صفحات العالمما يحدث في لبنان

حوار مع الحزب

ساطع نور الدين
تفادى البيت الابيض الاميركي في تعليقه الاخير امس الاول على قرار بريطانيا فتح قناة اتصال منخفضة مع الجناح السياسي لحزب الله، التذكير بأن الحزب موجود على اللائحة الاميركية للارهاب، مثله مثل حركة حماس، واكتفى بالتذكير بأن على هذين التنظيمين الاعتراف بإسرائيل ونبذ تورطهما في أي نشاطات إرهابية عن العنف، لكي توافق واشنطن على التحاور معهما.
في الظاهر، بدا هذا الموقف أقل تشددا مما سبق للبيت الأبيض أن أعلنه الأسبوع الماضي غداة القرار البريطاني بالحوار مع حزب الله، والذي لم يأت من فراغ سياسي، ولا من عبء أمني يمثله الحزب على الحكومة البريطانية أو مصالحها أو رعاياها.. بل من تقدير عملي، كانت الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جورج بوش قد توصلت اليه في العام 2005 عندما كانت تضغط من أجل الخروج العسكري السوري من لبنان، عندما دعت الحزب علنا للتحول الى تنظيم سياسي والانخراط في العملية السياسية في لبنان، وكادت تحذو حذو لندن.
القرار البريطاني لا يمثل انقلابا ولا حتى مفاجأة مدوية، لان غالبية الدول الأوروبية تتحاور بشكل أو بآخر مع حزب الله، وهو سلوك كان سابقا للحرب الاسرائيلية الاخيرة في العام 2006 واستمر بعدها بزخم أقوى وبجدول أعمال يتعدى حماية الجيش الاوروبي المصغر المنتشر في الجنوب اللبناني، ومنع أي احتكاك بينه وبين مقاتلي المقاومة. كما انه سبق لدبلوماسيين بريطانيين زوار أو معتمدين في بيروت أن التقوا مسؤولين في الحزب في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من صعيد، وكان الحوار سياسيا يبنى على الاعتراف بأن الحزب قوة كبرى داخل الطائفة الشيعية وشريك رئيسي في اللعبة السياسية اللبنانية، فضلا عن تحالفاته السورية والإيرانية والفلسطينية المؤثرة.
ليس من الصعب الاستنتاج أن القرار البريطاني لم يكن تتويجا لموقف أوروبي بل جاء هذه المرة بوحي أميركي، أو باستلهام أجواء التغيير والانفتاح التي تشهدها واشنطن على دمشق وطهران، والتي لا يمكن أن يظل لبنان بمنأى عنها، مع أن خلفيته تختلف تماما عن الانفتاح الذي أبدته واشنطن ولندن في العام 2005 وكان هدفه الفعلي الوحيد هو تحقيق الفصل بين الحزب وسوريا تحديدا، وتركيز عملية سياسية لبنانية ترث الحقبة السورية، وهو هدف لا يمكن أحــداً أن يدعي انه تحــقق على مدى السنوات الأربع الماضية، التي سجلت وقائع لبنانية تتعارض معه كليا.
لا يمكن الافتراض أن لندن ومعها واشنطن تسعيان مجددا الى تحقيق ذلك الفصل المستحيل بين حزب الله وحليفه وعمقه السوري، ولا الى تشجيع انخراط الحزب في العملية السياسية اللبنانية، التي يزداد تورطه فيها يوما بعد يوم. ثمة شكل من أشكال الحوار البريطاني والاميركي غير المباشر يدور الآن مع كل من دمشق وطهران، من خلال الانفتاح على حليفهما اللبناني الأقوى، الذي بات جدول أعماله المحلي محددا.. بعكس انخراطه في جدول الاعمال السـوري والايراني، الذي لا يزال الى حد ما لغزاً!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى