المخرج والناقد المسرحي فرحان بلبل: المواطن العربي اليوم مأزوم مهزوم ويحتاج لمعالجة مشاكله وهمومه
دمشق – الراية – سوزان الصعبي: في بيته الجميل بمدينة حمص التقيناه، هو الرجل الغني بالثقافة بامتياز، المسرحي بامتياز.. إنه الكاتب والمخرج والناقد المسرحي فرحان بلبل الذي كرمه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1995 ضمن عشرة من أهم المسرحيين في العالم.
أسس فرقة المسرح العمالي ضمن اتحاد عمال حمص عام 1973 والتي قدمت منذ تأسيسها وحتي الآن 38 عملاً مسرحياً أكثرها من إخراجه وبعضها من تأليفه ومنها “الممثلون يتراشقون الحجارة، العشاق لا يفشلون، الأفعي حبيبتي”.. وغيرها الكثير. كما أصدر عدداً من الكتب النقدية في المسرح منها “المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة، المسرح التجريبي الحديث عالمياً وعربياً”. وفي عام 2003 أصدر المجموعة الكاملة لأعماله الكاملة في خمسة مجلدات.
“الراية” التقت المخرج والناقد المسرحي فرحان بلبل وكان الحوار التالي:
– لديك العديد من الأصدقاء من كتاب ومخرجين مسرحيين وكان منهم الراحل سعد الله ونوس.. من هم أصدقاؤك الحاليون؟.
لدي أصدقاء من الساحتين السورية والعربية. منهم الكتاب ومنهم المخرجون والممثلون. أما عن أصدقائي الكتاب فقد فقدت منهم سعد الله ونوس وممدوح عدوان وبقي لدي الكثير من الأصدقاء مثل وليد إخلاصي، علي عقلة عرسان، هيثم الخواجة، عبد الفتاح قلعجي، وليد فاضل، محمد بري العواني، حمدي موصللي، محمد أبو معتوق، وعدد آخر من الجيل الثاني. أما عن أصدقائي المخرجين السوريين فهم كثيرون. وأكاد أقول إن أولاد جيلي من المخرجين كانوا من أصدقائي حتي اليوم.
لكنها صداقة اقتصرت علي الجانب الإنساني فقط منذ عدة سنوات لأن بعضهم طواه الموت. أما أكثرهم فانصرف عن المسرح والعمل المسرحي منذ سنوات. أما علي صعيد الوطن العربي فقد توفي بعض أصدقائي الكتّاب وابتعد معظم المخرجين أيضاً عن المسرح ولم يبق منهم إلا أعداد قليلة تمارس الإخراج في بعض الأحيان وبالمناسبات.
وبالتالي يمكن القول إنني أكاد أكون أحد المخرجين القلائل الذين بقوا منذ ثلاثة عقود وحتي الآن علي صعيد الوطن العربي. وهذا أمر يؤسفني لأسباب عديدة. منها أن توقف هؤلاء عن الإخراج المسرحي أقام فاصلاً بين جيلنا وبين جيل الشباب. ومنها أن جيل الشباب يكاد يحتل خشبة المسرح السوري والعربي اليوم وحده.
وهذا أمر رائع بقدر ما فيه جانب سلبي وهو أن جيل الشباب لا يتعلم من الجيل القديم، والجيل القديم لم يعد قادراً علي التعلم من الجيل الجديد. وبمعني آخر إن العلاقة الجدلية التي تكون بين الأجيال عند الأمم والتي هي دليل التقدم والتطور تكاد تكون مفقودة في وطننا العربي. والشيء الأخطر هو أن جيل الشباب الذي تفرَّد بالمسرح لم يعد يعرف الجيل القديم ففقد أساتذته.
بل إنه يصل أحيانا ً إلي حد عدم احترامهم. وهذا أمر خطير في الحركة الأدبية والفنية في بلداننا العربية. والقاعدة العامة هي أنه عندما تتجاور الأجيال ويقدم كل جيل إبداعه الخاص عن المرحلة التي يعيشونها، يتم التلاقي واكتمال النظرة التحليل وترابط الحلقات الحضارية، وهذا مفقود تقريبا ً في الوطن العربي.
– حين يقرأ المسرحيون الشباب مؤلفاتك ومؤلفات كتاب آخرين، وحين يشاهدون عروضاً مسرحية مسجلة من زمنكم، ألا يُعدُّ ذلك نوعاً من التلمذة والتواصل بين الأجيال؟.
دعينا نُخرج النصَّ المسرحي من معادلة الخلل بين الأجيال لأنه كان دائماً أداة التواصل ليس بين الأجيال في الأمة الواحدة فحسب، بل كان أداة التواصل بين الأمم عبر تطاول الزمن. فهو مادة “أدبية” يتناولها المخرجون والممثلون حسب مفاهيم عصرهم. والحديث عن التواصل يكون في العروض المسرحية وأساليب الإخراج والتمثيل.
والعرض المسرحي المسجل علي كاسيت أو CD يبقي أرشيفاً للذكري أكثر مما يكون أداة تعليم. فالعرض المسرحي حي مباشر يؤثر في عصره الذي قُدِّم فيه وفي جمهوره الذي شاهده. أما من يتفرج علي عرض مسرحي مسجل فإنه لا يستطيع أن يلمس تفاعل الجمهور مع هذا العرض سواء أكان سلباً أم إيجاباً. وكلنا يعلم أن قيمة العرض المسرحي تكمن في أنه يستثير ردة فعل المتفرج الحية المتوترة التي ينطوي تحتها موقف سياسي وفكري واجتماعي.
والمثال علي ذلك أن عرض مسرحية “خالد بن الوليد” في مدينة حمص في عام 1925 جعل أهل حمص يخرجون في اليوم التالي في مظاهرة ضد الفرنسيين الذين قابلوها بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين. ولو كان هذا العرض مصوراً بآلة سينما مثلاً لوجدناه اليوم بعيداً كل البعد عن أساليب التمثيل والإخراج السائدة عندنا.
وذلك علي عكس السينما والتلفزيون اللذين يمكن عرض إنتاجهما مرة بعد مرة وفي أزمان مختلفة. ففيهما لا نعرف ردة فعل المتفرج من قضايا عصره لأنهما لا يثيران ردة فعل. فهما لا يتصلان بالمشاهد اتصالاً مباشراً كالمسرح. وعلي هذا فإن مشاهدة العرض المسرحي المسجل لن تعطي حقيقته. وكل ما يمكن القول عنه إنه جميل أو غير جميل.
يضاف إلي هذا أن الذوق الجمالي عند الشعوب يتغير. ومن هنا نفهم لماذا تناول المخرجون النصوص المسرحية مرة بعد مرة بأساليب مختلفة تناسب عصر كل واحد منهم. ولو أتيح لي اليوم أن أقدم مسرحية قدمتها منذ عشرين عاماً فإنني لن أقدمها بالطريقة السابقة نفسها، بل أقدمها بإطار جديد كي تناسب جمهور اليوم.
وعلي هذا أيضاً فإن مشاهدة العروض المسرحية المسجلة أقرب إلي أن تكون “أرشيفاً” يفقد الحياة ويفقد القدرة علي تعليم المشاهد الذي يريد أن يتعلم. ولذا تقتصر مشاهدة هذه العروض المسجلة علي النقاد والدارسين ولا يتأثر بها المشاهد العادي. وسأضرب مثلاً بهذا الشأن وهو أننا أحياناً نشاهد أفلاماً كلاسيكية كانت قد فتنتنا عندما شاهدناها أول مرة. لكنها اليوم لا تؤثر فينا بالدرجة نفسها. وأذكر أنه منذ عامين تقريباً تم عرض فيلم “مدافع نافارون“.
وقد فرح صهري بالفيلم ودعا ابنه الشاب إلي مشاهدته، وبعد حوالي ربع ساعة من بدء الفيلم تثاءب الشاب مللاً ووصف الفيلم بأنه سخيف. أنا أقول إن هذا الفيلم ليس سخيفاً بل هو من الأفلام العظيمة لكنه ابن عصره. فإذا كان هذا التباعد يحدث في السينما التي هي صناعة فكيف بالمسرح؟ والآن إذا تم عرض مسرحية في التلفزيون من عروض المسرح القومي التي قدمت في سبعينات وثمانينات القرن العشرين والتي تركت أثراً بليغاً عند المتفرجين، فإنها اليوم لن تترك هذا الأثر البليغ.
ومن هنا أقول إنه إذا أراد شاب أن يتعلم المسرح فإنه لن يتعلمه بالدرجة الأولي إلا بمشاهدة العروض الحية. ولا شك أن قراءة المؤلفات المسرحية والنقدية تعلم الشباب الكثير من الأمور النظرية التي لا بد منها لأي عامل في المسرح. لكن الدرس العملي الحقيقي يتم من خلال مشاهدة العرض المسرحي.
ان هذا الانقطاع بين الأجيال ليس في سورية فحسب بل في الوطن العربي كله. وبما أتيح لي من حضور مهرجانات متعددة في عدد من الأقطار العربية كنت ألتقط هذه الظاهرة. ولعل أوضح مثال علي ذلك هو أن النصوص التي كتبها الكتّاب العرب – وقسم كبير منها يعد من النصوص العالمية – لا يتناولها المخرجون اليوم لأن نظرتهم إلي المسرح باتت مختلفة. فجيلنا قدم ما يسمي “العرض المسرحي المتكامل“.
وهذا العرض لم يعد موجوداً اليوم علي خشبة المسرح لأن العرض المسرحي يعتمد – منذ بدايات عقد تسعينات القرن العشرين – علي نصوص ضعيفة ليقدِّم الجماليات البصرية الشكلية. وتقديم نص مسرحي قوي يؤثر علي الجرعة الجمالية الإبهارية البصرية. من هنا يهرب المخرجون الشباب من النصوص المسرحية القوية. وهذا أوضح مثال علي الانقطاع الذي تحدثت عنه.
– ما رأيك بالعروض المسرحية الشبابية اليوم؟
في العام الماضي أقيم في مدينة اللاذقية “مهرجان المسرح الجامعي” وكنت مكرَّما ً فيه. وقد دعيت إلي الكلام فقلت ما معناه إن الشباب اليوم يقدمون جماليات في العروض المسرحية لم يكن جيلنا قادراً علي تقديمها. فالشباب اليوم أكثر حنكة وخبرة من جيلنا في مجال التعامل مع تقنيات الخشبة خاصة أن سورية عرفت في السنوات العشر الأخيرة صالات مسرحية مجهزة بتقنيات لم تكن مجهزة بها من قبل.
صحيح أن عدد هذه الصالات ما زال قليلاً لكن تجهيزاتها عظيمة مقارنةً مع الصالات في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وقد ساعدت هذه التجهيزات الشباب كثيراً علي تطوير أدواتهم الفنية كما ساعدتهم خبرتهم وثقافتهم مما جعلهم يقدمون ما لم نكن نحن نستطيع تقديمه علي المستوي الجمالي الشكلي.
لكنهم ينقصهم شيء واحد هو “المضمون”. إذ أنهم لا يقدمون ما يمس الإنسان العربي وهمومه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية. والجميع يعلم أن المواطن العربي اليوم مأزوم مهزوم. وهو بحاجة إلي أن نناقش ونعالج مشاكله وهمومه. وهذا ما لا يقدمه المسرحيون اليوم. إنهم يقدمون إجمالاً هموماً إنسانية بسيطة كمشكلة الحب أو الغيرة. وأشعر أحياناً أن بعض العروض المسرحية تقتصر علي مناقشات بيزنطية لا قيمة لها في الحياة الإنسانية عامة.
وكثيراً ما أخرج من عرض مسرحي وأنا أقول إنه لم يبق شيء ليناقشوه سوي مشكلة “كم ملاكٍ يرقص علي رأس دبوس” كما كان البيزنطيون يفعلون. هذا الفراغ في المضمون يقابله إبهارٌ في الشكل مما جعل المسرح السوري والعربي يقف علي قدم واحدة. والمسرح كان دائما يقف علي القدمين معاً. وعندما يمتلئ المسرح العربي بالمضمون الفكري والإنساني إضافة إلي براعة التقنية التي وصل إليها، فسوف يقدم مرحلة جديدة متقدمة تعيد مرحلة الازدهار العظيم التي كانت له في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وأعتقد أن العودة إلي هذه المرحلة سوف تستغرق حوالي عشر سنوات من الآن.
– هل يمكن القول إن تبدُّل العصر وطغيان الشكليات في الحياة عامة هو السبب في اعتماد المسرح اليوم علي الشكل؟
لا أعتقد ذلك. ففي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين كان المسرحيون يتلمسون آفاق المستقبل ويسعون إليه ويدافعون عنه. وكانوا يسعون إلي تحقيق العدالة الاجتماعية والوحدة العربية وتحرير فلسطين..
وهذه الشعارات الكبيرة هي التي كانت المحرك لكل الأدباء والفنانين العرب علي اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم. وقد انهزمت هذه الأحلام الكبري فانهزم معها الفن والأدب. والدليل علي ذلك أن الأحداث التي تجري اليوم في فلسطين والعراق لا تحرك فينا شعرة. لقد فقدنا الأمل. وعندما يفقد الإنسان الأمل يصبح كالعجوز المتصابية.
فهي تظن أنها بزينتها تستعيد جمالها الزائل فلا تزداد إلا قبحاً. والمسرح العربي اليوم يغرق في الزينة فلا يستطيع أن يكتسب جمالاً حقيقياً. وعندما يولد لدي العربي أمل واضح أو غائم بفكرة ما أو بمستقبل ما أو بهدف ما، فسوف يعود المضمون إلي المسرح.
وما دمنا علي هذه الحالة الانهزامية المأزومة فلن يخرج المسرح علي الإطلاق من لعبة الشكلانية التي تجعل من الشكل بديلاً عن فراغ المضمون. ولا تنسي أن غالبية الشباب العربي اليوم مصاب بالخواء الروحي الذي يجعل الشاب لا يفكر إلا بالمتعة والسيارة وما إلي ذلك. أنا لا أقول إن جيلنا لم يفكر بهذه الأمور. وكل الأجيال تفعل ذلك. فمن حق الإنسان أن يحلم بالمتعة والرفاه والعيش الرغيد. لكننا كنا نفكر أيضاً بشيء صغير اسمه “الوطن“.
وكنا نحلم بتحقيق أحلامنا الفردية من خلال تحقيق الحلم الوطني والقومي. وهذا الشيء الصغير أصبح اليوم مفقوداً لدي الجيل الشاب لأن الظروف العامة التي تمر فيها الأنظمة العربية في خذلانها وتهافتها هي التي جعلت الجيل الشاب يفقد الحلم الجماعي ليسعي فقط لتحقيق الحلم الفردي. والمسرح العربي اليوم يعبر عن هذا الجيل المأزوم.
– دائماً يقال إنه لا يوجد مسرح سوري أو عربي، ودائماً يتحدث المسرحيون عن أزمة في المسرح.. ماذا تقول بهذا الشأن؟
نخطئ كل الخطأ عندما نقول إنه لا يوجد مسرح سوري أو عربي. والعكس هو الصحيح. هناك مسرح سوري وعربي قوي عمره أكثر من 150 عاماً. وأذكر مرة أن أحد المسؤولين المسرحيين في سورية قال لي: إن حركة المسرح السوري بدأت حين استلم منصبه الإداري. فقلت له إنك تجهل المسرح ولو رجعتَ إلي كتابي “المسرح السوري في مئة عام 1847 – 1946” لوجدتَ أن المسرح السوري كان في هذه الأعوام أكثر من مهم وأكثر من مؤثر وفاعل.
