ما يحدث في لبنان

أين موقع لبنان في خريطة أوباما؟

سعد محيو
الأولوية الأولى، إذاً، لباراك أوباما كرئيس ستكون للعراق وعبره لإيران وسوريا. لكن، ماذا عن لبنان الذي احتل موقعاً مركزياً في السياسة الأمريكية الشرق أوسطية إبان عهد بوش؟
السؤال قد يبدو صعباً. فالمرشح أوباما ومساعدوه لم يتبحّروا خلال الحملة الانتخابية في الحديث عن لبنان. والبيان الوحيد المهم الذي أصدره أوباما في هذا الشأن كان في 12 أيار/مايو 2008 عقب دخول قوات حزب الله بيروت. قال آنذاك: “سيطرة حزب الله بالقوة على بيروت أغرق هذه المدينة مرة أخرى في لجج العنف والفوضى. لقد حان الوقت للانخراط في جهود دبلوماسية للمساعدة على بناء إجماع لبناني جديد يركّز على إصلاح انتخابي، وإنهاء نظام المحسوبية الفاسد الراهن، وتطوير اقتصاد يوفّر توزيعاً عادلا للخدمات والفرص والعمالة. يجب ان ندعم القرار 1701 الذي يتعرّض إلى الخرق من جانب إيران وسوريا، كما يجب أن نواصل دعم حكومة الرئيس السنيورة، والجيش اللبناني، وأن نصر على تجريد حزب الله من السلاح قبل أن يجر لبنان إلى حرب أخرى غير ضرورية”.
بيان قوي حقاً وشامل حقاً. لكن هل سينفّذ الرئيس أوباما ما تعهد به المرشح أوباما؟ أم أنه قد يبيع جلد لبنان مع بداية رحلة الصيد الدولية – الاقليمية التي توشك أن تدشن في الشرق الأوسط، كما فعل أسلافه مراراً في الأعوام 1976 و1982 و1989؟
الأمور هذه المرة لن تعتمد، كما في السابق على طبيعة أو مستقبل العلاقات السورية – الأمريكية، بل على طبيعة ومستقبل العلاقات الإيرانية  الأمريكية. وهذا لسببين اثنين:
الأول، أن حزب الله يتبع إيديولوجياً ومالياً لإيران، وروابطه مع سوريا تتم في إطار العلاقات التحالفية الإيرانية – السورية. وبالتالي، الطرف الذي سيجيب عن أي مكالمة هاتفية أمريكية حيال لبنان سيكون جالساً في طهران لا في دمشق.
والثاني، أن مواقع سوريا الجيو- استراتيجية تضعضعت منذ انسحابها العسكري من لبنان العام ،2005 وهي لم تعد نقطة جذب إقليمي كما كانت في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد الذي عرف كيف يرضي واشنطن من دون أن يغضب طهران.
وبالتالي، لن تحتل سوريا موقعاً بارزاً على جدول أعمال الرئيس أوباما إلا بوصفها جزءاً من سياسته الايرانية، من ناحية، وسياسته “الإسرائيلية” من ناحية أخرى. فدمشق في السياسة الأولى ستكون ضرورية لاستكمال ما قد يتم الاتفاق عليه مع طهران حيال العراق وأفغانستان، وهي قد تصبح ضرورية في السياسة الثانية إذا ما ارتأت “إسرائيل” أن مفاوضات السلام مع سوريا أكثر أهمية لها  من المفاوضات مع الفلسطينيين.
كل هذا يشي بأن مستقبل الإطلالة الأمريكية الجديدة على لبنان سيكون مرهوناً بطبيعة الإطلالة الأمريكية على إيران. في البداية، سيؤدي فتح الحوار الرسمي بين طهران وواشنطن إلى تقليص الصراعات الدولية والاقليمية على أرض لبنان. وهذا قد يترجم نفسه في مواقف أكثر ليونة من جانب حزب الله إزاء عملية بناء الدولة في لبنان. لكن، على المديين القريب والمتوسط ستعتمد الأمور على الحصيلة الاقليمية لهذا الحوار وعلى التفاعلات الداخلية التي قد تطرأ في الداخل الإيراني، خاصة إذا ما أسفر الانفتاح الأمريكي العلني على إيران عن شرخ ما بين المتشددين والمعتدلين فيها.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى