هل الأسد على صواب؟
ثائر الناشف
كل رئيس قد يبدو على خطأ حيناً وعلى صواب حيناً آخر , قبل أن نبدأ بالتساؤل المشروع من هو على صواب ومن هو على خطأ في قراءته لتطورات المنطقة وتفاعله معها بما تمليه مصالحه القومية العليا , ينبغي الإشارة إلى من يهمه الأمر أن طرح عنوان هذا المقال لا يعني البتة أن الرئيس السوري بشار الأسد على خطأ في كل ما يتخذه من إجراءات وما ينفذه من قرارات , لكن هو محاولة لقراءة وفهم ما جرى ويجري في الأجزاء الإقليمية المحيطة بسورية , بعيداً من تأثيرات الرأي المشبع بمواقف مسبقة من هذا النظام السياسي أو ذاك , عموماً الكتابة عن هموم المنطقة وشجونها الكثيرة لا تخلو من الرأي المبني على مواقف شخصية وأخرى سياسية , وخصوصاً إذا كان صاحب الرأي المقال من أهل المنطقة .
سأبدأ من النقطة الأخيرة وصولاً إلى النقطة الأولى , مضمون النقطة الأخيرة , قبل أن أرويه , هو الدافع وراء طرح هذا العنوان , اذ بينما كنت في مقر جامعة الدول العربية لمراجعة أحد الموظفين , فوجئت بأحد الأشقاء المصريين يسألني عن البلد الذي انتمي إليه , قلت له من سورية , هلل قائلاً : “صدق أن الشعب زي السوري الشعب المصري” , وقصده بالطباع والعادات وكل ما يتصل بحياة الناس من هموم ومناسبات وطنية , وأضاف ” رئيسكم الأسد رجل ماشي صح لوحده ومحدش معاه” قلت له مستفهماً : وما السبب في ذلك , هل لأن علاقته بإيران ربما أعطت أثراً رجعياً لعلاقته مع باقي العرب ? أجاب بكل ثقة : “لا علاقة لإيران بذلك , وما المانع بعلاقته مع إيران , أصلاً زماننا زمن “البلطجة” ويحتاج إلى قوة”.
بدر إلى ذهني سؤال سريع طرحته على نفسي كما أطرحه الآن عليكم: ماذا نملك من مقومات صنع القوة ? تعرفون ما نملك , إيران وبلا شك قوة إقليمية , لكن هل يعني الوقوف إلى جانبها أنني أصبحت قوياً ? مهما انخرطت إيران في جوارها وتحالفت معه , لن تسمح لأيٍ كان أن يغدو في قوتها .
باعتقادي , مقياس الخطأ والصواب , ليس في الانخراط مع هذا البلد من دون ذاك , فإن تنخرط مع بلد قوي لا يوحي أنك على صواب أو بالعكس , إنه بالنتائج , والنتائج في السياسة لا نهاية لها , لطالما هناك مقدمات ومعطيات جديدة تولد في كل يوم .
يمكن التقييم على ضوء نتائج كل مرحلة على حدا , بذلك نستطيع تحديد مكان الخطأ والصواب بالحد الأدنى , مع إمكانية تعديل النتيجة في أي وقت , فالمفاوضات مع إسرائيل , من جهة أولى تبدو صحيحة ومن جهة أخرى خطأ الاحتمالية قائمة حتى في موضوع العلاقة مع “حماس” و”حزب الله” , يمكن وصفها بالعلاقة المضرة لاتصالها بالعنف , وأيضاً تبدو مفيدة لاستخدامها كورقة ضغط ومساومة .
من السهل القول إن فلاناً على صواب أو خطأ في آن معاً , لكن لا يستقيم الوصف إذا كان على خطأ مع نفسه وعلى صواب مع غيره , الأجدر أن يترك الخطأ والصواب للتاريخ ليقول حكمه , وليس لرأي فلان من الناس .
كاتب عربي
السياسة