هيثم المالح :رأيت في وثيقة “إعلان دمشق – بيروت”جملاً أشبه باستدعاء القوى الخارجية
ذهاب اللبواني الى البنتاغون يعتبر في قانون العقوبات السوري اتصالاً بدولة أجنبية معادية
طرحت مسألة المفقودين والأسرى اللبنانيين مع رئيس المخابرات العامة في سورية
اعتقد أن عدد القتلى في سجن صيدنايا نحو 100 قتيل
تم تهريب أسلحة ” كلاشنيكوف ” إلى داخل سجن صيدنايا, ومن ادخلها هم من جماعة رفعت الأسد
أكدَّ الرئيس السابق لجمعية حقوق الانسان في سورية المحامي السوري هيثم المالح أن الساحة السياسية السورية أُفرغت تماماً من أي عمل سياسي نتيجة حكم أنظمة قمعية استبدادية لفترة تجاوزت ال¯¯ 50 عاما, و “فسر تحرك الناس باتجاه العمل الأهلي, نافذة للتنفس بعد الكبت الطويل”, وقال: ” إن الشعب اعتبر انتقال الحكم من حافظ الأسد إلى ابنه بشار رحمة”.
ووصف ما جرى في سجن صيدنايا “المجزرة”, وقال:” إن عدد قتلى المجزرة نحو 100 قتيل”, محملاً الدولة, كامل المسؤولية عما جرى”, وأوضح ان “أكثر من مصدر يقول أنه تم تهريب أسلحة من نوع ” كلاشنيكوف ” إلى داخل السجن, وان من ادخلها هم من جماعة رفعت الأسد”, مشيراً الى أنَّ “أحد أخطاء السلطة عدم إذاعة أي أنباء عن الحادث الكبير وغير المسبوق”.
وتطرق المالح إلى محاكمة جماعة “إعلان دمشق” وعلى رأسهم الدكتورة فداء أكرم الحوراني, والنائب السابق رياض سيف والكاتب أكرم البني, ورأى “أن جزءا من عدم تحقيق العدالة هو محاكمتهم وهم موقوفون, وشدد على أن “عملية اعتقال جماعة إعلان دمشق” دليل على إفلاس الأجهزة الأمنية السورية, وقال إن “مشكلة السلطة أنها تخاف من خيالها”, ولم يستبعد ان تكون السلطة “استخدمت منطق نصب الشراك والفخاخ بسماحها لهم بالاجتماع, ومن ثم اعتقلتهم.
وطالب المالح بمحاكمة رفعت الأسد ( عم الرئيس السوري) في ضلوعه بمجزرة تدمر, واعتبرها “كافية لأن تقوده إلى حبل المشنقة”.
وفي محاكمة النظام السوري لخدام وترك الأسد العم, رأى المالح” أن النظام لا يحاكم رفعت الأسد لأنه لا يزال يعتبره جزءا منه, وهناك سبب آخر, وهو ان رفعت الأسد لم يفعل لهم شيئا في حين خدام تحالف مع خصم عنيد للنظام “الأخوان المسلمين” الذين يرى النظام, أنهم يشكلون خطراً عليه.
وعن محاكمة اللبواني أوضح المالح ” أن ذهابه( أي كمال اللبواني) إلى ” البنتاغون” يعتبر في قانون العقوبات السوري اتصالاً بدولة أجنبية معادية, و حتى لو ذهب في عهد ديمقراطي يجب ان يحاسب على هذه الخطوة. وفي حديث ما يأتي نص الحديث:
يشاع في الأوساط الحقوقية أنك لم تدافع عن المعارض السوري الدكتور كمال اللبواني خوفاً من الاحتراق بنيران تهمة الأخير, هل تعتبرون اللبواني خائناً للوطن والشعب?
بداية يجب تحليل الواقع السياسي السوري حتى نحاكم خطوة اللبواني التي أقدم عليها لا محاكمته, فالساحة السياسية السورية أُفرغت تماماً من أي عمل سياسي نتيجة حكم أنظمة قمعية استبدادية لفترة تتجاوز ال¯¯ 50 عاماً. كان على اللبواني استشارة من حوله في خطوته تلك قبل إقدامه عليها, بسبب عدم وجود تراكم في العمل السياسي. ما أدى الى عدم وجود تراكم معرفي وعملي يفضي إلى وضع صحيح, واعتبر الناس انتقال الحكم من حافظ الأسد إلى ابنه بشار , رحمة, انطلاقاً من مثل شعبي ” تغيير الحكومات رحمة “, بدأ الناس بالتحرك بعد أنَّ فتحت المنتديات و أنشئت جمعيات حقوق الانسان, باعتبارها نافذة للتنفس بعد الكبت الطويل, وليس عملية تغيير مثلما توهمت الناس. أن الوقت أصبح مناسباً للهجوم القوي على السلطة, وبعد إغلاق المنتديات واعتقال جماعة ” ربيع دمشق” التي أسميتها “أيام شتاء بطقس معتدل” كنت أول المدافعين عنهم , وأصدر وقتها مجلس فرع نقابة دمشق بسبب ذلك قرارين يقضيان بمنعي من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات.
ذهاب اللبواني الى البنتاغون يعتبر في قانون العقوبات السوري اتصالاً بدولة أجنبية معادية, وهو أمر مختلف تماما عن الذهاب للبرلمان الأميركي وتخصيص جلسة استماع له, لأنه يعتبر اتصالا مع الشعب الأميركي, وليس مع الإدارة الأميركية القائمة, اعتقد ان خطوة اللبواني خاطئة ولا اتهمه بالخيانة ملتمساً له عذر الذهاب بحسن نية وعدم وجود الخبرة السياسية المطلوبة لأنَّ هذه الخطوة تحتاج إلى عقل يستوعب ما يفعل.
تذاكرت عرضاً مسؤولين في السفارة السويدية بالموضوع ذاته, وقيل لي لو أنه كان مواطناً سويدياً لأحيل مباشرة للمحاكمة, الأمر نفسه ينطبق على أي مواطن أميركي يزور أي وزارة دفاع,ولو كانت وزارة الدفاع السورية رغم أن سورية لا تستطيع ان تؤذي الولايات المتحدة ولكن نأخذ الموضوع من حيث مبدأ القانون, حتى لو ذهب اللبواني في عهد ديمقراطي يجب ان يحاسب على هذه الخطوة.
لو طلب مني أهل اللبواني الدفاع عنه لقمت بذلك وطالبت له بمحاكمة عادلة, وما قيل عني عار عن الصحة.
وهل تطالب اللبواني كما طالبه الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان هيثم المناع بإصدار بيان يعتذر فيه للشعب حتى تنبرون وتدافعون عنه?
إذا أصدر الدكتور كمال اللبواني من سجنه بياناً يعتذر فيه من الشعب السوري, فهذا الأمر يعتبر في نظري عملاً جيداً, لأنه سيشرح للناس أن ما قام به لم يكن يتصوره ويقدره جيداً, لا أريد أن أحاكمه محاكمة شخصية, ولكن أقول ان ما فعله خطأ, وهناك إمكانية لتصحيحه, و اقتراح هيثم المناع منطقي.
ما هي الأسباب التي جعلتك لم توقع على وثيقة ” إعلان دمشق ¯¯ بيروت”, وبرأيك لماذا لم يفرج عن ميشيل كيلو رغم قضائه ثلاثة أرباع المدة?
رأيت في الوثيقة جملاً أشبه باستدعاء القوى الخارجية, وكان هناك إحدى الجمل بمعنى “تعالوا أنقذونا”, ولو عرضوا عليَّ الوثيقة المكتوبة ” لإعلان دمشق ¯¯ بيروت ” ما كنت لأوقع تحت أي ظرف كان أما فيما يتعلق باستمرار حبس ميشيل كيلو فلا يوجد سبب واحد لعدم منح الكاتب ميشيل كيلو عضو ربع المدة وإخراجه من السجن, ولكن نحن نعيش في دولة ينعدم فيها القانون وتحكم بالأوامر الفردية والتعليمات والبلاغات, لماذا خرج الدكتور عارف دليلة في هذا الوقت بعد سجنه لمدة سبع سنوات إلا شهراً واحداً, مع انه لو انتظر فقط ستة أشهر لكان خرج بربع المدة, ففي سورية يخرج المسجون بإصدار عفو بإحدى طريقتين, الأولى عفو خاص يصدره رئيس الجمهورية بمرسوم رئاسي, والثانية بعفو عام يصدر عن مجلس الشعب “النواب” ويصدر أيضا بمرسوم بعد ان يوافق عليه رئيس الجمهورية, إذاً الموازين القانونية تحتم خروج ميشيل كيلو, ولكن اعتقد أن الأسباب الرئيسية لعدم قدرة المرء على تقدير أي شيء في القضايا السياسية هي غياب الشفافية في البلد وعدم سيادة القانون.
كيف تصف ما جرى في سجن صيدنايا العسكري (العصيان) , برأيكم ماذا جرى بالضبط وما هي أسبابه? وهل بالفعل أن الأحداث مفتعلة وأنَّ إحدى الدول العربية لها اليد الطولي بما حدث? وهل لديكم إحصاءات عن عدد القتلى من الطرفين?
ما جرى في سجن “صيدنايا” اصفه بالمجزرة بكل المقاييس, ففي اليوم الثاني للأحداث اتصل والد احد المساجين وأعلمني بالاتصال الذي أجراه أبنه معه, وقال لي إنَّ ابنه قال له إن ما يجري في السجن مجزرة, وأنَّ هناك نحو 125 قتيلا وطائرات عسكرية تحوم فوق السجن, كما قال لي شخص آخر أنَّ أخاه اتصل وقال له ” عمال نندبح ….. إلحقونا ” وبمعنى آخر ” يقومون بذبحنا …. أنقذونا ” , ولا أعرف مدى صحة هذا الكلام, وعلمت من طبيب داخل مستشفى تشرين العسكري ان الأطباء لا يستطيعون مغادرة المستشفى حتى لا تنتقل الأخبار, ولكن بعد أسبوع من الأحداث سمح بالحديث عن 35 جثة داخل المستشفى, الأمر الذي يقودنا لمسألة أخرى, وهي غياب الشفافية عند هذا النظام المنغلق على نفسه.
في باكستان أو أي دولة أخرى إذا انهارت بناية يتكلمون في الموضوع, ولكن ما الذي عندنا? لا يجوز ان يعلم الناس أي شيء, لا في القضايا الخاصة ولا العامة, تم تعتيم كبير على أحداث صيدنايا, وتحليلي الخاص هو أن الحادث غير مسبوق ولم يذع أي شيء بهذا الخصوص من الدولة وهذا يعتبر أحد أخطاءها, وسمعت من أكثر من مصدر أنه تم تهريب أسلحة نوع ” كلاشنيكوف ” إلى داخل السجن, وان من ادخلها هم من جماعة رفعت الأسد.
اعتقد أن عدد القتلى في السجن نحو 100 قتيل, واعتقد أنَّ الدولة تتحمل المسؤولية في كل ما جرى, و السؤال: كيف دخل السلاح إلى السجن ومن هربه?
ومن الطبيعي ان تخمد الدولة العصيان شرط ألا يكون في أيدي المساجين العصاة أسلحة.
هل تشبه حادثة صيدنايا بحادثة تدمر التي تتكلم عنها المعارضة? ولماذا لم تثر مثل هذه الزوبعة الإعلامية في ذلك الوقت,وأين كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من ملف حقوق الانسان?
بلا شك, وفي ذلك الوقت غطى العالم كله على الجرائم التي ارتكبت في سورية أيام حافظ الأسد, وتقع مسؤولية مجزرة تدمر على رفعت الأسد.
تحكم المصالح العلاقات بين الدول ونعرف أنهم تستروا على أشياء كثيرة, وعندما اعتقلنا في العام 1980 انعقد مؤتمر المحامين العرب في المغرب , ولم يذع أحد في العالم خبراً عن انعقاد المؤتمر, وعن القرارات التي اتخذت بخصوص الموضوع, وعن طرد النقابة السورية, في العلاقات الدولية لا يوجد شيء اسمه الأخلاق, بل فقط المصالح.
برأيك هل المحاكمة التي تجري لأعضاء “المجلس الوطني” إعلان دمشق هي محاكمة عادلة ونزيهة, وهل يمكن محاكمة هؤلاء طلقاء?
يمكن للمحكمة ان تطلق سراحهم وتحاكمهم بعد ذلك, لكن جماعة إعلان دمشق أناس مثقفين وليسوا مجرمين أو حرامية وقطاع طرق, بغض النظر أنهم احيلوا بجرائم سياسية, ولديهم أماكن إقامة معروفة ولا حاجة للمحكمة, ان تحاكمهم موقوفين, وجزء من عدم تحقيق العدالة هو محاكمتهم موقوفين.
يقال أنَّ الدولة استدرجت جماعة ” إعلان دمشق” ناصبة شباكها وفخاخها وسمحت لهم بالاجتماع, ومن ثم اعتقلتهم لكي تربي المعارضة والشعب جراء أي خطوة نحو الديمقراطية وإسقاط النظام, كيف ترى الأمر ?
هذه ليست المرة الاولى التي تعمل الدولة على بناء ونصب الشرك, في أيام حافظ الأسد قال كلمة مشهورة وهي” لا أريد لأحد ان يسكت عن الخطأ, أو ان يتستر عن العيوب والنواقص” ونحن كنقابيين ” نقابة المحاميين ” أول من تكلم عن الأخطاء والعيوب ضمن إطار القانون, وضمن نصوص قانون مزاولة المهنة والدستور, فكانت النتيجة ان اعتقلنا وأودعنا السجون, إذاً ليس بعيداً من منطق السلطة استعمال الفخاخ, والحقيقة ليست هنا, الدولة لا تزال تعيش في عقلية مضى عليها نحو خمسين عاما تقريباً, ولم تشاهد كيف تغير العالم وتطور إلى قرية صغيرة, وماذا تستفيد الدولة من منع الناس من السفر , من دون مبالغة من اجل ألا تتكلم الناس خارج سورية, واعتقد ان المشكلة الرئيسة هي في العقل القاصر لدى الأمن.
إنَّ جماعة ” إعلان دمشق” بمجمل أعضائهم لا يشكلون نسبة صغيرة جداً بالنسبة لسكان سورية, ولا يشكلون رقما ولا يستطيعون ان يهزوا المجتمع, لماذا اعتقلهم الأمن وأقام ضجة ومسائل لم يكن لها أي مبرر, بدل ان يتركوهم وشانهم?
ولكن يقال إنَّ جماعة “الإعلان” شكلوا حكومة ظل وبرلمانا مصغرا منتظرين دعماً ما, لكي يعلنوا انقلابا على النظام?
هذا الكلام لا أساس له من الصحة, مشكلة السلطة أنها تخاف من خيالها, واعتقال جماعة ” إعلان دمشق” دليل على إفلاس الأمن, وهل مهمة الأمن جلب الناس ووضعهم في السجون? كون لديهم السلطة ويستخدمونها بشكل عشوائي بلا أي ترتيب أو تنظيم, إنَّ جلب الناس وإيداعهم السجون عمل تخريبي ضمن النظام, وأصدرت بياناً بهذا الخصوص منذ أكثر من سنتين قلت فيه ” هناك من يلعب بالنار داخل النظام” ولا أزال عند كلمتي.
ومرة قلت لرئيس المخابرات العامة اللواء هشام الاختيار عندما اجتمعنا سويةً إني أرى الدم أمامي يا هشام بيك, وقلت له أيضاً : “وكأني أنظر إلى الدماء من بين العمائم واللحى” مستعملاً كلمة الحجاج, لأشير إلى أننا مقدمون على أحداث, ولكنه صمت ولم يجب.
هناك من يقول انك طرحت على رئيس المخابرات العامة اللواء هشام الاختيار مساعدة جمعية حقوق الانسان في سورية للدولة في حل مشكلة ملف المفقودين والأسرى اللبنانيين, ما دقة هذا القول?
بالفعل طرحت مسألة المفقودين والأسرى اللبنانيين, وقلت له ستواجهون هذه المشكلة, وأخذت رأيه في ان تقوم جمعية حقوق الانسان في سورية بمساعدة الدولة بحل هذا الملف, شارحاً علاقة الجمعية الطيبة مع عدد من منظمات حقوق الانسان اللبنانية, كل ما أجابه ” أنَّ هذا الكلام طيب”, ولكن لم يقدموا أي شيء وواجههم الملف.
وأتساءل من بيده الحل والربط, من بيده المفتاح , صراحة أنا بهذا العمر والخبرة المتراكمة لا اعرف من بيده المفتاح في هذا البلد.
من المعروف ان المحامي هيثم المالح قابل وزير الداخلية اللواء بسام عبد المجيد لأكثر من مرة, هل طلبت منه إغلاق ملف المفقودين السوريين, وإعادة البيوت المصادرة إلى أصحابها, طالما انك عرضت خدماتك لحل ملف المفقودين والأسرى اللبنانيين?
تكلمت مع وزير الداخلية بهذا الشأن وطالبته بإنهاء ملف المفقودين السوريين, وقلت بعض الناس متوفين وهم على قيد الحياة في السجلات المدنية, لماذا لا توفوهم وتنهوا الموضوع, وأوضحت له ان الملك الشاب في المغرب أنشا لجان مصالحة وعوض الناس باعتباره لا علاقة له بما جرى سابقاً, وسألت لماذا لا تستفيمن دون من التجربة نفسها, ولكنه فاجأني بإجابته أن المغرب مدعوم خارجيا, ولكني رددت عليه أن هذه الخطوة تحقق دعما داخليا وهو أقوى من الدعم الخارجي, وطالبته ان يتكلم مع الرئيس بهذا الشأن, كما أكدت له ان هناك آلاف البيوت المصادرة يسكن فيها ضباط ومسؤولون , وقلت له ” تلك المرحلة انتهت …. أعيدوا المنازل لأصحابها”.
والإشارة على القيد العقارى توضع بطلب من محكمة ولا يجوز ان يقال فلان منتسب لحركة “الأخوان المسلمين” صادرنا منزله, وعندي حالة قانونية سأذكرها كمثال, جاءت امرأة زوجة أحد أعضاء “الأخوان المسلمين” بعد وفاة زوجها, ومنزلها مصادر , أخذت حكما قانونياً باسترجاع المنزل, ولكن للأسف الشديد لم استطع أن أنفذ الحكم ولم ترفع الإشارة عنه للآن.
هل سببت لك مقالتك عن الاستحقاق الرئاسي أي أذى وضرر كونك دعوت فيها كل مواطن يجد في نفسه الكفاءة لشغل منصب رئاسة الجمهورية أن يتقدم للترشيح عبر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب?
القانون لم يقل أنَّ على المرشح ان يكون بعثياً لكن تقديم طلب الترشيح يجب أن يقدم إلى القيادة القطرية, واعددت دراسة شرحت فيها أنَّ القيادة القطرية عبارة عن طريق تمرير الطلب أو جسر عبور إلى مجلس الشعب, وهو بدوره يقبل أو يرفض الطلب ذلك إذا كان مجلس الشعب يملك قراره, وقدم المحامي عبد الله الخليل من الرقة طلباً إلى القيادة القطرية التي كان عليها أن تبعث الأوراق إلى مجلس الشعب, والذي بدوره يعطيها للجنة متخصصة وتبدي رأيها فيه, وبالتالي يكونوا قد ذهبوا للعمل بمنطق قانوني وبشفافية, وهم لا يريمن دون ذلك لأنه ضد مصلحة النظام.
هناك أشخاص ضمن النظام ليس لديهم عقل يفكر تفكيراً صحيحاً, فما الذي يضير الدولة لو أنها أصدرت بياناً أعلنت فيه أسماء الذين أعدمتهم , فالناس ماتوا بطريقتين إما تحت التعذيب أو قتلوا بالسجون أو بحكم من محكمة ميدانية عسكرية, وكل أحكام هذه المحكمة باطلة و القضاة الذين كانوا قائمين عليها وأصدروا أحكاما بالإعدام مسؤولين عن أحكامهم, ولو كان هناك أناس يلاحقون الموضوع يمكن إحالة القضاة إلى محكمة الجنايات الدولية ويحاكموا على عملهم ضد القانون الدولي.
لماذا لا تؤدي منظمات حقوق الانسان السورية بهذه المهمة, بدل أن تقذفوا الكرة في ملعب الشعب?
ليس لمنظمات حقوق الانسان أي صلاحية بهذا الموضوع, لأن لابد من مدعين يتبنون التوجه إلى محكمة الجنايات وجرائم الحرب, فالناس والأسر التي تضررت هي التي أدعت على الزعيم الصربي, وليس المنظمات الحقوقية, أما في سورية لا أحد يطالب, ومثال على ذلك رفعت الأسد, فرغم كونه ممنوع من العودة إلى سورية, وغير مرغوب فيه من النظام إلا ان الناس لم تتكتل وتطالب بمحاكمة رفعت الأسد على الجرائم التي ارتكبها في تدمر.
وإذا كان هناك احد يريد ان يطالب بمحاكمة رفعت الأسد, فلدي القدرة للتحرك قضائيا واطلب بمحاكمة كل هؤلاء, وأول من سأطالب بمحاكمتهم أعضاء مجلس الشعب الذين أصدروا القانون” 49″ القاضي بإعدام كل شخص ينتمي إلى جماعة “الأخوان المسلمين”.
برأيك لماذا لم يحاكم النظام رفعت الأسد كما فعل مع نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام بتهمة الخيانة العظمى ?
هذا السؤال يجب ان يوجه الى النظام, ولكن يجب ان يحاكم رفعت الأسد عن مجزرة تدمر, وهذه المجزرة تكفي لأن تقوده إلى حبل المشنقة, واعتقد أن النظام لا يحاكم رفعت الأسد لأنه لا يزال يعتبره جزءا منه, أي من عظام الرقبة كما يقال, وهناك سبب آخر, وهو ان رفعت الأسد لم يفعل شيئا لهم في حين ان خدام تحالف مع خصم عنيد للنظام, وهم “الأخوان المسلمين” الذين يرى النظام أنهم يشكلون خطراً عليه.
ولو كان النظام يحترم نفسه بعدما تغيرت الظروف, لحاكم رفعت الأسد على مجزرة تدمر, ولكان ثبت وضعه في البلد مئة مرة, وبالفعل وقتها يقال ان النظام يريد مصلحة البلد, وإذا كان هناك أناس تضرروا مما جرى في تدمر فانا مستعد لمقاضاته في المحاكم المحلية, ولا يهمني أي شيء.
من المعروف أنك ارسلت الكثير من الرسائل لرئيس الجمهورية بشار الأسد, ألم تتعرض إلى أي مضايقات أمنية, وهل كان هناك ردا ما على إحدى رسائلك?
جاء رد مرة واحدة على إحدى الرسائل فقط بإحالتي إلى المحكمة العسكرية, بسبب تقديمي دراسة بخصوص عدم صلاحيات محكمة الميدان العسكري بمحاكمة احد الأشخاص الذي كان ارتكب جرائم عدة وسرقات, وبعثت هذه الدراسة إلى الرئيس صاحب الصلاحية بإلغاء الحكم أو تخفيضه, ولكن أثارتهم نقاط عدة أهمها ان محكمة الميدان العسكرية وضعت في أول عهد الاستبداد السياسي, وفي ظل هذا النوع من المحاكم احيل عدد كبير من المواطنين لإجراء تصفيات جماعية من دون وازع من ضمير, مؤكداً ان القضاء العسكري أسلوب شاذ من أنواع الحكم, والاهم من هذه النقط قولي إن سورية بعد مؤتمر مدريد لم تعد في حالة حرب مع إسرائيل, ما أدى إلى وضع الرئيس بخط يده .. يحال إلى المحكمة العسكرية .. وهذه أول حادثة في سورية منذ الاستقلال.
التقى بك وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير , ما أهم وابرز النقاط التي أثرتها مع الوزير, وهل طالبت الفرنسيين كما قيل بالضغط على الحكومة السورية من اجل إطلاق سراح جماعة إعلان دمشق, وجماعة إعلان “دمشق ¯¯ بيروت “, وماذا كانت ردة الفعل الفرنسية من مطالبتك?
أثرت في اللقاء الذي امتد نحو ثلاثة أرباع الساعة ازدواجية النظرة لدى الفرنسيين, فهم يطالبون بالإفراج عن جماعة ” إعلان دمشق” وعن ميشيل كيلو وأنور البني وغيرهم, في حين هناك آلاف المعتقلين في سورية ونسبة 95 في المئة منهم لم يرتكبوا ذنبا أو عملا ضد القانون, وبالتالي لان هؤلاء ينتمون لتيارات دينية “إسلامية” لا أحد يطالب بهم, وقلت له إنَّ الناس ستنظر اليكم نظرة غير صحيحة بأنكم “الفرنسيين” لديكم خيار وفقوس, وحقوق الإنسان لا تتجزأ, وبالتالي تكونوا مع هذا ولا تكونون مع ذاك.
وقلت لكوشنير إذا أردتم ان تتكلموا من اجل المعتقلين عليكم ان تتكلموا من اجل كل المعتقلين, وخصوصاً الذين لم يرتكبوا جرما قانونياً.
وهناك أمر آخر تحدثت به, وهو أن باريس عندما تطلب من الحكومة السورية بشأن الإفراج عن هؤلاء الناس, سيردون عليها ان ليس لكم علاقة ولا تتدخلوا بالشؤون الداخلية, ومن وجهة نظري يجب ان يكون لكم سبب قانوني وجيه لممارسة الضغط في هذه الناحية الحقوقية, وهو توقيع الشراكة الأوروبية المتوسطية مع سورية, لأن ضمن بنود الشراكة هناك بنود تتعلق بحقوق الانسان, والشراكة الأوروبية في حال تم التوقيع عليها يكون لها طابع المعاهدات الدولية التي تعلو على القوانين المحلية, وبالتالي يمتلك الاتحاد الأوروبي صلاحية التدخل والضغط على الحكومة السورية في مجال حقوق الانسان, إذا مصلحتنا كشعب سوري وكمنظمة حقوقية ان توقع الشراكة مع النظام السوري.
وتطرقت إلى مسألة مهمة وهي مطالبتنا بمزيد من الحرية لعمل منظمات حقوق الانسان السورية, وان تمنح هامش حرية اكبر, ويشرعن عملها, لأن هذا حتى من مصلحة السلطة التي لن تتضرر , وأكدت أنَّ المنظمات الحقوقية ليست معارضة وإنما تعمل في إطار حقوق الانسان.
سألني وزير الخارجية الفرنسي سؤالا واضحا وهو هل تستطيع المحكمة إطلاق سراح جماعة ” إعلان دمشق”? أجبته بالتأكيد لأن المحكمة وفق قانون العقوبات تملك سلطة إطلاق سراح حتى القتلة, وتستطيع ان تحاكمهم طلقاء, وقلت له :بإمكان السلطة ان تهمس بإذن المحكمة وتطلق سراحهم.
أما بالنسبة “ل” إعلان دمشق” ¯ بيروت” فقد تكلم عن ميشيل كيلو وأنور البني وقال أنه ينوي التحدث بشأنها,وقلت له من وجهة نظري الأمر جيد, ويجب أن تكون المطالبة من اجل إطلاق سراح كل المعتقلين.
رغم تراجع أداء جمعية حقوق الانسان في سورية, ومضي سنتين على عدم انتخاب مجلس إدارة المنظمة, ما سبب تراجع أداء الجمعية, وهل سينتخب مجلس إدارة جديدا قريباً?
نشطت الجمعية عندما كنت رئيساً لها نتيجة من أسباب عدة وأهمها الخبرة وتراكم العمل, فقد عملت سابقاً في نقابة المحامين في العام 1978 في لجنة الحريات العامة وحقوق الانسان, وكان رئيس اللجنة رشاد برمدا (وزير دفاع سابق), وبعد ان أصدرنا القرار رقم واحد الذي يتحدث عن حقوق الانسان في سورية, وتبناه اتحاد المحامين العرب, وحتى الاتحاد الحقوقي العالمي, ذهبنا بعده إلى السجن.
رغم وجود اللجنة العربية لحقوق الانسان في سورية منذ العام 1961 والتي يسميها البعض ” الرابطة السورية لحقوق الانسان” والتي كان يرأسها الدكتور مروان محاسني ولكنها لم تنشط أبداً.
وعندما عدت للحرية عملت مع منظمة العفو الدولية ولا أزال, ما أدى لاكتسابي خبرات ممتازة, ونسقت معهم من اجل أطلاق سراح معتقلين في سورية, وهذا الرصيد المهني كان له أثر كبير في العمل العام, إضافة الى كون مقر الجمعية في مكتبي فكنت دائماً أتابع القضايا ساعة بساعة, لأن العمل الحقوقي آني ويومي, ورصد الانتهاكات تحتاج إلى عمل دؤوب ومستمر, وبالنسبة لمجلس الإدارة الحالي للجمعية فهو غير شرعي والمفروض ان ينتخب بأسرع وقت, رغم أني قدمت أكثر من صيغة للحل إلا أنهم لم يأخذوا بها وهم من يتحمل المسؤولية.
دائما تتباهون وتتبارون في منظمات حقوق الانسان بالقول أنكم على مسافة واحدة بين السلطة والمعارضة, وهدفكم هو رصد انتهاكات حقوق الانسان, أين بياناتكم على الأقل عندما اغتيل العميد محمد سلي¯¯مان, ولماذا وقفتم صامتين وكأنكم تدينون النظام باغتياله?
بالفعل لم تصدر الجمعية أي بيان بهذا الشأن, وكان يجب ان يصدر مجلس الإدارة بياناً يندد فيه بعملية الاغتيال تلك, ولكن الجمعية حتى حينما أعدم في مدينة حلب واحد من أعضاء جماعة “الأخوان المسلمين” لم يصدروا البيان, رغم أني أعلمت رئيس مجلس إدارة الجمعية الحالي بالأمر, ولكنه لم يصدر للآن, قد يكون السبب الرئيسي هو الإهمال والتقصير.
بعد سياسة الترهيب التي اتبعها الأوروبيون والأميركيون مع النظام السوري, نراهم اليوم يهرولون نحو دمشق, فهل هذا يفسح لكم في المجال للعمل في المجال الحقوقي, أم أنكم تنتظرون الدعم الأوروبي والأميركي مالياً ومعنوياً, ومن ثم حق الترخيص حتى تباشروا نشاطكم على أكمل وجه?
لا اعتقد ان هناك هرولة, الولايات المتحدة الأميركية تسير باتجاه خاطئ, ذلك على الصعيد العالمي وليس على مستوى إقليم أو ضد النظام السوري, اليوم أوروبا بقيادة فرنسا رأت موضوع عزل سورية غير منتج, لأن سورية بلد رئيسي في المنطقة وليس ثانوياً, والعلاقات الدولية لا تقوم وتنشأ على الأخلاق وإنما على المصالح, والغرب اليوم له رؤية بمد جسور التواصل مع النظام السوري.
المسالة الإيرانية تحتل حيزا كبيرا على الساحة السياسة العالمية, والنظام السوري له علاقة مع إيران لذلك رأت أوروبا أن من مصلحتها مد يدها للنظام علها تستفيد من ذلك في مسألة المفاوضات مع إيران.
برأيك ما مستقبل الحريات العامة وحقوق الانسان في سورية?
لا بد أن يتغير الوضع, لأن النظام يسبح ضد التيار العالمي, وذلك عمل غير صحيح, ولن يصمد أكثر من ذلك ” أمر مفروغ منه ” كون النظام السياسي لا يستمد شرعيته من الشعب, لذلك هو ضعيف رغم جيشه وأجهزته المخابراتية وأسلوبه القمعي, ويكمن ضعفه في الأعداد الكبيرة للمعتقلين, وفي المستقبل سيزداد القمع أكثر من الآن الأمر الذي ليس من مصلحة النظام.
المصدر:السياسية الكويتية