لماذا هذه الهدية المجانية يا أصدقاء؟ حول بيان اعلان دمشق الأخير الذي لا يريد عزلة النظام المافيوي ويؤيد دوره الايجابي في المنطقة!
د. عبد الرزاق عيد
سبق لي وعبرت في حواريتي الثلاثية مع (الشفاف) عن عجبي من تبرع أصدقاء في المعارضة في الخارج أو بعض من يحسبون أنفسهم على صفوفها بأنهم “لا يريدون عزلة النظام السوري” بل يذهب البعض إلى حد حض الأوربيين على عدم عزلة النظام، بل ويريدون اقناع العالم بضرورة الانفتاح على النظام بدعوى أن دول العالم تستطيع أن تؤثر ايجابيا في مواقف النظام تجاه الحد من قمعه للحريات السياسية وزجه نشطاء الحركة الديموقراطية في السجون إذا ظلت منفتحة على الحوار معه، وسبق لي أن سمعت مثل هذه الآراء من بعض الأطراف الأوربية في دمشق في سياق دفاعهم عن سياساتهم المرنة تجاه النظام، بينما يعتبرون تشدد الموقف الأمريكي يقطع السبل أمام الحوار وممكنات التأثير ايجابيا على سياسات النظام في حملته الشعواء ضد المعارضة، وهم (الأوربيون) بذلك يساعدون -على حد ادعاءاتهم- على دفعه باتجاه اطلاق سراح المساجين السياسيين، الأمر الذي لم يحدث ولن يحدث أبدا…!
فسرت ذلك في حينها أن ضباع وذئاب المصالح الغربية راضية ببقايا الجثة التي تأنف منها النمور الأمريكية فتتركها جيفة للصغار، وكل الشعوب الأوربية تعرف أن أنظمتها تتقرب من هذا النظام الأجرب رغم أنه مكشوف امامها في أنه لا يسعى لصداقتها بل هو يراهن على علاقته بدول أوربا كبوابة لبلوغ الكعبة الأمريكية، بما فيها توسل اسرائيل والمنظمات الصهيونية في أمريكا، وذلك لاعتقاده الباطني المضمر بأن الفاعل المؤثر الوحيد في مسار مستقبل المحكمة الدولية القادمة هو الولايات المتحدة الأمريكية، وهي قادمة بدون شك، والنظام هو أول من يعرف ذلك، بل وقبل الجميع بما فيهم اللبنانيون المدعون شخصيا على النظام الذين يذكرونا اليوم بأنها قادمة، وذلك من خلال تفوقه الأمني المخابراتي الذي برهن عليه في ساحات الدم اللبنانية…!
ظننت في البداية أن الأصدقاء الداعين إلى عدم عزلة النظام في الخارج، متأثرون بهذه الخرافات الغربية الأوربية عن الدور الايجابي في التأثير على النظام من خلال تعاطيهم الايجابي معه، مع ذلك لا أظنن أن الغربيين يجهلون مصدر هذه الشائعة الركيكة والسخيفة بوصفها من انتاج مطابخ المخابرات الاعلامية التي تتظاهر بالثقة إلى حد الغطرسة الصبيانية وهي تتظاهر بالقوة والعظمة الهذيانية في كونها قادرة أن تفرض على العالم شروط شكل التعامل معها كما يتراءى لهم وهم ينخرطون بين أرجل الكبار عندما يعرضون أراضي البلاد لتكون قاعدة عسكرية للرفاق (السوفييت) الذين تقلصوا إلى روسيا التي عادت قوية بفضل خاماتها ونفطها كما هي دول الخليج، إذ يعتقد أفراد العصابة الحاكمة أن الحرب الباردة قد عادت وما عليهم إلا تفعيل سياسات مؤسس العصابة المافيوية الأول (الأسد الأول) في اللعب على صراع الأقوياء ليظهر قويا…!
لقد تحدثت في حواريتي الثلاثية مع (الشفاف) على أن المتاح الوحيد أمام المعارضة الديموقراطية السورية هو الكشف عن الوجه القبيح للنظام السياسي الطائفي العائلي في سوريا أمام العالم بوصفه عصابة مسلحة تأخذ المجتمع رهينة لابتزاز العالم المتمدن عندما تمكنت هذه المافيات من وضع يديها على خناق المجتمع والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أي بعد أن أفرغت المجتمع من المجال السياسي، وحولته الى حيز لممارسة الاقصاء والتهميش والالغاء والتهديد والاعتقال بما يصل الى حد القتل العمد كما حدث للشيخ الكردي الجليل (الخزنوي) وما يحدث اليوم لرياض سيف بقتله البطيء المتعمد عندما لا يسمح له بالعلاج، وانتهاك القيم الرمزية والاخلاقية والوجدانية للثقافة الوطنية (اعتقال فداء حوراني).
كنت أعتقد وأنا أصوب موقف ورأي الاخوة في الخارج باعتباري أنني قادم من الداخل الذي يفترض أنه هو المرجع والحكم في تحديد المواقف تجاه سلوك وسياسات النظام، كنت اعتقد لهذه الأسباب بأنني الأدرى بهذا الشأن.
ولقد فوجئت ببعض الشباب ممن أحب وأثق وأراهن على المستقبل (حزب الحداثة والديموقراطية) في المانيا أنهم يفاخرون بأنهم كانوا سباقين الى إعلان هذا الموقف العقلاني المعتدل، وهو الدعوة الى عدم عزل النظام، وذلك للتمكن من التأثير على مواقفه تجاه مسألة الحريات والدفاع عن المعتقلين والمنفيين والمهجرين.
فقدرت أنها قراءات أملتها ظروف اغتراب بعض الشباب عن الوطن وتشربهم للمفاهيم المدنية عن السياسة في المجتمعات الديموقراطية الغربية، ونسيانهم أن بلدهم سوريا هي دار حرب لا دار سياسة، وأن اخوتهم في المعارضة مجبرون على عيش السياسة بروح (جهادية -فدائية)، حيث البربرية المتوحشة للنظام لا يمكن أن تنتج اطروحة سياسية مضادة الا في صيغة المواجهة الحربية،التي تقترب من جعل المناضل السياسي في سوريا، أقرب الى صورة الميليشي (البطل)، بما فيها نحن أصحاب الكلمة أجبرونا على العودة بالكلمة إلى زمن أن تكون (سلاحا: الكلمة رصاصة)، بل لايستطيع المرء أن يتصور أن الذين حضروا المجلس الوطني لاعلان دمشق الا وقد اختاروا أقدارهم التراجيدية كما في الملاحم بدون تردد أمام المصير، أو بالأحرى كأن التاريخ القيمي والأخلاقي لسوريا أبى أن يتوارى تحت تراب شعارات التزييف والالغاء الذي كان يراد له أن يستعاض عنه بوثنية الطاغية الطوطم بوصفه ممثل البدايات والنهايات من ضياع الجولان إلى ضياع اسكندرون التي توجته بطانته (نبيا أو الها إلى الأبد…إلى الأبد يا حافظ الأسد…!).
وكأن التاريخ يثأر لنفسه عندما تم انكاره وتغييبه قسرا، فأنتج تعينه الجديد بتجديد النسل القيمي ليوسف العظمة الذي يذهب إلى القتال دون أي وهم عن ممكنات الانتصار، بل لكي لا يقال أن سوريا استعمرت ولم يوجد من يدافع عنها، وهذا هو جوهر حركة المعارضة الديموقراطية في سوريا خلال كل الاحتلالات الخارجية أو الداخلية، فلا داعي للتنظير عن ميزان القوى ودرجة الصح والخطأ في موقف المعارضة ومدى صحة تقديرها للحظات قوة النظام وضعفه..
إننا لم نكتب كلمة -خلال حقبة المواجهة مع النظام- ونحن متوهمون ومراهنون على سقوط النظام للتو، لقد كنا نكتب وسنكتب لأننا لا نتحمل كل هذا العار الجاثم على صدورنا، لا نتحمل أن تسبى نساؤنا (فداء حوراني) ونحن مستسلمون لحكمة عصورالذل “المضطر ياكل مع صاحب زوجته”، حيث لا يبقى – عندها في سوريا – إلا ما سميناه بنموذج (المثقف الديوث)، ولقد انتزعنا هذا المعنى النبيل حتى من خصومنا، إذ يعترف به أذكياء جنرالاتهم عندما عبر أحدهم قائلا: لا نعرف كيف سنتعامل معكم أنتم (متصوفة المعارضة)، إنكم صوفيون ولستم سياسيين، وهو يقصد بالسياسة فن المقاولة كما علمهم اياها ملهمهم حافظ الأسد، أي فن البيع والشراء… وعلى هذا فإني على يقين راسخ أن أحدا من أفاضل مجلس اعلان دمشق (163) كان يتوخى مغنما في حضوره لاجتماع المجلس، فكلهم كان يعرف أن الغرم هو الذي ينتظره، ولذا لا داعي لتفسير تقديم هدية الافراج عن النظام ورفض عزله، بانتظار مبادرة افراج مقابل من قبل السلطة عن معتقلي اعلان دمشق، الذين بمجموعهم يعرفون أنهم مقاتلون من أجل الحرية بلا ثمن، ولا أظن أن أحدا منهم ينتظر هذه المكرمة الانقاذية من قبل رفاقهم المشفقين عليهم، وإلا لما اختاروا هذا الطريق لو كانوا يخافون الاعتقال…! هذا بالطبع بغض النظر عن حقيقة إن كان النظام سيفرج عنهم بحق، حيث لم يقدم لنا قط مثالا على ذلك، بل كل ما برهن عليه حتى الآن أن حربه مع مجتمعه هي قدره البنيوي التكويني والعضوي بعد أن انحطوا بالمجتمع السوري من مجتمع مدني إلى مجتمع طائفي، وأكبر دلالة راسخة على ذلك دفعه للمجتمع (السوري واللبناني: مثال طرابلس أخيرا) باتجاه الاستقطاب الطائفي، لأنه يسعى لفك عزلته عبر التسلح بطائفته لتجييشها وتوريطها ضد مجتمعها كما فعل مع الطائفة الشيعية اللبنانية، ومن ثم تحالفه المشبوه (عربيا وقوميا: وفق خطابه) مع ايران، تماما كما ورط الطائفة الشيعية في لبنان ضد مجتمعها لتفخيخه بالحرب الأهلية، لوضع شعاره: نحن أو الفوضى… موضع التنفيذ، أي ابتزاز شعبه السوري عبر تهديده بوحدته الوطنية من خلال التهديد: إما القبول بسلطاننا أو الحرب الأهلية، أي إما قبول الطغيان أو خسارة الأوطان وفق معادلة سلفهم صدام…!
وعلى كل حال، إذا كانوا يرون فينا متصوفة وغير سياسيين، فنستطيع أن نقول لهم ونحن نستهدي بأنوار القلب وحدس الفؤاد أننا نستشعر بدنو أجلهم – بدون حسابات موازين القوى – مهما حاولوا تمديده بالتوسل لاسرائيل أوالاذعان لساركوزي الذي صفعهم حين زيارته بترفع واستعلاء وغطرسة من يخشى على سمعته من تهمة صداقتهم لهم، فأرادها زيارة خاطفة وعابرة، وكأنه يعتذر للشعب السوري والفرنسي عن غلطته في المراهنة على ممكنات اعادة تأهيل عصابات مرتكبة لجرائم جنائية وارهابية وطنيا واقليميا ودوليا للقبول في محافل المجتمع الدولي المدني والمتحضر…
المفاجأة الكبرى بالنسبة لي، هو صدور البيان الغريب عن الأصدقاء في قيادة الاعلان،إذ يعلن عدم رغبته بعزلة النظام ومن ثم تأييدده للعملية التفاوضية الجارية، وهو بذلك يقدم تبرعا باضفاء الشرعية الوطنية على (محاولات بيع الوطن لانقاذ الذات)، من قبل عصابة قتل واجرام تسعى لشراء حياتها من اسرائيل ببيع البلاد والسيادة، ولا علاقة لها على الاطلاق بأي هاجس وطني يتعلق بالجولان الذي كان دائما موضوعا للمقاولة منذ التنازل عنه من قبل (الأب القائد) مقابل اطلاق يده الدموية واللصوصية في لبنان للتمهيد لطرد منظمة التحرير الفلسطينية التي واصلتها اسرائيل.
لقد وجدت نفسي مع البيان بأني آخر من يعلم، في حين كنت أعتقد أني قادم حديثا من الوطن وأنني الأعلم بسياسات الاعلان من الأخوة والزملاء في الخارج.
نعم أقول: إن المفاوضات المسماة (سورية -اسرائيلية)، ليست إلا مفاوضات عصابة خارجة عن القانون الدولي تسعى لانقاذ نفسها جنائيا وجرميا من خلال التبرع بالسيادة الوطنية، هذه الصياغة لموقفنا ستجد بالتأكيد من يزورعنها رافضا تحت عدة ذرائع:
– الذريعة الأولى أن لا تظهر المعارضة نفسها أمام العالم وكأنها ضد خيار السلام، مما يعزز كذبة تسويق النظام لنفسه بأنه يمثل الاعتدال، وأنه كل ما خارج نسقه مآله: الأصولية أو الفوضى، وأن معارضيه المدعين الديموقراطية ليسوا سوى متطرفين شيوعيين وقوميين واسلاميين: أي ارهابيين، كما سماهم الفتى الأغر الوريث الأصغر لمؤسس دولة الارهاب (الداخلي والخارجي) ابن حافظ الأسد، حيث لم يجد سوى صفة الارهاب لفداء حوراني ورياض سيف وميشيل كيلو وعارف دليلة قبل الافراج عنه، وعائلات أسرى الحرية من آل البني (أكرم وأنور) وآل عبدالله (علي وبنوه) وجبر الشوفي رمز دماثة ورقة وتهذيب وكرم أهل جبل العرب الأشم (السويداء) ود. أحمد طعمة ود.ياسر العيتي نموذجان لأنبل وأعذب ممثلي الروحانية الاسلامية وشفافيتها الاخلاقية والوجدانية والتنويرية، والفنان التشكيلي الرهيف الذي قضى نصف عمره في السجن طلال ابو دان.
والصحفي صاحب الابتسامه الدائمة (فائز سارة)، ومحمد حاج درويش الذي يعيش الهم الوطني 24/24 ساعة، هؤلاء هم الارهابيون، بينما عصابة الاشرار والاغتيال والقتل هم الذين نتبرأ – نحن اعلان دمشق – من ارادة عزلهم بل ويراد لنا أن نتطوع للانتظام خلفهم وهم يرافعون عن أنفسهم دفعا لإجرامهم السياسي الموصف جنائيا بجزيل العطاء لاسرائيل لكي تتوسط لهم عند أمريكا.
هؤلاء لسنا بحاجة – أيها الأصدقاء – لندافع عن أنفسنا أمامهم من تهمة أننا من الغلاة المتطرفين الرافضين لمشاريع السلام…!
– سيجد موقفنا هذا من يتهمه بالمشاعرية تارة أو الاحقاد ونزعات الثأر والانتقام تارة أخرى، انطلاقا من مبدأ عقلانية الامر الواقع القائلة بضرورة التقدير الصحيح لموازين القوى.
حيث الأخوة في الاعلان يريدون اقناعنا بـ(السلام) لأن موازين القوى لا تسمح بالحرب مع اسرائيل، ولا أعرف من هي القوى في سوريا التي تدعو للحرب مع اسرائيل…! وذلك غير بعض العنتريات الشعبوية الزائفة من قبل النظام ذاته أومن قبل معارضيه الذين هم على شاكلته عتادا سياسيا وبضاعة ايديولوجية: (ممانعة وصمودا وتصديا) وذلك من خلال الحديث عن فتح جبهة الجولان للمقاولة عليه مع اسرائيل وأمريكا..
ان رفضنا لهذه المفاوضات لا علاقة له بمسائل الحرب والسلم التي هي ليست من شواغل النظام الا في حدود صناعة فن بقائه كمقاول في الحرب والسلم، مقاول في صناعة الارهاب ومحاربته، ومقاول في انتاج الاصوليات الجهادية لاستخدامها عند الحاجة كما في نهر البارد، أوبيعها بنحرها وسحلها كما حدث ويحدث في (سجن صيدنايا) استجداء للرضا الأمريكي (الامبريالي) في كونهم متعاونين في الحرب ضد الارهاب…!
إن موقفنا في هذا السياق انما هو موقف من يعبر عن ضمير المجتمع السوري دستوريا، إذ أن هذا النظام لا يمثل مجتمعه ولا يحق له التفاوض باسم هذا الشعب الذي لم يستشر، ولا أظن أن أحدا من الأصدقاء في اعلان دمشق استشير حتى يقدم مشورته بالتأييد أو الرفض.
وهو يعبر عن ضمير المجتمع السوري ديموقراطيا باعتبار أن حاكم البلاد حاكم وريث للنظام ذاته الذي قادنا إلى كل هذه الهزائم الفاضحة، والأب ذاته الذي قاد كل تاريخ الهزائم لبلادنا كوزير للدفاع الذي يقتضي الحد الأدنى لشرفه العسكري أن يستقيل من منصبه بعد كارثة هزيمة حزيران 1967، بدل أن يكافأ نفسه برئاسة سوريا لمدة ثلاثة عقود هدم فيها كل ما أنجزته الحقبة الديموقراطية في سوريا، بل والحقبة الكولونيالية ذاتها، حيث مثل كولونيالية قروسطية منحطة أعادتنا الى الأزمنة المملوكية والانكشارية لكن بدون شرف انجازاتها العسكرية.
– إن المعارضة في سوريا -فيما نرى – ينبغي أن تنطلق من بداهة لاشرعية النظام واغتصابه للسلطة بالشوكة والغلبة والعصبية باشتقاقاتها الطائفية والعائلية، وعلى ضوء هذه المصادرة تتم عملية اشتقاق الموقف المطابق لهذا المعنى والدلالة، وعليه فإن كل ما يصدر عنه فهو غير شرعي، بل هو باطل بالضرورة، فما يبنى على باطل فهو باطل.
وهذا الموقف ليس موقفا ثأريا بل هو الحق الأدنى للتعامل بالمثل،فالعصابة المتسلطة لا تنكر وجود المعارضة فحسب، بل تنكر المجتمع بكامله وحقه في التعبير عن نفسه بل وعن حقه قي الوجود بالمعنى الحديث لمصطلح (المجتمع) كصيغة للعقد الاجتماعي المنتج لمفهوم المواطنة، وليس بوصفه رعية ورعايا سديمية هائمة لا ملامح لها ولاهوية، فالمجتمع والامر كذلك معتقل باعتقال أبنائه الذين يطالبون بالاعتراف بحقه في التمثيل والحضور، وهو كأبنائه يختزل في عين سجانيه ليكون موضوع مقاولة ومبازرة مع العالم الحر، حيث يطرحون على العالم معادلة إما القبول بهم فيما هم عليه كعصابة أو القبول بسوريا كمجتمع ووطن وشعب بمثابتها رهينة.
ولذا فإن دور المعارضة يحب أن لاتغيب عنه قط مسألة الحرية كسؤال معرفي يؤسس للديموقراطية كسؤال سياسي بوصفه أمير الأجوبة، على حد تعبير ابو حيان التوحيدي، أمير الأجوبة الذي يستحق أن يرتقي الى معارج ملكة الأسئلة (الحرية).
أي طرح سؤال هل أن المفاوضات السورية الاسرائيلية ستخدم قضية الحرية والديموقراطية للشعب السوري، أم أن النظام يريد من اسرائيل حقنة أوكسجين امريكية تنقذ كابوسيته القابعة على صدر حريات الشعب السوري لعشرات السنوات القادمة!؟
المعارضة السورية لا تمتلك أية صيغة عقدية تدمجها في بنية المجتمع السياسي الذي يتشخص عقديا في صورة الدولة، كما هي عليه الأمور في الدول الغربية الديموقراطية حتى نجد أنفسنا مدعويين لابداء الرأي واتخاذ الموقف من سياسات النظام الخارجية التي لا يمكن أن تفكر بالمصلحة الوطنية – لفسادها وأقلويتها – الا عبر بوابة مصالحها الذئبية الدنيئة، ناهيك عن أن أي موقف من هذا النوع تأييدا أورفضا، فهو يصب في خانة الاعتراف بشرعية تمثيل النظام لسوريا الأسيرة منذ نصف قرن.
ولهذا فالأمثل لنا وللأخوة في اعلان دمشق ان لم نستطع أن نقول خيرا، فلنصمت فذلك أدعى للحكمة والرشاد، وأدعى لاحترام اخواننا الذين يعيشون مهازل المحاكمات ومسخرات القضاء بجدية مأساوية على مرأى ومسمع الشعب السوري والمجتمع الدولي الذي يرسل مندوبيه وممثليه باسم التضامن معنا، وهو لا يفعل في ذلك سوى اضفاء الجدية على المسرحيات الهزلية باسم أنه يستطيع من خلال عدم عزل النظام التأثير بقراراته: ربما بسبب هذا التأثير (الملهادي) أن أصدقاءنا لا يحكمون بالاعدام.. أو على الأقل لاتنفذ بحقهم هذه الأحكام…!؟
– نرجو أن لا يكون موقف الأصدقاء في الاعلان ثمرة رسائل مفخخة من قبل جنرالات مكتب الأمن (القومي) لبعض قيادات الاعلان توحي بأن التجاوب المعتدل مع سياسات النظام، ستؤدي الى مرونة في التعامل مع المعتقلين، وربما اطلاق سراحهم…
لقد جربنا مثل هذه المساومة منذ سبع سنوات تاريخ اعتقال العشرة (الأوائل لربيع دمشق) تحت صيغة أن العصابة الحاكمة تتعرض لظروف دولية ضاغطة – دائما كالعادة – وأننا اذا بالغنا بالضغوط عليهم كتابة واعلانا وتحركات فان ذلك سيكون وبالا على أصدقائنا المعتقلين… فحاولنا أن نصدق… سيما وأن المتحدثين من كبراء جنرالاتهم… فالتزمنا الصمت لبعض الوقت، لكن بدون أي تأييد لأي من سياساتهم بكل الأحوال… وإذا بهم يخصون زميلنا في اللجنة التأسيسية للجان احياء المجتمع المدني (عارف دليلة) – دون زملائنا العشرة – بحكم 10 سنوات أخرجتنا حينها عن صمتنا بل وهدوئنا… لكننا بعدها لم نعد نصدق: لا (أيمان القسم) ولا وعود الاصلاح وكذب محاربة الفساد.. وذلك لقناعتنا أن العطب موجود في صلب وجودهم فكرا وسلوكا وممارسة.. وكأن هناك طابعة سحرية (ميثولوجية) متعالية طقسيا تنسخ ليس شعارات البعث فحسب بل وكائناته… وهذا ما يفسره لنا عجز بعث صدام وبعث الأسد عن أن ينتج شخصية واحدة قادرة على الخروج من نسق التكرار المتواصل للشعار ومن نسق استنساخ ذواتهم بلا انقطاع، كعملية سباقة حتى على استنساخ (النعجة دولي)، عبر الدوران في الزمان والمكان حتى يجئ اليوم الموعود… ولكل يومه الموعود، تظنونه بعيدا ونراه قريبا قريبا..!
كاتب سوري – باريس
هل هذا معقول !!
إنه من غير المعقول أن كل الموقعين على إعلان دمشق مصابين ب ” ميوب مزمن ” قريب للعمى ” العمى و كأنهم من أركان النظام و يبدو أنهم لم يقرؤا تاريخ العصابة الوسخ قراءة سليمة واعية ليتعرفوا على الفيروسات الخطيرة المستحكمة داخل نسيج العصابة المشؤومة و الذي لا علاج لها إلا بالآجتثاث و رميها بمزبلة التاريخ و سكب الرصاص المائع فوقها فلا خلاص لسوريا و شعبها الجريح إلا بالقضاء على نظام التخلف و بشكل نهائي و كل الحلول الأخرى ما هي سوى كلام فارغ و علاك مصدي , إستيقظي يا سوريا فقبولك لهذا الوضع المزري وصل لدرجة عار على العنصر البشري فلو تعلموا بما تصفكم به شعوب العالم الحرة لأطلقتم الرصاص على صدغكم بالحال ,إستيفظوا حرمة لمستقبل أولادكم على الأقل فما ذنبهم للعيش مثلكم بدون عزة و لا كرامة و لا حرية مسلوبين منهوبين على مدار الساعة فالعصابة المجرمة الآن وضعت عيونها على بيوتكم و أراضيكم بعد ان نهبوا الأخضر واليابس أكرر الأخضر واليابس فموارد الدولة تصرف على أجهزة أمنها و سجونها التي تزيقكم كل أنواع العزاب يوميآ فماذا تنتظرون أن يبيعوكم وأولادكم و نسائكم في سوق النخاسة بعد إستعباد شبابكم من قبل ضباط جيش ” أبو شحاطة ” كفاكم عيبآ إستيقظوا ألم يبقى فيكم أثر ” لعرق النخوة والشهامة ” فأستيقظوا بإلله عليكم إستيقظوا قبل فوات الأوان و قبل أن يدخل كروموزوم العبودية في تركيب الحامض النووي في تكوين أطفالكم , أقول قولي هذا داعيآ و مصليآ رب العالمين و حبيبه المصطفى أن يزيلوا المستبدين بكم من على وجه البسيطة و يعينوكم في جهادكم للوصول إلى الحرية , والسلام على كل من إختار و أتبع الهدى والحرية والعيش بعزة و كرامة فقط لاغير
أبو العز الشامي
عزيزي الدكتور عبدالرزاق عيد المحترم جدآ , أحييك بحرارة
منحنيآ و قبعتي بيدي إحترامآ وإجلالآ لنضوج أفكارك ووجهات نظرك فيما يتعلق بوصف العصابة المحتلة للبلاد الناهبة للعباد و لتسمية الأشياء والأوضاع بمسمياتها الحقيقية فإني أشاركك كل أرائك التي وردت في هذا المقال والمقالات السابقة و على ما يبدو أن للسن والخبرة دور كبير في شحذ الرؤية و نفوذها إلى نوى المواضيع و المشاكل الموضوعة على طاولة البحث , ويبدو أننا من مواليد نفس الفترة الزمنية ففي دمشق شهدت مولد البعث واللجنة العسكرية الخائنة عندما كانوا يحبوا و كما يقال شعبيآ : صحة الطفل بتبين من خراه ولم أرى فيهم أي خير للبلاد ودخلت السجون مع الرعيل الأول من شباب الوطن الأحرار نتيجة لمشادات و “خناقات ” عنيفة مع أعضاء الحزب الشباب المسلحين برشاشات تشيكية الصنع فيما يسمى بالحرس القومي ومن مفاجئات القدر و بعد خمسة سنين في أحد شوارع صوفيا / بلغاريا أصادف أحد هؤلاء البعثيين الذين تسببوا بسجني و بدون سلام أو كلام إنهلت عليه ضربآ مبرحآ و “معسته ” بأقدامي و لكونه جبان لم يدافع عن نفسه و عندما أتت الشرطة إتهمته بأنه كان يريد أن ينشل محفظتي و نظرآ لفيزتي السياحية و جواز سفري الأوروبي أدوا لي التحية واخذوه وهو يبكي , إن أفراد هذه العصابة جبناء حقآ فهم يختبئوا خلف فوهات الكالاشنيكوف المسددة الى صدور العزل و خوفهم نابع من معرفتهم لدموية تاريخهم القمعي منذ 1963 و من نظرات الشعب المملوئة بالحقد والكراهية وعدم الأحترام
و على ما يبدو أن الأحتقان بين الشعب على أشده ضف على ذلك إرتفاع الأسعار و الجوع يعني بأن ساعة الخلاص باتت قريبة والشعب سيقول كلمته الأخيرة , أما دور منظمات المعارضة في الخارج فهو هامشي للغاية نظرآ لتعاركهم مع بعض و لطالما هناك من يريد فتح ديالوغ مع عصابة أبو شحاطة دعني أقول ” عيش يا كديش لينبوت الحشيش ” والسلام على من إختار و أتبع الهدى والعيش بعزة وكرامة وحرية
أبو العز الشامي