آلة تصادم جديدة لكشف أسرار نشأة الكون وأصل الجاذبية
إيلاف
تصميمها ينتهي في 2012 وتتكلف 8 مليار دولار
آلة تصادم جديدة لكشف أسرار نشأة الكون وأصل الجاذبية
محمد حامد – إيلاف : لازالت أصداء ومتابعات تجربة “محاكاة الانفجار الكوني العظيم” تسيطر بشكل أو بآخر على الصفحات العلمية للصحف العالمية، وتستأثر بقدر كبير من الإهتمام العالمي، فقد بدأت الآلة العملاقة التي صممت من أجل تعجيل تصادم الجزيئات العمل ولكن علماء الفيزياء الآن يرسمون مخططات لآلة أكبر مزودة بامكانات وقدرات أكثر تعقيدًا، لكي تجيب عن الأسئلة التي عجز عن الإجابة عليها ألبرت اينشتاين، حيث أن آلة التصادم الجديدة وفقًا لما ذكره “جوناثان ليك” المحرر العلمي لصحيفة “التايمز” سوف يبلغ طولها 31 ميلا وتتكون من مدفعين عملاقين يعملان على تسريع الإلكترونات والجزيئات لمواد غير مادية تسمى بوزيترونات تقارب سرعة الضوء قبل أن تتصادم معا. والنتائج من الممكن أن تفتح بعض المواضيع الأكثر أهمية في مجال الفيزياء بالكشف عن أبعاد إضافية، وأصل الجاذبية وكيف حدث الانفجار العظيم الذي أدى إلى نشأة الكون.
وقد أنفق علماء الفيزياء في العالم حوالي 150 مليون جنيه إسترليني (حوالي 300 مليون دولار) على تصميمات للآلة الجديدة المسماة ” تلسكوب اينشتاين” منذ أن بدأ المشروع منذ ثلاث سنوات مضت. وجاءت حوالي 10 ملايين جنيه إسترليني من تلك الأموال من بريطانيا. وقد اجتمع حوالي 80 باحثا من العديد من دول العالم في كمبريدج، من أجل دراسة مخططات المستكشفات العملاقة التي سوف تقوم باستقصاء عمليات التصادم. وكان من بين الحضور مارك طومسون، أستاذ فيزياء الجزيئات التجريبية الجديدة، والذي يعمل في جامعة كمبريدج، والذي قال بأن الآلة الجديدة سوف تتكلف حوالي 4 مليار جنيه إسترليني في التصميم النهائي المتوقع الانتهاء منه عام 2012.
وترى النظرية الفيزيقية أن “مصادم الهدرونات الكبير” سوف يتعامل مع جزيئيات أقل من حجم الذرة تسمى (بوزون – Higgs boson) مما سيؤدي إلى إثارة العديد من الأسئلة، حيث سيكون شكلا جديدا وغريبا تماما من المادة وسوف نكون في حاجة إلى معجل التصادم العالمي الجديد من أجل التغلب على عيوب “مصادم الهدرونات الكبير” .
إن تلك الآلة سوف تكون ضخمة ومختلفة تماما عن معجل التصادم المستخدم حاليًا. حيث سيتم تسريع الجزيئات عبر ممر منحني، مما يجعل الإلكترونات والبوزيترونات تفقد الكثير من طاقتها أثناء قذفها للكثير من أشعة اكس. وسوف يستلزم ذلك أن يكون جهاز تعجيل التصادم في أحسن حال وبه معجلين ضخمين يواجهان بعضهما البعض، وتقع التصادمات في النقطة التي تتقابل فيها الأشعات الجزيئية. وسوف يكونوا في البداية على بعد 11 ميل طول، ولكن من الممكن تمديدها إلى 15.5 ميل لكل. وسوف تدفع المعجلات 10 بليون إلكترون وبوزيترون على بعضهما في كل ثانية.
وعندما يتقابل المادي مع غير المادي فإن الجزيئات سوف تعيق حركة بعضها البعض مما يؤدي إلى انطلاق طاقة تتحول بالتالي إلى جزيئات أكثر وإشعاعات. وسوف تعمل الأشعة الصادرة من جهاز تسريع التصادم على توليد حوالي 14 ألف من مثل تلك التصادمات في كل ثانية، مما يؤدي إلى خلق تركيبات جديدة من الجزيئات التي من الممكن أن تجيب على الأسئلة الأساسية.
وقد حلم علماء الفيزياء بمثل تلك الآلة لعقود من الزمن ولكن التكنولوجيا اللازمة من أجل تسريع الإلكترونات والبوزيترونات إلى مثل تلك السرعات الهائلة لم تتطور إلا في الأعوام القليلة الماضية. وتعمل تلك التكنولوجيا من خلال إرسال تدفقات كثيفة من الموجات الإشعاعية في قنوات. ومن الممكن أن تقوم الجزيئات بتسريع حركة تلك الموجات بحيث تصبح أسرع مع كل موجة تالية وهكذا .
إن تلك الآلة من الممكن أن تجيب على بعض الأسئلة التي أثارتها نظريات اينشتاين عن النسبية. فقد كانت المشكلة عند اينشتاين والتي مازالت دون حل أنه لم يتمكن من أن يوائم بين قوانين الشيء الأكثر ضخامة و قوانين الشيء المتناهي في الصغر. حيث أن عالم الذرات والجزيئات تسيطر عليه ثلاث قوى من المغناطيسية الكهربية القوية والضعيفة، وعلى مستوى الكواكب والنجوم، فهناك قوة رابعة وهي الجاذبية. إن مشكلة اينشتاين كانت في الطريقة التي تعمل بها الجاذبية والتي تبدو رياضيا مستحيل عليها أن تتماشى مع الثلاث قوى الأخرى.
ويعتقد علماء الفيزياء أنه بعد الانفجار العظيم كانت هناك قوة واحدة فقط هي التي كانت موجودة. وعندما برد الكون في البداية بعد الانفجار العظيم أدى هذا إلى تكون القوى الأربعة الموجودة اليوم. إن فريق المعجل الخطي العالمي يأمل أن يعيد بناء القوة المفردة الأساسية ويكتشف كيف أنها أعطت دفعة للقوى التالية الأربعة. كما أنه من الممكن أن تلقي الضوء على طبيعة المادة المظلمة الغامضة التي يعتقد أنها تشكل أكثر من 90% من الكون.