الإرهاب: كلنا في الهم شرق
سليمان تقي الدين
ضربت يد الإرهاب مجدداً حافلة ركاب تابعة للجيش اللبناني في طرابلس. وقبل أيام ضربت يد الإرهاب نفسها في دمشق. الهدف واحد هو إدخال لبنان وسوريا في دائرة الفوضى الأمنية. اختراق الأمن السوري المعروف بحضوره الكثيف وقبضته الحديدية يدل على القدرة التنظيمية العالية التي يتمتع بها الإرهابيون. الاستنتاج الوحيد أن بلاد الشام قد تحولت إلى مسرح عمليات تنظيم »القاعدة« وأشباهه ونظائره. هناك أكثر من دولة عربية عانت وتعاني من الإرهاب بمستويات مختلفة، الجزائر، المغرب، اليمن، مصر، العراق. الإرهاب مشروع عبثي ليس له إلا وظيفة تخريبية.
نحن في لبنان نستشعر الأخطار مضاعفة لأن الدرع الأمنية لا تزال ضعيفة محدودة الإمكانات التقنية والمادية والخبرات. ولأن السلاح منتشر في بيئات سياسية عدة، ولأن نسيجنا الوطني ممزق متهالك لا يملك المناعة الكافية للقيام باستنفار شامل ضد هذه الأخطار.
لقد كانت أحداث نهر البارد أكبر بكثير مما تعامل معها اللبنانيون على المستويين الرسمي والسياسي والشعبي، وقد تلاها اغتيال مسؤول العمليات في الجيش في نطاق وزارة الدفاع الوطني. ثم كانت أحداث متفرقة من بينها العملية الإجرامية الكبيرة ضد حافلة العسكريين منذ بضعة شهور في طرابلس. صحيح أن القوى السياسية قد سلكت طريق المصالحات الوطنية لكنها لم تدرك في العمق وتتصرف على مستوى المسؤولية التي باتت تفرضها التطورات في المنطقة.
من المعروف أن صراعات المنطقة لم تحسم ولم تأخذ وجهتها النهائية بعد، وأنه في مناخ كهذا تزدهر العمليات الأمنية أو العمليات »خلف خطوط الجبهة«. لم يشعر اللبنانيون بأن قيادتهم السياسية قد حددت بشكل صحيح من هو العدو الحقيقي للبنان، كل لبنان، ومن هي الجهات التي تشكل خطراً على أمنه واستقراره. ثلاثة مصادر للخطر تهب على لبنان اليوم هي، إسرائيل والإرهاب والمشاريع الدولية الراغبة في نشر الفوضى تمهيداً لحصاد سياسي يتعلق بالنظام الإقليمي والمصالح الاقتصادية والسياسية التي يرتجيها. إن الإرهاب قوة عمياء تعمل في الظلام. لقد هدّد أكثر الدول قدرات أمنية، لكن علينا أن نحاصر الاستثمار السياسي له. ما نستطيعه أن نمنع التداعيات التي تؤدي إلى تضليل الأهداف.
الإرهاب لا يمكن أن يكون عدواً لإسرائيل أو للمشاريع الغربية. بل هو في المحصلة بوعي أو بغير وعي يشكل جزءاً من هذه المشاريع. الإرهاب مشروع يكتفي بذاته يقدس أفكاره وأوهامه وفئويته، وهو بالتالي عدو لكل تنوع وتعدد في الرأي والاتجاه في الدين والثقافة والسياسة والاجتماع. كل المشاريع السياسية التي تلعب على نغمة الفئوية والتوظيف السياسي لأكثر النزعات السياسية تخلفاً تخدم الإرهاب، يستظل بها ويعيش تحت جناحها.
على اللبنانيين أن يدركوا أننا صرنا هدفاً كغيرنا للإرهاب ولا يفيد أبداً تجييش اللبنانيين ضد قوى سياسية أو جهات من أجل تحقيق بعض المكاسب السياسية. ثمة حاجة ملحة لتعجيل البحث في خطة شاملة للدفاع الوطني. لتكن تلك الخطة ضامنة لأمن لبنان من جهاته الأربع.
السفير