صفحات سورية

موسم الانفتاح على سورية

وليد شقير
إنه موسم الانفتاح على سورية. هذا ما اظهرته زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدمشق أول من أمس ثم القمة الرباعية التي جمعت الضيف الفرنسي مع الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بناء لاقتراح الرئيس السوري.
والموسم مزدهر هذه الأيام لأنه يقوم على اعتقاد غربي عموماً، وفرنسي تحديداً، بأن فتح الباب لسورية وفك عزلتها سيشجعانها على المضي في مفاوضاتها مع إسرائيل التي أعلن عن جولتها الخامسة خلال هذا الشهر على أمل أن تصبح مباشرة، كما تتمنى الدول الحاضرة للقمة الرباعية، وعلى آمال ومراهنات غربية ولا سيما أميركية بأن أمام سورية بفعل هذه المفاوضات الجارية مع إسرائيل، فرصة لتبدأ عملية تدريجية من أجل الانسحاب من علاقة التحالف الاستراتيجي مع إيران. وهذان الاعتقاد والأمل الغربيان يشكلان ركيزة هذا الانفتاح، الذي ترفده عوامل أخرى بالتأكيد منها حاجة الولايات المتحدة الأميركية في ظل سياستها في المنطقة، وانشغالها بالانتخابات الرئاسية، الى تولي غيرها من الدول استكشاف السياسات المقبلة التي يمكن الإدارة الجديدة أن تتبعها، واختبار مدى قابلية هذه السياسات للتطبيق عندما يستقر سيد البيت الأبيض الجديد في كرسيه مطلع العام المقبل، بعد انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر).
وعلى رغم أن في أوساط الدول الغربية التي تخوض موسم الانفتاح على دمشق (حتى الدول الأوروبية التي لم تشارك في القمة) من يعتقد أن ثمة «وهماً» فرنسياً بإمكان إحداث تقدم في عملية السلام، عبر المسار السوري – الإسرائيلي وأن خروج سورية من تحالفها مع إيران هو «سراب»، فإن الموسم سيأخذ مداه تمهيداً لمعرفة نتائج ثماره في نهايته.
هناك أسباب أخرى للانفتاح الذي تشكل القمة الرباعية أحد مظاهره بحسب بعض الأوساط الغربية، منها أن شبح الحرب في المنطقة، على رغم تراجعه، خصوصاً بين الولايات المتحدة وإيران بفعل الملف النووي، لم يُستبعد كلياً، في ظل المزيد من التعقيدات الدولية بفعل تصاعد الصراع الأميركي – الروسي. وهذا الاحتمال يدفع دولاً كثيرة الى بذل الجهد مجدداً من أجل الحؤول دون عودة هذا الاحتمال الى الصدارة. وفرنسا وتركيا وقطر، دول لها علاقات جيدة مع واشنطن وأخرى (متفاوتة الأهمية بحسب حجم كل منها) مع إسرائيل، وبالتالي في استطاعتها العمل على نقل المطالب والنصائح ولعب دور الوسيط لعل إمكان تجنب الحرب يغلب مرة أخرى.
ومن الأسباب أيضاً، ان التقدم الذي حصل حتى الآن في المفاوضات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة، بلغ مرحلة دقيقة توقف عندها الفريقان المتفاوضان، لكنها مرحلة لا تعنيهما وحدهما، بل تعني محيطهما والدول الكبرى. وإذا كان استمرار الخلاف حول «تحديد الحدود» بين سورية وإسرائيل هو أحد هذه العوامل، فإن مزيداً من التقدم بات يرتبط بأمر حيوي بالنسبة الى دمشق لا بد من مقاربته منذ الآن هو التعويضات المالية والأثمان الاقتصادية لسورية مقابل خوضها غمار السلام مع اسرائيل. فالدول التي عقدت اتفاقات سلام مع الدولة العبرية مثل مصر والأردن وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية (في التسعينات) حصلت على أثمان من هذا النوع سواء كمساعدات مباشرة أو استثمارات طويلة الأجل. ويبدو ان دولتين لهما ثقل مالي واقتصادي مثل فرنسا (ومعها الاتحاد الأوروبي) وقطر مكلفتان من اميركا والدول الغربية البحث مع دمشق، والعمل على خفض الأثمان التي طلبتها لأنها «عالية جداً» كما يقول بعض الرواة. والدور التركي في المجال المالي هذا، مساند لدوري باريس والدوحة، خصوصاً انه الوسيط الصديق في التفاوض السوري – الإسرائيلي.
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى