هل الطالباني متواطئ فعلا مع الاتراك ضد العمالي الكردستاني؟
محمد خلف
الهجوم البري التركي المفاجئ في شمال العراق حيث تنتشر قواعد حزب العمال الكردستاني، اهدافه سياسية قبل ان تكون عسكرية، لان الجنرالات، كما السياسيين الاتراك يعون جيدا ان هذه العملية الجديدة مهما كانت ضراوتها، لن تكون قادرة على التصفية النهائية لهذا الحزب و قواعده و مقاتلية المتمركزين في جبال قنديل الوعرة،
وبالتالي فان المطلوب في المقدمة، زعزعة قواعد الحزب، واشاعة الخوف و اليأس بين مقاتليه و انصاره في الداخل، ودفعه الى التفكير جديا في القاء سلاحه، ومن ثم البحث في حل سلمي للمشكلة و لكن وفق الشروط و الرؤى التركية، يستلزمه الدور التركي الجديد في المنطقة، وتستدعية بقوة طموحات انقرة في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي الذي يريدها ان تنهي هذه المشكلة التي يتناقض وجودها مع مبادئه ومعاييره. وكان الرئيس الفرنسي ساركوزي اعلن اننا لانريد ان تنقل تركيا الى صفوفنا مشكلتها الكردية وبالتالي جعلها قضية اوروبية.
بالتأكيد ان مجلس الامن القومي التركي الذي اتخذ قرار الهجوم بعد اجتماع مطول الاسبوع الماضي، درس بعناية متطلبات و انعكاسات و تأثيرات مثل هذه العملية العسكرية التي تعد وفق مقايس و معايير القانون الدولى انتهاكا سافرا لسيادة دولة عضو في الامم المتحدة، من النواحي الاقليمية و الدولية والداخلية ايضا في المناطق الكردية التي يتمتع بها هذا الحزب بنفوذ ولديه خلايا نائمة و جماعات سرية مقاتلة، يمكن تحريكها لشن هجمات مسلحة داخل التجمعات السكانية و المدنية في انحاء البلاد.
وذكرت جريدة ” ميلليت ” ان الجيش التركي يخطط للسيطرة على المعسكرات و القواعد الواقعة في منطقة حاكورك وسفوح جبال قنديل، وفي حال نجح في هذه المهمة، فان القسم الاكبر من جبال قنديل سيقع تحت حصاره وتنتكس بذلك وبنسبة كبيرة قدرة الحزب على الحركة.
وفي الوقت الذي اتهم فيه رئيس الاقليم الكردي العراقي مسعود البارزاني انقرة باستهداف تجربة الاكراد في العراق وليس العمالي الكردستاني، اعتبرت مصادر مطلعة ان اتهام زعيم الجناح العسكري في العمالي باهوز اردال الرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني بالتواطؤ مع انقرة في هذا الهجوم، ربما يعود الى تصريحاته الاخيرة حول عدم قدرة البيشمركة الكردية على مطاردة و اعتقال مقاتلي الحزب و تسليمهم الى تركيا، ومن ثم دعوة الرئيس التركي عبد الله غول له لزيارة انقرة في اقرب وقت،وهو تطور ظل القادة الاتراك في مؤسستي الرئاسة و الحكومة يرفضونه بقوة خلال السنوات الاخيرة.
وكان اردال ابلغ وكالة انباء ” فرات نيوز ” الناطقة بلسان الجزب ” ان سلوك طالباني خطير للغاية ” موضحا ” لدينا معلومات تفيد بانه دعا الجيش التركي الى التوجه الى جبال قنديل“.
واعادت ” ملليت ” الانتباه الى ان العمليات العسكرية في شمال العراق منذ مطلع التسعينات حققت نتائج مهمة، اذ بدلت من خطاب حزب اوجلان الذي تحول من المطالبة بدولة كردية مستقلة في الاناضول الى جمهورية تركية ديمقراطية،ا و الحل ضمن وحدة التراب و الحقوق الثقافية والاشارة المستترة الى الحكم الذاتي في بعض الاحيان.
وسجلت جريدة” راديكال” عدم اعتراض الولايات المتحدة على العملية و موقفا اوروبيا ليس متشددا، بل وحتى بغداد لم تكن ردود فعلها قوية ومستنكرة، بل و ” هزيلة ” على حد وصف الرئيس البارزاني.
“راديكال ” دعت الى الاخذ بنظر الاعتبار مسائل حساسة وهامه وهي:
– ان كل عملية عسكرية لها ديناميتها الخاصة، والمهم عدم تعريض المدنيين لاي اذى ينقلب لاحقا ضد تركيا.
– تجنب الاصطدام مع اي قوات غير مقاتلي العمالي الكردستاني و البيشمركة بالذات، لان حدوث ذلك سيثبت ادعاءات اكراد بان العملية تستهدف تجربتهم الديمقراطية.
– احتمال توسع العملية في الزمان و المكان، ارتباطا بالظروف الميدانية و المناخية وما سينجم عنه من تأثيرات سلبية، لاسيما و ان الجنرالات اعلنوا انها محدودة وتهدف الى منع تحويل المنطقة الى قاعدة آمنة للارهاب.
وينتقد العديد من المحللين الاتراك السلطات الحاكمة و العساكر الكبار الذين “تضاعف اعتدادهم بانفسهم في الاونة الاخيرة مع مساعدة واشنطن الاستخباراتية” محذرين من “خطورة الفشل الذي سيجعل من معاودة الكرة في المستقبل اكثر صعوبة“.
ولعل السؤال الاكثر الحاحا واهمية هو ما اذا كانت انقرة و معها واشنطن تريدان جعل هذه العملية منطلقا للشروع في البحث في حل سلمي للمشكلة المزمنة، فلقد اشارالقيادي الكردي محمود عثمان الى ما سماه ” عروضا لحلول سلمية اقترحها الاكراد خلال الساعات الماضية نيتها تفعيل عمل اللجنة الثلاثية العراقية – التركية – الاميركية” كاشفا عن اتصالات محدودة بين المسؤولين الاكراد و الحكومة التركية“.
ضمن هذا السياق نبهت ” راديكال” الى انه لا يجب في خضم المعركة العسكرية تناسي قضية الهوية الكردية التي تتجاوز النصر العسكري على حزب العمال الكردستاني، الذي سيسهل اطلاق مبادرات سياسية و اجتماعية و ثقافية مصيفة ” عندها فقط يمكن القول ما اذا كانت العمليات العسكرية نجحت ام لا؟“.
د. محمد خلف
ايلاف