطن” السورية، صرح ساركوزي: “انني مقتنع بأن طريق السلام في هذه المنطقة يمر عبر بلدينا”. وأنه “من الضروري ان تضطلع سوريا بدور ايجابي في المنطقة”. ولاحظ أنه “ليس سهلاً تحقيق السلام، فهذا يتطلب الكثير من الإرادة والجهود ولهذا أريد الإشادة بشجاعة وحذاقة الزعماء السوريين والإسرائيليين الذين وافقوا على البدء بهذه العملية”. وإذ أشار الى صعوبة تحديد موعد الانتقال الى “محادثات مباشرة” بين سوريا واسرائيل، تمنى أن “يحصل ذلك في أسرع وقت ممكن“.
الأسد
وردا على سؤال لقناة “فرانس 3” الفرنسية للتلفزيون عن القمة الرباعية، قال الأسد أن “سوريا تتولى الآن رئاسة جامعة الدول العربية وفرنسا رئاسة الإتحاد الأوروبي وتركيا هي البلد الوحيد الذي تمكن من احياء عملية السلام وإن عبر مفاوضات غير مباشرة”. وأضاف: “نريد دوراً رئيسياً لأوروبا من خلال فرنسا ولجميع الدول العربية من خلال سوريا وقطر”. واعتبر أن دمشق وباريس تعيشان “عصراً جديداً” في علاقاتهما الثنائية “يستند الى السياسة الجديدة لفرنسا، سياسة واقعية، براغماتية تهدف الى تحقيق السلام وتدعو الى الحوار”. وحذر من أن أي هجوم عسكري اسرائيلي على ايران ستكون له “نتائج كارثية”. وقال: “نعتقد أن اسرائيل قد تحاول شن هجمات على ايران، بل حتى على لبنان وسوريا”. وأضاف أن “أي هجوم كان من جانب اسرائيل أو أي طرف آخر ستكون له نتائج كارثية ليس فقط على المنطقة وإنما أيضاً على العالم أجمع“.
المحادثات
وأوضح مصدر ديبلوماسي فرنسي، ان برنامج زيارة ساركوزي سيبدأ اليوم باجتماع مع الأسد، يليه إفطار تتابع خلاله المحادثات، على ان تعقد غداً قمة تضم، الى الأسد وساركوزي، الشيخ حمد وأردوغان. وقال إن القمة الرباعية ستكون مناسبة للبحث في المواضيع الإقليمية والسلام في الشرق الأوسط وخصوصاً بين سوريا واسرائيل ولبنان واسرائيل. كذلك سيتطرق البحث الى السلام في منطقتي البحر الأسود والخليج. وسيثار أيضاً موضوع تأييد الرئيس السوري لروسيا في الأزمة مع جورجيا، مؤكداً أنه يعود الى كل بلد تحديد مواقفه وفقاً لمصالحه، غير أن الإتحاد الأوروبي ندد باعتراف موسكو باستقلال اقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الجورجيين الإنفصاليين، وفرنسا تريد معرفة الموقف السوري الحقيقي بعد تصريحات الأسد الأخيرة في هذا الشأن.
وخلال الإجتماعات الثنائية والرباعية سيحتل لبنان حيزا كبيراً من المناقشات. وبعدما سجل المصدر “التدخل السوري الايجابي” في لبنان واعادة الحوار بين باريس ودمشق بعد انتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اطار اتفاق الدوحة، والتوجه الى إقامة علاقات ديبلوماسية بين بيروت ودمشق، توقع تبادل البعثات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، لافتاً الى أن باريس تتابع عن كثب تطورات قضية نحو ألف مفقود لبناني ومئة سوري لارتباطه بحقوق الإنسان.
وشدد على أن ترسيم حدود مزارع شبعا يجب ألا يشل عمل اللجنة الخاصة بترسيم الحدود بين البلدين. وقال إن باريس تعمل بطريقة ملموسة لإنجاز قانون الانتخابات وإعادة إحياء الحوار الوطني وتحسين الوضع الأمني، منبهاً الى أن “المعارك في طرابلس بين السنة والعلويين يشكل خطراً كبيراً”. وأكد أن “الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل هي المعيار الأساسي للايجابية السورية”. وحذر من أنه “في حال عدم التوصل الى نتائج، فسوف تقطع هذه العلاقة”. لكنه نبه الى أن “سوريا ليست العامل الإقليمي الوحيد المؤثر على الساحة اللبنانية، بل هناك بلدان عربية أخرى كمصر والسعودية“.
وأعلن إن الملف الإيراني سيكون موضع مشاورات بين الرئيسين الفرنسي والسوري لأن باريس تعتقد أن الأسد يمكنه ايصال رسالة الى ايران، علماً أنها لم تطلب من الأسد القيام بأي وساطة. غير أن ما سمعته باريس من الأسد بعد زيارته الأخيرة لطهران “غير مشجع“.
وقال أيضاً أن ساركوزي سيعرض مع الأسد المحادثات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة في تركيا، موضحاً أن “المحادثات تتقدم في اسطنبول، غير أن الجولة الجديدة في 7 أيلول الجاري ستكون حاسمة لأنها ستتطرق الى موضوع تحديد الحدود بين البلدين”. وأضاف أن الأمر يتركز الآن على سؤال: “هل يتم التوافق على حدود عام 1923 أم على حدود حزيران 1967؟”. وكشف أن واشنطن واسرائيل وافقتا على أن تكون فرنسا راعية ثانية لمحادثات السلام المباشرة مع سوريا.
باريس – من سمير تويني – دمشق – الوكالات