المجتمع المدني وأثر العولمة عليه
نادية أبو زاهر
مفهوم “المجتمع المدني” من أكثر المفاهيم الخلافية بين الكتّاب، وبدأ الاختلاف حوله مع الفلاسفة والمفكرين الذين ساهموا في تطور استخداماته خلال مراحل مختلفة بما ينسجم غالبا مع حاجة كل مرحلة عاصرها هؤلاء. فلا يوجد بين الكتّاب اتفاق حول ماهيته أي ما هو تحديدا المقصود بالمجتمع المدني، فلو حاولنا أن نبحث عن تعريف له فلن نجد له تعريفا واحدا،بل سنجد عدة تعريفات مختلفة حيث لا يوجد اتفاق بينها حتى لو وُجد بعض التقاطع الأمر الذي حدا ببعض الكتّاب إلى وصفه بأنه مفهوم “زئبقي” أو مفهوم “ضبابي”. ولا يقتصر اختلاف الكتّاب حول تعريفه، وإنما يختلفون حول مكوناته وشروطه وكذلك يختلفون حول المصطلحات التي يتم استخدامها والتي يعتبرها بعضهم مرادفة له ولا يعتبرها آخرون كذلك، كما يختلفون حول دوره أو استخداماته فتعدد استخدامات المفهوم تزيد من فوضى معانيه، وهو ما عبّر عنه بعض المؤلفين، مثل بنيامين بارت عندما قال: “كلما ازداد استعمال مفهوم المجتمع المدني في السنوات الأخيرة، يقلّ فهمه”.
يعتبر المجتمع المدني من المفاهيم المشروطة التي تطورت عبر مراحل، فكانت مرحلة الظهور الأول له في الفكر السياسي الحديث، في القرنين 17-18 أساس نشوئه، والتي تمخض عنها ظهور نظرية “العقد الاجتماعي” مرسيا مبادئها هوبس ولوك وروسو. والفكرة الرئيسية التي كانت تدور حولها هذه النظرية هي كيفية انتقال المجتمعات من “حالة الطبيعية” إلى المجتمع “السياسي” أو المجتمع “المدني”، حيث لم يكن قد تحدد الفصل بينهما. وأهم ما يميز هذه المرحلة نشوء مفهوم المجتمع المدني نتيجة التعاقد لدحض نظرية “الحق الإلهي للملوك”.
في مرحلة التمييز بين المجتمع السياسي عن المجتمع المدني في القرن 19، أبرز ما يميز هذه المرحلة هو التمييز بين “المجتمع السياسي” أو “الدولة” وبين المجتمع المدني، وجاء هذا التمييز على يد هيجل عندما ميز بين مؤسسات ثلاث في الحياة الاجتماعية هي: الأسرة، والمجتمع المدني، والدولة. كما كان لهيجل دورا في ظهور الأهمية الاقتصادية بالنسبة للمجتمع المدني.
في مرحلة اعتبار المجتمع المدني مكونا من مكونات البنية التحتية فإن أبرز ما يميزها، ما قام به ماركس من تمييز بين البنية التحتية والفوقية، بعد أن كانت خليطا دون تمييز عند هيجل، وكذلك يميز هذه المرحلة من حياة تطور المفهوم اعتبار ماركس للمجتمع المدني من مكونات البنية التحتية، وهناك اعتقاد بأن ماركس أعطى للمفهوم معنى جديدا عندما اعتبره ساحة الصراع الطبقي وعندما اعتبره سابقا على نشأة الدولة على عكس ما رأى هيجل الذي اعتبر أن الدولة سابقة على نشأته. لكن رغم ذلك فإن بعض الدراسات اعتبرت أن الإسهام الماركسي فيما يتعلق به ضعيف، واعتبرت دراسات أخرى بأن الإسهام الماركسي كان سلبيا عليه.
وفي مرحلة عودة المفهوم وتطوره كفضاء للتنافس الإيديولوجي في القرن العشرين، أعاد غرامشي إحياءه بعد فترة التوقف على تداوله، وكان من أبرز ما يميز هذه المرحلة، اعتباره مكونا من مكونات البنية الفوقية بعد أن كان من مكونات البنية التحتية، وكذلك اعتباره فضاء للتنافس الإيديولوجي، وإعطائه وظيفة جديدة للوصول إلى السلطة عن طريق الهيمنة الإيديولوجية على مكونات المجتمع المدني بما أسماه (بحرب المواقع)، وليس عن طريق السيطرة المباشرة التي أسماها (بحرب الحركة).
في المرحلة المعاصرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأحداث أوروبا الشرقية أُعيد إحياؤه مجددا بعد فترة التوقف الجديدة في تداوله واستخدامه، وأبرز ما يميز هذه المرحلة، انتشاره ورواجه بصورة كبيرة جدا لم يسبق لها مثيل. وكذلك ظهور استخدامات جديدة له لم تكن موجودة في مراحل سابقة أدت إلى تشعب الجدل حوله، مثل استخدامه في التحول الديمقراطي، واستخدامه “ضد” الدولة أو في “مواجهتها. وتختلف المرحلة المعاصرة من مراحل تطوره عن غيرها من مراحل نشأته، في أن أحداثا تاريخية معينة أثرت على تطوره ولم يتطور على يد فلاسفة ومفكرين. ويربط كثير من الكتّاب ظهور العولمة ورواج هذا المفهوم بشكل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فبعد انتشار ظاهرة العولمة بدأت تظهر استخدامات جديدة لمفهوم المجتمع المدني ومن أهم التطورات التي أحدثتها ظاهرة العولمة على مفهوم المجتمع المدني ظهور مصطلحات جديدة للمفهوم مثل “المجتمع المدني العالمي” أو “المجتمع المدني العابر”، وظهور تعريفات جديدة له، كذلك ظهور أدوار جديدة وظهور جدل فكري جديد لم يكن موجودا سابقا حول مفهوم المجتمع المدني العالمي حول من يشكك بحقيقة وجوده وبين من يقر بحقيقة وجوده.
وفيما يلي نعرض أبرز التطورات التي أحدثتها العولمة على هذا المفهوم بشكل مختصر:
1- ظهور مصطلح جديد لمفهوم المجتمع المدني:
مصطلح المجتمع المدني استخدمه الكتّاب على مستوى محلي لا يتعدى حدود دولهم، إلا أنه وبسبب تأثيرات العولمة على هذا المفهوم لم يعد استخدامه مقتصرا على المستوى المحلي أو الوطني وإنما تعداه إلى مستوى عالمي. بعد أن راج مؤخرا وبشكل كبير استخدام مصطلح “المجتمع المدني العالمي”، فإن ظهور هذا المصطلح أدى ببعض الكتّاب إلى التمييز بين مستويات المجتمع المدني على صعيد وطني وصعيد عالمي، حيث بتنا نلحظ من يميّز بين مصطلح “المجتمع المدني الوطني” وبين مصطلح “المجتمع المدني العالمي”. أدى ظهور مصطلح “المجتمع المدني العالمي” كذلك إلى رفض بعض الكتّاب لهذا المصطلح وفضلوا استخدام مصطلحات أخرى، فظهرت مصطلحات مقابلة لمصطلح المجتمع المدني العالمي، مثل مصطلح “المجتمع المدني عبر القومي” أو مصطلح “المجتمع المدني الدولي”.
وجود خلاف بين الكتّاب حول المصطلح الذي يفضلون استخدامه سواء أكان “المجتمع المدني العالمي” أو “المجتمع المدني العابر” أو “المجتمع المدني الدولي”. فالفريق الأول من الكتّاب الذين يفضلون استخدام مصطلح “المجتمع المدني العالمي” غالبا ما يكونون أكثر تفاؤلا في نظرتهم للمجتمع المدني العالمي ودوره وسعة انتشاره ومدى تأثيره من نظرة الفريق الثاني من الكتّاب الذين يفضلون استخدام مصطلح “المجتمع المدني العابر”، حيث غالبا ما توجد بعض الشكوك التي تساور الفريق الثاني حول قوة تأثير “المجتمع المدني العابر” وسعة انتشاره ودوره، رغم أنهم أحيانا لا يخفون آمالهم التي يرجون أن يحققها بأن يكون أكثر تأثيرا وأكثر سعة وانتشارا. أما مصطلح “المجتمع المدني الدولي” فنادرا ما يتم استخدامه، لذلك يكون اهتمام الكتّاب غالبا منصبا على دراسة المصطلحين المجتمع المدني العالمي والعابر أكثر من مصطلح المجتمع المدني الدولي الأقل شيوعا.
2- ظهور تعريفات جديدة للمصطلحات الجديدة للمفهوم واختلاف الكتّاب بشأنها:
نتيجة لظهور مصطلحات جديدة لمفهوم المجتمع المدني بفعل العولمة مثل المجتمع المدني العالمي والمجتمع المدني العابر والمجتمع المدني الدولي اختلف الكتّاب في تعريفهم لكل من هذه المصطلحات. فعلى سبيل المثال يعرّف روبرت اوبرايان المجتمع المدني العالمي على أنه: “مجال أَو فضاء حيث يحاول خلاله الممثلون المدنيون التأثير على الطريقة التي يعيش فيها الناس حياتهم في أنحاء العالم”. أما أندرو هاريل فإن هذا المصطلح بالنسبة إليه يشير إلى “تلك المجموعات الوسيطة والمُنظَّمة التي تكون مستقلة نسبيا عن كل من السلطات العامّة والممثلين الاقتصاديين الخاصّين: والتي تعمل عبر حدود الدول”.
وبالنسبة للكاتب ريتشارد فولك فإن هذا المصطلح يشير إلى: “ميدان العمل والفكر المنشغل بالمبادرات الفردية والجماعية للمواطن ذات الصفات الطوعية غير الربحية في داخل الدول وخارجها”.
وحسب كل من دبرا جونسون وكولن تيرنر فإن المجتمع المدني العالمي بالنسبة إليهما يشير إلى: “التشكيلة الواسعة من المنظمات غير الحكومية العاملة عبر الحدود”. فيما يرى كنت البرت جونز أن هذا المصطلح يمثل: “مجموعة من المجموعات المتصلة عالمياً بمصلحة عامة، مثل النوعية البيئية، وشروط العمل، وحقوق الإنسان، أَو (أقل وضوحا) المنافع الاقتصادية المرتبطة بتوسيع التجارة، سواء أكانت أو لم تكن مُنظَّمة عالمية أَو مجموعة ذات مصلحة سياسية”.
ويعتقد جاكبسون وجانغ أن هذا المصطلح تم تعريفه على أنه جزء من العولمة. أما بالنسبة للكاتتب بول وابنر فهو يعتقد أنه يمثل الحقل الذي يُؤدّي العديد من الوظائف.
لا يقتصر اختلاف الكتّاب بالنسبة لتعريف “المجتمع المدني العالمي”، وإنما يختلفون أيضا حول تعريف “المجتمع المدني عبر القومي”، فيوجد منهم من يَعدُّ أنه يشير “إلى تلك الجماعات الوسيطة والمنظمة ذاتيا؛ والتي تكون مستقلة نسبيا عن كل من السلطات الحكومية والعوامل الاقتصادية الخاصة؛ والتي تكون قادرة على القيام بعمل جماعي من أجل تحقيق مصالحها وقيمها؛ والتي تعمل عبر حدود الدول”.
ويعرفه فايست بأنه “أشخاص، ومجموعات، ومنظمات في مختلف الدول التي تتفاعل بكل معنى عبر ساحات سياسية متنوعة خلال مجالات مكثفة من التفاعل للتعبير عن المصالح الديمقراطية.”
وبالنسبة لكل من بي جيه سيمونز وآن فلوريني فإن تعريفه يجيء في ثلاثة أجزاء. أولاً، مثل كُلّ مجتمع مدني، يَتضمّنُ فقط المجموعات التي لا تكون حكومية أو الكيانات الخاصة الساعية إلى الربح. الثاني، أنه عابر، أي أنه، يشمل ترابطاً عبر الحدود الوطنية. الثالث، يأخذ أشكالا متنوعة، أحياناً يأخذ شكل منظمة غير حكومية بمفردها مع الأعضاء الأفراد في دولة ما، أو الموجودة في عدّة بلدان، كما في حالة منظمة الشفافية الدولية.
لا يختلف الأمر بالنسبة لخلافهم أيضا حول مصطلح “المجتمع المدني الدولي”، فقد عرّفه علماء العلاقات الدولية (مندي وميرثي) على أنه: “مجال للمؤسسات الدولية، ويشمل ذلك، المعايير غير الرسمية وممارسات المسؤولين الحكوميين والمواطنين الخاصّين العاملين عبر حدود الدول؛ الأنظمة الدولية التي خلقت بواسطة الاتفاقات الواضحة بين الدول؛ والمنظمات غير الحكومية الدولية؛ ووكالات دولية رسمية”. وحسبما يناقش كل مم شوارتز زشراد ورتبيرغر فإن مفهوم المجتمع المدني الدولي يشير إلى “المجتمعات المدنية الوطنية المتصلة”.
3- بروز جدل فكري بين الكتّاب حول أسباب ظهور مفهوم المجتمع المدني العالمي:
يختلف الكتّاب حول أسباب ظهور مفهوم المجتمع المدني العالمي أو العابر وإن كانت الغالبية العظمى منهم تتفق على أن سبب ظهور هذا المفهوم يعود إلى العولمة، إلا أنهم اختلفوا إن كانت المظاهر الإيجابية أم السلبية من العولمة هي التي أدت إلى ظهور هذا المفهوم، واختلافهم في رؤيتهم حول أسباب ظهوره اختلفت باختلاف أهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها من استخدام المفهوم والدور الذي يطمحون إلى أن يلعبه، فمن يرى بأن له دورا في نشر مفاهيم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية البيئة ومحاربة الفقر، غالبا ما يربط ظهوره بانتشار هذه المفاهيم وبالمظاهر الإيجابية من العولمة، لا سيما التكنولوجيا التي ساعدت على انتشارها وتحويلها إلى مفاهيم عالمية. ومن يعتقد بأن له دورا في محاربة الظواهر السلبية من العولمة غالبا ما يربط ظهوره بظهور المظاهر السلبية منها، لا سيما بالمظاهرات التي جرت ضد منظمة التجارة العالمية في سياتل.
4- ظهور أدوار جديدة للمفهوم لم تكن مستخدمة من قبل:
كان للعولمة أثرها الواضح على المجتمع المدني العالمي أو العابر وذلك بظهور أدوار جديدة لم تكن مستخدمة من قبل، وقد اختلف الكتّاب على دور المجتمع المدني العالمي أو العابر وعلى مدى قوة تأثيره، فهناك من رأى أن للمجتمع المدني دورا في مقاومة السمات السلبية للعولمة وله قوة تأثير لذلك وهؤلاء الأكثر تفاؤلا، وهناك من رأى أن ليس له قوة لمقاومة السمات السلبية من العولمة. وقد ظهرت مصطلحات جديدة نتيجة لهذا الجدل وهو مصطلح “العولمة من الأسفل” و”العولمة من الأعلى”. حيث اقترح الكاتب ريتشارد فولك اعتماد التمييز بين قوى السوق العالمية المعرّفة “بالعولمة من فوق” وبين مجموعة الاستجابات المعارضة من النشاط الاجتماعي العالمي والمجتمع المدني العالمي المعرفة “بالعولمة من أسفل”. ويعتقد بأن الدور التاريخي “للعولمة من الأسفل” هو تحدي السمات السلبية “للعولمة من الأعلى”.
نظرة فولك لدور المجتمع المدني العالمي -أو ما أطلق عليه “العولمة من الأسفل”- في مقاومة السمات السلبية “للعولمة من الأعلى”، قد تبدو متفائلة جدا بالنسبة لكتّاب آخرين عدّوا “العولمة من الأسفل” لا تزال بحاجة إلى تقوية كي تقوم بهذا الدور المناط بها. ومن هؤلاء، الكاتبان ديفيد كوكس ومانوهار باوار اللذان يعتقدان بأن المهم هو أن تواصل حركة “العولمة من الأسفل” تقويتها، لتعزيز المشاركة في العمل الاجتماعي، وطرح بديل للسياسات الاقتصادية والاجتماعية وأنماط التنمية، والدفاع عن المحرومين من العالم.
5- ظهور جدل فكري جديد لم يكن موجودا سابقا حول مفهوم المجتمع المدني العالمي حول من يشكك بحقيقة وجوده وبين من يقر بحقيقة وجوده:
يوجد من يشكك بحقيقة وجوده وبين من يقر بحقيقة وجوده، فعلى سبيل المثال هناك (انهاير وآخرون) من عدّ أن: “انتشار مصطلح المجتمع المدني العالمي يعكس حقيقية اجتماعية، فما يمكن ملاحظته في التسعينات هو ظهور مجال فوق السلطة الوطنية للمساهمات الاجتماعية والسياسية التي ينشغل من خلالها مجموعات المواطنين، والحركات الاجتماعية، والأفراد في الحوار، والجدل، والمواجهة، والتفاوض مع الآخرين ومع مختلف الممثلين الحكوميين- الدوليين والوطنيين والمحليين”.
واعتبر مايكل ادواردز أن وجوده حلم وليس حقيقة، فعلى سبيل المثال يقول إنه: “ربما أننا نحلم بمجتمع مدني عالمي، لكنَّنا لا نعيش لحد الآن في هكذا مجتمع”. فيما يعتقد كل من ديفيد كوكس ومانوهار باوار أن المجتمع المدني العالمي ما زال ممكنا أكثر من كونه حقيقة.
6- ظهور مفاهيم جديدة مثل الدولة العالمية والحكم العالمي وارتباطها بالمجتمع المدني العالمي وعلاقته بسيادة الدول والحدود بينها:
اختلاف الكتّاب بين من يقر بحقيقة وجود المجتمع المدني العالمي وبين من يشكك بحقيقة وجوده، له علاقة باختلافهم حول الدولة العالمية والحكم العالمي وارتباطها بالمجتمع المدني، واختلافهم كذلك حول مدى قوة تأثير المجتمع المدني العالمي وأهمية دوره. فالمشككون في وجوده قد يتعلق شكهم بعدم وجود دولة عالمية لاعتقادهم بأن المجتمع المدني ينظم علاقة بين المجتمع والدولة، وعدم وجود دولة عالمية دعا بعضهم إلى القول من الصعب أن يكون هناك مجتمع مدني عالمي أو حركات اجتماعية عالمية في ظل عدم وجود دولة عالمية. وأحيانا أخرى قد يتعلق شكهم لعدم قناعتهم بالدور الذي يقوم به أو من المفترض أن يقوم به، حيث يعتقدون بأنه ليس له تأثير في ظل تركيبة المجتمع الدولي الحالية التي لا يتم فيها تمثيل جميع مناطق العالم في المنظمات العالمية. أما المقرون بحقيقة وجوده فهم يعتقدون بأن انتشاره يدل على وجوده، كما أنهم متفائلون جدا حوله، ويعولون كثيرا على الدور الذي يقوم به وعلى قوة تأثيره، ولا يجدون بأن عدم وجود دولة عالمية سببا لعدم وجوده.
الجدل المثار حول المجتمع المدني العالمي أو العابر وعلاقته بالدولة وسيادتها والحكم العالمي والحدود بين الدول، غالبا ما يدور بين وجهة النظر الأولى التي تعتقد بأن المجتمع المدني العالمي يمثل حكما عالميا جديدا بلا حدود ويقللون من أهمية الدولة القومية وسيادتها وتأثيرها، وبين وجهة النظر الثانية التي تشكك بهذا الحكم العالمي وتؤكد على سيادة الدولة. ووجود بعض الكتّاب الذين يشككون بوجود المجتمع المدني العالمي أو العابر لعدم وجود حكومة عالمية لا يتعارض في أحيان أخرى مع اعتقادهم بإمكانية أن يكون المجتمع المدني العالمي أو العابر أساسا لشكل الحكم العالمي في المستقبل، وليس لحكومة عالمية، وإنما لنظام ذي ثقافة مشتركة من قيم يتقاسمها الجميع على نطاق واسع. والكتّاب من وجهتي النظر وظّفوا مفهوم المجتمع المدني العالمي من أجل إثبات صحة رؤيتهم بوجوده أو عدم وجوده، وبذلك قرروا ما ينبغي أن يكون عليه وجود المجتمع المدني العالمي أو عدم وجوده بما يثبت صحة رؤية كل منهم.
(ورقة مقدمة في إطار أكاديمي. تم حذف الإشارات إلى المراجع الأجنبية ورقم الصفحات داخل النص لتسهيل نشر الورقة على صفحات مجلة باللغة العربية. قائمة بالمراجع في آخر الورقة).
المراجع المستخدمة في البحث:
Anheier, Helmut, Marlies Glasius and Mary Kaldor (2001) Measuring Global Civil Society.” in Helmut Anheier, Marlies Glasius, and Mary Kaldor (eds.). Global Civil Society 2001. Oxford: Oxford University Press.
Cox, David and Manohar Pawar (2006) International Social Work: Issues, Strategies, and Programs. London: Sage Publications.
Edwards, Michael (2001) “Introduction.” in Michael Edwards and John Gaventa (eds). Global Citizen Action. Boulder: Lynne Rienner Publishers.
Faist, Thomas (2000) The Volume and Dynamics of International Migration and Transnational Social Spaces. Oxford: Oxford University Press.
Falk, Richard (2003) “On The Political Relevance of Global Civil Society.” in John H Dunning (ed). Making Globalization Good: The Moral Challenges of Global Capitalism. Oxford: Oxford University Press.
Falk, Richard (2003) “On The Political Relevance of Global Civil Society.” in John H Dunning (ed). Making Globalization Good: The Moral Challenges of Global Capitalism. Oxford: Oxford University Press.
Florini, Ann M. and P.J. Simmons (2000) “What the World Needs Now?.” in Ann M. Florini (ed). The Third Force: The Rise of Transnational Civil Society. Tokyo: Japan Center for International Exchange, Washington, D.C.: Carnegie Endowment for International Peace.
Hurrell, Andrew (2002) “Norms and Ethics in International Relations.” in Walter Carlsnaes, Thomas Risse and Beth A Simmons (eds). Handbook Of International Relations. London: Sage Publications.
Hurrell, Andrew (2005) “Power, institutions, and the production of inequality.” in Michael Barnett and Raymond Duvall (eds). Power in Global Governance. Cambridge: University of Cambridge.
Jacobson, Thomas L and Won Yong Jang (2003) “Mediated War, Peace, and Global Civil Society.” in Bella Mody (ed). International and Development Communication: A 21st-Century Perspective. London: Sage Publications.
Johnson, Debra and Colin Turner (2003) International Business: Themes and Issues in the Modern Global Economy. London: Routledge.
Jones, Kent Albert (2004) Who’s Afraid of the Wto?. Oxford: Oxford University Press.
Mundy, Karen and Lynn Murphy (2001) “Beyond the Nation-State: Educational Contention in Global Civil Society.” in Heinz-Dieter Meyer and William L. Boyd (eds). Education Between State, Markets, and Civil Society: Comparative Perspectives. Mahwah, New Jersey: Lawrence Erlbaum Associates.
O’connell, Brian (1999) Civil Society: The Underpinnings of American Democracy. Hanover: University Press of New England.
Rittberger, Volket, Christina Shrade, and Daniela Schawrzer (1999) “Introduction.” in Muthia Alagappa and Takashi Inoguchi (eds). International Security Management and the United Nations. Tokyo: United Nations University Press.
Wapner, Paul (2004) “The Campaign to Ban Antipersonnel Landmines and Global Civil Society.” in Richard A. Matthew, Bryan McDonald and Kenneth R Rutherford (eds). Landmines and Human Security: International Politics and War’s Hidden Legacy. Albany: State University of New York Press.
* كاتبة من فلسطين