أما الحديث عن أزمات في المسرح السوري والعربي فهو صحيح. وهو أيضاً أمر طبيعي لأن الذي يشعر بالأزمات هو الحي. ولو كان مسرحنا ميتاً لما تحدثنا عن أزماته. وأنا أفرح عندما يتحدثون عن أزمات المسرح ومشاكله. والكثيرون يظنون أن التحدث عن هذه الأزمات أمر مربك. وأنا أقول إن هذا دليل الحياة والرغبة في التقدم.
فالمسرح العربي يتمتع بتقنيات واسعة علي صعيد الكتابة والإخراج والتمثيل. وهنا يجب أن نقف عند نقطة جوهرية وهي أن المسرح العربي فن طارئ علي العرب عمره 150 عاماً. لكن يجب ألا ننسي أن الأمة العربية ذات تاريخ حضاري عريق. وهذا التاريخ استطاع أن يستوعب ويتبني الثقافة المسرحية الجديدة ويتفاعل معها ويطورها. وأنا أجزم بحزم أن المؤلفين العرب طوروا فن الدراما الغربية وكتبوا نصوصاً توازي النصوص الأجنبية وتتفوق عليها أحياناً.
وأنا علي ثقة بهذا الموضوع من خلال ما قرأت لأنني لم أقرأ التراث الأجنبي من موقف المنبهر منه كما ننبهر بكل ما هو أجنبي. ولم أقل إن أدبنا المسرحي يوازي التراث الأجنبي وقد يتفوق عليه من موقف التعصب للعرب. بل أقول هذا من موقف الناقد الذي قرأ بهدوء وقارن بهدوء دون شعور بالدونية تجاه الغرب ودون شعور بالنقص يدفعني إلي ادعاء التفوق.
وكل القضية تنحصر في أننا لو كنا نحن العرب قوةً عسكرية واقتصادية هامة لترامي الغرب عند أقدامنا ليعيد النظر في بناء الدراما التي كتبناها وفي العروض المسرحية التي قدمناها. لكننا اليوم خارج إطار القوة العسكرية والاقتصادية مما جعل الغرب يُهملنا لأننا نحن العرب نهمل أنفسنا.
وأذكر هنا حديثاً لي في مرة إذاعة السويد الناطقة بالعربية. فقد سألني المذيع: لماذا لا يعرف الغرب أدبنا العربي؟ فقلت: نحن لا نعرف الأدب الغربي لأنه قوي بل لأنه محمول علي أجنحة الطائرات الحربية والمدافع والأساطيل. ولولا المدافع والجيوش لما تعرفنا علي شكسبير وموليير وغيرهم من أدباء الغرب.
وشعوب الغرب حملت ثقافتها بقوة الجيوش. وحين نملك قوة الجيش والاقتصاد فسوف يلتفتون إلي أدبنا. والدليل أننا في العصر العباسي عندما كان العرب قوة سياسية واقتصادية وعسكرية، كان الغرب يترجم ما كتبه الكتّاب العرب ويراه نموذجاً عن الأدب العظيم. والدليل علي ذلك أيضاً أن الأدب السوفييتي انتشر في العالم كما انتشر عندنا لأن الاتحاد السوفييتي كان وراء نتاجه الأدبي.
يترجمه لمختلف اللغات ويسوِّقه كما كان يسوِّق دباباته وطائراته وصناعاته. فلما سقط الاتحاد السوفييتي غاب الأدب الروسي عن الساحة العالمية. إن الضعف ليس في نتاجنا الأدبي لأننا أبناء حضارة استوعبت المسرح وهضمته وطورته. وإنما الضعف في الدول العربية وفي الأنظمة العربية التي تخاذلت أمام الغرب فتخاذل أدبنا وفننا معها.
– هذا يعني أن أزمة المسرح العربي قد تكون مرحلية؟
أرجو ألا تكون هذه الأزمة مرحلية بل أريدها دائمة. فالفن يسعي باستمرار إلي التطور. لذلك يشعر أنه يجب أن يتجاوز المرحلة التي هو فيها. وهذه الرغبة بالتجاوز هي الأزمة. وأنا أحب أن أسمع دائما ًحديث الأزمات. وحين نتوقف عن حديث الأزمات فإن هذا يعني أننا نموت وأنا لا أريد أن نموت