الهيجان السوري
عبد الرحمن الراشد
طبعا، لا احد يلوم دمشق على غضبها بعد أن أغارت اربع طائرات هليكوبتر على مزرعة في قرية السكرية، خمسة اميال وراء الحدود العراقية، وقتلت من تقول انهم عائلة بريئة، ويقول الاميركيون انهم ارهابيون، بينهم مهرب اسلحة كبير مول عمليات كبيرة في العراق.
هذه المرة جاءت ردة الفعل من دمشق صاخبة. مظاهرات في العاصمة، واغلاق مكاتب ثقافية اميركية، وتجميد العلاقات مع العراق، وسحب السفير السوري الى بغداد الذي وصل إليها فقط قبل ايام، وسحبت قواتها التي تحرس الحدود المشتركة مع العراق ونقلتها عمدا الى الحدود اللبنانية المنهي عنها. كلها رسائل احتجاج وتصعيد دبلوماسي مضخمة، اذا قورنت بالاختراقات السابقة، واذا وضعت في اطار الحادثة نفسها.
منذ عامين كان الاميركيون يتحدثون عن الدور السوري في الارهاب في العراق. اتهموا دمشق بانها وراء الفوضى الأمنية في العراق منذ سقوط بغداد، وان الغالبية من الارهابيين، عشرات الالاف من مختلف الجنسيات استقبلتهم ونقلتهم سورية الى داخل العراق. وبلغت الامور من التوتر درجة ان تحدث الاميركيون عن خطوات خطيرة حينها بينها مهاجمة سورية لمنع التسلل، حال دونها جملة اسباب من بينها الخوف من نقل المشكلة الى الداخل السوري، الذي يعتقد انه لا يحتمل الكثير من الضغط. والثاني ان الرئيس بوش الذي ارتكب جملة اخطاء في العراق تحاشى ان يتهم انه يكرر خطأ الرئيس السابق ريتشارد نيكسون بهجومه على كمبوديا لمنع المتمردين في فيتنام ووسع دائرة الحرب فتسبب في كارثة جديدة. طبعا وثقت الظنون بالدور السوري الخطير في العراق بعد العثور على وثائق سنجار التي كشفت تفاصيل مثيرة حول الكيفية التي تعمل بها القاعدة في العراق، وسردت تفاصيل دقيقة للنشاطات القادمة عبر الحدود. الاميركيون يعتقدون ان اغلاق البوابة السورية، الذي تم بالتفاهم أخيرا مع السوريين، هو الذي خفض حمام الدم في العراق.
الشرق الأوسط