العرب وإيران
داود الشريان
لم يحض اجتماع المصالحة الذي دعا اليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز الاربعاء الماضي في الرياض بالاهتمام الاعلامي الذي يتناسب مع اهميته. ويعود السبب الى شح المعلومات واقتضاب التصريحات وعموميتها. لكن التكتم الذي احاط بالاجتماع لم يمنع تقارير من حصر الاجتماع في نقطتين، واعتبارهما هدفه. الاولى الحصول على موقف سوري بالضغط على «حماس»، والأخرى مناقشة إمكان تخلي دمشق عن علاقاتها مع طهران، والوصول الى خلاصة مفادها ان الاجتماع جمد المشاكل ولم يحلها، وهذا غير صحيح.
اجتماع الرياض لم يكن يهدف الى إغلاق الطريق بين دمشق وطهران، بقدر ما كان يريد ابعاد الحواجز الموجودة على الطريق بين دمشق والرياض والقاهرة، وترميم المعالم العربية على الطريق بين سورية وايران. فليس من مصلحة دمشق، او ربما قدرتها، تغيير شكل العلاقات مع ايران قبل حصول تطور في العلاقات السورية – الاسرائيلية، فضلاً عن ان استمرار علاقات سورية – ايرانية جيدة، يشكل مصلحة عربية في حال وجود علاقات عربية – سورية متميزة. اما الانقسام الفلسطيني فهو نتيجة وليس سبباً، والاجتماع كان معنياً ببلورة موقف عربي موحد من قضايا استراتيجية، ومعالجة التطورات الاقليمية، في ظل حوار اميركي – ايراني، وتنامي منظومة امنية يخشى ان يكون العرب على هامشها.
سورية لها علاقات متميزة مع تركيا، وكذلك السعودية ومصر. وتركيا، من جهتها، بينها علاقات متميزة ايضا مع هذه الدول، لكن هذه العلاقات لم تستخدم كغطاء او وسيلة لدخول تركيا كطرف في الخلافات العربية – العربية، فضلاً عن انه ليس هذا هدف انقرة. وهي تستثمر علاقاتها مع بعض العواصم العربية لتطويرها مع البقية. والعلاقة مع ايران يراد لها ان تكون كذلك. لا بد من التفريق بين علاقات متميزة مع ايران، وهو مطلب عربي عام، وبين السماح باستغلال هذه العلاقات لتبرير طموحات ايران الاقليمية، وربط تطورها وفتورها بالخلافات العربية.
المجتمعون اتفقوا على المبادئ. لكن الشيطان في التفاصيل. والشياطين ليسوا كلهم من الجن. لكن ثمة قناعة عند الجميع بأن القطيعة التي شهدتها العلاقات العربية في المرحلة الماضية ساعدت، الى حد بعيد، في استثمار الآخرين لهذه الخلافات. وبات المجتمعون على قناعة بأن الازمات المرحلية، لا ينبغى ان تعالج على حساب المصالح العليا، فهذا النهج ساعد الآخرين على التدخل في الشأن العربي. ويمكن القول ان اجتماع الرياض حدد مسار الحوار العربي – العربي في المرحلة المقبلة، وفتح الباب لفهم أفضل لقضية المصالح العربية.
الحياة