أوباما وتحدّي إرث بوش
سميح صعب
مثقلٌ هو باراك اوباما بالأجندة الداخلية للولايات المتحدة، وكثيرة هي التحديات الاقتصادية التي ستواجهه في المرحلة المقبلة من عهده. بيد ان ما ينتظره في الخارج لا يقل خطورة عما يواجهه في الداخل. فهناك العراق، وافغانستان، والصراع العربي – الاسرائيلي، وايران، وكوريا الشمالية، ومعتقل غوانتانامو، وارتفاع حرارة الارض. وأهم من هذا كله تحسين صورة اميركا في العالم التي زادها جورج بوش تلطيخاً.
في العراق، معروف عن اوباما انه مع وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية، وقيام الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها في الامن وفي العملية السياسية. ومن دون شك فإن اوباما بنى جزءاً كبيراً من التأييد الذي ناله في الانتخابات الرئاسية على مناداته الدائمة باستراتيجية للخروج من العراق، والى موقفه الذي كان يرى منذ البداية ان هذه حرب لم تكن ضرورية.
وما ينطبق على العراق في طرح اوباما، لا ينطبق على افغانستان. فهو من المنادين بضرورة استكمال هذه الحرب التي لم يكملها بوش بسبب اعطائه الاولوية لحرب العراق.
والرئيس الاميركي المنتخب مع متابعة القتال في افغانستان حتى القبض على بن لادن باعتباره الرد الحقيقي على هجمات 11 ايلول 2001.
وينحو اوباما الى مقاربة جديدة للوضع في افغانستان تقوم على تعزيز القوات الاميركية هناك واجراء حوار مع عناصر معتدلة من “طالبان”، فضلاً عن التلميح الى استعداده لحل اقليمي تشارك فيه ايران باعتبارها دولة مجاورة ولها مصلحة مشتركة مع الولايات المتحدة في منع عودة “طالبان” الاصولية الى الحكم.
وفي ما يتعلق بمعتقل غوانتانامو الذي بات رمزاً لتدهور سجل حقوق الانسان في اميركا، بحسب ما تجمع تقويمات المنظمات الحقوقية في العالم، قال اوباما اكثر من مرة انه يتعين على الولايات المتحدة اقفال هذا المعتقل. لذلك في امكان الرئيس الاميركي المنتخب البدء من هناك في اصلاح الاخطاء التي ارتكبها بوش.
وبالنسبة الى ايران، يعتمد اوباما لهجة مختلفة عن لهجة بوش. ومع انه يعتبر ان حيازة طهران السلاح النووي أمر غير مقبول، فإنه لم يصل الى حد التهديد باستخدام القوة وان يكن يمكن تأويل كلامه في هذا الاتجاه لدى القوى الراغبة في توجيه ضربة الى ايران وفي مقدمها اسرائيل، ويمكن في الوقت عينه اعتبار هذا الكلام أقل حدة من التهديدات التي كان يطلقها بوش.
في المقابل، ينظر الايرانيون الى اوباما غير نظرتهم الى بوش. وقد ترجم الرئيس محمود احمدي نجاد ذلك في رسالة التهنئة التي بعث بها اليه. ولو فاز الجمهوري جون ماكين مثلاً فهل كان نجاد سيبعث برسالة تهنئة؟ هذا أمر مشكوك فيه، ويدل في الوقت عينه على ان انتخاب اوباما لاقى ارتياحاً حتى لدى ألد خصوم أميركا.
اما في ما يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي، فقد كان الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلينتون اكثر انهماكاً بالبحث عن حل للصراع. واذا ما كان اتجاه اوباما الى الاعتماد على كثيرين ممن تسلموا مناصب في عهد كلينتون، فإنه قد يعوض الاهمال الذي شهدته عملية السلام ابان عهد جورج بوش في الاعوام الثمانية الاخيرة.
وحتى في المسألة الكورية الشمالية، كان الديموقراطيون أكثر مهارة في التعامل مع هذا الملف، ولم تختبر بيونغ يانغ التفجير النووي إلا خلال حكم بوش بينما نجح كلينتون في تفادي مثل هذا الامر.
وحتى في موضوع المناخ كان الديموقراطيون اكثر تعاوناً مع بقية دول العالم، ومنهم انبثق آل غور الذي يعتبر رائداً اليوم في الدفاع عن البيئة وحماية الارض.
ومن حرارة الارض الى حرارة بقية الملفات الدولية والداخلية، يواجه أوباما مهمة تكاد تكون مستحيلة.
النهار