أكذوبة النظام الديموقراطي الإسلامي
مهند الحسيني
قبل أن أدخل في الموضوع أود أن اعرف النظام الديمقراطي وبشكل مختصر وبدون أي تعقيدات ، فهو ليس نظام غربي أو منتج مستورد من أية بقعة من هذا الكوكب (كما يحاول أن يصوره البعض) بل هو مطلب إنساني بحت ، فالديمقراطية الحقيقية أساسها العدل والمساواة بين الأفراد ، وبغض النظر عن ألوانهم ومعتقداتهم وأعراقهم وأديانهم ، وتكفل هذه الديمقراطية حرية الرأي والمعتقد والتعبير عنها وبدون المساس بصاحبها، على أن لا تتعدى هذه الحرية على حريات الآخرين .
وليس هناك ما يسمى بـ (الديمقراطية الإسلامية) أو (الديمقراطية المسيحية) والخ الخ الخ ، لأن الديمقراطية ببساطة ثقافة وممارسة وآلية إنسانية مرنة قابلة لتغيير المنهج وبحسب متطلبات المرحلة الزمنية المعنية،أي بمعنى أخر إنها على عكس المفهوم الديني الثابت الذي لا يقبل التغير أو حتى التفكير بالتغيير باعتباره أمرا مقدسا شرعيا ومنزلا من السماء السابعة ، وبذلك فالتشريعات السماوية تتعارض تماما مع الديمقراطية و من الخطأ المزج والخلط مابين التشريع السماوي والمتمثل في الدين من جهة ومابين الفكر الإنساني الحر والتشريع الوضعي المتمثل بالنظام الديمقراطي من جهة أخرى .
الديمقراطية لها معنى واحد فقط
لا تخفى على أي متتبع (( خاصة في هذه الحقبة من الزمن)) الحملات المحمومة من قبل البعض والتي تسعى جاهدة ً للربط مابين الإسلام كحكم مدني ومابين الديمقراطية التي تحمل مسمى (( الديمقراطية الإسلامية))، فسابقا عندما كان الاتحاد السوفيتي الاشتراكي قوة عظمى في مجال التسلح والغزو الفضائي والعلمي وحين كان هذا النظام صديقا وحليفا لأغلب الدول العربية الإسلامية ، لم يتورع البعض (( بعض هؤلاء البعض لا تذكر اسمائهم الا وتسبقهم مفردة فيلسوف العصر!!)) بطرحهم لتنظيرات سمجة بخصوص مبدأ (الاشتراكية الإسلامية) وبان الإسلام هو أول من نادى بالاشتراكية (!)، وهاهم ألان وبعد سقوط الاشتراكية أصبحوا ينظرون للديمقراطية الانتخابية (!) ، وأصبح استشهادهم بالقول ألقرآني الذي يحمل الكثير من التفسيرات (( أمرهم شورى بينهم )) دليلا راسخا لديهم ولا يقبل النقض وكأنه نموذج رفيع للتطبيق الديمقراطي (!) ،علما أن الشورى (( قولا وتطبيقا)) هي لا تعني الديمقراطية بمفهومها المتعارف عليه ، فهي تعتمد رأي أهل الحل والعقد فقط وبدون الاعتماد على عموم الجماهير في اتخاذ أي قرار ، فالاعتماد يتركز على طبقة برجوازية وإقطاعية معينة فيما بينها سلفا ، وبهذه الآلية العرجاء سوف ينتفي المنهج ألديمقراطيي عن نظام الشورى الذي يتعكز عليه هؤلاء المتشدقين بالديمقراطية الإسلامية .
وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال حيوي : وهو ما معنى الديمقراطية إذا كانت الكلمة الأولى والأخيرة وفي جميع التشريعات هي بيد رجال الدين الحاكمين باسم الله؟؟!
فماذا يفهم رجال الدين في مجالات الحياة الأخرى التي تسير بها الدول مثل الاقتصاد والتجارة والصناعة ،ومالذي يدركوه في كيفية تنظيم الأمور الإدارية لعموم المواطنين مثلا؟؟!
فالدول الديمقراطية الغربية قد نجحت بإدارة بلدانها بان وضعت كل شخص في مجال اختصاصه مع الأخذ بعين الاعتبار حدود طاقة الفرد الإنتاجية وبعيدا عن المحسوبية وباقي المسميات الأخرى، فهل كل هذه الشروط والاعتبارات ستتوفر في حكم رجل الدين الذي يفهم في كل شئ بما فيها علوم الفيزياء والكيمياء والطب الطيران الفضائي؟؟!! ؟
وحقيقة لا اعرف هل أن هؤلاء يحاولون بشعاراتهم الجديدة (أسلمة الديمقراطية) أو ربما بتقدير بعيد (دمقرطة الإسلام) ؟؟!! ، وهم يعلمون قبلنا بأنهم في كلا الخيارين سوف لا يصلون لنتيجة ، فالخيار الأول (أسلمة الديمقراطية) سوف يسقط عنهم ديمقراطيتهم المزعومة باعتبار أن الديمقراطية لا تتفق والنظام الإسلامي مطلقاً، فأبسط أسس المفاهيم الديمقراطية مثل منح المرأة حرية الترشح والانتخاب هو من المحرمات شرعا ، مضافا لها الكثير من المتناقضات والتي لست بصدد ذكرها هنا .
أما في خيارهم الثاني (دمقرطة الإسلام) فهذا يعتبر في ثوابتهم وأدبياتهم ارتدادا عن الدين باعتبار أن الدين الإسلامي كنص مقدس وشرع مُنزل من الله لا يجوز التلاعب به لان ذلك وبحسب مسمياتهم الفقهية يعتبر بدعة وضلالة وصاحب هذه البدعة سيخلد في نار جهنم !! .
وبرأيي وبعيدا عن هذه المحالات التي يطرحونها رجال الدين فإننا بحاجة ملحة إلى (( دمقرطة الدكتاتوريات)) التي تحكم إقليمنا العربي الإسلامي والذي يشغل فيه هؤلاء المنظرين صفة (( وعاظ الدكتاتوريات )) ، فهو حل عادل ومنصف ويسهل تطبيقه على ارض الواقع وبدون أيما معضلة ،على عكس الخيارين اللذين ذكرناهما في سياق الحديث .
المثال الديمقراطي في الحكم الاسلامي المعاصر ؟؟!!
لو نأتي للواقع الراهن لبعض الأنظمة التي اتخذت من الإسلام منهجا لها ، فسنرى أن طالبان في أفغانستان وحماس في فلسطين قد حكمت (( تم إسقاط هاذين النظامين)) باسم الإسلام وكذلك النظام السعودي ( السلفي ) والنظام الإيراني (( الشيعي)) ، والسؤال المطروح هو :
هل حكمت إحدى هذه الدول بالمبدأ الديمقراطي المزعوم ؟؟!!
وهل طبقت إحداهن الديمقراطية ولو بحدها الأدنى أم أن العكس هو صحيح ؟؟!!
فالعامل المشترك مابين هذه الدول الراديكالية (( المختلفة بعضها مذهبيا)) هو اضطهاد الأقليات وقمع الحريات وامتهان حقوق المراة خاصة والفرد بشكل عام ، فأي من هذه الأنظمة الاسلاموية لم تحتقر المراة وتجبرها على ارتداء خرقة من القماش كي تغطي شعرها وأحيانا كثيرة حتى وجهها؟؟!!
الم تبقى المراة في السعودية ردحا من الزمن وهي محرومة من ابسط حقوقها مثل حق قيادة السيارة ، ولازالت لهذا الوقت تعاني من همجية ما تسمى بـ (هيئة الأمر بالمعروف) ؟؟!!
الم يتم الفصل مابين الجنسين في هذه الأنظمة التي تدعي الديمقراطية ؟؟!!
الم تقوم هذه الحكومات بفرض الشريعة الإسلامية على اغلب الأقليات الدينية (( وحتى المذهبية)) ؟؟!!
فعن أي ديمقراطية يتكلم هؤلاء القوم ؟؟!!
فهل ترى هم يقصدون ديمقراطية الإرهاب والذبح والتفجير وتقطيع الأوصال والرجم حتى الموت وبشكل علني ؟؟!!
ثم أين هي الديمقراطية الإسلامية عندما يعامل أهل البلد الأصليين من أصحاب الديانات الأخرى (( الآشوريين في العراق والأقباط في مصر وغيرهم ممن يعيش المحيط العربي الإسلامي)) وهم لا يزالون يُسمون بصفات يراد بها تحقيرهم وإهانتهم مثل ((أهل الذمة وأهل الكتاب والنصارى والخ )) ،ويعاملون معاملة مواطن من الدرجة الثانية؟؟!! ، وماحدث ويحدث في العراق مؤخرا من إلغاء المادة (50) التي تكفل حقوق الأقليات الدينية في انتخابات المحافظات، وأيضا في الأعمال الإرهابية التي استهدفت المسيحيين في الموصل ، لهو اكبر دليل على أنه لا توجد في المنهج الإسلامي حرية الاعتقاد أو ثقافة تقبل المختلف دينيا والتي يفترض بانها تندرج تحت المسميات الديمقراطية.
أما ما يقال عن الحرية التي يتمتع بها المسيحيون ((والذين هم بالأساس موجودون في هذه البلاد قبل وجود المسلمين)) فهي مجرد أكاذيب باطلة ودعاية رخيصة عن ديمقراطيتهم المشوهة ، فلا يمكن وبأي وجه مقارنة الحرية التي يتمتع بها المسلمون في الغرب الديمقراطي مع حرية الأقليات الدينية التي تعيش وسط المجتمعات السلامية ، فيكفي أن نعلم بان الفرق مابين الديمقراطية الحقيقية والمشوهة هو إن للمسلمين في الغرب حرية بناء الجوامع وطباعة منشوراتهم في حين أن مجرد ترميم – ليس بناء- كنيسة مثلاً يحتاج إلى سنين من ((كتابنا وكتابكم ))، وتوزيع منشور ديني غير إسلامي يندرج تحت طائلة ((التبشير)) والذي عقوبته الموت !! .
المثال الديمقراطي في الحكم الإسلامي القديم ؟؟!!
الحق أقول أن التاريخ الإسلامي وعلى امتداد 1400 سنة ((بقديمه وبحديثه)) لم يشهد أي نظام يصح أن نطلق عليه نظام ديمقراطي حقيقي ولو بحدوده الدنيا ، فلقد اخبرنا التاريخ أن القمع والدكتاتوريات هي من تناوبت على الحكم طيلة هذه الفترة ، وكان السيف والنطع هو لغة حوار الحكومات (( الخلافية – السلطانية – سمها ما شئت) مع الحركات المعارضة ، أما أسباع صفة الديمقراطية على المنهج الإسلامي فهي مجرد اكذوبة أو لنقل نكتة (( بايخة)) يضحك القائل بها عن نفسه قبل أن يضحك على الآخرين .
فحتى في فترة النبي محمد وفترة الخلفاء ((التي يراها البعض أنها الفترة المثالية في تطبيق العدالة الاجتماعية وفترة انتصار الإنسانية على الهمجية)) كانت بأصلها فترة مظلمة لا عدالة فيها ، إذ لم يوجد فيها نظام اجتماعي يكفل للأفراد حقوقهم كما يدعي هؤلاء الكذبة ، ومن يقرا هذا الحديث الذي رواه البخاري عن – رسول الرحمة – ليس من العسير عليه (( إن كان منصفا)) أن يحكم بنفي هذه الديمقراطية المزعومة:
أُتِيَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ …(وكأن النبي هنا هو عبارة عن رجل من جماعة الهيئة سيئة الصيت في السعودية !!)
قال : َاضْرِبُوهُ ( أي النبي أمر أصحابه بضرب هذا الرجل لمجرد انه شرب شيئا من الخمر!!)
قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: ” فَمِنَّا الضارِبُ بِيدِهِ، والضّارِبُ بِنَعْلِهِ، والضّارِبُ بثوبِهِ (!!!) .
وهذا عمر بن الخطاب – العادل – يكتب ما عرف بـ(( الوثيقة العمرية)) لواليه عبد الرحمن بن غنم ويحدِّد فيها التعامل (( الديمقراطي جدا)) مع المسيحيين ، وأنا هنا لا أود أن اعلق على الديمقراطية التي تحوي ثنايا هذه الوثيقة لأنني ساترك التعليق لمن يقراها :
” …… ،وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم،ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً،ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم ،وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، …… ”
وهذه أيضا شيئا من ديمقراطية ثالث الخلفاء الراشدين -الذي تستحي منه حتى الملائكة (!) – مع عامة المسلمين وهو يتحداهم وبشكل علني بعد أن عبروا عن نقمتهم واستيائهم من استئثار عثمان وأقرباءه لبيت المال وأخذهم جميع الحلي والجواهر الموجودة فيه ، وبعد أن أظهروا الطعن عليه وكلموه في ذلك بكلام شديد ، خطب في الناس متوعدا ومهددا وبكل صلف :
” لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء و أن رغمت فيه أنوف أقوام وأقوام ” !!
وهذا خليفة أخر – كاتب وحي الرسول- وهو يستهين بالشعب ويقر علنا انه يأتمر عليهم فقط لإذلالهم :
” يا أهل الكوفة! أتروني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمتُ أنكم تصلون وتزكون وتحجون؟ ، ولكني قاتلتكم لاتأمر عليكم وعلى رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون ” !!.
وهذا الوالي الأموي الحجاج الثقفي – صاحب فكرة تنقيط القران – وهو يتوعد مجموعة من الجماهير وبكل ديمقراطية وشفافية في التعبير الدموي وهو يهددهم :
“أني أرى رؤوس قد أينعت وحان قطافها”.
ناهيك عن أمثلة الحكم الإسلامية الخالصة في الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وما تخللتها من حركات وثورات وإمارات منشقة ، فجميعها كانت بالأساس تحمل الطابع الإسلامي الثيوقراطي – القمعي الذي لا يؤمن بقبول الصوت المعارض.
علما أن هذه الأمثلة جميعها لا زالت مستخدمة كتراث أصيل (شرعي وفقهي وديني) في الكثير من الأحزاب والمجموعات الاسلاموية التي لديها مشروع إنشاء دولة إسلامية، وعلى جماجم الجماهير المغفلة تحت شعار ” الإسلام هو الحل” !! .
وفقط أود أن اذكر بان الشريعة الإسلامية تعنى :
1- الحكم باسم الله والرسول، بالكتاب والسنة (( بعيدا عن القوانين المرنة التي تلائم طبيعة وظروف الزمن))
2- عدم تتمتع باقي الأقليات الدينية بكافة حقوقها المدنية .
3- الانتقاص من المراة باعتبارها ناقصة للشهادة والميراث وحتى الدين، وامتهانها وبشكل استفزازي بتقبلها قسرا المثنى والثلاث والرباع و ماملكت ايمان زوجها (( وكأنها حيوان لا مشاعر ولا أحاسيس له)) !!
4- عدم الاعتراف بحرية المعتقد ((حكم الردة و التعزير لمن خرج عن الدين الإسلامي- قطع الأيادي والأعناق لمن سرق بيضة أو ناطحة سحاب – الصلب من خلاف لمن أبدى امتعاضه من شرع الدين – الرجم حتى الموت لمن يزني– الخ الخ )).
5- عدم إلغاء الرق علنا ((فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة))
6- مناصبة الآخرين العداوة والبغضاء وبدون أي جريرة أو ذنب (( باتخاذهم آيات قرآنية نزلت في زمكان معين تحرض على هذه الكراهية)) .
7- عدم الاعتراف بالمفاهيم الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة (( تحريم النظام المصرفي الحديث بزعم الربا – وتحريم بعض النظريات العلمية بزعم أنها تنافي الشريعة)) .
وبعد كل هذا الكم الكبير من تفاوت المنهجين (( الإسلامي والديمقراطي)) كيف لمتناقضين أن يجتمعوا تحت مسمى واحد ؟؟!! .
خاتمة القول :
الديمقراطية الإسلامية أطروحة غير واقعية بل هي أكذوبة كبرى، فالحكم الديمقراطي لابد من وجود معارض له ، فهل يتقبل رجال المنهج الديني المعارضة إيمانا منهم بديمقراطيتهم (!) ،أم أنهم يعتبروها كفر يتوجب عليهم كقيمين على الدين قتل المعارضين وبأبشع الطرق لأنهم في النهاية معارضي حكم الله (؟!) .
فالأساس الديمقراطي يا مشياخنا ليس كلام وشعارات خالية من المضمون أو الممارسة بل هو ثقافة وتطبيق واقعي وعملي ، وحتمية علو حكم الشعب على شرع الله، أي أن حتى الشرع المقدس يفترض أن يخضع هو الاخرلإرادة الشعب كأية مسألة أخرى.
وكل هذا لا يتأتى إلا بعد أن يتم فصل الدين عن الدولة وخلع تجار الفتوى عن عروشهم وسلب صلاحياتهم الدنيوية وتحجميهم في دور العبادات الخاصة بهم ((الدين لله والوطن للجميع)) .
وسأضرب مثلا بسيطا عن ايجابية فصل الدين عن الدولة .. وهو نفوذ رجل الدين المسيحي و سطوة الكنيسة في أوروبا القديمة ، فالحكم الكنسي لم يقدم غير عصور مظلمة سادها التخلف والتطرف والحروب الأهلية، وها هي ألان تلك القارة العجوز ترجع لعنفوان الشباب وتزدهر يوما بعد يوم، لأن مجتمعاتها سئمت وثارت على واقعها المزري وقدر لها أن تفصل الدين عن السياسة.
فهل يوجد منا من يجهل كيف تسلطت الكنيسة في القرون الوسطي على القارة العجوز ؟؟ أو هل يوجد من خفي عنه حالها أبان تلك الحقبة المظلمة ؟؟!!
وهل احد منا لم يسمع بنكتة صكوك الغفران وتهم الهرطقة والشعوذة الجاهزة لكل من نادى بالإصلاح الاجتماعي والعلمي ،والتي كانت عقوبتها الحرق وسط هيجان الحشود الغوغائية؟؟!!
وهل نسينا الحروب الأهلية المقدسة التي أزهقت فيها أرواح 400 ألف بروتستانتي وكاثوليكي بيوم واحد فقط ؟؟!!
وما أشبه صورة العصور الأوربية المظلمة بواقعنا الحالي حيث سيادة الروح على المادة وتسلط الغيبيات على عقول الجماهير وحيث الحروب الأهلية والتطرف الأعمى .
فلتكن تجربة الآخرين عبرة لنا لنتنعم بالخير والأمن والديمقراطية كما تنعم بها الأوربيون قبل قرون، لا أن تأخذنا العزة بالإثم ونظل ندور في اكذوبة اسمها ديمقراطية الإسلام … والإسلام هو الحل.