حول زيارة ساركوزي إلى بلادنا
هيئة تحرير النداء
جاءت زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على مدى يومين في الأٍسبوع الماضي، لتشكّل نقلة نوعية في علاقة النظام السوري مع العالم، وعلاقة العالم مع النظام السوري، ولتشكّل أيضاً من ثم منطلقاً للمواقف والمشاعر المتناقضة بين أبناء شعبنا.
فنحن إذ نرحّب – مع شعبنا- بالزيارة الفرنسية السامية، نتمنى أن تكون مناسبة ليس فقط لتحسين العلاقات السورية الفرنسية خصوصاً، والعلاقات السورية الأوروبية عموماً، بل وفرصة لتمثل قيم الثورة الفرنسية العظمى في الحرية والديمقراطية، ومنطلقاً للتأكيد على ضرورة الالتزام بلائحة حقوق الإنسان الدولية، التي كانت فرنسا أحد أهمّ ينابيعها العالمية.
إن زيارة ساركوزي لبلادنا منطلق لجدول أعمال يهمّنا جميعاً، ابتداءً من الحرص على سيادة واستقلال وحرية لبنان، الأمر الذي ابتدأ باتفاق الدوحة وتأكد بانتخاب رئيس الجمهورية ثم تشكيل الحكومة والاتفاق رسمياً على تبادل العلاقات الدبلوماسية.
ومروراً بالحرص الفرنسي- والاهتمام السوري- بأن تتطور المفاوضات السورية الإسرائيلية نحو التوصل إلى اتفاق سلام يعود من خلاله الجولان إلى الوطن، في تسوية عادلة تنتهي معها حالة اللا سلم واللا حرب، وتنتفي وضعية التوتر التي تشلّ البلاد وتجمّدها ضمن حالة طوارئ مستمرة وتبرير دائم للاستبداد والتأخر وضياع فرص التنمية.
إن فرنسا تستطيع أن تلعب دوراً هاماً في هذا المجال، نحن نرحّب به وندعو إليه من دون أيّ تردّد.
ومن جهة أخرى، لا بدّ أن يكون لفرنسا دورها الطبيعيّ في تسريع خطى التوصل إلى اتفاق الشراكة الأوروبية مع سوريا، الأمر الذي أصبح ملحاًُ، لا ينبغي أن تؤخّره الملاحظات التفصيلية السياسية والاقتصادية، لأننا نعتقد أن كلّ شيء يمكن أن يتحقق من خلال الحركة والتفاعل البنيوي، كما أن مصلحة شعبنا في التقدّم الاقتصادي مسألة لا ينبغي أن تتوقّف من أجل أيّ سبب.
ولكن…
سوف يكون من الصعب أن نقبل أيّ موقف لا يأخذ بعين الاعتبار مسألة حقوق الإنسان في بلادنا، وقضية الحريات الأساسية التي تضرب طاقة شعبنا على التقدّم ومجاراة شعوب الأرض. ولم تعد مقبولة تلك الترهات التي تتحدث عن الخصوصيات “الوطنية” والثقافية المزعومة، والتي تؤكد من دون خجل أن شعبنا لا يستحق ما تستحقه شعوب الأرض من الحقوق. كما لن نقبل الخضوع لمطالب النظام المتخلّفة الجائرة، التي تعتبر أن طرح مسائل حقوق الإنسان وقضية السجن السياسي هي مسألة “داخلية”، الأمر الذي يتناقض مع مصادقة حكوماتنا السورية المتعاقبة على وثائق الشرائع الدولية و يخالف أبسط مفاهيم تلك الشرائع، التي تضمن أن من حق – بل من واجب- أي إنسان أن يدافع عن حقوق وكرامة أي أخ له في الإنسانية.
لذلك، لابدّ لساركوزي، ولأي مواطن في العالم، أن يدافع عن حقوقنا. ولا بدّ للسلطة السائدة في بلادنا أن تستجيب للعقل والمصلحة، وتنسجم مع ما تدّعيه من اعتدال، وتعيد للمواطنين حقوقهم.
وباسم القوى والأفراد المؤتلفين في إعلان دمشق.. أهلاً بساركوزي في دمشق!