صفحات سورية

مخابرات القوة الجوية السورية… الدور المزدوج!

داود البصري
لمخابرات القوة الجوية التابعة لنظام دمشق دور تاريخي في تسويق الإرهاب الدولي ? و في تطور مسلسل العمليات الإرهابية ليس في الشرق الأوسط فقط بل في العالم , فالجميع يعلم بأن المخابرات السورية تمتلك فروعاً متعددة مرقمة و مشفرة  تشمل هيمنتها كل جوانب الحياة السورية و حتى ما يحيط بسورية من دول الجوار , و تلك الفروع المختلفة التخصصات تلتقي في خيط واحد وهو أمن الرئاسة المشرف على جميع تلكم المكاتب ! أما درة و جوهرة جهاز المخابرات السوري فهو فرع “مخابرات القوة الجوية” و مقره في شارع بغداد الدمشقي و الذي إرتبط إسمه ووجوده و شخصيته بالرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان قبل الرئاسة قائدا للقوة الجوية ثم وزيرا للدفاع قبل أن يتسلم الرئاسة في إنقلابه المعروف ضد جماعته (صلاح جديد و نور الدين الأتاسي) في خريف العام 1970 ليؤسس نظامه السياسي و العائلي الخاص و الذي نجح في تحويل القطر السوري مزرعة أو إقطاعية عائلية خاصة إرتبط إسمه ووجوده بإسم و مصير ووجود العائلة الرئاسية الحاكمة مستعملا في ذلك شتى الوسائل و الأدوات لمنع تجدد ظاهرة الإنقلابات العسكرية المتوالية في سورية منذ العام 1949 أيام حسني الزعيم و حتى أوائل السبعينات حيث إستقر الحكم في يد الأسد الأب الذي إتبع برنامج عملي و عسكري و سياسي يتسم بمد الذراع الطويلة لأجهزة المخابرات التي تعددت إختصاصاتها و توحدت في ولائها للرئيس و عائلته و جماعته في إدارة حازمة و حاسمة لملفات الصراع الداخلي ووفق هيمنة السلاح المفضل للرئيس وهو السلاح الجوي الذي أنيطت بمخابراته مهمة الحفاظ على السلطة و تنسيق عمل أجهزة و مكاتب الإستخبارات الأخرى إضافة للتنسيق العملياتي مع المخابرات الأجنبية في ما يخص أمن الدولة و النظام , لذلك لم تكن المعلومات التي نشرتها أخيراً صحيفة “الصانداي تايمز” البريطانية عن تعاون سوري أميركي في قضية متابعة الجماعات الإرهابية السلفية مفاجئة لمن يعلم واقع الحال و كيفية تسيير ألأمور في جمهورية الرعب البعثية التي تنتظر الزوال و الرحيل فالغارة الأميركية الأخيرة على البوكمال كانت إذن عملا منسقا ضمن سياق التعاطي المخابراتي السوري مع المخابرات الدولية! وهي واحدة من الملفات السرية التي ينسقها جهاز مخابرات القوة الجوية السوري الذي أشتهر دوليا في قضية المدعو “نزار هنداوي” و محاولة تفجير طائرة “العال” الإسرائيلية المنطقة من مطار لندن عام 1985! و هي القضية التي أثير حولها لغط كبير و قطعت خلالها العلاقات الديبلوماسية بين بريطانيا و النظام السوري بسبب التورط المباشر لجهاز مخابرات القوة الجوية في تلك العملية التي أجهضت قبل إتمامها! و ذلك في زمن أشهر رئيس لذلك الفرع الإستخباري و هو اللواء السابق محمد الخولي! و قتها كانت مخابرات “القوة الجوية السورية” تمتلك عددا مهما من العملاء العرب و غيرهم! و كانت للعراقيين بالذات و لبعض الوجهاء منهم و حتى لبعض رموز المعارضة العراقية السابقة علاقات عمل تخادمية مهمة مع جهاز المخابرات السوري! و كان أولئك مكلفون ببعض المهمات التقنية أو مهمات الإتصالات الفرعية! و كانت السفارة البريطانية في دمشق تسهل أمر الحصول على “فيزا” الدخول السياحية للعديد من عملاء ووكلاء جهاز مخابرات “القوة الجوية السورية” و منهم رجل الأعمال العراقي و المحامي ع. العطية الذي كان دائم التنقل و السفر بين دمشق و لندن لنقل المعلومات وأداء المهمات الخاصة ومن بينها الإتصالات مع أجهزة مخابرات دولية أخرى في العاصمة البريطانية! في تلك الفترة من منتصف الثمانينات ادى بعض رجال الأعمال العراقيين المقيمين في الغرب و المرتبطين أو المتعاونين مع مخابرات النظام السوري أدواراً مهمة في التنسيق و تبادل المعلومات و أداء بعض المهمات السرية لذلك إنعكست عملية قطع العلاقات الديبلوماسية بين بريطانيا و سورية على نشاط أولئك و أضحوا هم بدورهم ممنوعين من دخول بريطانيا أو أضحوا تحت مراقبة جهاز المخابرات البريطاني لمن يقيم منهم هناك , وكان دور جهاز مخابرات القوة الجوية حيويا في تسهيل الإتصالات و نقل الأسلحة و الأموال و عقد الصفقات مع أجهزة المخابرات الدولية وهي العملية التي إستمرت حتى رحيل الأسد الأب , وحيث حدثت متغيرات داخلية يبدو أنها لم تمس الجوهر و الدور الأمني لمخابرات القوة الجوية التي ما زالت على عهدها السابق تنسق الإتصالات الدولية و تمارس فعلها الرقابي القوي على أجهزة المخابرات المنافسة الأخرى , و كل الجعجعة الإعلامية السورية المغلفة بغلاف الثورية المزيف و الموشى بنكتة الصمود  والتصدي ليست سوى زوبعة في فنجان!! فحجم التعاون الأمني مع الغرب ودوائره الإستخبارية يتجاوز كل الحسابات و التقويمات! و عملية الدجل الثوري هي البضاعة الوحيدة التي يتقنها النظام السوري الذي برع في إداء دور الضحية المسكين رغم أنه “يقتل القتيل و يمشي في جنازته”! ما كشفته الصحيفة البريطانية ليس سوى الجزء اليسير من عملية التواطؤ الشامل , فحجم المفاجآت أكبر من كل الإحتمالات… إنهم البعثيون “نواطير الغرب” ووكلاء لعبة الأمم التاريخيين! هكذا تعلمنا و علمنا و عرفنا…!
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى