صفحات سورية

كيف أضحت سوريا مستهدفة؟

سعد محيو
هل ثمة حقاً خطة أمريكية – “إسرائيلية” مشتركة ل”تجويف” النظام السوري، عبر ضرب جهاز مناعة الأمن والردع فيه؟
يبدو أن الأمر كذلك. فسوريا أصبحت بالفعل مؤخراً مكسر عصا لكل من تل أبيب وواشنطن اللتين حوّلتا أراضيها إلى ساحة فعلية لتصفية الحسابات الإقليمية، لتحل بذلك مكان لبنان الذي كان “ضيف شرف” هذه الوضعية الكارثية طوال عقود عدة.
فمن الغارة الجوية الإسرائيلية في 16 سبتمبر/ أيلول 2007 على ما زُعم أنه مفاعل نووي صغير إلى الغارة الأمريكية في 27 أكتوبر/ تشرين الأول ،2008 مروراً بالاغتيالات والتفجيرات، كانت سوريا تتعرض إلى ضربات عنيفة تحت الخاصرة.
في أعقاب الغارة “الإسرائيلية” ردت دمشق بالشكوى والتهديد بالرد “في الوقت المناسب”. لكن لا الشكوى شقت طريقها إلى مجلس الأمن ولا الرد جاء. وعلى إثر الغارة الأمريكية، كررت دمشق التهديد بالرد “إذا ما تكرر العدوان” كما قال وليد المعلم، ثم اكتفت بإغلاق مدرسة أمريكية.
هذه التطورات، مضافاً إليها التفجيرات الأمنية وعمليات الاغتيال التي باتت موسمية، تشي بأمرين في آن: الأول، تضعضع القبضة الأمنية السورية الشهيرة، والثاني انكشاف سوريا أمام المخاطر الإقليمية والدولية. كلا الأمرين مترابطان بالطبع، لكن الأولوية في الأهمية هي للأمر الثاني لأن القرار الدولي (كما هو معروف) حاسم بالنسبة إلى مستقبل العديد من الأنظمة العربية.
كل هذا ما يجعل سوريا تبدو هذه الأيام وكأنها ضلت طريقها الاستراتيجي في الغابة الإقليمية- الدولية. فهي لاتكاد تخرج من حفرة حتى تقع في أخرى. وهذا ما شجع البعض في واشنطن على القول مؤخراً إن دمشق “باتت خارج لعبة التاريخ”.
كتب روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمؤسسة لدراسات الشرق الأدنى: “القادة الأمريكيون بشطريهم الجمهوري كما الديمقراطي، لم يعودوا قلقين من أية فوضى قد تنشأ في سوريا، لأنهم باتوا يعتبرون الأمر الواقع الراهن مرفوضاً، وأيضاً لثقتهم بأن الامور ستؤول في نهاية المطاف لصالحهم بسبب عدم وجود منافسين دوليين أو إقليميين لأمريكا يمكن أن يفيدوا من الفوضى”.
ثم أضاف: “يجب الانتباه هنا إلى ان النظام السوري هو على الأرجح الأكثر هشاشة في الشرق الأوسط، وواشنطن لم تعد مهتمة أصلاً ببقائه، خاصة أنها تعتقد أن الشقوق فيه قد تتحول بسرعة إلى شروخ ومن ثم زلازل أرضية”.
قد يعتقد البعض أن هذه التوجهات قصر على إدارة بوش أو المحافظين الجدد. لكن هذا البعض مخطئ. فتغيير سلوك النظام السوري يحظى بإجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري. الأساليب قد تختلف: من العصا بلا جزرة عند الجمهوريين إلى الجزرة مع العصا عند الديمقراطيين، لكن الهدف واحد موحّد.
وقد تأكد هذا المنحى حين أصدرت مؤسسة بروكينغز النافذة تقريرها المنتظر عن مستقبل العلاقات السورية – الأمريكية في عهد الادارة الامريكية الجديدة، والذي دعت فيه إلى إرساء الحوار السوري – الأمريكي المرتقب على شروط قاسية تتعلق بإدخال تغيير جذري على سياسات دمشق إزاء كل من العراق ولبنان وفلسطين وإيران.
وبالمناسبة، تقرير بروكينغز هذا جاء قبل أيام قليلة من الاعتداء الأمريكي. وهذا مع دفع العديد من المراقبين إلى القول، وعن حق، أن هذا الاعتداء لم يكن أكثر من ترجمة أمينة لذاك التقرير السياسي.. بوسائل أخرى!
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى