صفحات سورية

انفتاح فرنسي هدفه لبنان

ثائر الناشف
لا يكفي دمشق التي تبدو راغبة بشدة لعقد المزيد من القمم واللقاءات , لا يكفيها إشارات الود التي تلقتها من عواصم الغرب إثر اقتناعها بضرورة مراعاة المصالح الغربية في الشرق الأوسط , والتقليل من حدة الصدام معها للحيلولة من دون الوقوع في أسر العزلة .
هاهي فرنسا تفي بوعود الانفتاح على دمشق , أوفدت وزير خارجيتها برنار كوشنير والآن توفد رئيسها نيكولاي ساركوزي , ويبدو كل هذا غير كاف , فهناك عقدة فتح الطريق نحو البيت الأبيض الأميركي , ليس مع إدارة بوش التي شارفت على الرحيل , إنما مع الإدارة الجديدة , ولعل التقرب من فرنسا يسهم في إزالة العقبات التي تعترض هذا الطريق , والسبيل لذلك الخوض المفاوضات بلا نهاية مع إسرائيل , وإظهار رغبة حقيقية بالسلام .
لفرنسا حاجة عند دمشق , ولسورية حاجة عند باريس والحاجتين تتطلبان انفتاحاً مشروطاً وحذراً بالغاً نحو بعضهما الآخر , فحاجة فرنسا من سورية , إبعاد يدها عن لبنان , وهو ما تدركه دمشق جيداً , أما حاجة سورية من فرنسا , تسليك انخراط الغرب معها , وهو ما تأخذه باريس في حسبانها وتضعه على الرف .
ما يقوم به النظام السوري بشكل حثيث , وبمساعدة الجار التركي قطر , يظهر كتعويض عن فقدان الجار العربي , بما يوضح أن سياسة الممانعة , قائمة فقط ضمن العلاقة السورية – الإيرانية لاعتبارات تمليها الأحداث التي تمور بها الساحة العربية وبقاعها الساخنة في لبنان وفلسطين .
أما حينما يرتبط الأمر بواقع السلطة السورية , وما أدت إليه سياسة الممانعة من عزلة وإقصاء دوليين , فإن اتجاهها يتحول اضطرارياً نحو سياسة الانفتاح بعيداً من إيران , أو بالتنسيق معها , فإيران تعيش إلى جانب واقع العزلة واقع عقوبات يزداد ضيقاً عليها كلما جرى البحث في ملفها النووي .
قد يكون ممكناً فهم الخطوة التي خطتها دمشق إزاء لبنان , فالهدف الواضح منها التقرب من الغرب رويداً رويداً ومن البوابة الفرنسية إن أمكن , ولا تستبعد إيران من ذلك , فعندما فشلت الاتصالات الفرنسية مع دمشق لحل الأزمة اللبنانية , اتجهت مباشرة نحو إيران لما لها من تأثير طاغ على “حزب الله” يفوق تأثير دمشق .
تبقى أسباب هذا الانفتاح معلقة بلا جواب , في ما إذا كان تكتيكا سوريا – إيرانيا مؤقت يهدف إلى التقاط الأنفاس استعداداً لما هو مقبل , أو ما إذا كان خطوة جادة لا تحمل أدنى قدر من التراجع سعياً وراء كسب الغرب .
مهما تعددت الخطوات وتسارع وقعها , يظل هاجس دمشق الأساسي هو دفن شعور العزلة , واستيلاء شعور جديد من شأنه تبديد هواجسها , للاعتياد على انتفاء الحاجة إلى بعض العرب .
كاتب عربي – القاهرة
السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى