صفحات مختارة

ورقة مقدمة إلى اجتماع القاهرة للماركسيين العرب

ورقة مقدمة إلى اجتماع القاهرة للماركسيين العرب
نايف سلوم
ورقة مقدمة إلى لقاء القاهرة للماركسيين العرب المقرر عقده في -2-3/5/2009 وهي عبارة عن:
البيان النظري والسياسي
للتجمع الماركسي-الديمقراطي في سوريا
(تـمـــــــــــد)
المستوى المنهجي/ النظري:
المنهجي / النظري : تمهيد
“المنطق الديالكتيكي منطق نقدي ، فهو يكشف أحوالاً ومحتويات للفكر تعلو على النمط المقنن للمبادئ المقننة والسائدة .. ليس الفكر الديالكتيكي هو الذي يخترع هذه المحتويات ، بل هي قد انضافت للمفاهيم خلال التراث الطويل للفكر والفعل”
في هذه العبارة تتجلى تاريخية الديالكتيك عبر إضافة محتويات جديدة إلى مفاهيمه . فقد أضاف ماركس مفهوم القيمة التي هي عند ماركس علاقة إنتاج اجتماعية و فضل القيمة التي هي شكل استغلال اجتماعي خاص بنمط الإنتاج البضاعي وخاصة النمط الرأسمالي للإنتاج .
وأضاف لينين وقبله مفكرون ليبراليون واشتراكيون (هوبسون، هلفيردينغ) مفهوم الإمبريالية. العلاقة الإمبريالية هي علاقة استغلال وعلاقة إلحاق وعلاقة ظلم قومي واجتماعي ، وهي تتضمن حروب عدوانية واحتلال بلدان وإخضاعها ، وتقتضي هذه العلاقة إعاقة كل تطور صناعي في البلدان المتخلفة . العلاقة الإمبريالية هي علاقة إنتاج بورجوازية ولدها تطور القوى الإنتاجية لدرجة عالية نتيجة تمركز رأس المال وتركزه في أيدي حفنة من الشركات الدولية الاحتكارية وما ينتج عن ذلك من تقسيم دولي محدد للعمل بين مراكز النظام وبين أطرافه المتخلفة. ، ولاحقاً بعد الحرب العالمية الثانية أضيف مفهوم التخلف في أطراف النظام الرأسمالي ، والعلاقات الاقتصادية في مجتمع رأسمالي طرفي متخلف هي صورة للعلاقة الإمبريالية مجسدة بسيطرة طبقة بورجوازية رثة ملحقة بمصالح وإرادة البورجوازيات الإمبريالية في المراكز الرأسمالية . وهكذا لا يمكن دراسة الاقتصاد العالمي الراهن بنيته ، دينامياته وآلياته ودولته بعيداً عن مفاهيم من مثل فضل القيمة وأشكال الاستغلال ، ومفهوم الإمبريالية ومفهوم البنية العالمية للنظام الرأسمالي وتفاوت هذه البنية ومعه مفهوم التخلف والتقسيم الإمبريالي الدولي للعمل والاستغلال . والاستغلال قيمة تبادلية تولد قيماً جديدة مقتطعة من نتاج قوة عمل العامل (فائض الإنتاج) تراكم لمصلحة البورجوازيات الإمبريالية في المراكز . إن البورجوازيات الإمبريالية في المراكز الرأسمالية هي رب عمل صاحب مداخيل إضافية وهي تستولي على فائض الإنتاج الدولي . وقوة العمل التي تستغلها هذه البورجوازية لها طابعاً مزدوجاً: فمن الناحية الأولى استغلال قوة العمل في المراكز نفسها أي الاستيلاء على فائض إنتاج قوة عمل العمال في البلدان المركزية ، والثانية استغلال قوة عمل أغلبية السكان في البلدان المتخلفة بآليات مختلفة . تذهب حصة من فائض الإنتاج لرشوة الطبقة العاملة في المراكز عبر ارتفاع أجور هذه الطبقة نسبة لأجور العمل في البلدان المتخلفة والحصة الثانية لرشوة الطبقات المسيطرة في البلدان المتخلفة والتي تعمل بسيطرتها ولحاقها بالبورجوازية الإمبريالية إلى تأبيد العلاقة الإمبريالية . لقد غدت كل هذه المفاهيم التي كانت سابقاً محتويات للفكر(“نظرية “) ، غدت أدوات ضرورية للتحليل اللاحق، ومفاتيح مفهومية لا غنى عنها للتحليل التاريخي والاجتماعي . وهذا ما نسميه بـ جدل النظرية والمنهج في الديالكتيك المادي أو جدل محتوى وشكل العلم الاجتماعي في حركة نموه التاريخية . إن النظرية خضراء دائماً ، وهي المحتوى الفكري العلمي للواقع الراهن ، وهي الأداة المفهومية الجديدة للتحليل النظري اللاحق.
على النظرية أن تهتم للبعد الحضاري (نقد الثقافة القومية ودراسة نمط الإنتاج الخراجي الذي كان سائداً قبل غزو نمط الإنتاج البضاعي الرأسمالي ) وعلى النظرية دراسة الأثر “الخاص ” الذي نتج عن هذا الصدام الحضاري والذي أعطى البنية الرأسمالية الطرفية الرثة القائمة في الأقطار العربية ومنها سوريا. إن دراسة كهذه تعني دراسة السير التاريخي المادي في المنطقة العربية ، أي رصد السير المادي التاريخي كما حصل في الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية . على الماركسية أن تدرس وتبحث في ثلاث لحظات تاريخية الأولى: نمط الإنتاج الرأسمالي في طوره الإمبريالي والثاني : دراسة نمط الإنتاج الخراجي، والثالثة: دراسة أثر الصدام بين النمطين في ظل تفوق النمط الرأسمالي واحتلاله للمنطقة العربية وإقامة الكيانات الإدارية القطرية العربية كما ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية.

مطارحات THESES
تشكل الأساس النظري/ المنهجي
للتجمع الماركسيّ- الديمقراطيّ في سوريا
المطارحة الأولى
I
بخصوص الاسم: التجمع الماركسي- الديمقراطي في سوريا. في بسط هذا الاسم نقول: هو تجمع سياسي للماركسيين – الديمقراطيين وليس حزباً سياسياً، نظراً لفقر الحياة السياسية السورية، ولضخامة المهام الملقاة على عاتق الاشتراكيين الماركسيين بعد انحطاط التجربة السوفييتية وتفككها، ونظراً لتضخم الجانب الشخصي عند الناشطين في الحقل السياسي خاصة اليساري والديمقراطي منه بحكم بقاء الطبقتين الرئيسيتين العمال والفلاحين في كنف السلطة عبر الجبهة الوطنية التقدمية وعبر المنظمات الشعبية الحكومية وعبر النقابات التابعة للنظام . إن تضخم الكاريزما الشخصية وعدم وجود قاعدة شعبية ناشطة وذات نضالات يومية واضحة (سلبية الجماهير) تجعل صيغة التجمعات أكثر قدرة على التعبئة في الشروط الراهنة وإذا ما توفرت شروط متقدمة ومناسبة في المستقبل المنظور يمكن للتجمع التحول إلى حزب سياسي بالمعنى الحرفي للكلمة.
صيغة التجمع تناسب عمل سياسي موات لحرب المواقع في سلطة الدولة كون الهجوم غير وارد على سلطة الدولة البورجوازية في الشرط الإمبريالي والإقليمي الراهن. الصيغة المقترحة تستفيد من جميع الإمكانيات المتوفرة والواعدة . إضافة إلى أن صيغة التجمع تسمح بتواجد تنسيق وتفاعل منتج بين التيارات والكتل الماركسية- الديمقراطية على اختلاف أنواعها وتصوراتها للعمل الديمقراطي الماركسي .
ديمقراطي، بدلاً من يساري للأسباب التالية: صحيح أن أي عمل يساري؛ أي لصالح الطبقات الشعبية الكادحة من عمال وفلاحين فيه إنجاز لمهام ديمقراطية إلا أن عدم ترافق وتزامن الديمقراطية السياسية مع مهام كهذه تجعل العمل الديمقراطي يشمل الجانبين الاجتماعي (المهام الديمقراطية ) والسياسي أي الديمقراطية السياسية والمهمة القومية العربية الديمقراطية .
أما اختيار ماركسي بدلاً من اشتراكي أو اشتراكي ديمقراطي فلأن للاشتراكية عدة أنواع كما ظهرت تاريخياً، الأولى الاشتراكية الفظة أو العقائدية والتي تهتم بجانب التوزيع دون المساس بجوهر نمط الإنتاج الرأسمالي في المراكز أو الأطراف ، أي دون المساس بشكل الملكية الخاصة الرأسمالية. وقد ثبت أن هذا النموذج من الاشتراكية سواء الاشتراكية الديمقراطية في المراكز ممثلة بالأممية الدولية الثانية أو اشتراكية الطبقات الوسطى في الأطراف (الاشتراكية العقائدية) والتي تتحول في سياق نموها الفعلي والمنطقي إلى بورجوازية كولونيالية تابعة للمراكز الرأسمالية وتتحول محلياً إلى نظام سياسي عصبوي استبدادي عار هي اشتراكية بورجوازية في المحصلة، أي هي عبارة عن دولة رأسمالية بورجوازية تدخليّة بحكم الضغط الاشتراكي الماركسي (الشيوعي).
إذاً، ماركسيّ للتمييز بين الاشتراكية الديمقراطية والتي هي تيار في السياسة البورجوازية في المراكز والأطراف، وهي تمييز عن الشيوعية لأنها تلوثت بالشيوعية الستالينيّة البيروقراطية، والتي شوهت الاشتراكية الديمقراطية الماركسية ودفعتها قرن كامل نحو الوراء في الفلسفة والاقتصاد والسياسية ، كما أن ماركسيّ تعني تجديد الثقة بالديالكتيــك المادي كمنهج ما كروي إجمالي في التحليل التاريخي والاجتماعي الاقتصادي والقومي ، وتجديد الانتباه لأسس النظرية الماركسية بما يخص العداء للرأسمالية كعلاقات إنتاج [ملكية خاصة رأسمالية ] أضحت مصدر خطر وكارثة على البشرية وعلى البيئة الكونية. وحتى على الكيان الوجودي الفردي للكائنات البشرية. كما أن ماركسيّ تعني إعادة الاعتبار- وفق المعطيات الجديدة المتسارعة- للتفسير الماركسي للوجود البشري وإعادة الاعتبار للإنسان بعدما ندمت البورجوازية على نقدها الجذري للدين في القرون الثلاثة الماضية، أي إعادة الاعتبار والهمّة لنقد الدين ونقد التراث القومي بما فيه نقد التراث الديني في سبيل بناء الحركة القومية العربية الديمقراطية الجديدة .
كل ذلك لبسط اسم التجمع الجديد : التجمع الماركسي- الديمقراطي في سوريا ، في سوريا لأن للتجمع مهمة قومية ديمقراطية وهي العمل باتجاه إنجاز التوحيد القومي العربي عبر نهوض عربي قومي ديمقراطي بقيادة اشتراكية ماركسية أممية النزعة. ولأن التجمع ذو نزعة أممية، أي التعاون والتنسيق مع القوى العالمية في الأمم الأخرى من أجل تجاوز الشرط البورجوازي للبشرية وبناء عالم الحرية والمساواة الحقيقية في الثروة والسلطة، وفي بناء سلام حق للعالم أجمع بعد إنصاف جميع الأمم والأقوام المتظلمة والمحرومة.
المطارحة
ΙΙ
ننظر إلى الماركسية على أنها ذات بعدين، بعد تفسيري، أي الماركسية منظوراً إليها كعلم تاريخي يدرس الشروط المعطاة وحركة الواقع الفعلي وإمكانيات هذا الواقع. وبعد تغييري هو ما ندعوه بالأيديولوجية العضوية، أو أيديولوجية الطبقة العاملة في وجودها السياسي وبرنامجها الديمقراطي العضوي* . وعلى هذه الأيديولوجية أن تعتمد على نتائج العلم التاريخي/ الاجتماعي الاقتصادي ، القائم أصلاً على الديالكتيك المادي كمنهج ماكروي [إجمالي] في التحليل يقرأ جميع المناهج الجزئية والميكروية كل في حقله ليقدّم تصوره الإجمالي، وأن تكون(الأيديولوجية العضوية) في حالة حوار ومراجعة دائمتين مع نتائج هذا العلم التاريخي/ الاجتماعي الاقتصادي. الماركسية كشكل للتفسير التاريخي والاجتماعي هي قراءة نقدية للقراءات الأخرى وعلم قائم على البحث في المعطيات التاريخية والاجتماعية الاقتصادية العالمية والقومية .
المطارحة
ΙΙΙ
ننظر إلى انفصال الليبرالية عن المهام الديمقراطية على أنها قضية نظرية محورية وحاسمة وذلك اعتباراً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، خاصة مع ظهور الاحتكار والإمبريالية والنزعة العسكرية والكولونيالية الاقتصادية والاستعمار في الرأسمالية أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ومع تحول الدولة القومية الأوربية من دولة بورجوازية ديمقراطية معادية للإقطاع والمقدس والايديولوجية الدينية الظلامية إلى دولة إمبريالية استعمارية متحالفة مع الطبقات البائدة والرجعية في المراكز والأطراف (ألمانيا وإيطاليا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر) وعبر تحالفها ودعمها للطبقات المحافظة والرجعية في الأطراف الرأسمالية وتشجيعها للعصبوية الدينية والطائفية والاثنية. فبعد أن كانت توحّد ديمقراطياً باتت تفتت وتمزق وتخلع أطرافها . أي باتت بورجوازية الأطراف ذات السمات الإقطاعية عاجزة عن إنجاز المهمات الديمقراطية التي أنجزتها البورجوازية الصاعد في أوربا بين القرنيين السادس عشر والتاسع عشر. وقد تأكدت هذه النزعات مع الإمبريالية الراهنة ذات السياسات “المعولمة”. لهذا نرى أن الوريث الشرعي التاريخي لـ البرنامج الديمقراطي للبورجوازية الصاعدة، الأعوام: 1500-1870 هي البروليتاريا كطبقة عالمية وكبرنامج سياسي واجتماعي- اقتصادي ، وكبرنامج ديمقراطي وقومي. وهي وراثة أولية ومنهجية، يتوجب العمل لنقلها إلى حيز الوجود بالفعل. ومن هنا العلاقة العضوية، المترابطة والمتداخلة بين المهام الاشتراكية والمهام الديمقراطية والقومية . أي أن هذه المهام في تداخلها وترابطها هي مهمة الطبقة العاملة وبرنامجها الديمقراطي، أي مهمة الطبقة العاملة وتحالفها الشعبي، خاصة في أطراف النظام الرأسمالي. حيث أن قيادة البورجوازية الليبرالية العائلية ذات الأصول الإقطاعية للمهام الديمقراطية أو قيادة البورجوازية “القومية” لهذه المهام لم تؤد إلى حلها أو دفعها خطوات جدية إلى الأمام. وأعطت هذه القيادة الحرب ضد الصهيونية والإمبريالية صفة التراخي وعدم الحزم ، وأدت هذه المواجهة إلى اصطفا فات اجتماعية داخلية أكثر تفجراً واضطراباً . كما أدت إلى الاستبداد السياسي وإلى العصبوية السياسية وإلى الإفقار الاقتصادي.
المطارحة
ΙV
من المهمات الديمقراطية الكبرى للطبقة العاملة وبرنامجها الديمقراطي مشروع التوحيد القومي العربي الديمقراطي، ومسألة الوحدة العربية كشكل للمشروع المنجز. ذلك لأن هذا المشروع سوف يجد نفسه في حالة صراع مميت مع الإمبريالية “المعولمة” ، ومع المشروع الصهيوني القومي. ومن هنا ضرورة هيمنة الاشتراكية الماركسية في قيادة مشروع التوحيد القومي هذا . وتفترض مواجهة التخلف العربي، ومواجهة الأوضاع الإمبريالية التي تعيد إنتاجه الموسع، ضرورة نقد التراث القومي نقداً جذرياً وشاملاً بما فيه التراث الديني، ودمج كل ما هو حي ونابض بالعلم التاريخي/ الاجتماعي الجديد كعلم ذو محتوى قومي في جانب منه. يفرق التجمع بشكل منهجي وأساسي بين الدين كتراث قومي وبيانات من جهة ، وبين التدين كوجدان حاضر وممارسة وجدانية يومية يتوجب مراعاتها واحترامها، وأن جذرها قائم في البنية الاقتصادية الاجتماعية القائمة بالفعل رغم استعارتها لعناصر من الماضي القومي “المجيد”. كما ينظر التجمع إلى إقحام الدين في العمل السياسي والحياة الحزبية على أنه ملمح انحطاط لمشروع النهوض القومي العربي الديمقراطي وانحطاط لهذه الحياة السياسية والحزبية. وأن هذا الإقحام يعرقل مشروع النهوض القومي العربي الديمقراطي ويعقد مسيرة تطوره . مع أنه يمكن للصراعات الطبقية والسياسية أن ترتدي أشكالاً دينية مختلفة . قد ينجز بعضها مهاماً ديمقراطية جزئية .
المطارحة
V
يقر التجمع بشكل واضح وصريح بالحقوق الثقافية للأقليات القومية ، وبالتحديد القومية الكردية ، وبحق المواطنة للجميع مهما تكن عقائدهم الدينية أو اثنياتهم . إن وجود برنامج اجتماعي- سياسي ذو توجه شعبي حق وديمقراطي حق ومقاوم ؛ ووضعه موضع التنفيذ هو الكفيل بتحويل الاثنيات والأقوام والقوميات والطوائف إلى مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات فعلاً.
المطارحة
VI
ينظر التجمع إلى المشروع الصهيوني القومي وتشخيصه التاريخي /دولة إسرائيل، على أنه مرتبط عضوياً بالنظام الإمبريالي الرأسمالي من ناحيتين : أن المشروع الصهيوني القومي وتشخيصه ليس وظيفياً في علاقته بالإمبريالية، بل عضوياً في علاقته بالإمبريالية تتعزز هذه العلاقة حيث تتعزز الإمبريالية ، هذا أولا وثانياً أن المشروع الصهيوني القومي وتشخيصه ليس منحلاً (من الحلول ) في الإمبريالية ، بل رُكِّب على الظاهرة الإمبريالية لأنها تستفيد من وجوده السياسي والأيديولوجي بحيث تغدو العقائد والأساطير الصهيونية والظلامية اليهودية جزءً لا يتجزأ من المتاع الأيديولوجي الإمبريالي. وكلما انحطت الإمبريالية وأسفرت عن رجعيتها في السياسة والأيديولوجية ، وكلما عززت سيطرتها على الأمم الضعيفة والمغلوبة كلما زاد احتياجها للقاموس الأيديولوجي الصهيوني والظلامي اليهودي. إن عدم الانحلال هذا يعطي فرصة تاريخية للأقلية اليهودية من سكان فلسطين لتحل مشكلتها مع المشروع القومي العربي الديمقراطي كأقلية دينية و إثنية . ما يعني أن المشروع الصهيوني القومي في تضاد تاريخي مع المشروع القومي العربي الديمقراطي . و ستترتب على نتيجة هذا الصراع الطويل والمرير آثار عالمية حاسمة. وإذا أراد السكان اليهود في فلسطين الخروج من المأزق التاريخي الذي وضعتهم فيه الإمبريالية الرأسمالية والصهيونية القومية فعليهم القبول بحل مشكلتهم التاريخية كأقلية دينية إثنية لها حقوق ثقافية ، وحق مواطنة يشمل كل سكان فلسطين . وذلك في سياق المشروع القومي العربي الديمقراطي
المطارحة
VII
ترجع أزمة الديمقراطية السوفييتية في روسيا إلى الأمور التالية : أولاً، عزلة الثورة الروسية نتيجة فشل الثورة الاشتراكية في أوربا الغربية ، خاصة الثورتين الألمانية و الإيطالية بدايات عشرينات القرن العشرين. ثانيًا، دمار خيرة طلائع الطبقة العاملة في الحرب الأهلية 1918-1921، ودعم الدول الإمبريالية الرأسمالية للثورة المضادة، وحصار القوى الثورية . ثالثاً، تصدع الهيمنة البروليتارية في روسيا على أثر الصعود التاريخي للبيروقراطية السوفييتية بحكم شروط العزلة السالفة الذكر، وانفجار الصراع بين البروليتاريا والفلاحين نتيجة سياسات التجميع القسري البيروقراطية بداية الثلاثينات من القرن العشرين ، والإرهاب ضد الفلاحين الروس والذي طال قسماً من فقرائهم. لقد فقدت الديمقراطية السوفييتية قدميها اعتباراً من أواخر عشرينات القرن العشرين. والقدمان هما: 1- قيام ثورة اشتراكية في أوربا الغربية خاصة ألمانيا وإيطاليا تكون عضداً للثورة الاجتماعية الروسية من جهة ، 2- ونجاح الهيمنة تجاه الفلاحين عبر استمرار التحالف معهم.
هذا من جهة ، ومن الجهة الثانية يشكل تصنيع روسيا المهمة الديمقراطية القومية التي أنجزت تحت قيادة البيروقراطية السوفييتية اعتباراً من 1928. وعلينا أن نفرق بين المهمة الديمقراطية من جهة ، وبين الديمقراطية الاشتراكية كبديل و وريث تجاوزي للديمقراطية الليبرالية أي الاحتفاظ بالجانب الحي منها وترك المَيْت، بكلام آخر: رفع ما هو حي إلى مستوى العمل الاشتراكي. لقد أنجزت البورجوازية الألمانية، من قبل، مهمة ديمقراطية عبر تصنيع ألمانيا وتوحيد سوقها القومية ، وذلك عبر تسوية تاريخية مع الطبقات القديمة ؛ بما فيها العناصر الإقطاعية والمَلَكية البروسية . وذلك لتزامن إنجاز هذه المهمة مع بداية دخول النظام الرأسمالي في مرحلة اقتصادية/سياسية جديدة هي الاحتكار والإمبريالية الرأسمالية الجديدة . واعتباراً من ثورة 1905 لم تعد البورجوازية قادرة على ذلك وباتت هذه المهمات الديمقراطية من عمل البروليتاريا ومشروعها الاشتراكي.
المطارحة
VIII
ينظر التجمع إلى النظام الاقتصادي العالمي من منظور تاريخي أطول ، ويفترض أن التغيرات الحالية وإن كانت مهمة ومتميزة ، فإنها ليست بلا سابق ، مع ضرورة التأكيد على دراسة هذه التغيرات دراسة موسعة وموثقة وقراءة نتائجها على مستوى تشكل البنية الطبقية خاصة في أطراف النظام الرأسمالي. كما نؤكد على أن عناصرها الحاسمة لا تشير إلى نقلة كيفية (نوعية) باتجاه مرحلة جديدة من النظام الاقتصادي . فالنظام الاقتصادي الراهن ما يزال يحتفظ بطابعه الاحتكاري الإمبريالي وهو اقتصاد بين دولتي أي بين دول ولم ينتقل إلى مرحلة عابرة للدولة القومية أو الأمم رغم التدويل الشديد لرأس المال ورغم النشاط الاقتصادي للشركات الاحتكارية الكبرى في الخارج بعد الحرب العالمية الثانية، مع الإشارة إلى التوسع العالمي الشديد بفعل الثورة التقنية الناجمة عن الحرب العالمية الثانية، وما وفرته من سهولة التحرك الدولي لفروع الشركات الاحتكارية العملاقة، وسهولة الاستثمار في الخارج. وتوفير تقنيات وإمكانيات مالية أكبر بفعل سيطرة الدولار الأمريكي، سيطرة تسهل انتشار القوات العسكرية الأمريكية حول العالم، وتمويلها.
ما تزال الازدواجية القومية العالمية قائمة تحت هيمنة القومي، وما يزال الدولار الأميركي عملة عالمية أي له هذا الطابع المزدوج مع هيمنة مصلحة الشركات الأميركية والدولة الأميركية .
يعيد رأس المال المضارب والمرابي إنتاج عالمه الطرفي مخلعاً ومحطماً ، معيداً إنتاج كل أشكال التفكير والاعتقاد ما قبل الرأسمالية ومنها السلفية الدينية وغير الدينية بكل أنواعها كوجه آخر لآلية عمل رأس المال هذا، ومن هنا يشكل النزوع القومي الديمقراطي في البلدان الطرفية ، ومشاريع النهوض القومي العضوي العدو الأساسي للعولمة الأمنية الإمبريالية. كما تلاحظ المطارحة أن الإمبريالية “المعولمة” تعمم ما يسمى بـ “مرض نقص الآمال المفرط” . يؤدي هذا الإحباط الناتج عن آلية اشتغال الإمبريالية وسياساتها وخاصة في أطرافها وعبر سد آفاق التحديث والتقدم في هذه البلدان الطرفية وعبر تعميم نمط من الثقافة والاستهلاك الخاص بها مع ما يرافق ذلك من حضور طاغ للماضي معبراً عنه بالسلفية الدينية إلى تفجر العنف اللامنتج وبالتالي المزيد من التفكك الاقتصادي والتمزق الاجتماعي والعودة إلى دولة الطوائف.
المطارحة
IX
ينظر التجمع إلى مفهوم الوطن والوطنية Nationality على أنه شكل من أشكال المشروع السياسي لطبقة أو تحالف طبقات بعينها ، وبالتالي فإن معيار وطنية أية طبقة اجتماعية أو تحالف طبقات هو سلوك هذه الطبقة التجريبي في قضايا حاسمة كتحرير الأراضي المحتلة وتحديث بنى المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاندفاع الديمقراطي نحو التوحيد القومي، ويبقى المؤشر الأكبر على وطنيتها هو الديمقراطية السياسية ، والمشاركة السياسية للطبقات الأخرى الهامشية. أي إشراك هذه الطبقات الهامشية في الثروة والسلطة . وهنا يشير التجمع إلى الفرق بين مفهوم الوطنية ، وبين مفهوم القومية أو “الوعي القومي” Nationalism .
يكتسب مفهوم الوطنية بعداً جديداً مع انتهاء الحرب الباردة والتفرد الإمبريالي الأميركي بمصير العالم؛ حيث يأخذ هذا المفهوم طابعاً مركباً: اجتماعي(طبقي)/وطني ، أي لم يعد تعريف الوطنية بدلالة “الخارجي” كافياً ، بل لا بد من رصد موقع الطبقة أو الطبقات المسيطرة في العملية الانتاجية وسلوكها الاجتماعي(الطبقي )، ودور هذا الموقع وهذا السلوك في الدفاع عن مصالح الوطن وسيادته ضد الاعتداءات الخارجية . وتغدو كل مقاربة لمفهوم الوطنية من دون المرور بالطبيعة الطبقية للمجموعات المسيطرة والمهيمنة ضرباً من الخداع الأيديولوجي المضلل. كما يتوجب علينا رصد طبيعة البرامج الاجتماعية-السياسية للحركات المقاومة للاحتلال.
المطارحة
X
يعتمد التجمع المنتظر العلنية في الممارسة السياسية . ويعمل مع جميع القوى والأحزاب الديمقراطية السورية لإنضاج وبناء حياة سياسية عقلانية ومنصفة. مع التأكيٍد على الممارسات السلمية والديمقراطية في التعاطي مع المهام المطروحة. والتأكيد على ضرورة إصلاح وتطوير الفكر السياسي العربي . وبناء آليات عمل سياسي ماركسي خارج زمن الأزمات الثورية. وإنتاج علم سياسة في شروط ابتعاد راهنية الزمن الثوري الاجتماعي .
المطارحة
XI
الأممية الجديدة التي يراها التجمع تشمل جانبين الأول هو تصعيد النضالات القومية الديمقراطية عبر السعي لهيمنة الاشتراكية الماركسية ضمن قيادات هذه النضالات حتى تتلاقى مع النضالات القومية الديمقراطية لدى الأمم والشعوب الأخرى لقاءاً فعلياً ناتج عن تقدم النضالات القومية والمحلية حتى تصل بعملها إلى التلاقي مع الأمم الأخرى . والثاني تثمين النضالات ذات الطابع الكوزموبوليتي والتي تسمى بـ “العولمة البديلة والمنتديات البدائل ” نظراً لتأثيرها الضاغط على آليات اشتغال الإمبريالية والصهيونية ومحاولة المشاركة في هذه النشاطات المناهضة للتأثيرات المدمرة للرأسمالية في شكلها الإمبريالي الليبرالي المتوحش ، مع الاهتمام بالتنسيق مع المنظمات المحلية والعالمية المناهضة لـ “العولمة ” مع تحفظنا ونقدنا لاستخدام مصطلح “العولمة” و”العولمة” البديلة الخ..

المطارحة XII
ملاحظات منهجية عن قضية التنظيم
أ- “إن التنظيم هو صيغة الوساطة بين النظرية والممارسة . وكما في كل صلة ديالكتيكية ، هنا أيضاً لا يحصل أعضاء الصلة الديالكتيكية على تجسيد وواقعية إلا في وساطتهم وبوساطتهم. إن هذا الطابع للتنظيم (الوساطة بين النظرية والممارسة) ، يبدو بأكثر وضوح بواقع أن التنظيم يظهر ، بالنسبة للتفرع بين الاندفاعات، شعوراً أكبر بكثير وأنعم بكثير وأثبت بكثير من كل قطاع آخر للفكر وللعمل السياسيين”
ب- “إن المساهمة الناشطة واقعياً بكل الأحداث ، والموقف العملي واقعياً لكل أعضاء تنظيم ما، لا يحصلان إلا بوضع كل الشخصية في اللعبة . ليس إلا عندما يصبح الفعل داخل كل التجمع العمل الشخصي المركزي لكل فرد يساهم فيه، أن يتمكن الفصل بين حق وواجب أن يضمحل”
التقرير السياسي
آذار 2009
1-الماركسية وضرورتها للمسألة الاجتماعية-الاقتصادية و للمسألة القومية العربية الديمقراطية
2-مقاربة الامبريالية الرأسمالية الراهنة، وأزمتها الاقتصادية الأخيرة
3- نقد تجارب الانتقال الاشتراكي مع ملاحظات على الحركة الشيوعية العربية خصوصية النشأة، العيوب والأزمات، مع طرح إعادة التأسيس.
4- الحراك الديمقراطي اليساري والحراك الليبرالي في العالم
5- التحالفات السياسية
1- تنبع ضرورة الاشتراكية الماركسية للمسألة الاجتماعية/ الاقتصادية العربية وللمسألة القومية العربية الديمقراطية :
1- i : من تراكب وتعقد المهام الديمقراطية والقومية وتداخلها التاريخي مع الاشتراكية الماركسية من جهة القيادة والهيمنة ومن جهة الانتقال التاريخي والمنهجي للمهام الديمقراطية والقومية والوطنية نحو الاشتراكية الماركسية، وصعوبة تحليل أوضاع بهذا التعقيد دون أخذ الديالكتيك المادي كمنهج إجمالي في التحليل يجعل الماركسية ضرورية للمسألة الاجتماعية- الاقتصادية و للمسألة العربية كمنهج في التفسير التاريخي والاجتماعي وخيار اجتماعي وحزب سياسي من ناحية منهجية، مع ملاحظة أن الحزب الشيوعي البيروقراطي الذي شوه مع صعود الستالينية صورة الحزب البلشفي ليس سوى كاريكاتير الحزب الماركسي . فأشكال الحزب السياسي الماركسي يفرضها البرنامج السياسي وطبيعة التحالفات الديمقراطية التي يسعى إليها الاشتراكيون الديمقراطيون الماركسيون .
1- ii : والماركسية ليست مرجعية بالمعنى النصي بالتالي هي مكتفية بذاتها ومنتهية . المرجعية هي موقف مبدئي يشمل مبادئ النظرية الماركسية في موقفها من الرأسمالية وعلاقات الإنتاج الرأسمالية ، ويشمل منهجها الديالكتيكي المادي في التفسير التاريخي وفي التحليل الاجتماعي الاقتصادي . وهنا المنهج لا يدخل في تقابل مع المناهج الجزئية والبؤرية بل هو يقرؤها ويستوعبها في كيانه كمنهج ماكروي إجمالي . المسألة ليست تضايف ولا مجاملة بل هي علاقة نقدية متفهمة ومتمثلة تمثلاً بعيداً عن الدمج البيروقراطي التعسفي والمتسرع في حكمه. إن محتوى العلم (النظرية) يدخل في المنهج ويغدو أداة تحليل من أدواته ، بهذا المعنى الديالكتيك تاريخي، وتاريخيته تتجلى في حركة محتوى العلم بكل أشكاله الطبيعية والاجتماعية. وفي ديالكتيك تحول المحتوى التاريخي إلى شكل وأدات للتحليل اللاحق.
1- iii : والماركسية موقف متفهم للإنسان في علاقته مع القدسي أو المقدس ، فإعادة البشر إلى مركز الفعل والمبادرة التاريخية بعد أن عاشوا في اغتراب عن نتاجهم الفكري آلاف السنين، وبعد أن سلخت عنهم منتجاتهم واستعبدتهم سواء أكانت منتجات عقائدية فكرية كالدين أم اجتماعية- اقتصادية كالمجتمع المدني أم سياسية كالدولة ، الماركسية تطرح مشروعها لاستعادة ما فقده الإنسان، أي إعادته إلى موقعه اللائق به في وجوده ، وامتلاك مصيره بين يديه . إذاً ، و بهذا المعنى الماركسية ليست بحاجة إلى نظرية متضايفة ولا إلى منهج متضايف مكمِّل ، لكنها تحتاج إلى جهد الماركسيين لإعادة إنتاج الماركسية كمنهج إجمالي (الديالكتيك المادي) ونظرية اجتماعية هنا عندنا نحن العرب ، أي في تميزها من حيث هي وحدة الوطني والطبقي والديمقراطي في عصر الإمبريالية ، ولإعادة إنتاج المنهج الماركسي والنظرية الماركسية وفق المعطيات الجديدة خاصة بعد ما حصل من تشويه وتشويش من ناحيتين: أ- التشويه البيروقراطي السوفييتي على مدى أكثر من ثمانين عاماً . ب- والبلبلة التي جاءت بها الاشتراكية الديمقراطية الأوربية و تيارات ما بعد الحداثة التي هي نتاج فلسفي وأدبي نقدي وفني أوربي مراجع لفكر الحداثة بشكل تهكّمي.
والماركسية بحاجة لجهد الماركسيين لقراءة ما طرأ من تغيرات في شكل عمل الإمبريالية الرأسمالية . هذه الماركسية هي جهد واع في مواجهة هذه التشوهات وتلك البلبلة وفي سبيل قراءة الأشكال الجديدة لاشتغال النظام الإمبريالي كنظام اقتصادي / سياسي عالمي كما ظهر في مركزه وفي أطرافه .
– في الوضع الدولي
أ- مقاربة الإمبريالية الرأسمالية الراهنة، ومقاربة أزمتها الاقتصادية الأخيرة
ب- المشروع السياسي الأميركي للشرق الأوسط
2- i : الإمبريالية مقولة مفتاحية لفهم دينامية الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وعلى فترتين-من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى 1979 ومن ثم حتى يومنا هذا:
الفترة الأولى: هيمن فيها ما يسمى دولة الرعاية الاجتماعية كرد فعل من النظام الرأسمالي في مراكزه الإمبريالية على الكساد الكبير الذي تبع أزمة 1929 وانهيار البورصات العالمية الرئيسية هذا أولاً و كرد فعل على قيام الثورة الروسية ثانياً.
الفترة الثانية: حيث اعتمدت الدول الرأسمالية الرئيسية سياسات جديدة باتجاه مزيد من تحرير نظام النقد وحرية حركة القروض قصيرة الأجل والمضاربات المالية عبر الدول وهي ما سميت بالسياسات الليبرالية الجديدة بعد عام 1979 خاصة في بريطانيا والولايات المتحدة.
“من الجدير بالملاحظة أنه بالرغم من التحولات العديدة التي حدثت في الستين سنة التي تلت ظهور مؤلف لينين الإمبريالية (منذ 1916) هذه التحولات التي تمثلت في الحرب العالمية الثانية وانتشار الاشتراكية وتصفية الاستعمار وفورة الإمبراطورية الأمريكية فإن النظرية التي رسم خطوطها الأولى ما تزال هي أفضل إطار لاستيعاب مسيرة الإمبريالية الرأسمالية- شريطة تطبيقها بطريقة غير جامدة وأعتقد أن السبب في ذلك هو الطريقة التي حدد بها لينين المرحلة الاحتكارية الجديدة للرأسمالية ومن ثم وضع إصبعه على أهم سماتها المميزة.”[أي الاحتكار]
إن العصر الراهن عصر الاحتكارات وهذه الاحتكارات مسيطرة ومتحكمة بالعالم بطريقة أو بأخرى وهي برسمها لسياساتها الدولية تشرط الكثير من ردود الفعل السياسية والثقافية- بكلام آخر تشكل مقولة الإمبريالية المقولة المهيمنة عالمياً وأي تفسير لمجمل الظواهر الراهنة الاقتصادية والسياسية والثقافية لا ينطلق من هذا الاعتبار سوف يضل الطريق الصحيح. ليست الإمبريالية الرأسمالية الراهنة عقبة خارجية أمام التوحيد والتحديث العربيين فحسب بل هي أوضاع داخلية في كل قطر تحكمه بورجوازيات طرفية ملحقة بها، وهي تخلّع اجتماعي وتأخر اقتصادي ، وهي ضامنة استمرار التجزئة العربية ، وهي سياسات نظم بورجوازية طرفيـة رثة تابعة ومسلوبة القرار، تجعل الاشتراكية الماركسية ضرورة للبروليتاريا في وجودها السياسي والبرنامجي عبر مشروعها القومي و الديمقراطي وعبر برنامجها الاجتماعي- الاقتصادي وتحالفاتها الطبقية . إن سيطرة طيقات بورجوازية رثة وملحقة بالنظام الإمبريالي هو صورة للعلاقة الإمبريالية مجسدة بسيطرة هذه الطبقات. لذلك يشكل تدمير هذه السيطرة تدمير للعلاقة الإمبريالية في البلد المستهدف.
2- ii : ما تزال الإمبريالية الرأسمالية الراهنة تشتغل على أساس ديالكتيك الاندماج/ المنافسة مع هيمنة الاندماج على المنافسة وذلك تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية ، حيث ترجع هذه القيادة إلى نمو الهيمنة الأميركية على أساس إنهاك أوربا واليابان خلال حربين عالميتين حيث سيطر الدولار كعملة عالمية بعد الحرب الثانية وأعادت الولايات المتحدة إعمار أوربا واليابان عبر مشروع مارشال تحت إشراف الشركة الاحتكارية الأميركية العملاقة والمستفيدة من الازدهار الاقتصادي والتقدم التقني الأميركي بفعل الحرب العالمية الثانية . والمستفيدة من اندماج رأس المال الاحتكاري مع رأسمالية الدولة الاحتكارية ، إشارة إلى اندغام الطرفين، وهي إشارة أيضاً إلى الوظيفة الاقتصادية للدولة الرأسمالية الاحتكارية.
2- iii : نعيش اليوم بعد مرور أكثر من ربع قرن مصائر الخيارات السياسية الليبرالية الجديدة المتطرفة التي اعتمدتها الدول الامبريالية الرئيسة اعتباراً من عام 1979 حيث نقدم بعض الملاحظات حول هذه الفترة:
1- تعزز الهيمنة الأميركية على مقدرات النظام وقيادته
2- توضيب البيت الأوربي في الشرق والغرب، باستثناء روسيا، كقاعدة انطلاق لقوات النظام الامبريالي باتجاه إعادة إخضاع بقية العالم لمتطلبات اشتغاله الليبرالية الجديدة المتطرفة والمتوحشة ، وآسيا هي المسرح الكبير لعملياتها العدوانية. أي إعادة السيطرة و التحكّم بأطراف النظام الإمبريالي الرأسمالي وما كان يسمى “العالم الثاني” أيضاً بكافة الطرق، حتى لو اضطرت الامبريالية إلى الإقدام على احتلال بلدان بكاملها بشكل مباشر.
2- iv : يهدف المشروع الأميركي للشرق الأوسط إلى السيطرة على منابع النفط العربية والفارسية وفي الدول الآسيوية التابعة للاتحاد السوفييتي سابقاً ، ويهدف من الناحية السياسية إلى تأمين وجود دولة إسرائيل في المنطقة العربية ، وإلى تحويل النظم البورجوازية الرثة القطرية القائمة إلى نظم طائفية ؛ حيث لا يعود الحزب العلماني الحديث هو المعبِّر “الطبيعي” عن القوى الاجتماعية الفاعلة والنشطة ، بل تحل محله الطائفة الدينية والاثنية العرقية ، بحيث تغدو قيادة هذه النظم والتحكم بها أكثر سهولة ، وتغدو الصراعات الاجتماعية في هذه البلدان متلاشية في مكانها ، أي تغدو صراعات مماحكة وغير منتجة بالمعنى التقدمي والتاريخي.
2- v : لقد تحولت النظم السياسية في الأقطار العربية إلى نظم عصبوية تستأثر أقلية بالسلطة السياسية ، أقلية مستبدة كيفت الطبقات الشعبية من عمال وفلاحين وحرفيين وبورجوازية صغيرة مدينية ، وحولتها بفعل الإفساد والإرهاب السياسي وبفعل التهديد بالإفقار والحرمان من لقمة العيش، إلى جماهير سلبية مهزومة غير مبالية بالشأن العام الوطني وقضايا الأمة العربية والغزو الأميركي الجديد من جهة ، أو حولتها إلى عناصر سلفية انتحارية ليس لديها أي برامج بديلة عن الاحتلال والاستبداد من الجهة الأخرى .
2 – vi : لقد ثبت خلال الربع قرن الأخير أن الليبرالية الاقتصادية في أطراف النظام الامبريالي الرأسمالي لا يمكن أن تصمد إلا عبر سيطرة نظم استبدادية مدعومة أميركياً أو عبر احتلال أميركي مباشر مع قيام حكومة محلية (حكومة واجهة أو ظل ) أفغانستان ، العراق ، فلسطين ولبنان (حكومة فؤاد السنيورة).
2- vii : ما تزال الامبريالية تعتبر إسرائيل جزءً عضوياً من حركة اشتغالها، وقد عززت دعمها المادي والمعنوي لإسرائيل خلال الربع قرن المنصرم. ومع ذلك طرأت تغيرات على إستراتيجية التحرك الإسرائيلي تجلت بالتحول من إستراتيجية التوسع الإقليمي واحتلال أراضي عربية إضافية إلى إستراتيجية الانسحاب والانكفاء التي تبلورت في الأعوام 1973-1985 .
في هذه الفترة حصلت متغيرات دولية هامة ومؤثرة وهي:
1- ارتفاع أسعار النفط وما تبعه من كساد عالمي 2- أزمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي الذي كان يعتمد دولة الرفاه بفعل قيام الثورة الروسية وأزمة 1929 ، وبات يتحول نحو السياسات الليبرالية الجديدة القائمة على ميل متعاظم نحو المضاربة في القطاع الأكبر من رأس المال العالمي، بسبب ضغط الكساد العالمي والحرب الباردة.
إن التحول في الإستراتيجية الإسرائيلية ناجم عن المتغيرات الدولية السالفة الذكر ، إضافة إلى العوامل الأربعة التالية:
أولاً: تفجر الأزمة في المعسكر الاشتراكي والتغيرات السياسية والأيديولوجية الكبيرة في الاتحاد السوفيتي .
ثانياً: ملامح اكتمال دورة تحول البورجوازية الصغيرة والمتوسطة المسيطرة في بعض الأقطار العربية إلى بورجوازية كولونيالية متجددة مندمجة بالنظام الإمبريالي الرأسمالي العالمي خاصة في مصر وفي منظمة التحرير الفلسطينية .
ثالثاًً: قيام الثورة الشعبية الإيرانية عام 1979 وخسارة الإمبريالية الأميركية لوكيل استراتيجي في منطقة الخليج العربي/الفارسي، وتحول في السياسة الأميركية من سياسة التوكيل إلى سياسة التدخل المباشر ، مع ما رافق ذلك من قيام مقاومة عربية وطنية ، يسارية وإسلامية في فلسطين ولبنان ، الإسلامية منها مدعومة من إيران بوساطة سورية.
رابعاًً: دخول تكنيك عسكري متطور إلى المنطقة العربية والشرق الأوسط على شكل صواريخ بالستيّة وأسلحة دمار شامل تهدد وجود الكيان الصهيوني .
وقد تجلت الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة والتفكير السياسي الصهيوني الجديد بحركة الانسحابات التي أنجزتها إسرائيل اعتباراً من سيناء حتى جنوب لبنان ، وانتهاء بغزة .
لن تصبح أزمة إسرائيل تاريخية وإستراتيجية إلا بأزمة عامة للإمبريالية وبقيام مقاومة عربية ذات مشروع نهضوي عربي ديمقراطي مع حضور لهيمنة الاشتراكية الماركسية في قيادة مشروع النهوض ذاك.
2- viii : أحد أهداف احتلال العراق، دعم وجود إسرائيل وإخراجها من النفق التاريخي الذي دخلت فيه . مع ذكر الأهداف الأخرى وهي: السيطرة على احتياطيات النفط العالمية في الخليج العربي/الفارسي ، وبحر قزوين . وأيضاً استعادة الأسواق التي خسرتها الامبريالية بعد الحرب العالمية الثانية عبر القطاعات المؤممة ؛ خاصة قطاع النفط ، بفعل الهوامش التي وفرتها الحرب الباردة .
2- ix : يخضع الاستثمار الرأسمالي في الخارج لاعتبارات أهمها ؛ الاحتكار والسيطرة على منابع النفط ، وعلى مناجم المعادن النادرة والإستراتيجية للصناعات الحربية ولصناعة الكومبيوتر، وذلك لحرمان المنافسين منها بالتالي التحكم الاحتكاري بأسعارها العالمية . وهذا هو الهدف الرئيسي للغزو الأميركي الجديد الذي يحاول إخراج روسيا من جميع البلدان التي نفذت إليها بعد الحرب العالمية الثانية ، وكذلك إخراج فرنسا وبريطانيا من بقايا مستعمراتهما القديمة. في هذا السياق ما تزال الصين تشكل تحدياً مهماً لمشروع الغزو والتوسع الأميركي بحكم النمو العضوي المثابر والمتماسك لاقتصادها القومي ، وبحكم مطالبتها المستمرة باستعادة جزيرة تايوان إلى البلد الأم الصين.
2- x : إن التناقض بين المشروع الأميركي للشرق الأوسط وصوره المحلية ( سواء دولة إسرائيل أو النظم العربية المندمجة والملحقة به) من جهة وبين الشعب العربي وقواه السياسية المعبرة عن حاجاته وطموحاته من الجهة الأخرى هو التناقض الأساسي الذي يشرط كل تناقض آخر.
مقاربة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الراهنة:
نستعرض هنا مطارحات أساسية بغرض مقاربة الأزمة الراهنة للنظام الرأسمالي العالمي ، التي بدأت بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية ، وامتدت إلى القطاع المالي والمصرفي وإلى الاقتصاد الرأسمالي عامة ، وانعكاسات كل ذلك على الاستهلاك والبطالة وأسعار النفط والمواد الغذائية الأساسية كالقمح والرز وعلى معدلات الفقر وتفاقم الحروب الظالمة وغير ذلك من المشكلات العالمية .
مطارحة 1:
الأزمة الراهنة أزمة عالمية متفاقمة ذات تاريخ قريب، حيث شملت من قبل مناطق متعددة من العالم كالمكسيك والأرجنتين وبلدان “النمور” في جنوب شرق آسيا، وشملت أزمة الغذاء العالمي والارتفاع الجنوني في أسعار النفط والأزمة الحالية (أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية)، وتطورها إلى انهيارات في بنوك الاستثمار وإلى أزمة مصرفية واقتصادية عالمية متفاقمة ومستمرة ، ومن ثم كساد اقتصادي عالمي طويل الأمد وبطالة متعاظمة في كافة البلدان وخاصة الرئيسية .
فالاقتصاديات القومية متداخلة والعمليات المصرفية التجارية وملكية المشروعات التجارية (التي تسيطر عليها نحو 75 شركة عالمية) تتجاوز الحدود الاقتصادية والتجارية الدولية . وتربط الأسواق المالية في العالم أجمع عمليات وصل فورية من الحواسيب الآلية ، والأزمة المالية الراهنة أكثر تعقيداً من أزمة ما بين الحربين العالميتين ، ونتائجها الاجتماعية وآثارها الجيوسياسية(الجغرافية- السياسية) بعيدة المدى ، وخاصة في فترة الشكوك التي أعقبت نهاية الحرب الباردة.
مطارحة 2 :
تضبط حركة الاقتصاد العالمي عملية واسعة لجباية الديون ، تقيد مؤسسات الدولة القومية وتسهم في تدمير العمالة والنشاط الاقتصادي . فقد وصل عبء الدين الخارجي في البلدان المتخلفة 2 تريليون دولار . وتزعزعت بلدان بكاملها نتيجة انهيار عملاتها الوطنية ، مما أدى في كثير من الحالات إلى نشوب الشقاق الاجتماعي والنزاعات العرقية والحروب الأهلية .
مطارحة 3 :
يعكس شيوع إصلاحات الاقتصاد الكلي انعكاساً ملموساً لميول النظام الرأسمالي بعد الحرب الباردة ، والتطور المدمر لهذه الإصلاحات . وقد لعبت هذه الإصلاحات الكلية للاقتصاديات القومية بعد الحرب الباردة دوراً رئيسياً في ظهور اقتصاد عالمي جديد سيطرت عليه السياسات الليبرالية الجديدة كمقولة رئيسية. لقد نظمت هذه الإصلاحات عملية التراكم على المستوى العالمي لصالح حفنة من المضاربين الماليين الكبار. وهذا النظام الجديد ليس نظام سوق رأسمالية “حرة” ، بالرغم من استناد ” برنامج الإصلاح الهيكلي” الذي ترى المؤسسات المالية الرأسمالية الدولية(صندوق النقد الدولي، البنك الدولي) أنه يذهب أيديولوجياً إلى خطاب نيوليبرالي (ليبرالي جديد). إلا أنه يشكل إطاراً تداخلياً جديداً بين الشركات والمضاربين من جهة وبين الدولة الإمبريالية من الجهة الأخرى، خاصة الدولة الأميركية.
مطارحة 4 :
طرحت الأزمة الراهنة شكل قدرة البيروقراطية الدولية، ممثلة بحكومات الدول الغنية وبالهياكل الإدارية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولمنظمة التجارة الدولية ، في الإشراف على الاقتصاديات الوطنية من خلال التلاعب المتعمد (القَصْدي) بقوى السوق عبر المضاربات المالية.
مطارحة 5 :
دور البطالة العالمية؛ في هذا السياق لعبت الإصلاحات التي يرعاها صندوق النقد الدولي دوراً حاسماً في “ضبط تكاليف العمل” في عدد من البلدان المستهدفة، غير أن هذا “التقليل من تكاليف العمل” يقوض توسع الأسواق الاستهلاكية . إن إفقار قطاعات واسعة من سكان العالم تحت وطأة “إصلاح الاقتصاد الكلي” قد أدى إلى انكماش درامي للقوة الشرائية .
بدورها ارتدت المستويات المنخفضة للدخول في جميع البلدان، المتقدمة اقتصادياً والمتخلفة، على الإنتاج، وأسهمت في سلسلة جديدة من إغلاق المصانع والإفلاس. والحركة في كل مرحلة من مراحل هذه الأزمة هي نحو فائض إنتاج عالمي وهبوط في الطلب الاستهلاكي .. مما يعوق في النهاية توسع رأس المال.
مطارحة 6:
يتسم النظام الاقتصادي العالمي بميلين متناقضين: الأول؛ دعم اقتصاد عالمي رخيص العمل من ناحية ، و الثاني؛ البحث عن أسواق استهلاكية جديدة .
والميل الأول يقوض الميل الثاني . ففي ظل نظام يولد فائض الإنتاج لا تستطيع الشركات الدولية والشركات التجارية “توسيع” أسواقها إلا بتقويضها أو تدميرها للقاعدة الإنتاجية المحلية في البلدان المتخلفة؛ أي بتفكيك الإنتاج المحلي الموجه إلى السوق الداخلية . وفي هذا النظام يقوم توسيع الصادرات في هذه البلدان على انكماش القوة الشرائية الداخلية ، وتفتح “الأسواق الناشئة” عن طريق الإزاحة المتزامنة لنظام إنتاجي موجود ، وتدفع المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى الإفلاس أو تجبر على الإنتاج من أجل موزع عالمي ، ويجري خصخصة منشآت الدولة أو إغلاقها، ويتم إفقار المزارعين المستقلين.
فتوسيع الأسواق أمام الشركات العالمية يتطلب تخليع الاقتصاد المحلي وتدميره، وتزال الحواجز أمام حركة الأموال والسلع ، ويحرر الائتمان ، وينزع رأس المال الدولي ملكية الأرض وملكية الدولة في كل مكان .
مطارحة 7:
اعتنقت الحكومات في كل أنحاء العالم بوضوح جدول أعمال سياسي نيوليبرالي منذ عام 1989. ومنذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي حددت إصلاحات الاقتصاد الكلي التي اتبعت في البلدان المتقدمة اقتصادياً (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCDE ) كثيراً من المكونات الأساسية لبرنامج التكييف الهيكلي المطبقة في البلدان المتخلفة وفي أوربا الشرقية .
مطارحة 8:
يميل الدائنون في الغرب الرأسمالي إلى ممارسة ضغوطهم على الحكومات “الوطنية” بدون وساطة البيروقراطية القائمة في واشنطن (الحكومة الأميركية، إدارة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات بريتون وودز عموماً) ، وتصنف الأسواق المالية ديون المنشآت شبه العامة ، والمرافق العامة وحكومات الدول والمقاطعات والبلديات و “تقيمها ” بعناية .. ويصبح وزراء المالية بصورة متزايدة مسؤولين أمام بيوت الاستثمار الكبرى والبنوك التجارية .
مطارحة 9:
أدى تراكم الديون العامة الكبيرة في البلدان الغربية بدوره إلى تزويد المصالح المالية والمصرفية “بأدوات سياسية” ، فضلاً عن القدرة على أن تملي على الحكومات السياسات الاقتصادية والاجتماعية .
مطارحة 10:
مع تحقق الانكماش تخيم على الاقتصاد العالمي حفنة من البنوك الدولية والاحتكارات العالمية. وهذه المصالح الصناعية الاحتكارية والمالية القومية في نزاع متزايد مع مصالح “المجتمع المدني”. في هذا النظام كرست الدولة عمداً تقدم الاحتكارات الخاصة ، فرأس المال الكبير (الشركات الكبيرة الاحتكارية متعددة الجنسية) يدمر رأس المال الصغير بكل أشكاله. ومع الاندفاع نحو تكوين كتل اقتصادية في كل من أوربا وأمريكا الشمالية ، استؤصل المنظم الإقليمي والمحلي ، وحولت حياة المدن ، واكتسحت الملكية الفردية الصغيرة . وتوفر “التجارة الحرة” ، والتكامل الاقتصادي قدرة أكبر على الحركة للمنشأة العالمية في ذات الوقت الذي تكبح فيه عن طريق الحواجز غير الجمركية والمؤسسية ، حركة رأس المال المحلي الصغير. وإذا كان “التكامل الاقتصادي” (تحت سيطرة المنشأة العالمية ) يعطي مظهر الوحدة السياسية فإنه كثيراً ما يشجع التفكك والشقاق الاجتماعي في ما بين المجتمعات وداخلها.
مطارحة 11:
يقترن تحلل “الاقتصاد الحقيقي” تحت وطأة إصلاح الاقتصاد الكلي ذي الميل الليبرالي الجديد بـ نظام مالي عالمي غير مستقر للغاية. فمنذ يوم الأثنين الأسود 19 أكتوبر 1987 ، الذي اعتبره المحللون أقرب ما يكون إلى انهيار بورصة نييورك ، تكشف نموذج شديد التقلب اتسم بتشنجات كثيرة ومتزايدة الخطورة في البورصات الرئيسية ، وانهيار العملات الوطنية في أوربا الشرقية وأميركا اللاتينية ، فضلاً عن تدهور “الأسواق” المالية الطرفية الجديدة (مثل المكسيك وبانكوك والقاهرة وبومباي) الذي سرع به الاستيلاء على الأرباح والانسحاب المفاجئ لكبار المستثمرين المؤسسين . وقد أصبحت البورصات الطرفية وسيلة لانتزاع الفائض من البلدان المتخلفة.
تفتحت بنية مالية عالمية جديدة ؛ فقد عبدت موجة اندماج الشركات في أواخر الثمانينات من القرن الماضي الطريق أمام تعزيز جيل جديد من الماليين تجمعوا حول البنوك التجارية والمستثمرين المؤسسين وشركات السمسرة في البورصة وشركات التأمين الكبيرة ، الخ.. وفي هذه العملية تداخلت وظائف البنوك التجارية مع وظائف بنوك الاستثمار وسماسرة البورصة. والأزمة الرأسمالية الراهنة ناجمة في الأصل عن الحركة المجنونة لرأس المال المضارب في العقارات وفي الأسهم والأوراق المالية المتنوعة الأشكال.
هذا النشاط المضارب الهائل الذي أصبحت تتسم به الحركة الدولية لرؤوس الأموال وعلى نحو يتجاوز بكثير حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة . أصبح يشير على حقيقة خطيرة جداً. وهي أن الشطر الأكبر من الأرباح التي أصبحت تحققها كبريات الشركات الصناعية في العالم لم يعد يتحقق في مجال الإنتاج الحقيقي، بل في الاستثمار في حافظة الأوراق المالية . وهذا دليل دامغ على الطابع الطفيلي الذي تتسم به الرأسمالية المعاصرة . كما أن هذا النشاط المضارب يقف وراء كثير من الأزمات النقدية والمالية التي حدثت في بلاد كثيرة (دول النمور الآسيوية مثلاً) لما يسببه من نشاط جنوني في ارتفاع الأسعار د-ون مبرر حقيقي. ثم هبوطها مرة واحدة. تماماً مثل بالون ينتفخ أكثر من اللازم ولابد أن تأتي لحظة انفجاره. وفي ضوء هذا النشاط المحموم والجنوني الذي حدث في ارتفاع أسعار الأصول المالية والمادية بسبب المضاربات نشأت ما تسمى “الاقتصادات المنفوخة” التي تعاني من أنشطة المضاربات وتتهددها الأزمات .
مطارحة 12:
منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي مسحت مقادير كبيرة من ديون الشركات والبنوك التجارية الكبيرة في البلدان المتخلفة وحولت على إلى دين عام . وقد منحت قروض ثنائية ومتعددة الأطراف إلى البلدان النامية لتمكين هذه البلدان من السداد للبنوك التجارية (الخاصة) ؛ أي أن الدين التجاري قد حول بيسر إلى دين رسمي تتكفل به الدولة (ثنائي ومتعدد الأطراف ) مما يقلل من “تعرض” البنوك التجارية الخاصة للإفلاس. وعملية “تحويل الدين” هذه سمة رئيسية للأزمة : فقد حولت الخسائر التجارية والمصرفية ، بما في ذلك القروض السيئة ، بانتظام إلى الدولة . وليست خطة الإنقاذ التي قدمتها الحكومة الأميركية في أزمة الرهن العقاري والبنوك الاستثمارية في الفترة الأخيرة سوى مثال على ذلك.
نقد تجارب الانتقال الاشتراكية
ملاحظات نقدية على الحركة الشيوعية العربية؛ إعادة التأسيس
3- I : عانت التجربة الاشتراكية في روسيا من عزلة الثورة نتيجة فشل ثورات أوربا الاجتماعية ، ونتيجة الحصار الامبريالي والحرب الأهلية الضارية، حيث راحت تسيطر بيروقراطية حزبية على الحزب والدولة والمجتمع والأممية الشيوعية مما ترك آثاراً كارثية على المجتمع السوفييتي تجلى بتكييف الطبقة العاملة السوفييتية وسلبيتها وضعف نضالاتها كما انعكس على الحركة الشيوعية العالمية عبر تبعية الأحزاب الشيوعية المحلية للحزب الشيوعي السوفييتي و للبورجوازية المحلية ، وكانت تأتمر مباشرة من المركز الروسي مما جعل الكثير من هذه الأحزاب عاجزة عن إنجاز تحليل ملموس للوضع المحلي والقومي كما في المسألة القومية العربية الديمقراطية و المسألة الكولونيالية والمسألة اليهودية في فلسطين وخصوصية هذه المسألة لوجود ثلاثة أطراف في الصراع .
3- ii : إن سيطرة البيروقراطية السوفييتية ومعها سيطرة نزعة وضعية ميكانيكية وطبقوية كوزموبوليتية معادية للتحرك القومي العربي الديمقراطي، جعل هيمنة الحركة الشيوعية في الحركة القومية العربية مستبعداً، وحرمها من فرصة القيادة والهيمنة في هذه الحركة كما فعل الحزب الشيوعي الصيني وحزب العمل الفيتنامي .
3- iii : لقد عانت الحركة الشيوعية العربية من عيوب شملت خصوصية النشأة وسير حركتها أدت إلى أزمة متفاقمة قادت ليس إلى عجزها فحسب، بل إلى تفككها . ومن هذه العيوب :
أولاً – سيطرة النزعة البيروقراطية و الكوزموبوليتية غير المنشغلة بالمشاكل القومية والوطنية لبلدان هذه الحركات لدى البيروقراطية السوفييتية ومعها الأممية الشيوعية بعد 1924 وسيطرة مصلحة الدولة السوفييتية على مصالح الحركة الثورية في العالم. مما انعكس على الأحزاب الشيوعية المحلية على شكل سلبية في المبادرة المحلية ؛ وتبعية في الخط السياسي وعدمية قومية لصالح وطن الاشتراكية الأول.
ثانياً – غياب الديمقراطية الحزبية داخل هذه الحركات، مع سيطرة قيادات ذات أصول اجتماعية وطبقية غير ملائمة.
ثالثاً- انفصال الحركة الشيوعية عن الحركة القومية العربية بشكل ضار بسبب من خصوصية نشأة هذه الحركة .
أخيراً ، لن يفعل مشروع تسوية الصراع العربي الصهيوني سوى تأجيل وتعليق هذا الصراع . وهو مرتبط بموازين القوى الدولية الراهنة ، وسوف يكون الحل الحاسم لهذا الصراع عبر تفكيك مشروع الدولة القومية اليهودية في فلسطين عبر فك ارتباطها بالمشروع الإمبريالي العالمي وتمتع الأقلية اليهودية في فلسطين بالحقوق الثقافية وبحق المواطنة الذي يشمل كافة الأقليات الدينية والإثنية في سياق نهوض المشروع القومي العربي الديمقراطي ذو النزعة الأممية.
خامساً- إن تحرير الحياة السياسية في سوريا عبر قانون أحزاب منصف ، وعبر قانون انتخاب جديد، وعبر تعديل قانون المطبوعات ليواكب الحياة السياسية والفكرية الجديدة كفيل بتعزيز حق المواطنة للجميع بما فيهم الأكــراد “البدون” (من دون بطاقة هوية سورية). والسماح للأقليات القومية بممارسة حقوقها الثقافية في وطنها سوريا.
سادساً- لقد طرح البلاشفة الروس مبدأ حق تقرير المصير في شروط تاريخية ملموسة وبما ينسجم مبدئياً مع مصلحة الحركة الاشتراكية العالمية : ” ففي روسيا ، حيث ملا يقل عن 57% من السكان، أي أكثر من 100 مليون نسمة ، ينتسبون إلى القوميات المضطهدة ، المظلومة ، وحيث تقطن هذه القوميات في أطراف البلاد بخاصة ، وحيث قسم من هذه القوميات أوفر ثقافة من الروس وحيث يمتاز النظام السياسي بطابع بربري خاص موروث عن القرون الوسطى ، وحيث الثورة البورجوازية الديمقراطية لم تنته ، في روسيا هذه يتبين أن الاعتراف للقوميات التي تضطهدها القيصرية بحق حرية الانفصال عن روسيا ، واجب إلزامي إطلاقاً على الاشتراكيين- الديمقراطيين ، واجب تفرضه مهماتهم الديمقراطية والاشتراكية . إن حزبنا [والقول لـ لينين] الذي أعيد تشكيله وتنظيمه في كانون الثاني يناير 1912 قد اتخذ عام 1913 قراراً يؤكد حق تقرير المصير ويوضحه ويشرحه بالمعنى الملموس المذكور أعلاه..”
لهذا تتوجب الإشارة “إلى الطابع الاصطلاحي سياسياً لهذا الشعار والمحتوى الطبقي اللذين تتسم بهما جميع مطالب الديمقراطية السياسية .. والإشارة أيضاً وبشكل أساسي “إلى ضرورة إخضاع النضال في سبيل هذا المطلب ، شأنه شأن النضال في سبيل جميع المطالب الأساسية الديمقراطية السياسية ، للنضال الثوري الجماهيري المباشر في سبيل دك الحكومات البورجوازية وفي سبيل تحقيق الاشتراكية “” (لينين: المجلد السادس ص ص 51-52- 54 )
مسألة الأقلية القومية الكردية الطارئة في شمال وشرق سوريا لا تدخل في هذا التصنيف و لا تخضع لهذا المبدأ المشروط بمصلحة النضال الجماهيري ضد الإمبريالية ومن تحقيق الاشتراكية . فالأقلية الكردية العراقية ربطت مصيرها مع الغزو الإمبريالي الأميركي للعراق ، بالتالي ضربت إسفيناً بينها وبين مصالح الشعب العربي في التحرر من الاحتلال والتحكم الأميركيين . والعرب بعكس الروس أيام لينين ليسوا إمبراطورية مستعبدة للأكراد والشعوب الأخرى بل هم أنفسهم ضحية الغزو والاحتلال ويسعون لتقرير مصيرهم القومي بمواجهة السيطرة والتحكم الإمبرياليين . إضافة إلى ذلك فالأكراد في سوريا نوعين: نوع أصيل سكن سوريا منذ أكثر من مائتي سنة وتعرب واندمج مثله مثل معظم عائلات دمشق والمدن السورية الداخلية من ذوي الأصول التركية والتركمانية والأفغانية والكردية وغيرها..التي تعربت واندمجت في المجتمعات العربية. وقسم طارئ نزح إلى الراضي السورية في الشمال والشمال الشرقي بدايات القرن العشرين على أثر مذابح الأرمن في تركيا . وهؤلاء يحق لهم ممارسة حقوقهم الثقافية وأن يعاملوا كمواطنين سوريين مثلهم كمثل جميع المجنسين في أقطار العالم.
سابعاً- تلاحظ الورقة محاولات للإمبريالية الأميركية لـ استخدام قضايا ديمقراطية ، مثل قضية الحريات السياسية في بلدان تعاني من الاستبداد السياسي واحتكار السلطة ، و قضية المرأة ومسألة الأقليات القومية والدينية بشكل مضاد وملتبس . إننا نؤكد على أهمية إعطاء هذه المسائل الاهتمام الكافي وتحليل كل منها تحليلاً عينياً وملموساً ، بما يخدم مشروع النهوض القومي العربي الديمقراطي وقضية الاشتراكية الماركسية. كما نشير إلى أن أي استخدام مضاد للمسألة القومية الكردية في مواجهة النهوض القومي العربي الديمقراطي لن يكون في مصلحة أي من الشعبين العربي والكردي ، ولا في مصلحة القضيتين العربية والكردية.
4- الحراك الديمقراطي اليساري والحراك الليبرالي الجديد في العالم:
4- i : يشهد العالم حراكاً يسارياً واضحاً ، خاصة في فنزويلا والبرازيل وبوليفيا ونيكاراغوا ومن المحتمل تشيلي ، تمثل بوضوح بوصول حكومات يسارية إلى السلطة عبر انتخابات شعبية (فنزويلا، بوليفيا، نيكاراغوا مع لحظ طبيعة السلطة في كوبا) . كما تم رصد تحركات شعبية يسارية نشطة في الأرجنتين (مظاهرة الجياع ) وفي بوليفيا (المظاهرات الشعبية الضخمة للمطالبة بتأميم النفط البوليفي في زمن السياسات الإمبريالية الليبرالية الجديدة المتوحشة ، وفي زمن الغزو الإمبريالي الأميركي لبلدان بكاملها )، حيث أصدر الرئيس البوليفي إيفو موراليس قرار تأميم قطاع النفط أثناء الاحتفال بعيد العمال 1/5/2006 وأعطى مهلة ستة أشهر للشركات النفطية لتجديد عقود استثمارها وإلا فإنها ستتعرض للطرد، وأكد الرئيس البوليفي أن قطاعات المناجم والغابات وبقية الموارد الطبيعية سيتم تأميمها تباعاً.
. كما تم رصد تحركات ونشاطات عمالية نقابية في كل من مصر و كوريا الجنوبية ذات طابع ديمقراطي يساري. ولوحظ أخيراً تجذراً في البرنامج اليساري الفنزويلي باتجاه برنامج اشتراكي صريح، ونشاطاً أممياً متنامياً تجسد في سحب السفير الإسرائيلي من كراكاس أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل لاحقاً من حكومتي كل من فنزويلا وبوليفيا.
4- ii : يشهد العالم تحركات جماهيرية ذات طابع يميني ليبرالي جديد ملتبس ومتناقض في كل من لبنان (ثورة الأرز) وأوكرانيا (الثورة البرتقالية ) وفي جورجيا (ثورة الورود) ، وأيضاً في يوغسلافيا السابقة على أثر العدوان الأميركي وإسقاط النظام القومي القائم ومحاكمته. وهي حركات مناهضة للاستبداد البيروقراطي عبر تشجيع إمبريالي أميركي خاصة. “ثورة الأرز” المماثلة لـ “لثورة البرتقالية” ولـ ” ثورة الورود” روجت لها كثيراً وسائل إعلام محلية ودولية . لكن كالعادة فإن هذه الحركات اليمينية تكاد أن تمحو التاريخ الخاص بكل بلد من هذه البلدان ، ولا تقدمه إلا عبر قراءة تبسيطية دوغمائية متمثلة في الحرب بين الخير والشر ، بين الديمقراطية والتوتاليتارية (الاستبداد السياسي البيروقراطي)
4- iii : يلاحظ التقرير وجود مسألة قومية ذات محتوى ديمقراطي: المسألة القومية الكورية ، ومسألة جزيرة تايوان في الصين.
التحالفات السياسية:
5- i : يعتبر التجمع قضية التحالفات السياسية قضية أساسية وفي صلب عمله واهتمامه ، وإذ يعمل التجمع لبلورة رؤيته السياسية ، ونقده للبرامج السياسية للقوى الأخرى على الساحة السياسية السورية فإنه يلاحظ فقر الحياة السياسية هذه والناجم عن الشروط الموضحة أعلاه في التقرير السياسي . ونتيجة هذا الفقر يلاحظ شيوع بعض العيوب التي تعاني منها القوى والمجموعات والشخصيات السياسية السورية كالانعزالية والإقصائية أحياناً والنزعة الشخصية عند الناشطين.ومن حرصنا الأكيد على تنشيط وتفعيل الحياة السياسية في سوريا ومن الحرص على إنجاز المهام الوطنية – الديمقراطية المذكرة أعلاه فإننا نؤكد على قضية التحالف مع القوى الاشتراكية أولاً والوطنية- الديمقراطية ثانياً من حيث المبدأ الذي مفاده:
لا يمكن فهم المسألة الوطنية خارج المسألة الديمقراطية ، أي ترابط الوطني والديمقراطي، وترابطهما يعني رفض مشاريع الغزو الإمبريالي والهيمنة ، ورفض الخيار الليبرالي الجديد في سوريا كونه في تحالف طبيعي مع المشروع الإمبريالي وهو يريد حرمان غالبية الشعب السوري من ثروته القومية ومن مشاركة كل أبنائه في تقرير مستقبلهم.
5- ii : وبناء على المبادئ السابقة قام التجمع بفتح حوار منتظم دام حوالي سنتين مع خمسة تيارات ماركسية توّج هذا الحوار بإعلان “تجمع اليسار الماركسي في سوريا” (تيم) والذي أعلن عن نفسه ببيان ووثيقة تأسيسية في 20 نيسان أبريل 2007 . وأصدر التجمع الجديد مجلة “جدل” وجريدة “طريق اليسار” وقد صدرت عدة أعداد منهما، كما أصدر تيم عدة بيانات في مناسبات هامة مختلفة.
5- iii : شهد بداية العام 2008 أحداث مهمة على مستوى فرز القوى المعارضة في سوريا فعلى أثر اجتماع المجلس الوطني لإعلان دمشق في دورته الثانية حصل فرز وشقاق بين تيارين : التيار القومي الديمقراطي اليساري من جهة والتيار الليبرالي الجديد الساكت على أقل تقدير عن المشروع الإمبريالي والمتواطئ أحياناً . وقد تم إقصاء التيار القومي الديمقراطي عن المؤسسات القيادة للإعلان عبر استبدال غير متوقع لآلية التوافق بآلية الانتخاب والأقلية والأكثرية . إننا في التجمع الماركسي -الديمقراطي في سوريا إذ نرصد هذا الشقاق فإننا ندعو لتحرك وطني- ديمقراطي في سبيل إعادة بناء الحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا على أسس جديدة وفي أطر مختلفة ، وذلك خدمة للعمل الوطني – الديمقراطي السوري .وبناء على ما سبق فقد دخل تيم في حوار مع أحزاب وشخصيات وطنية ديمقراطية ؛ حوار منظم امتد خلال النصف الثاني من عام 2008 وقد أثمر عن مسودة “مشروع وثيقة توافقات من أجل بلورة وتنظيم التيار الوطني الديمقراطي ” في سوريا
هوامش:
*- الطبقة التقدمية بالإمكان والوجوب، بالإمكان كموقع في العملية الإنتاجية. وكوجوب بالوعي السياسي المقارب ، والتنظيم المستقل.
– لقد غدت الطبقة العاملة ، في وجودها السياسي، في الدول المتخلفة هي الطبقة الوطنية الحقّة والقومية الحقّة بالإمكان و القوة، مع دخول عصر الإمبريالية الرأسمالية في الثلث الأخير من القرن 19
2- هاري ماجدوف: الإمبريالية من عصر الاستعمار إلى اليوم
3- التخلّع الاجتماعي يعني أن البنية الاجتماعية مخلّعة ؛ ما يعني أن أي ازدهار في أي من القطاعات الاقتصادية لا ينعكس إيجاباً على القطاعات الأخرى ، بالتالي تفتقد هذه البنية الاجتماعية المتخلفة صفة العضوية ، والتماسك العضوي. بحيث تعمل القطاعات الاقتصادية وكأنها معزولة عن بعضها البعض وتعمل كل منها كأنها بمفردها.
4 – البروليتاريا: خضع مفهوم البروليتاريا لعدة تحولات دلالية : الأولى الدلالة الرومانية ؛ حيث كان المجتمع الروماني منقسماً إلى ست طبقات حسب حجم ملكية كل منها. والطبقة السادسة هي طبقة البروليتاريين الذين كلنوا، على النقيض من البروليتاريا الحديثة ، يمتلكون القليل من الأشياء ومعفيين من الخدمة العسكرية والضرائب. وكانت البروليتاريا الرومانية تعيش عالة على المجتمع ، بينما يعيش المجتمع الحديث عالة على البروليتاريا. الدلالة الثانية ؛ الدلالة الحديثة في القرن التاسع عشر: حيث تعرف البروليتاريا بأنها طبقة العمال المأجورين في المجتمع الرأسمالي ، المحرومة من ملكية وسائل الإنتاج والمضطرة إلى بيع قوة عملها للرأسماليين. وهي تظهر مع ظهور أسلوب الإنتاج الرأسمالي . وهي إحدى الطبقتين الأساسيتين في المجتمع الرأسمالي. ثالثاً نستخدم هنا البروليتاريا بما يعني وجودها السياسي والبرنامجي ، إضافة إلى وجودها “الموضوعي ” في المجتمع كطبقة أساسية(موقعها في العملية الإنتاجية الرأسمالية حتى لو كانت رأسمالية طرفية ) .
5 – تساهم الدولة الإمبريالية الاحتكارية مع رأس المال في ملكية الأسهم كشريك اقتصادي عبر الميزانية العامة للدولة والتي تجبى من عامة السكان ، وتشكل هذه الميزانية سوقاً مهمة للشركة الاحتكارية عبر الطلبات الحكومية والتسلح. ولهذا الالتحام تبعات ثقافية خطرة على الفكر الثوري خاصة والنقدي عامة: إن التحام البنية الفوقية السياسية (دولة الرأسمالية الاحتكارية) بالبنية التحتية-القاعدية (رأس المال الاحتكاري) يعني تخفيض التوتر بين الفكر والبنية التحتية وبالتالي تقليص العمل النقدي الفكري البورجوازي وتحويله إلى خادم وضيع لرأس المال الاحتكاري وتحويل السياسة ونشاط الدولة الرأسمالية المركزية إلى شريك متآمر مع رأس المال هذا عدا الضرائب التي يدفعها الفقراء لميزانية الدولة- وبالتالي ظهور الرجعية في السياسة على طول الخط والميل إلى السيطرة والإخضاع بالقوة (إخضاع أطراف النظام الرأسمالي). نشير إلى أن الاحتكار الاقتصادي والميل إلى السيطرة والإخضاع والإلحاق بالقوة أمور متلازمة في الرأسمالية الاحتكارية(الإمبريالية)
6 – رتبنا العوامل حسب أهميتها الإستراتيجية وليس ترتيباً زمنياً
7 – تمتد أزمة الديون إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي ، مترافقة مع السعي إلى تحقيق أقصى ربح ، وهو ما وجه سياسات إصلاح الاقتصاد الكلي (الهيكلي) بما تؤدي إليه هذه السياسات من تفكيك مؤسسات الدولة الرأسمالية الطرفية وتمزيق الحدود الاقتصادية وإفقار الملايين حول العالم
– بلشفيك : كلمة روسية تعني الأغلبية، يقابلها منشفيك وتعني الأقلية : المنشفية كظاهرة عالمية مرتبطة بالظاهرة الإمبريالية كمرحلة اقتصادية جديدة أساسها الاحتكار في الرأسمالية أدت إلى إفساد شرائح واسعة من الطبقة العاملة في المراكز الرأسمالية والأطراف عن طريق تغليب المصلحة النقابية أو المطلبية المباشرة على الأهداف السياسية والتاريخية للبروليتاريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى