صراع سوري – إيراني خفي على حلبة الاستحقاق الكبير
في حوار مع خبير في الشؤون الإقليمية على اطلاع وثيق بمؤشر خارطة العلاقة الإيرانية السورية، أجرى موقع “nowlebanon.com” قراءة لحركة هذا المؤشر وخباياه وانعكاساته على الساحة اللبنانية حيث يتحضّر حلفاء البلدين في قوى 8 آذار لخوض انتخابات 2009 النيابية.
وفي هذا السياق ألقى هذا الخبير الضوء على “صراع خفي يدور بين إيران وسوريا ظهرت معالمه الاولى في الدور الذي يطّلع به الوزير الاسبق سليمان فرنجية في احتكار لائحة زغرتا النيابية قاطعًا الطريق أمام التيار الوطني الحر من التمثّل في القضاء من خلال مرشحه العميد المتقاعد فايز كرم؛ وتلا ذلك ما تقاطع من معلومات عن سعي العماد عون إلى إبعاد مرشحي سوريا عن لوائحه في إشارات واضحة الى أن التحالف مع “حزب الله” يعني تقدم الخط الايراني على نظيره السوري من دون ان يعني ذلك قطع الطريق على بعضهما البعض، أو انقطاع العلاقة بينهما، انما اعادة تموضع يتلاءم مع توزيع القوى القائمة على ساحة 8 آذار بعد الخروج العسكري السوري من لبنان”.
ولفت إلى إن ما تقوم به سوريا لمواجهة الزحف الايراني باتجاه “مواقعها اللبنانية”، يمكن ملاحظته من خلال التالي:
أ_ تحصين وضع جماعتها من خلال رفع مستوى الهجوم على الخصوم في 8 آذار. والمثال على ذلك المشهد على خط بنشعي – معراب.
ب- إعادة تموضع لحلفائها المباشرين من “حركة أمل” و”الحزب السوري القومي” و”تيار المردة” لضمان مواقعهم في المعركة الانتخابية المقبلة.
ج- منع تمدد النائب ميشال عون الى الاطراف على حساب حلفائها المباشرين كاستبدال الكاثوليكي “السوري القومي” مروان فارس في دائرة بعلبك، مثلاً لا حصراً، بالعميد المتقاعد سليم كلاس (تيار عوني) أو سيطرة عون على جزين ومقاعد الزهراني المسيحية على حساب “حركة أمل” فيتم التعويض له عن خطر التقلّص في جبل لبنان، من دون المساس بالحساسية النيابية الشيعية؛ أي بمعنى آخر يقلّص “حزب الله” من حضور “أمل” (القريبة من سوريا) عبر قضم المواقع المسيحية في كتلتها لصالح عون الذي توّجت زيارته طهران قربه من الخط الإيراني.
ولخّص الخبير أبعاد هذا النشاط السياسي للخط الايراني بأربعة:
أولها أن تَقَدُّم سوريا على حساب ايران وجرّها بجريرتها كما كان حاصلاً في زمن الوصاية، قد انتهى وانتهى معه استعمال “حزب الله” وقوته الضاربة واستغلال الدولة وابعاده عنها توزيراً وتعييناً.
ثانيها خلق ديناميكية جديدة للتحالف المسيحي – الشيعي يعطي بعداً انتاجياً لا يتلاقى او يتعادل مع الانتاج في المقابل لدى 14 آذار.
ثالثها ضرب امكان تلطيخ صورة العماد عون في الداخل المسيحي وتسليط الضوء عليه من خلال وجوه محسوبة حتى “العمالة” على سوريا بشكل لا يمكّن “القوات اللبنانية” من المزايدة عليه لدى الرأي العام المسيحي، فيمرّ مرشحوه من خلال إيهام المسيحيين بأنه على وعده، فيما يمرّ التقدم الايراني بسلاسة ودون امكان تعطيله في الشارع الاكثر تطرفاً ضده.
ورابع الابعاد هذه، هو التراخي المتعمّد عبر المصالحات الشكلية الجيدة في المبدأ، لتهدئة النفوس لكنها تخفي التوتر الحقيقي من خلال إبعاد الملفات الساخنة من التداول ضمن استراتيجيا التهيئة لاكتساح المقاعد “الآذارية” في المعركة المقبلة، وإقناع سوريا نهائياً بانها اضحت تتبع إيران في لبنان ولا تتقدم عليها.
ويختم الخبير حديثه بالتذكير كيف أنّ سوريا أرسلت إشارتين متتاليتين لتثبيت دورها في لبنان تمثلت الأولى بنشر آلاف من جنودها على الحدود الشمالية، والثانية بإعلان اللائحة الاولى صافية الولاء لها في زغرتا.
أما كيف ستستكمل دمشق خطواتها الهادفة إلى إعادة التوازن أكثر مع حليفها الايراني قبل الاستحقاق الكبير؟ فالمرحلة القريبة المقبلة كفيلة بتوضيح ذلك.
موقع لبنان الان