بيانات وتقاريرصفحات سورية

مع بداية عهد أوباما: الحكومة تنذر الناس بالويل والثبور

null
افتتاحية النداء
مع كلّ الأسى والغضب الذي أصاب السوريين خلال الشهر الماضي أمام مجزرة إخوانهم في غزة، جاءتهم الأنباء واعدةً بعامٍ مقبلٍ لا تستمرّ فيه الأزمات المستعصية وحسب، بل تزداد صعوبةً وعمقاُ.
يأتي ذلك متواقتاً مع بداية عهد باراك أوباما، الذي يرفع راية “التغيير” ليس في سياساته الداخلية وحسب، بل أيضاً في الخارجية منها، التي يعتقد الكثيرون أنها سوف تستند  إلى أسس الحوار والمبدئية والنزاهة والمصالح المتبادلة، وإلى الاتجاه السائد نحو تعدّد الأقطاب دولياً.
فخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإسباني، عبّر وزير خارجية سوريا وليد المعلم عن “غضبه” وغضب بلاده من مذبحة غزة، محتجاً على امتناع دول الاتحاد الأوربي  في مجلس حقوق الإنسان عن التصويت على قرار بإدانة إسرائيل وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق. وقال إنه لم يعد من المسموح به بعد الآن لأي مسؤول أوربي أن يأتي إلينا ليتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وغزة تُذبح!
من ناحية أخرى لا تقلّ في أهميتها، صرح وزير المالية أيضاً بأن عام 2009 سوف يكون صعباً جداً من الناحية الاقتصادية في سوريا. وذلك بعد تصريحات وتحليلات رسمية متضاربة في الأشهر الأربعة الأخيرة حول مدى وطريقة انعكاس الأزمة المالية العالمية على حياة السوريين واقتصادهم الوطني.
في المسألة الأولى، لا نستغرب استنكار المعلم، ونستنكر نحن معه الموقف الأوربي بشدة، ونستغرب صدوره  عن دولٍ قدمت للإنسانية شرعة حقوق الإنسان الحديثة. لكننا نستغرب أكثر أن يرتدّ غضب وزير الخارجية من الأوربيين على شعبه. ذلك لأن القاصي والداني يفهم من التصريح إشارةً إلى استمرار السلطة في قمع مواطنيها بل إمعانها فيه. ومن المفارقات السورية أن يصدر مثل هذا “التهديد” عن رئيس “الدبلوماسية” في البلاد، فكأنه يتقرّب به من النظام الأمني ويعلن التزامه وانضباطه. وكأنه لم ينتبه أيضاً إلى أن حديثه عن حقوق الإنسان في بلاده من جهة، وسلوك إسرائيل الإجرامي في الحقل نفسه من جهة أخرى، ليس في صالح النظام!
وفي المسألة الثانية، لم يكفِ حكومتنا أن ترى ما يمرّ فيه شعبنا، وما مرّ في العام الماضي، بعد رفع الدعم بنسبة كبيرة عن الوقود، وازدياد حالة الركود الاقتصادي وضوحاً، فابتدأت بالتمهيد للصعوبات المقبلة، وبتحضير الناس للأزمة الخانقة. أحدهم قال قبل ذلك، إن الأزمة لن تنعكس علينا، لأن ارتباطنا بالاقتصاد العالمي محدود، وقال وزير المالية عكس ذلك. وغيره قال إن الأزمة إيجابية لنا، من خلال انخفاض أسعار النفط على الأقل، لأننا أصبحنا مستورِدين له أكثر منا مصدِّرين.
لا يكون الاستعداد لانعكاسات الأزمة المالية العالمية بمثل الخطط السائدة، وباستمرار تناقض السياسات الاقتصادية القائم، وحصار المواطن في حياته ومعيشته، بل من خلال تحسين ظروفه، وتركيز زيادة الإنفاق الجاري على ذلك، حتى لا ندخل في نفقٍ مجهول لا نعرف نهايته.
وليس معقولاً – إلا في بلادنا!- أن تكون “الممانعة” واستنكار الصمت الدولي عن مجزرة غزة، واحتدام الأوضاع الإقليمية والوطنية عموماً، سبباً لصبّ الغضب على الناس وزيادة أوضاع حقوق الإنسان تأزّماً. فالردّ على ذلك هو بالإفراج عن السجناء السياسيين وإنهاء حالة الطوارئ الدائمة وتحصين الوحدة الوطنية. بغير ذلك تكون السلطة السياسية كذلك الأب الذي غضب من ظلم جاره القوي له، فضرب أولاده.
ولا يدلّ على عمقٍ في الكفاءة السياسية، أن يُعتبر رحيل بوش ومجيء أوباما فرصة لتعزيز فرصةً الاحتكار والتسلّط،، ورخصةً بالاستمرار على السياسات البالية.
العالم مأزوم ويتغيّر، وقد آن لنا أن نتحوّل عن الماضي، وندخل في المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى